الاثنين، 10 أبريل 2017

الجامع لكلام العلامة محمود شكري الألوسي في السبكي

الحمد لله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذا جمع لكلام الألوسي رحمه الله تعالى في السبكيين التاج والتقي الأب وابنه وبيان لحالهما وما كانا عليه من عداء أهل التوحيد ونشر البدع والجهل بالدين المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فهما من كبار متعصبة الشافعية ومن أئمة الأشعرية والقبورية الوثنية ويكفي في ذلك كتاب (شفاء السقام)  فما من قبوري إلا وقد جعله عمدته ومرجعه فقد زين فيه القبورية ونصر فيه الوثنية أما ما يتعلق بالصفات ونصرة الأشعرية الجهمية فما وجدا لذلك سبيلاً إلا سلكاه ويكفي في ذلك نشر الإبن في طبقاته المسماة طبقات الشافعية لكثير من ذلك وقد نشر رسالة ابن جهبل كاملة في الرد على الحموية لشيخ الإسلام.
 ومن اسوأ ما سلكاه رميهما لابن تيمية وابن القيم بكل قبيح حتى وصل للوصف بالكفر حتى قال في السيف الصقيل معقبا على الإمام  ابن القيم رحمه الله"
 "فهو الملحد لعنه الله وما أوقحه وما أكثر تجرؤه أخزاه الله"
السيف الصقيل ص 37
وغير ذلك مما لا تتسع له مقدمة هذه الرسالة ومن المؤسف أن تجد احتفاء أهل السنة بهما فإذا ذكرا لا يذكرا بغير الإمام أو قاضي القضاة أو شيخ الإسلام وهذه الألفاظ ينبغي أن لا تطلق على القبورية والأشاعرة والجهمية والماتردية ومتعصبة المذاهب وأضرابهم وإخوانهم.
    قال العلامة ابن سحمان رحمه الله تعالى: " فهذا التلطف والشفقة والرحمة لا يجوز أن يعامل بها من ينكر علو الله على خلقه....  بل يعامل بالغلظة والشدة والمعاداة الظاهرة.. " كشف الشبهتين (27)
 ومن المؤسف كذلك رواج كتبهما بين أهل السنة وكأن أهل السنة لم يصنفوا في المواضيع التي كتبا فيها فإلى الله المشتكى
 🔸وقبل نقل كلام الألوسي انقل  هذا الكلام للسخاوي معلقا على بعض كلام التاج السبكي:
" قال فيما قرأته في ترجمة سلامة الصياد المنبجي الزاهد ما نصه :
" يا مسلم استحي من الله ، كم تجازف وكم تضع من أهل السنة الذين هم الأشعرية ، ومتى كانت الحنابلة ، وهل ارتفع للحنابلة قط رأس "
ثم قال السخاوي معلقا على كلام السبكي :
" وهذا من أعجب العجاب ، وأصحب للتعصب ، بل أبلغ في خطأ الخطاب ؛ ولذا كتب تحت خطه بعد مدة قاضي عصرنا وشيخ المذهب العز الكناني ما نصه :
" وكذا والله ما ارتفع للمعطلة رأس "
ثم وصف التاج بقوله :
" هو رجلٌ قليل الأدب ، عديم الإنصاف ، جاهل بأهل السنة ورتبهم ، يدلك على ذلك كلامه " .
...........................
" الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ "
للسخاوي
🔸 قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" فهؤلاء الأمم كلهم جعلوا مدار احتجاجهم على عدم قبول ما جاءت به الرسل أنه لم يكن عليه أسلافهم، ولا عرفوه منهم، فانظر إلى سوء مداركهم، وجمود قرائحهم، ولو كانت لهم قلوب يفقهون بها وآذان يسمعون بها وأعين يبصرون بها لعرفوا الحق بدليله، وانقادوا لليقين من غير تزييفه ولا تعليله، وهكذا أخلافهم ووراثهم، هذا النبهاني لم يفد فيه ما ألف من الكتب المفصلة لإثبات الحق وإبطال الباطل، ولم يلتفت إليها بسبب مخالفتها لما كان عليه  السبكي، وابن حجر المكي "
غاية الأماني (1/36)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" فمثل هؤلاء إذا قالوا أقوالا تخالف الكتاب والسنة يضرب بها على وجوه قائليها كان من كان، ومن ابن حجر والسبكي والرفاعي  ونحوهم حتى نعارض بكلامهم وحي الرسول صلى الله عليه وسلم ولاسيما في مثل هذه المطالب العالية.
فكلام النبهاني من أوله إلى آخره على هذا المنهج، لا يستدل على مطلوبه إلا بحديث موضوع، أو قول أحد الغلاة، أو قول من لا يؤخذ بقوله، على أنه مع بطلانه مقلد فيه "
غاية الأماني (1/82)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" أقول: هذا كلام ساقط عن درجة الاعتبار، لما قدمناه في الوجه الثالث من كلام الحافظ ابن القيم، ولما أوردناه من النصوص والدلائل على بطلان هذا القول، وابن حجر مضطرب الكلام لا يثبت على قول، فإنه ذكر هنا أن الاجتهاد قد انقطع من ستمائة سنة بالنظر إلى عصره، مع أنه ذكر في كتابه "الجوهر المنظم" عند شتمه لشيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه:
"ولقد تصدى شيخ الإسلام، وعالم الأنام، المجمع على جلالته واجتهاده، وصلاحه وإمامته، التقي السبكي- قدس الله روحه ونور ضريحه- للرد في تصنيف مستقل، أفاد فيه وأجاد، وأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصواب، فشكر الله مسعاه، وأدام عليه شآبيب رحمته ورضاه"اهـ.
ثم قال قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" فانظر إلى ابن حجر كيف ادعى الإجماع على اجتهاد السبكي لكونه على منهجه ومسلكه  في الابتداع واتباع الهوى "
غاية الأماني (1/97)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وإني أبشرك أيها المبتدع أن جميع كتب شيخ الإسلام وأصحابه ستطبع قريبا، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، حيث يظهر بها زيغ الملحدين، وافتراء السبكي وابن حجر ( الهيتمي ) وأضرابهما من المتبعين لهواهم، الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ."
غاية الأماني (1/162)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" إن صحت رؤياك أيها النبهاني -وإن كان ما تراه يقظة ومناما أضغاث أحلام- دلت على أن الله تعالى كشف لك عن حال مقتداك، وشيخ بدعك وهو السبكي، فإنه كما هو المعلوم لدى كل منصف كان من ألد الخصوم لشيخ الإسلام، بل لكل أهل الحق "
غاية الأماني (1/165)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" ومن بعد السبكي كلهم قلدوه في رأيه  الفاسد، واعتقاده الكاسد، الذي ذكره في كتابه (شفاء السقام) . وقد علمت حال هذا الكتاب، وما جرى عليه من الرد والإبطال، فقد رده الإمام العالم العلامة الحافظ المحقق أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي المقدسي قدس الله روحه، في كتابه الذي سماه (الصارم المنكي في الرد على السبكي) وقد حقق فيه المسائل المتعلقة بزيارة القبور، وبين ما كان فيها من حق وزور، وأظهر جهل السبكي بعلم الأثر والحديث، وعدم فهمه لمقاصد الشريعة.
ومن نظر إلى هذا الكتاب تبين له أن شهرة السبكي  بالعلم كانت شهرة كاذبة، وأن نظره  كنظر العوام، وأن منزلته من العلماء كقطرة من بحر ماء، ونغبة من داماء لا يعلم شيئا من معقول ولا منقول، وأن إطراء غلاة الشافعية فيه من محض تعصبهم وقسوة قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة "
غاية الأماني (1/174)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وقد رأيت ما لقي السبكي من الويل والعطب  بسبب مجاوزته حده في الجهل والحسد، وما أحسن ما وصف به الحافظ أبو عبد الله بن قدامة كتاب (شفاء السقام) وترجم مؤلفه السبكي.
أما وصف الكتاب فهو هذا: قال الحافظ: "أما بعد؛ فإني وقفت على الكتاب الذي ألفه بعض قضاة الشافعية، في الرد على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية، في مسألة شد الرحال وإعمال المطي إلى القبور، وذكر أنه قد سماه "شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة" ثم زعم أنه اختار أن يسميه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) فوجدت كتابه مشتملا على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة، والآثار القوية المقبولة وتحريفها عن مواضعها، وصرفها عن ظاهرها، بالتأويلات المستنكرة المردودة.
ثم أخذ يصف المؤلف ويترجم أحواله، فقال: ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلا مماريا معجبا برأيه، متبعا لهواه، ذاهبا في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة، والآراء الساقطة، صار في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المخيلة، والحجج الداحضة، وربما خرق الإجماع في مواضع لم يسبق إليها، ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها، وهو في الجملة لون غريب وبناء عجيب، تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين فيكون مخطئا في ذلك الاجتهاد، ومرة يزعم فيما يقوله ويدعيه أنه من جملة المقلدين فيكون من قلده مخطئا في ذلك الاعتقاد، نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا ويرزقنا الهداية والسداد، هذا مع أنه إن ذكر حديثا مرفوعا أو أثرا موقوفا- وهو غير ثابت- قبله إذا كان موافقا لهواه، وإن كان ثابتا رده إما بتأويل أو غيره إذا كان مخالفا لهواه، وإن نقل عن بعض الأئمة الأعلام- كمالك وغيره- ما يوافق رأيه قبله وإن كان مطعونا فيه غير صحيح عنه، وإن كان مما يخالف رأيه رده ولم يقبله؛ وإن كان صحيحا ثابتا، وإن حكى شيئا مما يتعلق بالكلام على الحديث وأحوال الرواة عن أحد من أئمة الجرح والتعديل- كالإمام أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي، وأبي حاتم البستي، وأبي جعفر العقيلي، وأبي أحمد بن عدي، وأبي عبد الله الحاكم صاحب "المستدرك"، وأبي بكر البيهقي، وغيرهم من الحفاظ، وكان مخالفا لما ذهب إليه- لم يقبل قوله ورده عليه وناقشه فيه، وإن كان ذلك الإمام قد أصاب في ذلك القول ووافقه غيره من الأئمة عليه، وإن كان موافقا لما صار إليه تلقاه بالقبول واحتج به واعتمد عليه، وإن كان ذلك الإمام قد خولف في ذلك ولم يتابعه غيره من الأئمة عليه، وهذا هو عين الجور والظلم وعدم القيام بالقسط، نسأل الله التوفيق ونعوذ به من
 الخذلان واتباع الهوى، هذا مع أنه حمله إعجابه برأيه وغلبه اتباع هواه على أن نسب سوء الفهم والغلط في النقل إلى جماعة من العلماء الأعلام، المعتمد عليهم في حكاية مذاهب الفقهاء واختلافهم وتحقيق معرفة الأحكام، حتى زعم أن ما نقله الشيخ أبو زكريا النووي في "شرح مسلم" عن الشيخ أبي محمد الجويني من النهي عن شد الرحال، وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الأنبياء والصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك- هو مما غلط فيه على الشيخ أبي محمد، وأن ذلك وقع منه على سبيل السهو والغفلة، قال: ولو قاله يعني الشيخ أبا محمد أو غيره ممن يقبل كلامه الغلط لحكمنا بغلطه وأنه لم يفهم مقصود الحديث.
فانظر إلى كلام هذا المعترض المتضمن لرد النقل الصحيح بالرأي الفاسد، واجمع بينه وبين ما حكاه عن شيخ الإسلام من الافتراء العظيم، والإفك المبين، والكذب الصراح، وهو ما نقله عنه من أنه جعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأنبياء عليهم السلام معصية بالإجماع مقطوعا بها "
غاية الأماني ( 1/ 433-435)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
"  فلا بدع من هذا المبتدع بل القبوري وهو النبهاني أن يحتج على ترويج مقاصده بالسبكي وأمثاله من أسلافه غلاة الشافعية، بل الفرقة الزائغة الحلولية أعداء الحق وأهله، وخصوم الدين ومن أخذ به ."
غاية الأماني ( 1/436).
🔸 قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وليت النبهاني المثبور كان عنده شيء من البصيرة والفهم، فلم ينقل هذه المقالة الشنعاء عن  السبكي  حتى  فضحه بها، وقد توفاه الله تعالى منذ مئات من السنين، ولكن أبى الله إلا أن يفضح من تنقص خيار الأمة وسلفها بكشف عورات جهالاتهم.
ثم إن ما حكاه عن السبكي من المقالة  الفظيعة مختلة المبنى والمعنى يرد على كل كلمة من كلماتها إيرادات ومؤاخذات لو بسطنا الكلام فيها لاستوجب أن يفرد له كتاب مفصل، والوقت يضيق عن الاشتغال بمثل ذلك "
غاية الأماني (1/440)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" والمقصود أن السبكي ابتدع ما لم يسبق إليه أحد وترك  الأمر المسنون وهو الاستخارة إن كان ما تصدى إليه من مواضعها. "
غاية الأماني (1/448)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" هذا حال السبكي الذي أعده النبهاني  المسكين سلاحا في ميدان الطعن بشيخ الإسلام وجرحه، والحمد لله الذي جعل أعداء أهل الحق في كل عصر وزمان من أجهل الناس وأضلهم وأغواهم، ومن العجائب أن السبكي- مع هذه الأحوال التي سمعتها- قد جعله ابن حجر المكي من المجتهدين الاجتهاد المطلق، وأنه مما لم يخالف أحد في وصوله إلى هذه المرتبة، وأنه أمام أهل التحقيق، التدقيق، وأنه ليس له نظير ولا قرين في كل فن، إلى غير ذلك من الأوصاف الجليلة، فإذا جرى ذكر تقي الدين ابن تيمية وأصحابه من أهل الحديث الحفاظ المتقنين شتمهم بكل ما خطر له، وذمهم بكل ما يقع في تصوره، فانظر إلى هذا التعصب وعدم الإنصاف، وهذا أحد الأسباب التي أوجبت انحطاط الإسلام إلى ما نرى،
 وأعظمها تطاول السفهاء وإناطة الأمر إلى غير أهله، وعنده يترقب الخراب العام.
وابن السبكي الذي جرى مجرى أبيه لم يدع  منقبة من مناقب الأولين والآخرين إلا وأثبتها لوالده ظنا منه أن الحقائق تخفى، وما درى هذا المسكين أن الأمر كما قيل:
ومهما تكن عند امرىء من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وفي المثل السائر: كل فتاة بأبيها معجبة.
والمقصود؛ أن قدح مثل السبكي بمثل الشيخ  ابن تيمية كصرير باب، وطنين ذباب، ولولا التقى لقلنا: لا يضر السحاب نبح الكلاب. "
غاية الأماني (1/ 451-452)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وأما ما نسب النبهاني إلى الشيخ من القول بالجهة فهو من افتراءات  السبكي  وابن حجر  المكي وغيرهما من أعدائه وخصومه، والنبهاني قلدهم في هذا القول تقليدا أعمى كما هو ديدنه وعادته، وكتب الشيخ طافحة من تنزيه الله تعالى عن الجهة والجسمية، ومدار كلامه على ما ثبت بالكتاب والسنة وأقوال السلف "
غاية الأماني (1/559)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى( عن صاحب جلاء العينين) :
"
وذكر أيضا بدع القبوريين وأعمالهم الشركيه، وأظهر افتراء ابن حجر وخيانته في النقل واتباعه لهواه وخصومته للحق، وما كان من السبكي من العدوان والقول على الله بغير  علم، وأي مذهب من مذاهب المسلمين يسوغ ما كان ابن حجر والسبكي ونحوهما من  التجاوز والقدح في علماء السنة النبوية وحفاظ الحديث بغير حق. "
غاية الأماني (1/561)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" فإن السبكي جعل السفر لزيارة القبر  وإعمال المطي لها والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من باب تعظيمه وتوقيره. وابن قدامة رحمه الله تعالى رد عليه وقال ما حاصله: إنه ليس كل تعظيم مشروعا، فالسجود فيه تعظيم مع أنه لغير الله تعالى كفر، والطواف بالقبر تعظيم وهو أيضا منهي عنه واعتقاد أنه يعلم الغيب فيه تعظيم وهو من خواص الألوهية وهكذا جميع  ما هو من خواص الإله سبحانه فيها تعظيم وتوقير ولا يجوز إثباتها لغير الله تعالى "
غاية الأماني ( 2/36)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وكل منصف ذي فهم يعلم أن ما قاله ابن حجر والسبكي وأضرابهما هو محض إتباع  هوى ومكابرة وعناء  "
غاية الأماني (2/61)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى ( عن الأب ) :
" فليت شعري بأي فضيلة استحق السبكي أن يعبر عنه بشيخ الإسلام، هل  بإغرائه العوام على عبادة غير الله والمغالاة في الدين، أو بنيابته في الشام بعد أن تقلدها بالرشوة حتى حرص عليها وعض عليها بالنواجذ وطلب أن تكون لولده من بعده، أو بشتمه خيار عباد الله، أو بجهله بما ورد في الكتاب   والسنة كما نبه عليه ابن عبد الهادي الحافظ الشهير على ما سبق، وهو في كل ذلك لا يستحق هذا التعبير، فلا أرى اللائق به إلا أن يلقب بشيخ الغلاة، ومصنف "جلاء العينين" عفا الله عنه لم يعط خصوم الشيخ وأعداء الحق حقهم من سوء التعبير اللائق بضلالهم  "
غاية الأماني (2/98)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" كما شتم شيخ الإسلام وأكابر أصحابه إقتداء بمشايخه السبكي  وولده وابن حجر، وقلدهم تقليد  أعمى، ولم يلتفت إلى الدليل، وقد كفيناه وأعطيناه حقه بل زدناه "
غاية الأماني (2/185)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" أن ما قاله خصماء الشيخ تقي الدين منبعث عن محض هوى لم تقتضه مناظرة ولم يبعث عليه دليل، ولاسيما ما ذكره السبكي وولده، وابن حجر  المكي، وأتباعهم ومقلدوهم، فكل أحد يعلم أن ما نسبوه إليه افتراء، وما قدحوه به مجرد شتم للشيخ تقي الدين استوجبه إبطال الشيخ لما تهواه نفوس هؤلاء من البدع والأهواء "
غاية الأماني (2/294)
🔸قال الألوسي رحمه الله تعالى :
" وأما كتب ابن حجر التي فرح بها هذا الزائغ فإنها لا تصلح عند من له بصيرة ونظر لغير العطار والإسكاف، فهي إما مزاود للعقاقير، وإما بطائن للخفاف، حيث أنها قشور لا لب فيها، وهكذا كتب  السبكي وابنه، وفي المثل: "رمتني بدائها وانسلت". "
غاية الأماني (2/328)
🔸 وفي هذه النقولات كفاية لمن له نظر ومسكة علم ومن أراد أن يعرف أكثر فليبحث عن ردود العلماء وما كتبه ابن عبدالهادي وأئمة الدعوة النجدية وأختم بما قاله يوسف بن حسن بن عبد الهادي الشهيربابن المبرد: في رده على ابن عساكر:
 "فقد أثبت  (أي: ابن عساكر ) أنه كان أكثر عمره على غير السنة، وأنه كان معتزليا متكلماً، وأنه تاب من الاعتزال ولم يتب من الكلام.فيا سبحان الله! من كان بهذه المثابة وبهذه الحالة يجعل إمام المسلمين والمقتدى به، ويترك مثل .........أحمد بن حنبل،وسفيان الثوري،وابن المبارك، ولا يقتدى ولا يذكر إلا هذا الذي أقام على البدعة عمره"
"جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر "
( ص 105. )
🔸والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سحر يوم الثلاثاء 14/7/1438

الجمعة، 7 أبريل 2017

مختارات من التنكيل 2

31- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"هذا وإذا كانت حجج السنة بينة فالمخالف لها لا يكون إلا معانداً أو متبعاً للهوى معرضاً عن حجج الحق وأتباع الهوى والإعراض عن حجج الحق قد يفحش جدا حتى لا يحتمل أن يعذر صاحبه، فإن لم يجزم أهل العلم بعدم العذر فعلى الأقل لا يمكنهم تعديل الرجل وهذه حال الداعية"
التنكيل (230)

32- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"والخالق الذي هيأ لعباده ما يحفظون به مصالح دنياهم هو الذي شرع لهم دين الإسلام وتكفل بحفظه إلى الأبد وعنايته بحفظ الدين أشد وأكد لأنه هو المقصود بالذات من هذه النشأة الدنيا قال الله عز وجل: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} ."
التنكيل (234)

33- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ومن مارس أحوال الرواية وأخبار رواة السنة وأئمتها علم أن عناية الأئمة بحفظها وحراستها ونفي الباطل عنها والكشف عن دخائل الكذابين والمتهمين كانت أضعاف عناية الناس بأخبار دنياهم ومصالحها، وفي (تهذيب التهذيب) ج ١ ص ١٥٢: «قال إسحاق بن إبراهيم: أخذ الرشيد زنديقا فأراد قتله فقال: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ فقال له: أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وابن المبارك ينخلانها حرفا حرفا؟» وقيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة. وتلا قول الله عز وجل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . والذكر يتناول السنة بمعناه إن لم يتناولها بلفظه، بل يتناول العربية وكل ما يتوقف عليه معرفة الحق، فإن المقصود من حفظ القرآن أن تبقى الحجة قائمة والهداية دائمة إلى يوم القيامة لأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء، وشريعته خاتمة الشرائع، والله عز وجل إنما خلق الخلق لعبادته فلا يقطع عنهم طريق معرفتها، وانقطاع ذلك في هذه الحياة الدنيا انقطاع لعلة بقائهم فيها. قال العراقي في (شرح ألفيته) ج ١ ص ٢٦٧: «روينا عن سفيان قال: ما ستر الله أحدا يكذب في الحديث، وروينا عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: لو أن رجلا هم أن يكذب في الحديث لأسقطه الله، وروينا عن ابن المبارك قال: لوهم رجل في السحر أن يكذب في الحديث لأصبح والناس يقولون فلان كذاب» .
التنكيل (234)

34- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ومن خيف أن يغلبه ضرب من الهوى فيوقعه في تعمد الكذب والتحريف لم يؤمن أن يغلبه ضرب آخر وإن لم نشعر به، بل الضرب الواحد من الهوى قد يوقع في أشياء يتراءى لنا أنها متضادة، فقد جاء أن موسى بن طريف الأسدي كان يرى رأي أهل الشام في الانحراف عن علي رضي الله عنه ويروي أحاديث منكرة في فضل علي ويقول: «إني لأسخر بهم» يعني بالشيعة"
التنكيل (235)

35- قال المعلمي اليماني رحمه الله :
" ومن لم يقنع بالحق أو شك أن يحرم نصيبه منه كالراوي يروي أحاديث صادقة موافقة لرأيه ثم يكذب في حديث واحد فيفضحه الله تعالى فتسقط أحاديثه كلها! {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} ."
التنكيل (239)


36- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد علم من طباع أكثر الناس أن أحدهم إذا غضب جرى على لسانه من السب والشتم واللعن والطعن ما لو سئل عنه بعد سكون غضبه لقال: لم أقصد ذلك ولكن سبقني لساني، أو لم أقصد حقيقته ولكني غضبت فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينبه أمته على هذا الأصل ليستقر في أذهانهم فلا يحملوا ما يصدر عن الناس من ذلك حال الغضب على ظاهره جزما."
التنكيل (240)

37- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" ومما يخرج مخرج الذم لا مخرج الحكم ما يقصد به الموعظة والنصحية ، وذلك كأن يبلغ العالم عن صاحبه ما يكرهه له فيذمه في وجهه أو بحضرة من يبلغه، رجاء أن يكف عما كرهه له وربما يأتي بعبارة ليست بكذب ولكنها خشنة موحشة يقصد الإبلاغ في النصيحة ككلمات الثوري في الحسن بن صالح بن حي، وربما يكون الأمر الذي أنكره أمرا لا بأس به بل قد يكون خيرا ولكن يخشى أن يجر إلى ما يكره كالدخول على السلطان وولاية أموال اليتامى وولاية القضاء والإكثار من الفتوى، وقد يكون أمرا مذموما وصاحبه معذور ولكن الناصح يحب لصاحبه أن يعاود النظر أو يحتال أو يخفي ذاك الأمر، وقد يكون المقصود نصيحة الناس لئلا يقعوا في ذلك الأمر إذ قد يكون لمن وقع منه أولاً عذر ولكن يخشى أن يتبعه الناس فيه غير معذورين  "
التنكيل (241)

38- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" وكل ما يخشى في الذم والجرح يخشى مثله في الثناء والتعديل فقد يكون الرجل ضعيفا في الرواية لكنه صالح في دينه كأبان بن أبي عياش، أو غيور على السنة كمؤمل بن إسماعيل، أو فقيه كمحمد بن أبي ليلى، فتجد أهل العلم ربما يثنون على الرجل من هؤلاء غير قاصدين الحكم له بالثقة في روايته. وقد يرى العالم أن الناس بالغوا في الطعن فيبالغ هو في المدح كما يروى عن حماد بن سلمة أنه ذكر له طعن شعبة في أبان ابن أبي عياش، فقال أبان خير من شعبة؛ وقد يكون العالم وادا لصاحبه فيأتي فيه نحو ما تقدم فيأتي بكلمات الثناء التي لا يقصد بها الحكم ولا سيما عند الغضب كأن تسمع رجلا يذم صديقك أو شيخك أو إمامك فإن الغضب قد يدعوك إلى المبالغة في إطراء من ذمه وكذلك يقابل كلمات التنفير بكلمات  الترغيب، وكذلك تجد الإنسان إلى تعديل من يميل إليه ويحسن به الظن أسرع منه إلى تعديل غيره، واحتمال التسمح  في الثناء أقرب من احتماله في الذم، فإن العالم يمنعه من التسمح في الذم الخوف على دينه لئلا يكون غيبة، والخوف على عرضه فإن من ذم الناس فقد دعاءهم إلى ذمه.
ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق  وبالباطل ."
التنكيل (244)

39- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وقد تتبعت كثيرا من كلام الجوزجاني في المتشيعين فلم أجده متجاوزا الحد، وإنما الرجل لما فيه من النصب يرى التشيع مذهبا سيئا وبدعة ضلالة وزيغا عن الحق وخذلانا، فيطلق على المتشيعين ما يقتضيه اعتقاده كقوله «زائغ عن القصد - سيء المذهب» ونحو ذلك، وكلامه في الأعمش ليس فيه جرح بل هو توثيق وإنما فيه ذم بالتشيع والتدليس وهذا أمر متفق عليه أن الأعمش كان يتشيع ويدلس وربما دلس عن الضعفاء وربما كان في ذلك ما ينكر، وهكذا كلامه في أبي نعيم، فأما عبيد الله بن موسى فقد تكلم فيه الإمام أحمد وغيره بأشد من كلام الجوزجاني وتكلم الجوزجاني في عاصم بن ضمرة وقد تكلم فيه ابن المبارك وغيره واستنكروا من حديثه ما استنكره الجوزجاني راجع (سنن البيهقي) ج ٣ ص ٥١ ".
التنكيل (246)

40- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخا فسمع منه مجلسا، أو ورد بغداد شيخ فسمع منه مجلسا فرأى تلك الأحاديث مستقيمة ثم سأل عن الشيخ؟ وثقه وقد يتفق أن يكون الشيخ دجالا استقبل ابن معين بأحاديث صحيحة ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك "
التنكيل (256)

41- من منهج ابن معين في الجرح والتعديل :
قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :

:وقد اختلف كلام ابن معين في جماعة، يوثق أحدهم تارة ويضعفه أخرى، منهم إسماعيل بن زكريا الخلقاني، وأشعث بن سوار، والجراح بن مليح الرواسي، وزيد بن أبي العالية، والحسن بن يحيى الخشني، والزبير بن سعيد، وزهير بن محمد التميمي، وزيد بن حبان الرقي، وسلم العلوي، وعافية القاضي، وعبد الله الحسين أبو حريز، وعبد الله بن عقيل أبو عقيل، وعبد الله بن عمر بن حفص العمري، وعبد الله بن واقد أبو قتادة الحراني، وعبد الواحد بن غياث، وعبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، وعتبة بن أبي حكيم، وغيرهم. وجاء عنه توثيق جماعة ضعفهم الأكثر ون منهم تمام بن نجيح، ودراج ابن سمعان، والربيع بن حبيب الملاح وعباد بن كثير الرملي، ومسلم بن خالد الزنجي، ومسلمة بن علقمة، وموسى بن يعقوب الزمعي، ومؤمل بن إسماعيل، ويحيى بن عبد الحميد الحماني؛ وهذا يشعر بأن ابن معين كان ربما يطلق كلمة «ثقة» لا يريد بها أكثر من أن الراوي لا يتعمد الكذب.
وقد يقول ابن معين في الراوي مرة «ليس بثقة» ومرة «ثقة» أو «لا بأس به» أو نحو ذلك (راجع تراجم جعفر بن ميمون التميمي وزكريا بن منظور ونوح بن جابر) . وربما يقول في الراوي «ليس بثقة» ويوثقه غيره (راجع تراجم عاصم بن علي وفليح ابن سليمان وابنه محمد بن فليح ومحمد بن كثير العبدي» . وهذا قد يشعر بأن ابن معين قد يطلق كلمة «ليس بثقة» على معنى أن الراوي ليس بحيث يقال فيه ثقة على المعنى المشهور لكلمة «ثقة»."
التنكيل (258)

42- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" فالتحقيق أن كلاً من التعديل والجرح الذي لم يبين سببه يحتمل وقوع الخلل فيه، والذي ينبغي أن يؤخذ به منها هو ما كان احتمال الخلل فيه أبعد من احتماله في الآخر وهذا يختلف ويتفاوت باختلاف الوقائع والناظر في زماننا لا يكاد يتبين له الفصل في ذلك إلا بالاستدلال بصنيع الأئمة كما إذا وجدنا البخاري ومسلما قد احتجا أو أحدهما براوٍ سبق ممن قبلهما فيه جرح غير مفسر فإنه يظهر لنا رجحان التعديل غالباً وقس على ذلك وهذا تفصيل ما تقدم في القاعدة الخامسة عن ابن الصلاح وغيره لكن ينبغي النظر في كيفية رواية الشيخين عن الرجل فقد يحتجان أو أحدهما بالراوي في شيء وقد لا يحتجان به، وإنما يخرجان له ما توبع عليه، ومن تتبع ذلك وأنعم فيه النظر علم أنهما في الغالب لا يهملان الجرح البتة، بل يحملانه على أمر خاص، أو على لين في الراوي لا يحطه عن الصلاحية به فيما ليس مظنة الخطأ أو فيما توبع عليه ونحو ذلك"
التنكيل (263)

43- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" إذا تدبرت هذا علمت أنه لا يستقيم ما استدل به الخطيب إلا حيث يكون الجرح مبيناً مفسراً مثبتا مشروحاً بحيث لا يظهر دفعه إلا بنسبة الجارح إلى تعمد الكذب، ويظهر أن المعدل لو وقف عليه لما عدل، فما كان هكذا فلا ريب أن العمل فيه على الجرح وإن كثر المعدلون وأما ما دون ذلك فعلى ما تقدم في القضية الأولى."
التنكيل (265)

44- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" وقد جرب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشر، خرج الناس على عثمان يرون أنهم إنما يريدون الحق ثم خرج أهل الجمل يرى رؤساؤهم ومعظمهم أنهم إنما يطلبون الحق فكانت ثمرة ذلك بعد اللتيا والتي أن انقطعت خلافة النبوة وتأسست دولة بني أمية ثم اضطر الحسين بن علي إلى ما اضطر إليه فكانت تلك المأساة، ثم خرج أهل المدينة فكانت وقعة الحرة، ثم خرج القراء مع ابن الأشعث فماذا كان؟"
التنكيل (288)


45- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ومع ذلك فليس ابن سعد في معرفة الحديث ونقده ومعرفة درجات رجاله في حد أن يقبل منه تليين من ثبته غيره أنه في أكثر كلامه إنما يتابع شيخه الواقدي، والواقدي تالف"
التنكيل (290)

46- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وكثرة الغرائب إنما تضر الراوي في أحد حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.
الثانية: أن يكون مع كثرة غرائبه غير معروف بكثرة الطلب.
ففي الحال الأولى تكون تبعة النكارة على الراوي نفسه لظهور براءة من فوقه عنها، وفي الحال الثانية يقال من أين له هذه الغرائب الكثيرة مع قلة طلبه؟ فيتهم بسرقة الحديث كما قال ابن نمير في أبي هشام الرفاعي «كان أضعفنا طلبا وأكثرنا غرائب» . "
التنكيل (294)

47- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فقد عرف عن أبي حنيفة أنه يترك العمل بكثير من الأحاديث كما يأتي في قسم الفقهيات إن شاء الله تعالى والحنفية ومنهم الأستاذ يعتذرون عن ذلك بما هو معروف، وأما تركه العمل بكثير من الآثار عن الصحابة والتابعين فواضح."
التنكيل (294)

48- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" فأما حط الجوزجاني على أهل الكوفة فخاص بمن كان شيعياً يبغض الصحابة أو يكون ممن يظن به ذلك،....  ثم قد تقدم في القاعدة الرابعة من قسم القواعد النظر في حط الجوزجاني على الشيعة وأتضح أنه لا يجاوز الحد وليس فيه ما يسوغ اتهامه بتعمد الحكم بالباطل، أو يخدش في روايته ما فيه غض منهم أو فيهم، وتوثيق أهل العلم له يدفع ذلك البتة كما تقدم في القواعد. والله الموفق."
التنكيل (296)

49- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"قال الخطيب في (الكفاية) ص ١٠٩: «ومذاهب النقاد للرجال غامضة دقيقة وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز فتوقف عن الاحتجاج بخبره وإن لم يكن الذي سمعه موجباً لرد الحديث ولا مسقطاً للعدالة، ويرى السامع أن ما فعله هو الأولى رجاء إن كان الراوي حياً أن يحمله على التحفظ وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميتاً أن ينزله من نقل عنه منزلته فلا يلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز. ومنهم من يرى أن من الاحتياط للدين إشاعة ما سمع من الأمر المكروه الذي لا يوجب إسقاط العدالة بانفراده حتى ينظر هل من أخوات ونظائر ... » .
فلما ذكروا في حياة القطيعي أنه تغير وأنه استنسخ من كتاب ليس عليه سماعه كان هذا على وجه الاحتياط، ثم لما لم يذكروا في حياته ولا بعد موته أنه حدث بعد تغير شديد أو حدث مما استنسخه من كتاب ليس عليه سماعه ولا استنكروا رواية واحدة وأجمعوا على الاحتجاج به كما تقدم تبين بياناً واضحاً أنه لم يكن منه ما يخدش في الاحتجاج به."
التنكيل (298)

50- الكلام على أبي نعيم وكتابه الحلية ونحوه من المصنفات:
قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فعلى هذا نقول في أبي نعيم ومن جرى مجراه: إن احتمل أنهم لانهماكهم في الجمع لم يشعروا ببطلان ما وقع في روايتهم من الأباطيل فعذرهم ظاهر، وهو أنهم لم يحدثوا بما يرون أنه كذب وإنما يلامون على تقصيرهم في الانتقاد والانتقاء، وإن كانوا شهروا ببطلان بعض ذلك فقد عرفت عادتهم فلم يكن في ظاهر حالهم ما يوجب الإيهام فلا إيهام فلا كذب، فإن اغتر ببعض ما ذكروه من قد عرف عادتهم من العلماء بالرواية فعليه التبعة أو من لم يعرف عادتهم ممن ليس من العلماء بالرواية فمن تقصيره أتي، إذ كان الفرض عليه مراجعة العلماء بالرواية ولذلك لم يجرح أهل العلم أبا نعيم وأشباهه بل اقتصروا على لومهم والتعريف بعادتهم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات."
التنكيل (312)

51- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" فليتدبر العاقل هل يسوغ لعالم يصفه أصحابه - أو قل يصف نفسه - بما في عنوان (التأنيب)  « الإمام الفقيه المحدث والحجة الثقة المحقق العلامة"  أن يقدم على تكذيب
عبد الله بن أحمد بن حنبل الإمام ابن الإمام في الحق حقاً، محتجاً في زعمه الحكاية، ثم يخلط هذا التخليط مع التخاليط الأخرى مما ترى الكشف عن بعضه في (الطليعة) وفي مواضع أخر في هذا الكتاب؟ أو أن يرمي مثل أبي بكر الخطيب في ما قاله في هذه الحكاية بأنه «لحاجة في النفس» ولا يلتفت إلى ما في نفسه؟!. "
التنكيل (319)

52- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" رحمك الله يا أبا الفرج! لا أدري أجاوزت الحد في غبطة الخطيب على مصنفاته التي أنت عيال عليها كما يظهر من مقابلة كتبك بكتبه، فدعتك نفسك إلى التشعيث منه والتجني عليه؟ أم أردت التقرب إلى أصحابك الذين دخل في قلوبهم من يومك المشهود الذي لم ير مثله غم عظيم؟ أم كنت أنت المتصف بما ترمي به المحدثين من قلة الفهم؟ "
(340)

53- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ومن عرف النصوص الشرعية وفهمها وعلم الأحكام فهو الفقيه."
التنكيل (369)

54- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"أقول يشير بهذا إلى أن ابن جرير لم ينقل أقوال أحمد في كتابه الذي ألفه في «اختلاف الفقهاء» ، ولأن يعاب بهذا ابن جرير أولى من أن يعاب به أحمد، ولكن عذره أنه كما يعلم من النظر في كتابه إنما قصد الفقهاء الذين كانت قد تأسست مذاهبهم ورتبت كتبهم، ولم يكن هذا قد اتضح في مذهب أحمد فإنه رحمه الله لم يقصد أن يكون له مذهب ولا أتباع يعكفون على قوله وإنما كان يفتي كما يفتي غيره من العلماء، ويكره أن يكتب كلامه، فكانت فتاواه عند موته مبعثرة بأيدي الطلبة والمستفتين وأدركها ابن جرير كذلك، وإنما رتبها وجمعها أبو بكر الخلال وهو أصغر من ابن جرير بعشر سنين."
التنكيل (370)

55-قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" دعوى أن أحمد كان يجهل طريق استدلال أبي حنيفة في القضايا التي رد بها السنة دعوى باطلة، بل أكثر الناس يفهمون ذاك الاستدلال ويعرفون بطلانه كما ستراه في قسم الفقهيات وسترى هناك بعض ما يروى عن أبي حنيفة من مجابهة النصوص بتلك الكلمات التي تدل على ما تدل عليه إن صحت."
التنكيل (370)

56- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" ومن عجيب شأن التعصب أنه يبلغ بصاحبه من العمى أن يسعى جاهداً في الإضرار بمن يتعصب له متوهماً أنه أنما يسعى في نفعه "
التنكيل (388)

57- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"واعلم أن المتقدمين كان يعتمدون على الحفظ فكأن النقاد يعتمدون في النقد عدالة الراوي واستقامة حديثه، فمن ظهرت عدالته وكان حديثه مستقيماً وثقوه. ثم صاروا يعتمدون الكتابة عند السماع فكان النقاد إذا استنكروا شيئاً من حديث الراوي طالبوه بالأصل. ثم بالغوا في الاعتماد على الكتابة وتقيد السماع فشدد النقاد فكان أكثرهم لا يسمعون من الشيخ حتى يشاهدوا أصله القديم الموثوق به المقيد سمعه فيه، فإذا لم يكن للشيخ أصلاً لم يعتمدوا عليه وربما صرح بعضهم بتضعيفه، فإذا ادعى السماع ممن يستبعدون سماعه منه كان الأمر أشد.
 ولا ريب أن في هذا الحالة الثالثة احتياطاً بالغاً ، ولكن إذا عرفت عدالة الرجل وضبطه وصدقه في كلامه، وأدعى سماعاً محتملاً ممكناً ، ولم يبزر به أصلاً وأعتذر بعذر محتمل قريب ولم يأت بما ينكر فبأي حجة يرد خبره؟ "
التنكيل (407-408)


58- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"إسماعيل بن عياش ثقة في نفسه لكن عن غير الشاميين تخليط كثير فحده إذا روى عن غير الشاميين أن يصلح في المتابعات والشواهد"
التنكيل (417)

59- درة يمانية في علماء متعصبي المذاهب
قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" وبعد، فماذا على المالكية من أصبغ هذا وقد كذبه أجلتهم كالقاسم بن أصبغ وابن الفرضي وعياض، ودوران الفتوى عليه إنما هو نتيجة أن العامة كانوا حريصين على الجمود على أقوال ابن القاسم صاحب مالك، والدولة موافقة لهم على ذلك، وكان هو عارفا بها جامداً عليها. وفي المالكية من حفاظ الحديث والمتبعين له إذا خالفه المنقول في مذهبهم عدد غير قليل، لعلهم يفضلون بذلك على بعض أصحاب المذاهب الأخرى!
ومن تأمل حال كثير من علماء المذاهب رأى أن كثيراً منهم قد تكون حالهم عند التحقيق شراً من حال أصبغ وذلك أنهم يظهرون التدين بقبول الحديث وتعظيم (الصحيحين) ويزيد بعضهم حتى من أهل عصرنا هذا فيقول: إن الحديث إذا كان في (الصحيحين) أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، فإذا جاءوا إلى حديث مخالف لمذهبهم حرفوه أقبح تحريف، فالرد الصريح أخف ضرراً على المسلمين وأهون مؤنة على أهل «العلم والدين من إثارة الشبه والتطويل والتهويل الذي يغتر به كثير من الناس ويضطر العالم» إلى صرف وقته في كشف ذلك. والله المستعان."
التنكيل (419)

60- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"بقية يدلس عن الضعفاء، فإذا لم يصرح بالسماع وجب التوقف لاحتمال أنه إنما سمع من ضعيف."
التنكيل (421)

مختارات من التنكيل 1

الحمد لله وصلى الله وسلم على مصطفاه وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
اما بعد فهذه مختارات من كتاب التنكيل للعلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله.

1-قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى مبيناً سبب تأليف كتابه (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من أباطيل) :
"أما بعد: فإني وقفت على كتاب (تأنيب الخطيب) للأستاذ العلامة محمد زاهد الكوثري، الذي تعقب فيه ما ذكره الحافظ المحدث الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام أبي حنيفة من (تاريخ بغداد)  من الروايات عن الماضين في الغض من أبي حنيفة، فرأيت الأستاذ تعدى ما يوافقه عليه أهل العلم من توقير أبي حنيفة وحسن الذب عنه - إلى ما لا يرضاه عالم متثبت من المغالطات المضادة للأمانة العلمية، ومن التخليط في القواعد، والطعن في أئمة السنة ونقلتها، حتى  تناول بعض أفاضل الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة مالكا والشافعي وأحمد وأضرابهم وكبار أئمة الحديث وثقات نقلته والرد لأحاديث صحيحة ثابتة، والعيب للعقيدة السلفية.
   فأساء في ذلك جدا حتى إلى الإمام أبي حنيفة نفسه، فإن من لا يزعم أنه لا يتأتى الدفاع عن أبي حنيفة إلا بمثل ذلك الصنيع فساء ما يثني عليه"
مقدمة التنكيل

2- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وحرصت على توخي الحق والعدل، واجتناب ما كرهته للأستاذ، خلا أن إفراطه في إساءة القول في الأئمة جرأني على أن أصرح ببعض ما يقتضيه صنيعه. وأسأل الله التوفيق لي وله."
طليعة التنكيل (10)

3- من طرق أهل البدع :
 قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فمن أوابده تبديل الرواة، يتكلم في الأسانيد التي يسوقها الخطيب طاعنا في رجالها واحدا واحدا، فيمر به الرجل الثقة الذي لا يجد فيه طعنا مقبولا فيفتش الأستاذ عن رجل آخر يوافق ذلك الثقة في الاسم واسم  الأب ويكون مقدوحا فيه، فإذا ظفر به زعم أنه هو الذي في السند)
 طليعة التنكيل 10

4-قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"والمقصود هنا إثبات أن الكوثري قد عرف يقينا أن صالح بن أحمد الواقع في السند ليس هو بالقيراطي، بل هو ذاك الحافظ الفهم الثقة الثبت  ، ولكن كان الكوثري مضطرا إلى الطعن في تلك الرواية، ولم يجد في ذاك الحافظ مغمزا، ووقعت بيده ترجمة القيراطي المطعون فيه وعرف أن هذا الفن أصبح في غاية الغربة فغلب على ظنه أنه إذا زعم أن الواقع في السند هو القيراطي لا يرد ذلك عليه أحد، فأما الله تبارك وتعالى فله معه حساب آخر والله المستعان."
طليعة التنكيل (15)

5- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" وأعجب من هذا كله وأغرب قول الكوثري بعد تلك الأفاعيل:
ولا أدري كيف يسوق الخطيب ... ولعل الله  سبحانه طمس بصيرته ليفضحه بخذلانه المكشوف في كل خطوة» .
وهذا المترجى واقع ولكن بمن؟!"
طليعة التنكيل (16)

6- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ولا ريب أن الكوثري عند تفتيشه عن أحمد ابن الخليل وقف أولا على ترجمة هذا التاجر وعرف أنه هو الواقع في السند، ولكنه رآه ثقة، وهو بالحاجة إلى الطعن في تلك الرواية فعدل عنه إلى ذاك الضعيف (حور) نعوذ بالله من الحور بعد الكور، وهكذا تكون الأمانة! "
طليعة التنكيل (17)

7- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" ومن كثر حديثه لا بد أن تكون عنده غرائب، وليس ذلك بموجب للضعف، وإنما الذي يضر أن تكون تلك الغرائب منكرة " طليعة التنكيل (33)

8- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"الخطأ الذي يضر الراوي الإصرار عليه هو ما يخشى أن تترتب عليه مفسدة ويكون الخطأ من المصر نفسه، وذلك كمن يسمع حديثا بسند صحيح فيغلظ فيركب على ذاك السند متنا موضوعا فينبهه أهل العلم فلا يرجع، وليس ما وقع للهيثم من هذا القبيل، إنما وقع عنده في حديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عتبان، وقع عنده (محمد بن الربيع) بدل (محمود بن الربيع) وثبت على ذلك وهذا لا مفسدة فيه، بل ثبات الهيثم يدل على عظم أمانته وشدة تثبته إذ لم يستحل أن يغير ما في أصله، وقد وقع لمالك بن أنس الإمام نحو هذا، كان يقول في عمرو بن عثمان: (عمر بن عثمان) وثبت على ذلك"
طليعة التنكيل (34)

9- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فإن قيل إنما أراد الكوثري التنكيت والتبكيت مقابلة الإساءة بمثلها، قلت رأس مال العالم الصدق، ومن استحل التحريف في موضع ترويجا لرأيه لم يؤمن أن يحرف في غيره."
طليعة التنكيل (39)

10- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"أن ابن معين قد يقول «ليس بشيء» على معنى قلة الحديث فلا تكون جرحا، وقد يقولها على وجه الجرح كما يقولها غيره فتكون جرحا، فإذا وجدنا الراوي الذي قال فيه ابن معين: «ليس بشيء» قليل الحديث وقد وثق، وجب حمل كلمة ابن معين على معنى قلة الحديث."
طليعة التنكيل (49)

11- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فأما ذكر الراوي في بعض كتب الضعفاء فلا يضره ما لم يكن فيما ذكر به ما يوجب ضعفه، وذلك أنهم كثيرا ما يذكرون الرجل لكلام فيه لا يثبت أو لا يقدح أو نحو ذلك."
طليعة التنكيل (52)

12- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" أما الانفراد فليس بمانع من الاحتجاج  عند أهل السنة، بل بإجماع الصحابة والتابعين، بل الأدلة في ذلك أوضح، ولم يشترط التعدد إلا بعض أهل البدع، نعم قد يتوقف في بعض الأفراد لقيام قرائن تشعر بالغلط، والمرجع في ذلك إلى أئمة الحديث"
طليعة التنكيل (63)

13- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى مبيناً سبب تحديث أنس للحجاج بحديث العرنيين :
"كان اجتماع أنس بالحجاج لما كان الحجاج بالبصرة وذلك سنة ٧٥ هـ‍ قبل وفاة أنس ببضع عشرة سنة وليس في الحديث ما يصلح أن يكون شبهة للحجاج على ظلمه، ولو كان فيه ذلك فلم يكن الحجاج يحتاج في ظلمه إلى شبهة، ومع هذا فلأنس عذر، وهو أنه قد كان حدث بالحديث قبل ذلك، فلعله لما سأله الحجاج خشي أن يكون قد بلغ الحجاج تحديثه به، فإذا كتمه عند سؤاله إياه اتخذ الحجاج ذلك ذريعة إلى إيذاء أنس."
طليعة التنكيل (64)

14- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :

" المقصود الأهم من كتابي هذا هو رد المطاعن الباطلة عن أئمة السنة وثقات رواتها والذي اضطرني إلى ذلك أن السنة النبوية وما تفتقر إليه من معرفة أحوال رواتها ومعرفة العربية وآثار الصحابة والتابعين في التفسير، وبيان معاني السنة والأحكام وغيرها، والفقه نفسه إنما مدارها على النقل على أولئك الذين طعن فيهم الأستاذ وأضر بهم، فالطعن فيهم يؤول إلى الطعن في النقل كله، بل في الدين من أصله."
التنكيل (181)

15- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" المقرر عند أهل العلم أنه إذا نقل عن جماعة من الصحابة القول بتحريم شيء ولم ينقل عن أحد منهم أو ممن عاصرهم من علماء التابعين قول بالحل، عد ذاك الشيء مجمعا على حرمته، لا يسوغ لمجتهد أن يذهب إلى حله، فإن ذهب إلى حله غافلا عن الإجماع كان قوله مردودا، أو عالما بالإجماع فمن أهل العلم من يضلله، ومنهم من قد يكفره. لكنه لو ثبت عن رجل واحد من الصحابة قول بحل ذلك الشيء كانت المسألة خلافية لا يحظر على المجتهد أن يقول فيها بقول ذلك الصحابي، أو بقول مفصل يوافق هذا في شيء، وذاك في شيء."
التنكيل (181)

16- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم، ويرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلوا في عيسى عليه السلام كان الغلاة يرمون كل من أنكر عليهم بأنه يبغض عيسى ويحقره ونحو ذلك فكان هذا من أعظم ما ساعد على أن انتشار الغلو لأن بقايا أهل الحق كانوا يرون أنهم إذا أنكروا على الغلاة نسبوا إلى ما هم أشد الناس كراهية له من بغض عيسى وتحقيره، ومقتهم الجمهور، وأوذوا فثبطهم هذا عن الإنكار، وخلا الجو للشيطان، وقريب من هذا حال الغلاة الروافض وحال القبوريين، وحال غلاة المقلدين ."
التنكيل (184)

17- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وحاصله أن أكثر الناس مغرون بتقليد من يعظم في نفوسهم والغلو في ذلك، حتى إذا قيل لهم: إنه غير معصوم عن الخطأ والدليل قائم على خلاف قوله في كذا فدل ذلك على أنه أخطأ ولا يحل لكم أن تتبعوه على ما أخطأ فيه، قالوا: هو أعلم منكم بالدليل، وأنتم أولى بالخطأ منه فالظاهر أنه قد عرف ما يدفع دليلكم هذا، فإن زاد المنكرون فأظهروا حسن الثناء على ذلك المتبوع كان أشد لغلو متبعيه.
خطب عمار بن ياسر في أهل العراق قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج مع أم المؤمنين عائشة فقال «والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي» أخرجه البخاري في (الصحيح) من طريق أبي مريم الأسدي عن عمار، وأخرج نحوه من طريق أبي وائل عن عمار فلم يؤثر هذا في كثير من الناس بل روي أن بعضهم أجاب قائلا «فنحن مع من شهدت له بالجنة يا عمار» .
  فلهذا كان من أهل العلم والفضل من إذا رأى جماعة اتبعوا بعض الأفاضل في أمر يرى أنه ليس لهم اتباعه فيه إما لأن حالهم غير حاله وإما لأنه يراه أخطأ - أطلق كلمات يظهر منها الغض من ذاك الفاضل لكي يكف الناس عن الغلو فيه الحامل لهم على إتباعه فيما ليس لهم أن يتبعوه فيه، فمن هذا ما في (المستدرك) (٢ ص٣٢٩) « ... عن خيثمة قال: كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في نفر فذكروا علياً فشتموه فقال سعد: مهلا عن أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ... فقال بعضهم فوالله إنه كان  يبغضك ويسميك الأخنس، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك ثم قال أليس قد يجد المرء على أخيه في الأمر يكون بينه وبينه ثم لا يبلغ ذلك أمانته ... » قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» وأقره الذهبي.
وفي الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه قال «ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أبويه إلا لسعد بن مالك (هو سعد بن أبي وقاص) فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي» .
وتروى عن علي كلمات أخرى من ذا وذاك وكان سعد قد قعد عن قتال البغاة فكان علي إذا كان في جماعة يخشى أن يتبعوا سعداً بالقعود ربما أطلق غير كاذب كلمات توهم الغض من سعد وإذا كان مع من لا يخشى منه القعود فذكر سعداً ذكر فضله. ومنه ما يقع في كلام الشافعي في بعض المسائل التي يخالف فيها مالكا من إطلاق كلمات فيها غض من مالك مع ما عرف عن الشافعي من تبجيل أستاذه مالك، وقد روى حرملة عن الشافعي أنه قال «مالك حجة الله على خلقه بعد التابعين» كما يأتي في ترجمة مالك إن شاء الله تعالى.
ومنه ما نراه في كلام مسلم في مقدمة صحيحه مما يظهر منه الغض الشديد من مخالفه في مسألة اشتراط العلم باللقاء، والمخالف هو البخاري، وقد عرف عن مسلم تبجيله للبخاري.
  وأنت إذا تدبرت تلك الكلمات وجدت لها مخارج مقبولة وإن كان ظاهرها التشنيع الشديد. "
التنكيل (190-192)

18- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"والأئمة غير معصومين من الخطأ والغلط، وهم إن شاء الله تعالى معذورون مأجورون فيما أخطأوا فيه كما هو الشأن فيمن أخطأ بعد بذل الوسع في تحري الحق، لكن لا سبيل إلى القطع بأنه لم يقع منهم في بعض الفروع تقصير يؤاخذون عليه، أو تقصير في زجر أتباعهم عن الغلو في تقليدهم."
التنكيل (192)

19- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" والمقصود هنا أن منزلة أنس رضي الله عنه عندنا غير منزلته التي يجعله الأستاذ فيها، فلا غرو أن يزعم الأستاذ أنه ليس في كلامه فيه ما ينتقد ‍! وفي (فتح الباري) في «باب المصراة» : «قال ابن السمعاني  في (الاصطلام) : التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله بل هو بدعة وضلالة» ذكر ذلك في صدد رد كلام بعض الحنفية في رواية أبي هريرة حديث المصراة ."
التنكيل (195)

20- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فهل يريد الأستاذ أن يستنتج من ذلك أن أصحاب الحديث صاروا كلهم بين سفيه فاجر كذاب، وأحمق مغفل يستحل الكذب الذي هو في مذهبه من أكبر الكبائر وأقبح القبائح؟ فليت شعري عند من بقي العلم والدين؟ أعند الجهمية الذين يعزلون الله وكتبه ورسله عن الاعتداد في عظم الدين وهو الاعتقاديات ويتبعون فيها الأهواء والأوهام؟ ! يقال لأحدهم قال الله عز وجل ... ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتلتوي عنقه وينقبض وجهه تبرما وتكرها، ويقال له: قال ابن سينا ... ، فيستوي قاعدا  ويسمو رأسه وينبسط وجهه وتتسع عيناه وتصغي أذناه كأنه يتلقى بشرى عظيمة كان يتوقعها. فهل هذا هو الإيمان الذي لا يزيد ولا ينقص يا أستاذ!!"
التنكيل (200)

21- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وكان مقتضى الحكمة إتباع ما مضى عليه أهل العلم منذ سبعمائة سنة تقريبا من سدل الستار على تلك الأحوال وتقارض الثناء واقتصار الحنفية في بعض المناسبات على التألم من الخطيب بأنه أورد حكايات لا تصح، فيقتصرون على هذا الإجمال ونحوه ولا يطعنون في الخطيب ولا في راو بعينه ويعوضون أنفسهم بالاستكثار من روايات المناقب، فإن جاوز بعضهم ذلك فعلى قدر ومراعاة للجانب الآخر، فليت الأستاذ اكتفى بما يقرب من ذلك وطوى الثوب على غرة، فإن أبت نفسه إلا بعثرة القبور فليتحر الحق إما تدينا، وإما علما بأن في الناس بقايا وفي الزوايا خبايا."
التنكيل (202)

22- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" الأستاذ من أهل الرأي، ويظهر أنه من غلاة المقلدين في فروع الفقه، ومن مقلدي المتكلمين، ومن المجارين لكتاب العصر إلى حد ما وكل واحدة من هذه الأربع تقتضي قلة مبالاة بالمرويات، ودربة على التمحل في ردها، وجرأة على مخالفتها واتهام رواتها. "
التنكيل (204)

23- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" ومن تتبع  السيرة والسنة علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ربما يقضي بالقضية أو يحدث بالحديث أو يفتي في مسألة وليس عنده من أصحابه إلا الواحد أو الاثنان، ثم كان معظم أصحابه لا يحدثون بالحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم إلا عندما تدعو الحاجة، ومن لازم ما تقدم مع احتمال نسيان بعضهم أو موته قبل أن يخبر بالحديث أن يكون كثير من السنن ينفرد بسماعها أو بحفظها أو بروايتها آحاد الصحابة، ثم تفرق الصحابة في الأقطار فمنهم من هو في باديته ومنهم من صار إلى الشام والعراق ومصر واليمن، فكان عند أهل كل جهة أحاديث من السنة لم تكن عند غيرهم في أول الأمر - كما روي عن مالك - ثم اجتهد أصحاب الحديث في جمع السنة من كل وجه "
التنكيل (204)

24- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وقد علم من الشريعة أنه ليس على العالم الإحاطة بالعلم كله، وأن من شهد له أهل العلم بأنه عالم، فإنما عليه إذا احتاج إلى قضاء أو فتوى أن ينظر في كتاب الله عز وجل وفيما يعلمه من السنة، فإن لم يجد فيهما النص على تلك المسألة سأل من يسهل عليه ممن يرجو أن يكون عنده دليل فإن لم يجد وعرف أن لبعض الصحابة قولا في تلك المسألة لم يعلم له مخالفا أخذ به وإن علم خلافا رجح، فإن لم يجد قول صحابي ووجد قول تابعي ممن تقدمه لم يعلم له مخالفا فيه أخذ به وإن علم خلافا رجح.
وكان الغالب في الترجيح أن يرجح العالم قول من كان ببلده من الصحابة أو التابعين لمزيد معرفته بهم المقتضية لزيادة الوثوق هذا مع ما للإلف والعادة من الأثر الخفي. فإن لم يجد شيئا مما تقدم اجتهد رأيه وقضى وأفتى بما يظهر له.
ثم إذا قضى أو أفتى مستندا إلى شيء مما تقدم ثم وجد دليلا أقوى مما استند إليه يخالف ما ذهب إليه سابقا أخذ من حينئذ بالأقوى. على هذا جرى الخلفاء الراشدون وغيرهم كما هو مبسوط في مواضعه ومنها (إعلام الموقعين) ."
التنكيل (205)

25- ماهو سبب طلب الكثير من طلاب العلم لمتون الرأي بدل كتب الحديث والآثار:؟
قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وكان كثير من أهل العلم من الصحابة وغيرهم يتقون النظر فيما لم يجدوا فيه نصا، وكان منهم من يتوسع في ذلك، ثم نشأ من أهل العلم ولا سيما بالكوفة من توسع في ذلك، وتوسع في النظر في القضايا التي لم تقع وأخذوا يبحثون في ذلك ويتناظرون ويصرفون أوقاتهم في ذلك، واتصل بهم جماعة من طلبة العلم تشاغلوا بذلك ورأوه أشهى لأنفسهم وأيسر عليهم من تتبع الرواة في البلدان والإمعان في جمع الأحاديث والآثار، ومعرفة أحوال الرواة وعاداتهم والإمعان في ذلك ليعرف الصحيح من السقيم والصواب من الخطأ والراجح من المرجوح،ويعرف العام والخاص والمطلق والمبين وغير ذلك، فوقعوا فيما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدين برأيهم»
(اعلام الموقعين) طبعة مطبعة النيل بمصر ج ١ ص ٦٢ وراجع (كتاب العلم) لابن عبد البر.
  فوقع فيما ذهبوا إليه وعملوا به وأفتوا مسائل ثبتت فيها السنة مخالفة لما ذهبوا إليه، لم يكونوا اطلعوا عليها، فكان الحديث من تلك الأحاديث إذا بلغهم فيه لمخالفتهم ما ذهب إليه أسلافهم واستمر عليه عملهم ورأوا أنه هو الذي يقتضيه النظر المعقول (القياس) ، فمن تلك الأحاديث ما كان من الثبوت والصراحة بحيث قهرهم فلم يجدوا بدا من الأخذ به، وكثير منها كانوا يردونها ويتلمسون المعاذير مع أن منها ما هو أثبت وأظهر وأقرب إلى القياس من أحاديث قد أخذوا بها لكن هذه التي أخذوا بها مع ما فيها من الضعف ومخالفة القياس وردت عليهم قبل أن يذهبوا إلى خلافها فقبلوها إتباعا، وتلك التي ردوها مع قوة ثبوتها إنما بلغتهم بعد أن استقر عندهم خلافها واستمروا على العمل بذلك ومضى عليه أشياخهم ربما أخذوا بشيء من النقل ثم بلغهم من السنة ما يخالفه أن ينظروا كما ينظر أئمة الحديث لمعرفة الصحيح من السقيم والخطأ من الصواب والراجح من المرجوح فقنعوا بالرأي "
التنكيل (205-206)

26-حال كتب الأدب كالأغاني :
قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وهذه الكتب يكثر فيها الكذب والحكايات الفاجرة،وكان فجرة الإخباريين يضعون تلك الحكايات لأغراض منها دفع الملامة عن أنفسهم - يقولون ليس هذا العيب خاصا بنا بل كان من قبلنا كذلك حتى المشهورون بالفضل.
  ومنها ترويج الفجور والدعاية إليه ليكثر أهله فيجد الداعي مساعدين عليه ويقوي عذره.
 ومنها ترغيب الأمراء والأغنياء في الفجور وتشجيعهم عليه ليجد الدعاة المتأدبون مراعي خصبة يتمتعون فيها بلذاتهم وشهواتهم.
 ومنها التقرب إلى الأمراء والأغنياء بالحكايات الفاجرة التي يلذ لهم سماعها إلى غير ذلك.
وما يوجد في تلك الكتب من الصدق إنما يصور طائفة مخصوصة كالأمراء المترفين والشعراء والأدباء ونحوهم"
التنكيل (210)

27- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ثم كان الرجل من أصحاب الحديث يرشح لطلب الحديث وهو طفل، ثم ينشأ دائبا في الطلب والحفظ والجمع ليلا ونهارا ويرتحل في طلبه إلى أقاصي البلدان ويقاسى المشاق الشديدة كما هو معروف في أخبارهم ويصرف في ذلك زهرة عمره إلى نحو ثلاثين أو أربعين سنة وتكون أمنيته الوحيدة من الدنيا أن يقصده أصحاب الحديث ويسمعوا منه ويرووا عنه، وفي (تهذيب التهذيب) ج ١١ص ١٨٣ «قال عبد الله بن محمود المروزي: سمعت يحيى بن أكثم يقول: «كنت قاضيا وأميرا ووزيرا ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي (١) من ذكرت؟ رضي الله عنك» وفيه ج ٦ ص ٣١٤: «روي عن عبد الرزاق أنه قال: حججت فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث فتعلقت بالكعبة وقلت: يا رب مالي أكذاب أنا؟ أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاءوني» وقد علم طالب الحديث في أيام طلبه تشدد علماء الحديث وتعنتهم وشدة فحصهم وتدقيقهم "
التنكيل (212-213)

28-قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"فالفاسق المتهتك لا يعرف قدر العدالة فتراه يتهم العدول ولا يكاد يعرف عدالتهم ولو كانوا جيرانه."
التنكيل (225)

29- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"ما من إنسان إلا وله أهواء فيما ينافي العدالة وإنما المحذور إتباع الهوى"
التنكيل (230)

30- قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"وأهل البدع كما سماهم السلف «أصحاب الأهواء» وإتباعهم لأهوائهم في الجملة ظاهر وإنما يبقى النظر في العمد والخطأ ومن ثبت تعمده أو اتهمه بذلك عارفوه لم يؤمن كذبه وفي (الكفاية) للخطيب ص ١٢٣ عن علي بن حرب الموصلي: «كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي» يريد والله أعلم أنهم مظنة ذلك فيحترس من أحدهم حتى يتبين براءته."
التنكيل (230)

شبهة : انتفاع النبي صلى الله عليه وسلم بموسى في المعراج وجعلها من اصول دعاء الاموات

شبهة صوفية يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم انتفع بموسى في الإسراء وعليه فكل ميت ينفع في قبره فيدعى مع الله
الرد من وجوه :
1- القياس بين انتفاع الامة بنصيحة موسى عليه السلام باعتقادكم نفع اولياءكم قياس مع الفارق الكبير فأنتم تدعون من لا يسمعكم وإن سمعو ما استجابو لكم و النبي صلى الله عليه وسلم لم ينادي موسى عليه السلام و يطلب منه المدد و النصرة كما تفعلون و إنما كان كلامه معه كلام الحاضر السامع لما يقال له.
2- إن حياة الأنبياء في قبورهم وكذلك الشهداء لا ينكرها أحد ولكن هل كونهم أحياء فهذا يبيح سؤالهم؟ وكلام النبي صلى الله عليه وسلم لموسى حالة خاصة في وقت خاص فإنه لم يكن يكلم موسى في أي وقت وإنما كلمه في المعراج فقط.
3- لقد بنى الصوفية على هذا الحديث جواز سؤال الأنبياء في قبورهم مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل موسى وإنما موسى هو من قال له ( ارجع إلى ربك فاسأله )
4- وهي استطراد لماسبق أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى وغيره من الأنبياء في السماوات على قدر منازلهم، ولم يكن عاكفا عند قبر موسى والفرق كبير جداً بين الأمرين فالصوفية يعكفون عند قبور مشايخهم يسألونهم دون الله وهذا لا يجوز.
4- أن الأصل في الأموات أنهم لا يسمعون نداء من ناداهم من الناس، ولا يستجيبون دعاء من دعاهم ، ولا يتكلمون مع الأحياء من البشر ولو كانوا أنبياء ، بل انقطع عملهم بموتهم ؛ لقول الله تعالى: ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )(فاطر:14) وقوله: ( وما أنت بمسمع من في القبور ) (فاطر:22)وقوله:( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) (الأحقاف:5-6)
ويستثنى من هذا الأصل ما ثبت بدليل صحيح، كسماع أهل القليب من الكفار كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب غزوة بدر ، وكصلاته بالأنبياء ليلة الإسراء، وحديثه مع الأنبياء في السماوات حينما عرج به إليها ، ومن ذلك نصح موسى لنبينا ـ عليهما الصلاة والسلام ـ أن يسأل الله التخفيف مما افترضه عليه وعلى أمته من الصلوات فراجع نبينا صلى الله عليه وسلم ربه في ذلك حتى صارت خمس صلوات في كل يوم وليلة ، وهذا من المعجزات وخوارق العادات فيقتصر فيه على ما ورد.ولا يقاس عليه غيره.
5 - كلمة انتفاع كلمة مجملة ومعلوم أن الميت قد ينفع الحي كما لو ترك علماً نافعاً أو ترك وقفاً صدقة فكون الميت ينفع لا يجيز ذلك أن تصرف له عبادة اختص الله عز وجل بها.  قال تعالى لسان نبيه: { قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلا ما شاء الله} ،  وقال { ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما أستجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم } وقال { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين} وقال :{ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً }  وغيرها من النصوص الواضحات والأدلة البينات.
6- في ذكر الصوفية لهذا الحديث سانحة جيدة أن نذكرهم أن الإسراء كان للسماء وأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم الله وهو فوق سبع سماوات مستو على عرشه بائن من خلقه.

الخميس، 6 أبريل 2017

مختارات من كتاب العبودية لابن تيمية 2

31-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَالْعَبْد لَا بُد لَهُ من رزق وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى ذَلِك فَإِذا طلب رزقه من الله صَار عبدا لله فَقِيرا إِلَيْهِ وَإِذا طلبه من مَخْلُوق صَار عبدا لذَلِك الْمَخْلُوق فَقِيرا إِلَيْهِ وَلِهَذَا كَانَت مَسْأَلَة الْمَخْلُوق مُحرمَة فِي الأَصْل وَإِنَّمَا أبيحت للضَّرُورَة وَفِي النهى عَنْهَا أَحَادِيث كَثِيرَة فِي " الصِّحَاح " و " السّنَن " و " المسانيد " كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تزَال الْمَسْأَلَة بأحدكم حَتَّى يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ فِي وَجهه مزعه لحم " "
رسالة العبودية (26)

32- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَالله تَعَالَى ذكر فِي الْقُرْآن الهجر الْجَمِيل والصفح الْجَمِيل وَالصَّبْر الْجَمِيل وَقد قيل: إِن الهجر الْجَمِيل هُوَ هجر بِلَا أَذَى والصفح الْجَمِيل صفح بِلَا معاتبة وَالصَّبْر الْجَمِيل صَبر بِغَيْر شكوى إِلَى الْمَخْلُوق وَلِهَذَا قرئَ على أَحْمد بن حَنْبَل فِي مَرضه: إِن طاوسا كَانَ يكره أَنِين الْمَرِيض وَيَقُول: إِنَّه شكوى فَمَا أنّ أَحْمد حَتَّى مَاتَ.

وَأما الشكوى إِلَى الْخَالِق فَلَا تنَافِي الصَّبْر الْجَمِيل فَإِن يَعْقُوب قَالَ [٨٣ يُوسُف] : {فَصَبر جميل} وَقَالَ [٨٦ يُوسُف] : {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} ."
رسالة العبودية (27)

33- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"  وَقد دلّت النُّصُوص على الْأَمر بِمَسْأَلَة الْخَالِق وَالنَّهْي عَن مَسْأَلَة الْمَخْلُوق فِي غير مَوضِع كَقَوْلِه تَعَالَى [٧ الشَّرْح] : {فَإِذا فرغت فانصب * وَإِلَى رَبك فارغب} وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ عَبَّاس: " إِذا سَأَلت فأسال الله واذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه " وَمِنْه قَول الْخَلِيل [١٧ العنكبوت] : {فابتغوا عِنْد الله الرزق} وَلم يقل: فابتغوا الرزق عِنْد الله لِأَن تَقْدِيم الظّرْف يشْعر بالاختصاص والحصر كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَبْتَغُوا الرزق إِلَّا عِنْد الله وَقد قَالَ تَعَالَى [٣٢ النِّسَاء] : {واسألوا الله من فَضله} .
  وَالْإِنْسَان لابد لَهُ من حُصُول مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الرزق وَنَحْوه وَدفع مَا يضرّهُ وكلا الْأَمريْنِ شرع لَهُ أَن يكون دعاؤه لله فَلَا يسْأَل رزقه إِلَّا من الله وَلَا يشتكي إِلَّا إِلَيْهِ كَمَا قَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام [٨٦ يُوسُف] : {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} ."
رسالة العبودية (27)

34- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَكلما قوي طمع العَبْد فِي فضل الله وَرَحمته ورجائه لقَضَاء حَاجته وَدفع ضَرُورَته قويت عبوديته لَهُ وحريته مِمَّا سواهُ فَكَمَا أَن طمعه فِي الْمَخْلُوق يُوجب عبوديته لَهُ فيأسه مِنْهُ يُوجب غنى قلبه عنه،  كما قيل: استغن عمن شئت تكن نَظِيره، وَأفضل على من شِئْت تكن أميره، وَاحْتج إِلَى من شِئْت تكن أسيره.
   فَكَذَلِك طمع العَبْد فِي ربه ورجاؤه لَهُ يُوجب عبوديته لَهُ.
  وإعراض قلبه عَن الطّلب من الله والرجاء لَهُ يُوجب انصراف قلبه عَن الْعُبُودِيَّة لله لَا سِيمَا من كَانَ يَرْجُو الْمَخْلُوق ولايرجو الْخَالِق بِحَيْثُ يكون قلبه مُعْتَمدًا إِمَّا على رئاسته وَجُنُوده وَأَتْبَاعه ومماليكه وَإِمَّا على أَهله وأصدقائه وَإِمَّا على أَمْوَاله وذخائره وَإِمَّا على ساداته وكبرائه كمالكه وَملكه وَشَيْخه ومخدومه وَغَيرهم مِمَّن هُوَ قد مَاتَ أَو يَمُوت قَالَ تَعَالَى [٥٨ الْفرْقَان] : {وتوكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَسبح بِحَمْدِهِ وَكفى بِهِ بذنوب عباده خَبِيرا} . "
رسالة العبودية (28)

35-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وكل من علق قلبه بالمخلوقين أَن ينصروه أَو يرزقوه أَو أَن يهدوه خضع قلبه لَهُم وَصَارَ فِيهِ من الْعُبُودِيَّة لَهُم بِقدر ذَلِك وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر أَمِيرا لَهُم مُدبرا لأمورهم متصرفا بهم فالعاقل ينظر إِلَى الْحَقَائِق لَا إِلَى الظَّوَاهِر فالرجل إِذا تعلق قلبه بِامْرَأَة وَلَو كَانَت مُبَاحَة لَهُ يبْقى قلبه أَسِيرًا لَهَا تحكم فِيهِ وتتصرف بِمَا تُرِيدُ وَهُوَ فِي الظَّاهِر سَيِّدهَا لِأَنَّهُ زَوجهَا أَو مَالِكهَا وَلكنه فِي الْحَقِيقَة هُوَ أَسِيرهَا ومملوكها وَلَا سِيمَا إِذا علمت بفقرة إِلَيْهَا وعشقه لَهَا وَأَنه لَا يعتاض عَنْهَا بغَيْرهَا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تتحكم فِيهِ تحكم السَّيِّد القاهر الظَّالِم فِي عَبده المقهور الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الْخَلَاص مِنْهُ بل أعظم فَإِن أسر الْقلب أعظم من أسر الْبدن واستعباد الْقلب أعظم من استعباد الْبدن فَإِن من استبعد بدنه واسترق وَأسر لَا يُبَالِي إِذا كَانَ قلبه
 مستريحًا من ذَلِك مطمئنًا، بل يُمكنهُ الاحتيال فِي الْخَلَاص.
 وَأما إِذا كَانَ الْقلب الَّذِي هُوَ ملك الْجِسْم رَقِيقا مستعبدا متيما لغير الله فَهَذَا هُوَ الذل والأسر الْمَحْض والعبودية الذليلة لما استعبد الْقلب "

رسالة العبودية (28)

36-
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَهَؤُلَاء عشاق الصُّور، من أعظم النَّاس عذَابا وَأَقلهمْ ثَوابًا، فَإِن العاشق لصورة إِذا بَقِي قلبه مُتَعَلقا بهَا مستعبدا لَهَا اجْتمع لَهُ من أَنْوَاع الشَّرّ وَالْفساد مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا رب الْعباد وَلَو سلم من فعل الْفَاحِشَة الْكُبْرَى فداوم تعلق الْقلب بهَا بِلَا فعل الْفَاحِشَة أَشد ضَرَرا عَلَيْهِ مِمَّن يفعل ذَنبا ثمَّ يَتُوب مِنْهُ وَيَزُول أَثَره من قلبه وَهَؤُلَاء يشبّهون بالسكارى والمجانين كَمَا قيل:
سُكران سُكر هوى وسُكر مدامة ... وَمَتى إفاقة من بِهِ سُكران؟
وَقيل:
قَالُوا جُننتَ بِمن تهوى فَقلت لَهُم ... الْعِشْق أعظم مِمَّا بالمجانين
الْعِشْق لَا يستفيق الدهرَ صاحبُه ... وَإِنَّمَا يُصرع الْمَجْنُون فِي حِين
وَمن أعظم أَسبَاب هَذَا الْبلَاء إِعْرَاض الْقلب عَن الله فَإِن الْقلب إِذا ذاق طعم عبَادَة الله وَالْإِخْلَاص لَهُ لم يكن عِنْده شَيْء قطّ أحلى من ذَلِك وَلَا ألذ وَلَا أمتع وَلَا أطيب وَالْإِنْسَان لَا يتْرك محبوبا إِلَّا بمحبوب آخر يكون أحب إِلَيْهِ مِنْهُ أَو خوفًا من مَكْرُوه فالحب الْفَاسِد إِنَّمَا ينْصَرف الْقلب عَنهُ بالحب الصَّالح أَو بالخوف من الضَّرَر.
قَالَ تَعَالَى فِي حق يُوسُف [٢٤ يُوسُف] : {كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين} فَالله يصرف عَن عَبده مَا يسوؤه من الْميل إِلَى الصُّور والتعلق بهَا وَيصرف عَنهُ الْفَحْشَاء بإخلاصه لله وَلِهَذَا يكون قبل أَن يَذُوق حلاوة الْعُبُودِيَّة لله وَالْإِخْلَاص لَهُ بِحَيْثُ تغلبة نَفسه على اتِّبَاع هَواهَا فَإِذا ذاق طعم الْإِخْلَاص وَقَوي فِي قلبه انقهر لَهُ هَوَاهُ بِلَا علاج. "
رسالة العبودية (29-30)

37- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" قَالَ تَعَالَى [٤٥ العنكبوت] : {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَلذكر الله أكبر} فَإِن الصَّلَاة فِيهَا دفع مَكْرُوه وَهُوَ الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وفيهَا تَحْصِيل مَحْبُوب وَهُوَ ذكر الله وَحُصُول هَذَا المحبوب أكبر من دفع ذَلِك الْمَكْرُوه فَإِن ذكر الله عبَادَة لله وَعبادَة الْقلب لله مَقْصُودَة لذاتها وَأما اندفاع الشَّرّ عَنهُ فَهُوَ مَقْصُود لغيره على سَبِيل التبع. "
رسالة العبودية (30)

38- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وعبودية الْقلب وأسره هِيَ الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الثَّوَاب وَالْعِقَاب فَإِن الْمُسلم لَو أسره كَافِر أَو استرقه فَاجر بِغَيْر حق لم يضرّهُ ذَلِك إِذا كَانَ قَائِما بِمَا يقدر عَلَيْهِ من الْوَاجِبَات وَمن استعبد بِحَق إِذا " أدّى حق الله وَحقّ موَالِيه فَلهُ أَجْرَانِ " وَلَو أكره على التَّكَلُّم بالْكفْر فَتكلم بِهِ وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان لم يضرّهُ ذَلِك وَأما من استُعبد قلبه فَصَارَ عبدا لغير الله فَهَذَا يضرّهُ ذَلِك وَلَو كَانَ فِي الظَّاهِر ملك النَّاس.
   فالحرية حريَّة الْقلب والعبودية عبودية الْقلب كَمَا أَن الْغنى غنى النَّفس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض وَإِنَّمَا الْغنى غنى النَّفس "
  وَهَذَا لعَمْرو الله إِذا كَانَ قد استبعد قلبه صُورَة مُبَاحَة. فَأَما من استعبد قلبه صُورَة مُحرمَة امْرَأَة أَو صبي فَهَذَا هُوَ الْعَذَاب الَّذِي لَا يدانيه عَذَاب."
رسالة العبودية (29)

39-  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَالْقلب خلق يحب الْحق ويريده ويطلبه فَلَمَّا عرضت لَهُ إِرَادَة الشَّرّ طلب دفع ذَلِك فَإِنَّهَا تفْسد الْقلب كَمَا يفْسد الزَّرْع بِمَا ينْبت فِيهِ من الدغل.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى [٩-١٠ الشَّمْس] : {قد أَفْلح من زكاها * وَقد خَابَ من دساها} "
رسالة العبودية (30)

40-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَكَذَلِكَ طَالب الرِّئَاسَة والعلو فِي الأَرْض قلبه رَقِيق لمن يُعينهُ عَلَيْهَا وَلَو كَانَ فِي الظَّاهِر مقدمهم والمطاع فيهم فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة يرجوهم ويخافهم فيبذل لَهُم الْأَمْوَال والولايات ويعفوا عَمَّا يجترحونه ليطيعوه ويعينوه فَهُوَ فِي الظَّاهِر رَئِيس مُطَاع وَفِي الْحَقِيقَة عبد مُطِيع لَهُم.
وَالتَّحْقِيق أَن كِلَاهُمَا فِيهِ عبودية للْآخر وَكِلَاهُمَا تَارِك لحقيقة عبَادَة الله وَإِذا كَانَ تعاونهما على الْعُلُوّ فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق كَانَا بِمَنْزِلَة المتعاونين على الْفَاحِشَة أَو قطع الطَّرِيق فَكل وَاحِد من الشخصين لهواه الَّذِي استعبده واسترقه مستعبد للْآخر.
   وَهَكَذَا أَيْضا طَالب المَال فَإِن ذَلِك يستعبده ويسترقه."
رسالة العبودية (30-31)

41- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَمن كَانَ محبا لله لزم أَن يتبع الرَّسُول فيصدقه فِيمَا أخبر ويطيعه فِيمَا أَمر ويتأسى بِهِ فِيمَا فعل وَمن فعل هَذَا فقد فعل مَا يُحِبهُ الله فَيُحِبهُ الله.
   وَقد جعل الله لأهل محبته علامتين: اتِّبَاع الرَّسُول وَالْجهَاد فِي سَبيله وَذَلِكَ لِأَن الْجِهَاد حَقِيقَة الِاجْتِهَاد فِي حُصُول مَا يُحِبهُ الله من الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح وَمن دفع مَا يبغضه الله من الْكفْر والفسوق والعصيان وَقد قَالَ تَعَالَى [٢٤ التَّوْبَة] : {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} فتوعد من كَانَ أَهله وَمَاله أحب إِلَيْهِ من الله وَرَسُوله وَالْجهَاد فِي سَبيله بِهَذَا الْوَعيد. "
رسالة العبودية (32)

42- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَإِنَّمَا عبد الله من يرضيه مَا يُرْضِي الله ويسخطه مَا يسْخط الله وَيُحب مَا أحبه الله وَرَسُوله وَيبغض مَا أبغضه الله وَرَسُوله ويوالي أَوْلِيَاء الله ويعادي أَعدَاء الله تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتكْمل الْإِيمَان كَمَا فِي الحَدِيث: " من أحب لله وَأبْغض لله وَأعْطى لله وَمنع لله فقد اسْتكْمل الْإِيمَان ". "
رسالة العبودية (31)

43- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَفِي " الصَّحِيح " عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَمن كَانَ يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله وَمن كَانَ يكره أَن يرجع إِلَى الْكفْر بعد إِذا أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يكره أَن يلقى فِي النَّار ". فَهَذَا وَافق ربه فِيمَا يُحِبهُ وَمَا يكرههُ فَكَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَأحب الْمَخْلُوق لله لَا لغَرَض آخر فَكَانَ هَذَا من تَمام حبه لله فَإِن محبَّة مَحْبُوب المحبوب من تَمام محبَّة المحبوب فَإِذا أحب أَنْبيَاء الله وأولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الْحق لَا لشَيْء آخر فقد أحبهم لله لَا لغيره وَقد قَالَ تَعَالَى [٥٤ الْمَائِدَة] : {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} ."
رسالة العبودية (31-32)

44-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فحقيقة الْمحبَّة لَا تتمّ إِلَّا بموالاة المحبوب وَهُوَ مُوَافَقَته فِي حب مَا يحب وبغض مَا يبغض وَالله يحب الْإِيمَان وَالتَّقوى وَيبغض الْكفْر والفسوق والعصيان.
    وَمَعْلُوم أَن الْحبّ يُحَرك إِرَادَة الْقلب فَكلما قويت الْمحبَّة فِي الْقلب طلب الْقلب فعل المحبوبات فَإِذا كَانَت الْمحبَّة تَامَّة استلزمت إِرَادَة جازمة فِي حُصُول المحبوبات فَإِذا كَانَ العَبْد قَادر عَلَيْهَا حصلها وَإِن كَانَ عَاجِزا عَنْهَا فَفعل مَا يقدر عَلَيْهِ من ذَلِك كَانَ لَهُ أجر كَأَجر الْفَاعِل ".
رسالة العبودية (33)

45- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"  وَالْجهَاد: هُوَ بذل الوسع - وَهُوَ كل مَا يُمْلَكُ من الْقُدْرَة - فِي حُصُول مَحْبُوب الْحق، وَدفع مَا يكرههُ الْحق. فَإِذا ترك العَبْد مَا يقدر عَلَيْهِ من الْجِهَاد كَانَ دَلِيلا على ضعف محبَّة الله وَرَسُوله فِي قلبه.
   وَمَعْلُوم أَن المحبوبات لَا تنَال غَالِبا إِلَّا بِاحْتِمَال المكروهات سَوَاء كَانَت محبَّة صَالِحَة أَو فَاسِدَة فالمحبون لِلْمَالِ والرئاسة والصور لَا ينالون مطالبهم إِلَّا بِضَرَر يلحقهم فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يصيبهم من الضَّرَر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فالمحب لله وَرَسُوله إِذا لم يحْتَمل مَا يرى ذُو الرَّأْي من المحبين لغير الله مِمَّا يحْتَملُونَ فِي سَبِيل حُصُول محبوبهم دلّ ذَلِك على ضعف محبتهم لله إِذا كَانَ مَا يسلكه أُولَئِكَ فِي نظرهم هُوَ الطَّرِيق الَّذِي يُشِير بِهِ الْعقل.
   وَمن الْمَعْلُوم أَن الْمُؤمن أَشد حبا لله قَالَ تَعَالَى [١٦٥ الْبَقَرَة] : {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} ."
رسالة العبودية (33)

46- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" نعم قد يسْلك الْمُحب لضعف عقله وَفَسَاد تصَوره طَرِيقا لَا يحصل بهَا الْمَطْلُوب فَمثل هَذِه الطَّرِيق لَا تحمد إِذا كَانَت الْمحبَّة صَالِحَة محمودة فَكيف إِذا كَانَت الْمحبَّة فَاسِدَة وَالطَّرِيق غير موصل؟! كَمَا يَفْعَله المتهورون فِي طلب المَال الرِّئَاسَة والصور من حب أُمُور توجب لَهُم ضَرَرا وَلَا تحصل لَهُم مَطْلُوبا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الطّرق الَّتِي يسلكها الْعقل السَّلِيم لحُصُول مَطْلُوبه. "
رسالة العبودية (33-34)

47- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَكلما ازْدَادَ الْقلب حبا لله ازْدَادَ لَهُ عبودية، وَكلما ازْدَادَ لَهُ عبودية ازْدَادَ لَهُ حبا وفضله عَمَّا سواهُ "
رسالة العبودية (34)

48- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَإِذا لم يحب أحدا لذاته إِلَّا الله وَأي شَيْء أحبه سواهُ فَإِنَّمَا أحبه لَهُ وَلم يرج قطّ شَيْئا إِلَّا الله وَإِذا فعل مَا فعل من الْأَسْبَاب أَو حصل مَا حصل مِنْهَا كَانَ مشاهدا أَن الله هُوَ الذى خلقهَا وقدرها وسخرها لَهُ وَأَن كل مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَالله ربه ومليكه وخالقه ومسخره وَهُوَ مفتقر إِلَيْهِ كَانَ قد حصل لَهُ من تَمام عبوديته لله بِحَسب مَا قسم لَهُ من ذَلِك. "
رسالة العبودية (35)

49- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فالقلب لَا يصلح وَلَا يفلح وَلَا ينعم وَلَا يسر وَلَا يلتذ وَلَا يطيب وَلَا يسكن وَلَا يطمئن إِلَّا بِعبَادة ربه وحبه و الإنابة إِلَيْهِ وَلَو حصل لَهُ كل مَا يلتذ بِهِ من الْمَخْلُوقَات لم يطمئن وَلم يسكن إِذْ فِيهِ فقر ذاتي إِلَى ربه من حَيْثُ هُوَ معبوده ومحبوبه ومطلوبه وَبِذَلِك يحصل لَهُ الْفَرح وَالسُّرُور واللذة وَالنعْمَة والسكون والطمأنينة.
    وَهَذَا لَا يحصل لَهُ إِلَّا باعانة الله لَهُ فَإِنَّهُ لَا يقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلَّا الله فَهُوَ دَائِما مفتقر إِلَى حَقِيقَة {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فَإِنَّهُ لَو أعين على حُصُوله كل مَا يُحِبهُ ويطلبه ويشتهيه ويريده وَلم يحصل لَهُ عبَادَة لله فَلَنْ يحصل إِلَّا على الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب وَلنْ يخلص من آلام الدُّنْيَا ونكد عيشها إِلَّا بإخلاص الْحبّ لله بِحَيْثُ يكون الله هُوَ غَايَة مُرَاده وَنِهَايَة مَقْصُوده وَهُوَ المحبوب لَهُ بِالْقَصْدِ الأول وكل مَا سواهُ  إِنَّمَا يُحِبهُ لأَجله لَا يحب شَيْئا لذاته إِلَّا الله وَمَتى لم يحصل لَهُ هَذَا لم يكن قد حقق حَقِيقَة (لَا إِلَه إِلَّا الله) وَلَا حقق التَّوْحِيد والعبودية والمحبة لله وَكَانَ فِيهِ من نقص التَّوْحِيد وَالْإِيمَان بل من الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب بِحَسب ذَلِك. "
رسالة العبودية (34)

50-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فالقلب لَا يصلح وَلَا يفلح وَلَا ينعم وَلَا يسر وَلَا يلتذ وَلَا يطيب وَلَا يسكن وَلَا يطمئن إِلَّا بِعبَادة ربه وحبه و الإنابة إِلَيْهِ وَلَو حصل لَهُ كل مَا يلتذ بِهِ من الْمَخْلُوقَات لم يطمئن وَلم يسكن إِذْ فِيهِ فقر ذاتي إِلَى ربه من حَيْثُ هُوَ معبوده ومحبوبه ومطلوبه وَبِذَلِك يحصل لَهُ الْفَرح وَالسُّرُور واللذة وَالنعْمَة والسكون والطمأنينة.
    وَهَذَا لَا يحصل لَهُ إِلَّا باعانة الله لَهُ فَإِنَّهُ لَا يقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلَّا الله فَهُوَ دَائِما مفتقر إِلَى حَقِيقَة {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فَإِنَّهُ لَو أعين على حُصُوله كل مَا يُحِبهُ ويطلبه ويشتهيه ويريده وَلم يحصل لَهُ عبَادَة لله فَلَنْ يحصل إِلَّا على الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب وَلنْ يخلص من آلام الدُّنْيَا ونكد عيشها إِلَّا بإخلاص الْحبّ لله بِحَيْثُ يكون الله هُوَ غَايَة مُرَاده وَنِهَايَة مَقْصُوده وَهُوَ المحبوب لَهُ بِالْقَصْدِ الأول وكل مَا سواهُ  إِنَّمَا يُحِبهُ لأَجله لَا يحب شَيْئا لذاته إِلَّا الله وَمَتى لم يحصل لَهُ هَذَا لم يكن قد حقق حَقِيقَة (لَا إِلَه إِلَّا الله) وَلَا حقق التَّوْحِيد والعبودية والمحبة لله وَكَانَ فِيهِ من نقص التَّوْحِيد وَالْإِيمَان بل من الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب بِحَسب ذَلِك. "
رسالة العبودية (34)

51- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فحلاوة الإيمان المتضمنة من اللذة به والفرح ما يجده المؤمن الواجد حلاوة الإيمان تتبع كمال محبة العبد لله وذلك بثلاثة أمور: تكميل هذه المحبة وتفريقها ودفع ضدها. فتكميلها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما فإن محبة الله ورسوله لا يكتفى فيها بأصل الحب بل لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما كما تقدم، وتفريقها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، ودفع ضدها أن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار. "
رسالة العبودية (42)

52- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" والخلة هي كمال المحبة المستلزمة من العبد كمال العبودية لله ومن الرب سبحانه كمال الربوبية لعباده الذين يحبهم ويحبونه."
رسالة العبودية (40)

53- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به ولا يتوكل إلا عليه ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكرهه ولا يوالى إلا من والاه الله ولا يعادي إلا من عاداه الله ولا يحب إلا لله ولا يبغض شيئا إلا لله فكلما قوي إخلاص دينه لله كملت عبوديته لله واستغناؤه عن المخلوقات وبكمال عبوديته لله تكمل تبرئته من الكبر والشرك. "
رسالة العبودية (36)

54- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
" وأما الخلة فخاصة وقول بعض الناس: إن محمدا حبيب الله وإبراهيم خليل الله وظنه أن المحبة فوق الخلة قول ضعيف فإن محمدا أيضا خليل الله كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة المستفيضة. "
رسالة العبودية (41)

55- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فمن كان الله يحبه استعمله فيما يحبه . ومحبوبه لا يفعل ما يبغضه الحق ويسخطه من الكفر والفسوق والعصيان "
رسالة العبودية (43)

56- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" ومن فعل الكبائر وأصر عليها ولم يتب منها فإن الله يبغض منه ذلك كما يحب منه ما يفعله من الخير إذ حبه للعبد بحسب إيمانه وتقواه."
رسالة العبودية (43)

57- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وإنما الدين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه وهو تحقيق محبة الله بكل درجة وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه وتكمل محبة الرب لعبده وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا وكلما كان في القلب حب لغير الله كانت فيه عبودية لغير الله بحسب ذلك وكلما كان فيه عبودية لغير الله كان فيه حب لغير الله بحسب ذلك.
     وكل محبة لا تكون لله فهي باطلة وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل فـ " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله " ولا يكون لله إلا ما أحبه الله ورسوله وهو المشروع. "
رسالة العبودية (47)

58- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ومن ظن أن الذنوب لا تضره لكون الله يحبه مع إصراره عليها كان بمنزلة من زعم أن تناول السم لا يضره مع مداومته عليه وعدم تداويه منه لصحة مزاجه ولو تدبر الأحمق ما قص الله في كتابه من قصص أنبيائه وما جرى لهم من التوبة والاستغفار وما أصيبوا به من أنواع البلاء الذي فيه تمحيص لهم وتطهير بحسب أحوالهم علم بعض ضرر الذنوب بأصحابها ولو كان أرفع الناس مقاما فإن المحب للمخلوق إذا لم يكن عارفا بمحابه ولا مريدا لها بل يعمل بمقتضى الحب وإن كان جهلا وظلما كان ذلك سببا لبغض المحبوب له ونفوره عنه بل سببا لعقوبته."
رسالة العبودية (43)


59- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فكل عمل أريد به غير الله لم يكن لله وكل عمل لا يوافق شرع الله لم يكن لله بل لا يكون لله إلا ما جمع الوصفين: أن يكون لله وأن يكون موافقا لمحبة الله ورسوله وهو الواجب والمستحب كما قال تعالى [١١٠ الكهف] : {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ."
رسالة العبودية (47)

60- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وكثيرا ما يخالط النفوس من الشهوات الخفية ما يفسد عليها تحقيق محبتها لله وعبوديتها له وإخلاص دينها له كما قال شداد بن أوس: يا نعايا العرب يا نعايا العرب إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية، وقيل لأبي داود السجستاني: وما الشهوة الخفية؟ قال: حب الرئاسة. "
رسالة العبودية (48)

61- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فإن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه عن عبوديته لغيره ومن حلاوة محبته لله ما يمنعه عن محبة غيره إذ ليس عند القلب السليم أحلى ولا ألذ ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله ومحبته له وإخلاص الدين له وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله فيصير القلب منيبا إلى الله خائفا منه راغبا راهبا كما قال تعالى [٣٣ ق] : {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب} "
رسالة العبودية (48)

62- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" والمقصود هنا أن المشروع في ذكر الله سبحانه هو ذكره بجملة تامة وهو المسمى بالكلام والواحد منه بالكلمة وهو الذي ينفع القلوب ويحصل به الثواب والأجر ويجذب القلوب إلى الله ومعرفته ومحبته وخشيته وغير ذلك من المطالب العالية والمقاصد السامية.
وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا فلا أصل له فضلا عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين.
بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات وذريعة إلى تصورات وأحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد. "
رسالة العبودية (60-61)

63- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" في " الموطأ " وغيره عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ".
    ومن زعم أن هذا ذكر العامة وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله [٩١ الأنعام] : {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} من أبين غلط هؤلاء فإن الاسم [الله] مذكور في الأمر بجواب الاستفهام في الآية قبله وهو قوله [٩١ الأنعام] : {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله} أي: الله هو الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى فالاسم [الله] مبتدأ وخبره قد دل عليه الاستفهام كما في نظائر ذلك؛ تقول: من جاره؟ فيقول: زيد.
     وأما الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي.
    ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا وإنما يعطيه تصورا مطلقا ولا يحكم عليه بنفي ولا إثبات فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره.
   وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد وأنواع من الاتحاد كما قد بسط في غير هذا الموضع "

رسالة العبودية (56)

مختارات من كتاب العبودية لابن تيمية 1

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد: فهذه مختارات من كتاب العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"الْعِبَادَة هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة. فَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَالْحج وَصدق الحَدِيث وَأَدَاء الْأَمَانَة وبرّ الْوَالِدين وصلَة الْأَرْحَام وَالْوَفَاء بالعهود وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالْجهَاد للْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَالْإِحْسَان للْجَار واليتيم والمسكين وَابْن السَّبِيل والمملوك من الْآدَمِيّين والبهائم وَالدُّعَاء وَالذكر وَالْقِرَاءَة وأمثال ذَلِك من الْعِبَادَة.
     وَكَذَلِكَ حب الله وَرَسُوله وخشية الله والإنابة إِلَيْهِ وإخلاص الدَّين لَهُ وَالصَّبْر لحكمه وَالشُّكْر لنعمه وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ والتوكل عَلَيْهِ والرجاء لِرَحْمَتِهِ وَالْخَوْف من عَذَابه وأمثال ذَلِك هِيَ من الْعِبَادَة لله."
رسالة العبودية (2)

2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"الْعِبَادَة لله هِيَ الْغَايَة المحبوبة لَهُ والمرضية لَهُ الَّتِي خَلق الْخلق لَهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى [٥٦ الذاريات] : {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} .
وَبهَا أرسل جَمِيع الرُّسُل كَمَا قَالَ نوح لِقَوْمِهِ [٥٩ الْأَعْرَاف] : {اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره} .
   وَكَذَلِكَ قَالَ هود وَصَالح وَشُعَيْب وَغَيرهم لقومهم وَقَالَ تَعَالَى [٣٦ النَّحْل] : {وَلَقَد بعثنَا فِي كل أمة رَسُولا أَن اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت فَمنهمْ من هدى الله وَمِنْهُم من حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة} وَقَالَ تَعَالَى [٢٥ الْأَنْبِيَاء] : {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول إِلَّا نوحي إِلَيْهِ أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدون} وَقَالَ تَعَالَى [٩٢ الْأَنْبِيَاء] : {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاعبدون} كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى [٥١-٥٢ الْمُؤْمِنُونَ] : {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم * وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون} .
وَجعل ذَلِك لَازِما لرَسُوله إِلَى الْمَوْت كَمَا قَالَ [٩٩ الْحجر] : {واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} .
وَبِذَلِك وصف مَلَائكَته وأنبياءه فَقَالَ تَعَالَى [١٩-٢٠ الْأَنْبِيَاء] : {وَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته وَلَا يستحسرون * يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون} وَقَالَ تعال [٢٠٦ الْأَعْرَاف] : {إِن الَّذين عِنْد رَبك لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته ويسبحونه وَله يَسْجُدُونَ} .
   وذم المستكبرين عَنْهَا بقوله [٦٠ غَافِر] : {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} .
    ونعت صفوة خلقه بالعبودية لَهُ فَقَالَ تَعَالَى [٦ الْإِنْسَان] : {عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيرا} وَقَالَ [٦٣-٧٧ الْفرْقَان] : {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} الْآيَات.
     وَلما قَالَ الشَّيْطَان [٣٩-٤٠ الْحجر] : {رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} قَالَ الله تَعَالَى [٤٢ الْحجر] : {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} .
    وَقَالَ فِي وصف الْمَلَائِكَة بذلك [٢٦-٢٨ الْأَنْبِيَاء] : {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا سُبْحَانَهُ بل عباد مكرمون * لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بأَمْره يعْملُونَ * يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَلَا يشفعون إِلَّا لمن
 ارتضى وهم من خَشيته مشفقون} وَقَالَ تَعَالَى [٨٨-٩٥ مَرْيَم] : {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا * لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا * تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا * أَن دعوا للرحمن ولدا * وَمَا يَنْبَغِي للرحمن أَن يتَّخذ ولدا * إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا} .
    وَقَالَ تَعَالَى عَن الْمَسِيح الَّذِي ادعيت فِيهِ الإلهية والبنوة [٥٩ الزخرف] : {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ وجعلناه مثلا لبني إِسْرَائِيل} وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح " لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى عِيسَى ابْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله ".
    وَقد نَعته الله بالعبودية فِي أكمل أَحْوَاله فَقَالَ فِي الْإِسْرَاء: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَقَالَ فِي الإيحاء [١٠ النَّجْم] {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} وَقَالَ فِي الدعْوَة [١٩ الْجِنّ] {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} وَقَالَ فِي التحدي [٢٣ الْبَقَرَة] {وَإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فاتوا بِسُورَة من مثله} .
فالدين كُله دَاخل فِي الْعِبَادَة "
رسالة العبودية (3-4)

3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فَإِن آخر مَرَاتِب الْحبّ هُوَ التتيم وأوله العلاقة لتَعلق الْقلب بالمحبوب ثمَّ الصبابة لانصباب الْقلب إِلَيْهِ ثمَّ الغرام وَهُوَ الْحبّ الملازم للقلب ثمَّ الْعِشْق وَآخِرهَا التتيم يُقَال تيم الله أَي عبد الله فالمتيم المعبد لمحبوبه"
رسالة العبودية (5)

4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وَالدّين يتَضَمَّن معنى الخضوع والذل يُقَال دنته فدان أى أذللته فذل وَيُقَال يدين الله ويدين لله أَي يعبد الله ويطيعه ويخضع لَهُ فدين الله عِبَادَته وطاعته والخضوع لَهُ."
رسالة العبودية (5)

5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وَالْعِبَادَة أصل مَعْنَاهَا الذل أَيْضا يُقَال طَرِيق معبد إِذا كَانَ مذللا قد وطئته الْأَقْدَام.
    لَكِن الْعِبَادَة الْمَأْمُور بهَا تَتَضَمَّن معنى الذل وَمعنى الْحبّ فهى تَتَضَمَّن غَايَة الذل لله بغاية الْمحبَّة لَهُ."
رسالة العبودية (5)

6- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"وكل مَا أحب لغير الله فمحبته فَاسِدَة وَمَا عظم بِغَيْر أَمر الله فتعظيمه بَاطِل."
رسالة العبودية (5)

7- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَمن خضع لإِنْسَان مَعَ بغضه لَهُ لَا يكون عابدا لَهُ وَلَو أحب شَيْئا وَلم يخضع لَهُ لم يكن عابدا لَهُ كَمَا قد يحب الرجل وَلَده وَصديقه وَلِهَذَا لَا يَكْفِي أَحدهمَا فِي عبَادَة الله تَعَالَى بل يجب أَن يكون الله أحب إِلَى العَبْد من كل شَيْء وَأَن يكون الله عِنْده أعظم من كل شَيْء بل لَا يسْتَحق الْمحبَّة والخضوع التَّام إِلَّا الله"
رسالة العبودية (5)

8- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"فجنس الْمحبَّة يكون لله وَلِرَسُولِهِ كالطاعة فَإِن الطَّاعَة لله وَلِرَسُولِهِ والإرضاء لله وَلِرَسُولِهِ {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} [٦٢ التَّوْبَة] والإيتاء لله وَلِرَسُولِهِ {وَلَو أَنهم رَضوا مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله} [٥٩ التَّوْبَة] .

وَأما الْعِبَادَة وَمَا يُنَاسِبهَا من التَّوَكُّل وَالْخَوْف وَنَحْو ذَلِك فَلَا تكون إِلَّا لله وَحده كَمَا قَالَ تَعَالَى [٦٤ آل عمرَان] : {قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَن لَا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله فَإِن توَلّوا فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ} .

وَقَالَ تَعَالَى [٥٩ التَّوْبَة] : {وَلَو أَنهم رَضوا مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله وَقَالُوا حَسبنَا الله سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله إِنَّا إِلَى الله راغبون} فالإيتاء لله وَلِلرَّسُولِ كَقَوْلِه [٧ الْحَشْر] : {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَأما الْحسب وَهُوَ الْكَافِي فَهُوَ الله وَحده كَمَا قَالَ تَعَالَى [١٧٣ آل عمرَان] : {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَقَالَ تَعَالَى [٦٤ الْأَنْفَال] : {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} أَي حَسبك وَحسب من اتبعك من الْمُؤمنِينَ الله وَمن ظن أَن الْمَعْنى حَسبك الله والمؤمنون مَعَه فقد غلط غَلطا فَاحِشا كَمَا قد بسطناه فِي غير هَذَا الْمَوْضُوع وَقَالَ تَعَالَى [٣٦ الزمر] : {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} ."
رسالة العبودية (6)

9- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فَهُوَ سُبْحَانَهُ رب الْعَالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قُلُوبهم ومصرف أُمُورهم لَا رب لَهُم غَيره وَلَا مَالك لَهُم سواهُ وَلَا خَالق لَهُم إِلَّا هُوَ سَوَاء اعْتَرَفُوا بذلك أَو أنكروه وَسَوَاء علمُوا ذَلِك أَو جهلوه؛ لَكِن أهل الْإِيمَان مِنْهُم عرفُوا ذَلِك وآمنوا بِهِ؛ بِخِلَاف من كَانَ جَاهِلا بذلك؛ أَو جاحدا لَهُ مستكبرا على ربه لَا يقر وَلَا يخضع لَهُ؛ مَعَ علمه بِأَن الله ربه وخالقه. "
رسالة العبودية (6)

10- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فالمعرفة بِالْحَقِّ إِذا كَانَت مَعَ الاستكبار عَن قبُوله والجحد لَهُ كَانَ عذَابا على صَاحبه كَمَا قَالَ تَعَالَى [١٤ النَّمْل] : {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المفسدين}"
رسالة العبودية (6)

11- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فَإِذا عرف العَبْد أَن الله ربه وخالقه وَأَنه مفتقر إِلَيْهِ مُحْتَاج إِلَيْهِ عرف الْعُبُودِيَّة الْمُتَعَلّقَة بربوبية الله وَهَذَا العَبْد يسْأَل ربه ويتضرع إِلَيْهِ ويتوكل عَلَيْهِ لَكِن قد يُطِيع أمره وَقد يعصيه وَقد يعبده مَعَ ذَلِك وَقد يعبد الشَّيْطَان والأصنام وَمثل هَذِه الْعُبُودِيَّة لَا تفرق بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار وَلَا يصير بهَا الرجل مُؤمنا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى [١٦٠ يُوسُف] : {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} "
رسالة العبودية (7)

12-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"  َفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " احْتج آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وأسجد لَك مَلَائكَته وعلمك أَسمَاء كل شَيْء فلماذا أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة؟ فَقَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه فَهَل وجدت ذَلِك مَكْتُوبًا عَليّ قبل أَن أخلق؟ قَالَ: نعم " قَالَ: " فحج آدم مُوسَى ".
وآدَم عَلَيْهِ السَّلَام لم يحْتَج على مُوسَى بِالْقدرِ ظنا أَن المذنب يحْتَج
 بِالْقدرِ فَإِن هَذَا لَا يَقُوله مُسلم وَلَا عَاقل وَلَو كَانَ هَذَا عذرا لَكَانَ عذرا لإبليس وَقوم نوح وَقوم هود وكل كَافِر وَلَا مُوسَى لَام آدم أَيْضا لأجل الذَّنب فَإِن آدم قد تَابَ إِلَى ربه فاجتباه وَهدى وَلَكِن لامه لأجل الْمُصِيبَة الَّتِي لحقتهم بالخطيئة وَلِهَذَا قَالَ: فلماذا أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة؟ فَأَجَابَهُ آدم: إِن هَذَا كَانَ مَكْتُوبًا عليّ قبل أَن أُخلق.
  فَكَانَ الْعَمَل والمصيبة المترتبة عَلَيْهِ مقدّرا وَمَا قدّر من المصائب يجب الاستسلام لَهُ فَإِنَّهُ من تَمام الرِّضَا بِاللَّه رَبًّا"
رسالة العبودية (9-10)

13- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَأما الذُّنُوب فَلَيْسَ للْعَبد أَن يُذنب وَإِذا أذْنب فَعَلَيهِ أَن يسْتَغْفر وَيَتُوب، فيتوب من صنوف المعايب ويصبر على المصائب قَالَ تَعَالَى [٥٥ غَافِر] : {فاصبر إِن وعد الله حق واستغفر لذنبك} وَقَالَ تَعَالَى [١٢٠ آل عمرَان] : {وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم كيدهم شَيْئا} "
رسالة العبودية (10)

14- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَمن شهد الْحَقِيقَة الكونية دون [الْحَقِيقَة] الدِّينِيَّة سوّى بَين هَذِه الْأَصْنَاف الْمُخْتَلفَة الَّتِي فرق الله بَينهَا غَايَة التَّفْرِيق حَتَّى تئول بِهِ هَذِه التَّسْوِيَة إِلَى أَن يسوّي بَين الله وَبَين الْأَصْنَام كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُم [٩٧-٩٨ الشُّعَرَاء] : {تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين * إِذْ نسويكم بِرَبّ الْعَالمين} بل قد آل الْأَمر بهؤلاء إِلَى أَن سوّوا الله بِكُل مَوْجُود وَجعلُوا مَا يسْتَحقّهُ من الْعِبَادَة وَالطَّاعَة حَقًا لكل مَوْجُود إِذْ جَعَلُوهُ هُوَ وجودَ الْمَخْلُوقَات وَهَذَا من أعظم الْكفْر والإلحاد وَالْكفْر بِرَبّ الْعباد.
    وَهَؤُلَاء يصل بهم الْكفْر إِلَى أَنهم لَا يشْهدُونَ أَنهم عباد الله لَا بِمَعْنى أَنهم معبّدون وَلَا بِمَعْنى انهم عَابِدُونَ إِذْ يشْهدُونَ أنفسهم هِيَ الْحق كَمَا صرح بذلك طواغيتهم كَابْن عَرَبِيّ صَاحب " الفصوص " وَأَمْثَاله من الْمُلْحِدِينَ المفترين كَابْن سبعين وَأَمْثَاله وَيشْهدُونَ أَنهم هم العابدون والمعبودون. "
رسالة العبودية (12)

15- قَالَ بعض الْعلمَاء:
" أَنْت عِنْد الطَّاعَة قدَري وَعند الْمعْصِيَة جَبْري أيُّ مَذْهَب وَافق هَوَاك تمذهبت بِهِ."
رسالة العبودية (13)

16- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَهَؤُلَاء الَّذين يشْهدُونَ الْحَقِيقَة الكونية وَهِي ربوبيته تَعَالَى لكل شَيْء ويجعلون ذَلِك مَانِعا من اتِّبَاع أمره الديني الشَّرْعِيّ على مَرَاتِب فِي الضلال:
    فغلاتهم يجْعَلُونَ ذَلِك مُطلقًا عَاما فيحتجون بِالْقدرِ فِي كل مَا يخالفون فِيهِ الشَّرِيعَة.
   وَقَول هَؤُلَاءِ شَرّ من قَول الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَهُوَ من جنس قَول الْمُشْركين الَّذين قَالُوا [١٤٨ الْأَنْعَام] : {لَو شَاءَ الله مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حرمنا من شَيْء} وَقَالُوا [٢٠ الزخرف] : {لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم} .
    وَهَؤُلَاء من أعظم أهل الأَرْض تناقضا بل كل من احْتج بِالْقدرِ فَإِنَّهُ متناقض فَإِنَّهُ لَا يُمكنهُ أَن يُقَرّ كل آدَمِيّ على مَا يفعل فَلَا بُد إِذا ظلمه ظَالِم أَو ظلم النَّاس ظَالِم وسعى فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ وَأخذ يسفك دِمَاء النَّاس ويستحل الْفروج وَيهْلك الْحَرْث والنسل وَنَحْو ذَلِك من أَنْوَاع الضَّرَر الَّتِي لَا قِوام للنَّاس بهَا أَن يدْفع هَذَا القدَر وَأَن يُعَاقب الظَّالِم بِمَا يكف عدوانه وعدوان أَمْثَاله فَيُقَال لَهُ: إِن كَانَ الْقدر حجَّة فدع كل أحد يفعل مَا يَشَاء بك وبغيرك وَإِن لم يكن حجَّة بَطل أصل قَوْلك: [إِن الْقدر] حجَّة. "
رسالة العبودية (13)

17- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَقَول هَؤُلَاءِ كفر صَرِيح وَإِن وَقع فِيهِ طوائف لم يعلمُوا أَنه كفر فَإِنَّهُ قد علم بالاضطرار من دين الْإِسْلَام أَن الْأَمر وَالنَّهْي لازمان لكل عبد مَا دَامَ عقله حَاضرا إِلَى أَن يَمُوت لَا يسقطان عَنهُ لَا بشهوده الْقدر وَلَا بِغَيْر ذَلِك فَمن لم يعرف ذَلِك عُرِّفه وبيِّن لَهُ فَإِن أصر على اعْتِقَاد سُقُوط الْأَمر وَالنَّهْي فَإِنَّهُ يُقتل.

وَقد كثرت مثل هَذِه المقالات فِي الْمُسْتَأْخِرِينَ.

وَأما المتقدمون من هَذِه الْأمة فَلم تكن هَذِه المقالات مَعْرُوفَة فيهم وَهَذِه المقالات هِيَ محادة لله وَرَسُوله ومعاداة لَهُ وَصد عَن سَبيله ومشاقة لَهُ وَتَكْذيب لرسله ومضادة لَهُ فِي حكمه وَإِن كَانَ من يَقُول هَذِه المقالات قد يجهل ذَلِك ويعتقد أَن هَذَا الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ هُوَ طَرِيق الرَّسُول وَطَرِيق أَوْلِيَاء الله الْمُحَقِّقين فَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة من يعْتَقد أَن الصَّلَاة لَا تجب عَلَيْهِ لاستغنائه عَنْهَا بِمَا حصل لَهُ من الْأَحْوَال القلبية أَو أَن الْخمر حَلَال لَهُ لكَونه من الْخَواص الَّذين لَا يضرهم شرب الْخمر أَو أَن الْفَاحِشَة حَلَال لَهُ لِأَنَّهُ صَار كالبحر لَا تكدره الذُّنُوب وَنَحْو ذَلِك."
رسالة العبودية (15)

18- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وَهَؤُلَاء لَا يحتجون بِالْقدرِ مُطلقًا بل عمدتهم اتِّبَاع آرائهم وأهوائهم وجعلُهم مَا يرونه وَمَا يهوَونه حَقِيقَة ويأمرون باتباعها دون اتِّبَاع أَمر الله وَرَسُوله نَظِير بدع أهل الْكَلَام من الْجَهْمِية وَغَيرهم الَّذين يجْعَلُونَ مَا ابتدعوه من الْأَقْوَال الْمُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة حقائق عقلية يجب اعتقادها دون مَا دلّت علية السمعيات ثمَّ الْكتاب وَالسّنة إِمَّا أَن يحرفوا القَوْل فيهمَا عَن موَاضعه وَإِمَّا أَن يعرضُوا عَنهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يتدبرونه وَلَا يعقلونه بل يَقُولُونَ: نفوض مَعْنَاهُ إِلَى الله مَعَ اعْتِقَادهم نقيض مَدْلُوله وَإِذا حُقّق على هَؤُلَاءِ مَا يزعمونه من العقليات الْمُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة وُجدت جهليات واعتقادات فَاسِدَة"
رسالة العبودية (16)

19- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"وأصل ضلال من ضل هُوَ بِتَقْدِيم قِيَاسه على النَّص الْمنزل من عِنْد الله وَتَقْدِيم اتِّبَاع الْهوى على اتِّبَاع أَمر الله فَإِن الذَّوْق والوجد وَنَحْو ذَلِك هُوَ بِحَسب مَا يُحِبهُ العَبْد ويهواه فَكل محب لَهُ ذوق وَوجد بِحَسب محبته وهواه."
رسالة العبودية (16)

20- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَلِهَذَا يمِيل هَؤُلَاءِ ويغرمون بِسَمَاع الشّعْر والأصوات الَّتِي تهيج الْمحبَّة الْمُطلقَة الَّتِي لَا تخْتَص بِأَهْل الْإِيمَان بل يشْتَرك فِيهَا محب الرَّحْمَن ومحب الْأَوْثَان ومحب الصلبان ومحب الأوطان ومحب الإخوان ومحب المردان ومحب النسوان وَهَؤُلَاء الَّذين يتبعُون أذواقهم ومواجيدهم من غير اعْتِبَار لذَلِك بِالْكتاب وَالسّنة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سلف الْأمة. "
رسالة العبودية (17).

21- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَأهل الْإِيمَان لَهُم من الذَّوْق والوجد مثل مَا بيّنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله فِي الحَدِيث الصَّحِيح: " ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا وَمن كَانَ يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله وَمن كَانَ يكره أَن يرجع فِي الْكفْر بعد إِذْ أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يكره أَن يلقى فِي النَّار " وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا ".
    وَأما أهل الْكفْر والبدع والشهوات فَكل بِحَسبِهِ.
  قيل لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة: مَا بَال أهل الْأَهْوَاء لَهُم محبَّة شَدِيدَة لأهوائهم؟ فَقَالَ: أنسيت قَوْله تَعَالَى [٩٣ الْبَقَرَة] : {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم} أَو نَحْو هَذَا من الْكَلَام. "
رسالة العبودية (17)

22- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فالمخالف لما بعث الله بِهِ رَسُوله من عِبَادَته وَحده وطاعته وَطَاعَة رَسُوله لَا يكون مُتبعا لدين شَرعه الله أبدا كَمَا قَالَ تَعَالَى [١٨-١٩ الجاثية] : {ثمَّ جعلناك على شَرِيعَة من الْأَمر فاتبعها وَلَا تتبع أهواء الَّذين لَا يعلمُونَ * إِنَّهُم لن يغنوا عَنْك من الله شَيْئا وَإِن الظَّالِمين بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالله ولي الْمُتَّقِينَ} بل يكون مُتبعا لهواه بِغَيْر هدى من الله قَالَ تَعَالَى [٢١ الشورى] : {أم لَهُم شُرَكَاء شرعوا لَهُم من الدَّين مَا لم يَأْذَن بِهِ الله} ."
رسالة العبودية (17)

23-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَمِنْهُم طَائِفَة يغترون بِمَا يحصل لَهُم من خرق عَادَة - مثل مكاشفة أَو استجابة دَعْوَة مُخَالفَة للْعَادَة وَنَحْو ذَلِك - فيشتغل أحدهم بِهَذِهِ الْأُمُور عَمَّا أَمر بِهِ من الْعِبَادَة وَالشُّكْر وَنَحْو ذَلِك.
 فَهَذِهِ الْأُمُور وَنَحْوهَا كثيرا مَا تعرض لأهل السلوك والتوجه وَإِنَّمَا ينجو العَبْد مِنْهَا بملازمة أَمر الله الَّذِي بعث بِهِ رَسُوله فِي كل وَقت كَمَا قَالَ الزُّهْرِيّ: كَانَ من مضى من سلفنا يَقُولُونَ: الِاعْتِصَام بِالسنةِ نجاة. وَذَلِكَ أَن السّنة كَمَا قَالَ مَالك رَحمَه الله: مثل سفينة نوح من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق. "
رسالة العبودية (19)

24- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَالْعِبَادَة وَالطَّاعَة والاستقامة وَلُزُوم الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَنَحْو ذَلِك من الْأَسْمَاء مقصودها وَاحِد وَلها أصلان:
أَحدهمَا: أَن لَا يعبد إِلَّا الله.
وَالثَّانِي: أَلا يعبده إِلَّا بِمَا أَمر وَشرع لَا يعبده بِغَيْر ذَلِك من الْأَهْوَاء والظنون والبدع قَالَ تَعَالَى [١١٠ الْكَهْف] : {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} "
رسالة العبودية (19)

25- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَالْعَمَل الصَّالح هُوَ الْإِحْسَان وَهُوَ فعل الْحَسَنَات والحسنات هِيَ مَا أحبه الله وَرَسُوله وَهُوَ مَا أَمر بِهِ أَمر إِيجَاب أَو اسْتَجَابَ."
رسالة العبودية (19)

26- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَتارَة تتنوع دلَالَة الِاسْم بِحَال الِانْفِرَاد والاقتران فَإِذا أفرد عَم وَإِذا قرن بِغَيْرِهِ خص كاسم الْفَقِير والمسكين لما أفرد أَحدهمَا فِي مثل قَوْله [٢٧٣ الْبَقَرَة] : {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} وَقَوله [٨٩ الْمَائِدَة] : {إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} دخل فِيهِ الآخر وَلما قرن بَينهمَا فِي
 قَوْله [٦٠ التَّوْبَة] : {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} صَارا نَوْعَيْنِ. "
رسالة العبودية (20)

27- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" فَمَا كَانَ من الْبدع فِي الدَّين الَّتِي لَيست فِي الْكتاب، وَلَا فِي صَحِيح السّنة، فَإِنَّهَا - وَإِن قَالَهَا من قَالَهَا، وَعمل بهَا من عمل - لَيست مَشْرُوعَة؛ فَإِن الله لَا يُحِبهَا وَلَا رَسُوله، فَلَا تكون من الْحَسَنَات وَلَا من الْعَمَل الصَّالح. كَمَا أَن من يعْمل مَا لَا يجوز، كالفواحش وَالظُّلم لَيْسَ من الْحَسَنَات وَلَا من الْعَمَل الصَّالح."
رسالة العبودية (19)

28- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَذكر الْخَاص مَعَ الْعَام يكون لأسباب متنوعة: تَارَة لكَونه لَهُ خاصية لَيست لسَائِر أَفْرَاد الْعَام كَمَا فِي نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَتارَة لكَون الْعَام فِيهِ إِطْلَاق قد لَا يفهم مِنْهُ الْعُمُوم كَمَا فِي قَوْله [٢-٤ الْبَقَرَة] : { هدى لِلْمُتقين * الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ ويقيمون الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ * وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك} فَقَوله: {يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} يتَنَاوَل كل الْغَيْب الَّذِي يجب الْإِيمَان بِهِ لَكِن فِيهِ إِجْمَال فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَن من الْغَيْب {مَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك} وَقد يكون الْمَقْصُود أَنهم يُؤمنُونَ بالمخبر بِهِ وَهُوَ الْغَيْب وبالإخبار بِالْغَيْبِ وَهُوَ {مَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك} ."
رسالة العبودية (21)

29- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فكمال الْمَخْلُوق فِي تَحْقِيق عبوديته لله وَكلما ازْدَادَ العَبْد تَحْقِيقا للعبودية ازْدَادَ كَمَاله وعلت دَرَجَته وَمن توهم أَن الْمَخْلُوق يخرج من الْعُبُودِيَّة بِوَجْه من الْوُجُوه أَو أَن الْخُرُوج عَنْهَا أكمل فَهُوَ من أَجْهَل الْخلق بل من أضلهم"
رسالة العبودية (21)

30- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وَهَكَذَا حَال من كَانَ مُتَعَلقا برئاسة أَو بِصُورَة - وَنَحْو ذَلِك من أهواء نَفسه - إِن حصل لَهُ رَضِي وَإِن لم يحصل لَهُ سخط فَهَذَا عبد مَا يهواه من ذَلِك وَهُوَ رَقِيق لَهُ إِذْ الرّقّ والعبودية فِي الْحَقِيقَة هُوَ رق الْقلب وعبوديته فَمَا اسْترق الْقلب واستعبده فَهُوَ عَبده.
وَلِهَذَا يُقَال:
العَبْد حر مَا قنع ... وَالْحر عبد مَا طمع
وَقَالَ الشَّاعِر:
أطعتُ مطامعي فاستعبدتني ... وَلَو أَنِّي قنعت لَكُنْت حرًّا
وَيُقَال: الطمع غل فِي الْعُنُق قيد فِي الرجل فَإِذا زَالَ الغل من الْعُنُق زَالَ الْقَيْد من الرجل."
رسالة العبودية (25)

الذب عن الإمام البربهاري

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم 🔸أما بعد: فهذا دفع لبعض الاعتراضات أثيرت عن الإمام البربهاري أثارها  أحد صغار العلم والفهم ممن لم ينظر في كتب العلم والآثار  ويبدو أنه صغير السن  وقليل العلم لذلك قال ماقال وجهله بطرائق العلماء ومنهج السلف ظاهر جداً  جداً في كتابته التي نشرها   والله اعلم هل قرأ شرح السنة للبربهاري أم أنه نقل له هذا الكلام نقلاً؟ ولو قرأه يبدو أنه قرأه بنفسية قذرة جداً  وأرجو أن يكون هناك رادع لهذا الشاب وغيره
🔸وهذا بيان لبعض تلك المسائل يغني الكلام فيها عن الكلام في باقيها وإن يسر الله رددت على كل حرف وبينت مافيه
 وبعض الكلام يدل على  جرأة عظيمة وقلة أدب وصفاقة وعجلة كما سيتبين ذلك
🔸أما كلامه المذكور في الوعيد وأن مخالف مافي كتابه صاحب هوى أو كافر فبيانه أن يقال أن نصوص الوعيد في كلام العلماء لها تخريجات كثيرة جداً وكلام البربهاري أولاً لم ينفرد به فقد ذكر مثله ابن بطة في الإبانة  وكلامه يحمل على المسائل العظيمة التي ذكرها في أول كتابه. أن من لم يؤمن بها فقد كفر،  كالسنة والاسلام والصفات ونحوها والمسائل المذكورة كلها أصول أو فروع عن أصول فعلاً متواترة وهو رحمه لعله قد صحت لديه آثار بذلك يرى أنه لا يسع خلافها للمسلم. مثلاً مسألة الحوض هي شيء واحد عنده وتحته تفاصيل فمن أنكر الحوض كفر وليس مقصوده التفاصيل داخل هذا الأمر وقد نحمل كلامه على غير هذا المحمل.
🔸أما التبديع بمسألة قصر الصلاة خذها بسند عالي من عند ابن عمر رضي الله عنه ولو اتعبت نفسك لم تنطق بهذا الجهل.
قال البيهقي في الكبرى ( 5043 ): أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أنبأ أبو محمد بن حيان الأصبهاني ، ثنا ابن منيع ، ثنا أبو الربيع الزهراني ، ثنا عبد الوارث ، ثنا أبو التياح ، عن مورق العجلي ، عن صفوان بن محرز قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر ، قال : " ركعتان ، من خالف السنة كفر "
فابن عمر كفر من خالف هنا فهلا شنعت على ابن عمر رضي الله عنه أو اتعبت نفسك بالبحث قبل الكلام الذي قلته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"ولهذا قال ابن عمر " صلاة السفر ركعتان ، من خالف السنة كفر "
أي: من اعتقد أن صلاة ركعتين ليس بمسنون ولا مشروع فقد كفر .
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 79 ) .

وقال أيضاً في ( 22 / 225 ) من مجموع الفتاوى :
"وفى " صحيح مسلم " ( !! ) عن ابن عمر أنه قال : " صلاة السفر ركعتان ، فمن خالف السنة كفر " .

أي : من اعتقد أن الركعتين فى السفر لا تجزىء المسافر كفر .

وفي ( 24 / 108 ): " وأيضا : فقد قال صفوان بن محرز قلت لابن عمر : حدثنى عن صلاة السفر ، قال : أتخشى أن يكذب علي ؟ قلت : لا ، قال : ركعتان من خالف السنة كفر .
وهذا معروف رواه أبو التياح عن مورق العجلي عنه وهو مشهور فى كتب الآثار
وفي لفظ " صلاة السفر ركعتان ، ومن خالف السنة كفر "
وبعضهم رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم
فبيَّن أن صلاة السفر ركعتان ، وأن ذلك من السنة التى من خالفها فاعتقد خلافها : فقد كفر . "
   فمن هنا يفهم قول البربهاري رحمه الله وأنه قال بمقتضى العلم ويفهم معنى كلامه ويعلم أنه لا مطعن في ذلك البتة بل من يطعن فيه أوتي من قبل جهله. .
🔸 قولك أن من الأباطيل صلاة ست ركعات بعد الجمعة من أبطل الباطل ويدل على جهلك بالسنة والآثار والقول أنها ستُّ ركعات،قد نسبه الترمذي إلى علي رضي الله عنه، ركعتان ثم أربع، وكذا منسوب إلى أبي موسى وابن عمر ومجاهد وعطاء، وهو قول لأبي حنيفة ورواية عن أحمد، وقول أبي يوسف، إلا أنه يرى تقديم الأربع على الركعتين؛كيلا يصير متطوعًا بعد صلاة الفرض بمثلها.
 🔸ما يتعلق ببئر برهوت خذه وما مستنده حتى تعلم مدى جهلك
قال عبد الرزاق في المصنف 9118 - عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " خَيْرُ وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ ذِي مَكَّةُ، وَوَادٍ فِي الْهِنْدِ هَبَطَ بِهِ آدَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ هَذَا الطِّيبُ الَّذِي تَطَّيَّبُونَ بِهِ، وَشَرُّ وَادِيَيْنِ فِي النَّاسِ وَادِي الْأَحْقَافِ، وَوَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ يُقَالُ لَهُ: بَرَهَوْتُ، وَخَيْرُ بِئْرٍ فِي النَّاسِ زَمْزَمُ، وَشَرُّ بِئْرٍ فِي النَّاسِ بَلَهَوْتُ، وَهِيَ بِئْرٌ فِي بَرَهَوْتَ تَجْتَمِعُ فِيهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ "
وهذا إسناد صحيح
وقال الآلوسي في الآيات البينات :" وَقَالَ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه قَالَ طَائِفَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ إِن التَّابِعين إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار ب (برهوت) بِئْر ب (حَضرمَوْت)"

قال ابن القيم في الروح :" فصل وَأما قَول من قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار بحضرموت ببرهوت فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم هَذَا من قَول الرافضة وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل قد قَالَه جمَاعَة من أهل السّنة
وَقَالَ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية ثمَّ قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُونُس حَدثنَا احْمَد بن عَاصِم حَدثنَا أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان ابْن دَاوُد حَدثنَا همام حَدثنِي قَتَادَة حَدثنِي رجل عَن سعيد بن الْمسيب عَن عبد الله بن عَمْرو وَأَنه قَالَ إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تَجْتَمِع بالجابية وان أَرْوَاح الْكفَّار تَجْتَمِع فِي سبخَة بحضرموت يُقَال لَهَا برهوت
ثمَّ سَاق من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة عَن شهر بن حَوْشَب أَن كَعْبًا رأى عبد الله بن عَمْرو وَقد تكلب النَّاس عَلَيْهِ يسألونه فَقَالَ لرجل سَله أَيْن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ وأرواح الْكفَّار فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار ببرهوت
   قَالَ ابْن مَنْدَه وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره عَن عبد الْجَلِيل ثمَّ سَاق من حَدِيث سُفْيَان عَن فرات الْقَزاز عَن أَبى الطُّفَيْل عَن على قَالَ خير بِئْر فِي الأَرْض زَمْزَم وَشر بِئْر فِي الأَرْض برهوت فِي حَضرمَوْت وَخير وَاد فِي الأَرْض وَادي مَكَّة والوادي الَّذِي أهبط فِيهِ آدم بِالْهِنْدِ مِنْهُ طيبكم وَشر وَاد فِي الأَرْض الْأَحْقَاف وَهُوَ فِي حَضرمَوْت ترده أَرْوَاح الْكفَّار
قَالَ ابْن مَنْدَه وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن على بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس عَن على أبْغض بقْعَة فِي الأَرْض وَاد بحضرموت يُقَال لَهُ برهوت فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار وَفِيه بِئْر مَاؤُهَا بِالنَّهَارِ أسود كَأَنَّهُ قيح تأوي إِلَيْهِ الْهَوَام
ثمَّ سَاق من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي حَدثنَا على بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا إبان بن تغلب قَالَ قَالَ رجل بت فِيهِ يعْنى وَادي برهوت فَكَأَنَّمَا حشرت فِيهِ أصوات النَّاس وهم يَقُولُونَ يَا دومه يَا دومه قَالَ إبان فحدثنا رجل من أهل الْكتاب أَن دومة هُوَ الْملك الَّذِي على أَرْوَاح الْكفَّار"

وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره :" وترتفع أروح الكفار من تحت الأرض السفلى إلى واد يقال له برهوت وهو بحضرموت"

وكثير من الفقهاء من جميع المذاهب ينصون على كراهية الوضوء بماء برهوت لهذا الداعي.
     فهذا أثر موجود في كل هذه المصادر ولم يقل أحد أنه باطل إلا هذا الدعي ومن نقل عنه.
🔸مسألة الدعاء على السلطان.  قال البربهاري:  3_ [127] وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله.
لقول فضيل: لو كانت لي دعوة ما جعلتها الا في السلطان.
أنا أحمد بن كامل قال: نا الحسين بن محمد الطبري، نا مردويه الصائغ، قال:: سمعت فضيلا يقول: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان. "
قال أبو نعيم في الحلية (8/91) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو يَعْلَى , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ الْبَغْدَادِيُّ , وَلَقَّبَهُ مَنْ دَوَّنَهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ: " لَوْ أَنَّ لِيَ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً مَا صَيَّرْتُهَا إِلَّا فِي الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ قَالَ: مَتَى مَا صَيَّرْتُهَا فِي نَفْسِي لَمْ تُجْزِنِي وَمَتَى صَيَّرْتُهَا فِي الْإِمَامِ فَصَلَاحُ الْإِمَامِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ فَسِّرْ لَنَا هَذَا قَالَ: أَمَّا صَلَاحُ الْبِلَادِ فَإِذَا أَمِنَ النَّاسُ  ظَلَمَ الْإِمَامِ عَمَّرُوا الْخَرَابَاتِ وَنَزَلُوا الْأَرْضَ وَأَمَّا الْعِبَادُ فَيَنْظُرُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ فَيَقُولُ: قَدْ شَغَلَهُمْ طَلَبُ الْمَعِيشَةَ عَنْ طَلَبِ مَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَيَجْمَعُهُمْ فِي دَارٍ خَمْسِينَ خَمْسِينَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: لَكَ مَا يُصْلِحُكَ وَعَلِّمْ هَؤُلَاءِ أَمْرَ دِينِهِمْ وَانْظُرْ مَا وَانْظُرْ مَا أَخْرَجَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فِيهِمْ مِمَّا يُزَكِّي الْأَرْضَ فَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَكَانَ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ " فَقَبَّلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ  جَبْهَتَهُ , وَقَالَ: يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ مَنْ يُحْسِنُ هَذَا غَيْرُكَ.
فابن المبارك يستحسن هذا وهو من أئمة السلف وقد ذكر الصابوني في عقيدة أهل الحديث أنهم يدعون للسلطان بالصلاح قال ابن أبي شيبة في المصنف 32706- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ , عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ , قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُكَيْمٍ : لاَ أُعِينُ عَلَى قَتْلِ خَلِيفَةٍ بَعْدَ عُثْمَانَ أَبَدًا , قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : وَأَعَنْت عَلَى دَمِهِ , قَالَ : إنِّي أَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِئِهِ عَوْنًا عَلَى دَمِهِ. "
   وهذا الذي ذكره البربهاري من المنع من ثلبهم بالدعاء عليهم من هذا الباب ، وعدم ذكر مساوئه عند الغوغاء لا يعني الثناء عليه بما ليس فيه.
      والبربهاري رحمه الله قد آذاه السلطان في وقته وكان له شعبية عظيمة عند العامة حتى أن رجةً تحصل في الأفق إذا شمت عاطس في مجلسه  فلو كان من هؤلاء السفلة الذين نراهم اليوم لاستغل ذلك في التهييج على الحاكم ، ولكنه كان يتبع الآثار قال أبو الحسين بن الفراء:  " كان للبربهاري مجالدات ومقامات في الدين كبيرة، وكان المخالفون يغيظون قلب السلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبسه، فاستتر وقبض على جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله الوزير ابن مقلة وسخط عليه الخليفة وأحرق داره، ثم سملت عينا الخليفة في جمادى الآخرى سنة اثنتين وعشرين. وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، حتى أنه لما حضر جنازة نفطويه النحوي تقدم في الصلاة عليه، وعظم جاهه، وكثر أصحابه، فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي، فعطس، فشمته أصحابه، فارتفعت صيحتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشن فسأل: ما هذا؟ فأخبر بالحال، فاستهولها.
ثم لم تزل المبتدعة يوحشون قلب الراضي بالله عليه إلى أن نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان. فاختفى البربهاري إلى أن توفي مستتراً في رجب من هذه السنة، ودفن بدار أخت توزون مختفياً ( نقله الذهبي في تواريخه )

  ومما يتعلق بهذه المسألة أن كثيراً ممن يطعن في البربهاري قد جمع بين متناقضات وهذه المسألة بالذات يطعن فيها من يرى الخروج مع اعتذاره للترابي وسيد قطب ولهم أسلاف في ذلك وفي "عقيدة السلف أصحاب الحديث" (109) لأبي عثمان الصابوني – بسنده- إلى أحمد بن سعيد الرِّباطيِّ، أنَّه قال: قال لي عبد الله بن طاهر: ( يا أحمد! أنّكم تبغضون هؤلاء القوم [ أي: المرجئة ] جهلاً !
 وأنا أبغضهم عن معرفة؛ إنّهم لا يرون للسلطان طاعة ...)

🔸مسألة تفضيل عثمان على علي وأنها لا يبدع فيها هذه أضفها لجهالاتك وخذ العلم من منبعه.
 فالقول في أساسه بدعة لمخالفته اتفاق الصحابة على تقديم عثمان لذا اعتبر الدارقطني تفضيل علي إزراء على المهاجرين والأنصار ، غير أن هذه المسألة كان فيها خفاء في بعض الأمكنة والأزمنة فكان يتخلف الحكم على بعض الأعيان لما يعلم من أحوالهم   قال الخلال في السنة 530 - وَأَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أَبِي وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»

وقال الخلال أيضاً 531 - وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هُوَ عِنْدَكَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ بِالتَّفْضِيلِ» ، وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةً مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الرَّوَافِضِ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ أُولَئِكَ، يَعْنِي الَّذِينَ قَدَّمُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، قَدْ خَالَفُوا مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ ثُمَّ عُثْمَانُ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى أَنَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ "

وقال الخلال أيضاً قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: «أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»

فتأمل أنه جعل علة التبديع مخالفة اتفاق الصحابة
وقال الخلال في السنة 563 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّفْضِيلِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَعَجِبَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ: " لَيْسَ يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ إِلَّا مَزْكُومٌ، وَاحْتَجَّ بِمَنْ فَضَّلَ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: 3 «أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، وَلَمْ نَأْلُ» وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَقَوْلَ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ: «أَنَّهَا فَضَّلْتُهُ عَلَى عَلِيٍّ»

وقال الخلال في السنة 562 - ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَيْتُونِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَا»
قد جمع الخلال بين روايات التبديع والروايات الأخرى بقوله :" 535 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: لَا نَرَى فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ تَوَقُّفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: مُبْتَدِعٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا لَوْ قَالَ لَهُ: مُبْتَدِعٌ"

 من الخطأ أن يقال بأن هذه المسألة لا تبديع فيها ولا وصف بالتشيع فأحمد نفسه لا يقول هذا ولكنه لا ينكر على من قاله
   قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه  وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كُنْتُ أُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي كَذَا، أَوْ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَقُلْتُ: لا أعود."
فهذا عمر يناصح في هذه المسألة ويستتيب ويقيم الأدلة.

🔸 مسألة تنزل قطرة مع كل ملك فيها آثار عن التابعين بل ذكرها أبو حامد الغزالي في كتابه الاقتصاد  وقد ذكرت في بعض كتب التفسير بدون سند عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من قوله،.
قد قال الإمام البغوي في تفسيره: ويقال: لا تنزل من السماء قطرة إلا ومعها ملك يسوقها حيث يريد الله عز وجل ويشاء. اهـ.
 وجاء في البداية والنهاية "أَنَّهُ مَا مِنْ قَطْرَةٍ تنزل من السَّماء إلاّ ومعها ملكٌ يقرِّرها فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الْأَرْضِ"] البداية والنهاية ط إحياء التراث (1/ 49)
عن علي رضي الله عنه قال: (لم يُنزلْ قطرةً من ماء إلا بكَيل علي يد ملك إلا يوم نوح عليه السلام فإنه أذن للماء دون الخزان، فطغي الماء علي الخزان، فخرج فذلك قوله تعالي: {إِنّا لَمّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}، ولم ينزل شيء من الريحِ إلا بكيل علي يدي ملك، إلا يوم عاد فإنه أذن له دون الخزان، فذلك قوله تعالي:{وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} =كنز العمال (4679)، أخرجه ابن جرير (29/500).

وجاء هذا من قول الحكم بن عتيبة والحسن البصري "أن  مع كل قطرة ملكًا ينزل من السماء حتى يضعها حيث أمر الله"

🔸 من أعجب المسائل جعله مسألة اللفظية والواقفة مما لا يبدع فيه وهذا أمر يجعل المرء في حيرة بل يجعله يكاد يجزم أن هذا الكلام إما لرافضي أو أشعري وإلا فقد نطقت بجهل عظيم وبيان المسألة أن يقال :
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/172) :" شاهين بْن السميذع أَبُو سلمة العبدي نقل عَنْ إمامنا أشياء:
منها ما قرأته بخط أبي حفص البرمكي قال: قرأت عَلَى أبي مردك حدثك عَلِيّ بْن سعيد الخفاف حَدَّثَنَا شاهين بْن السميذع قَالَ: سمعت أبا عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل يقول الواقفة شر من الجهمية ومن قَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر قَالَ: وسمعت أبا عَبْد اللَّهِ يقول إِسْحَاق بْن إسرائيل واقفي مشئوم
 وسالت أبا عَبْد اللَّهِ عمن يقول أنا أقف فِي القرآن تورعًا قَالَ: ذاك شاك فِي الدين إجماع العلماء والأئمة المتقدمين عَلَى إن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق هذا الدين الذي أدركت عليه الشيوخ وأدرك من كان قبلهم عَلَى هذا"
 فهنا الإمام أحمد رحمه الله يحكم على من يقول لفظي مخلوق أنه كافر فأي جرم ارتكبته أن تجعل هذه المسألة خلافية بين السلف مما لا يبدع فيه

قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان في عقيدتهما :" من قال لفظي في القرآن مخلوق فهو جهمي أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي"
والجهمي كافر عندهم بل إن جماعة من السلف شددوا النكير على من لم يكفره
   قال الخطيب في تاريخ بغداد (8/351) : أخبرنا أَبُو بَكْرٍ البرقاني، قَالَ: قرأت عَلَى بشر بن أَحْمَد الإسفراييني، قَالَ لكم أَبُو سُلَيْمَان داود بن الْحُسَيْن البيهقي: بلغني أن الحلواني الْحَسَن بن عَلِيّ، قَالَ: إني لا أكفر من وقف فِي القرآن، فتركوا علمه. قَالَ أَبُو سُلَيْمَان: سألت سَلَمَة بن شبيب عَنْ علم الحلواني، قَالَ: يرمى فِي الحش، قَالَ أَبُو سَلَمَة: من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر. "
وهذا إسناد صحيح
  ونقل حرب الإجماع على تكفير الواقفة ، ونقل الرازيان الاتفاق على تكفير من يفهم منهم.
   قال اللالكائي في السنة 287 : ووجدت في بعض كتب أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي رحمه الله مما سمع منه ، يقول :
  مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان ، وترك النظر في موضع بدعهم ، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والشافعي .
ولزوم الكتاب والسنة ، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف
 واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل : مالك بن أنس في المدينة ، والأوزاعي بالشام ، والليث بن سعد بمصر ، وسفيان الثوري ، وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين .
 وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين ، وترك النظر في كتب الكرابيسي ، ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه وشاجر فيه مثل داود الأصبهاني وأشكاله ومتبعيه .
والقرآن كلام الله وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه ، ليس بمخلوق بجهة من الجهات .
 ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر بالله كفرا  ينقل عن الملة ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر . والواقفة واللفظية جهمية ، جهمهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل .
والاتباع للأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين بعدهم بإحسان . وترك كلام المتكلمين ، وترك مجالستهم وهجرانهم ، وترك مجالسة من وضع الكتب بالرأي بلا آثار."
  قال الآجري في الشريعة :" احذروا رحمكم الله هؤلاء الذين يقولون : إن لفظه بالقرآن مخلوق ، وهذا عند أحمد بن حنبل ، ومن كان على طريقته منكر عظيم
 وقائل هذا مبتدع ، خبيث ولا يكلم ، ولا يجالس ، ويحذر منه الناس ، لا يعرف العلماء غير ما تقدم ذكرنا له ، وهو أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال مخلوق ، فقد كفر
 ومن قال : القرآن كلام الله ووقف فهو جهمي ، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أيضا
 كذا قال أحمد بن حنبل ، وغلظ فيه القول جدا".

 قال الطبري في صريح السنة :" وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن ، فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي مضى ، ولا تابعي قضى ، إلا عمن في قوله الغناء والشفاء رحمة الله عليه ورضوانه ، وفي اتباعه الرشد والهدى ، ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى : أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : « اللفظية جهمية ؛ لقول الله جل اسمه : ( حتى يسمع كلام الله () ، فممن يسمع » . ثم سمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يذكرون عنه أنه كان يقول : « من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو جهمي ، ومن قال : هو غير مخلوق ، فهو مبتدع».
قال الذهبي في تاريخ الإسلام (4/ 376) :" وقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه.
فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج.
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب.
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصايغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟
قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه إلا خير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي.
ثم قال: أيش خبر ابي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام.
وقال عبد الله بن حنبل: سئل أبي وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي"
    فالإمام أحمد ينكر على أبي ثور قوله في اللفظي ( مبتدع)  فهذا دليل أنه يكفرهم كلهم لا الكرابيسي وحده
وفي السنة للخلال أنه اعتبر الواقفة واللفظية والجهمية الأول شيء واحد

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (12/421) :" وَأَمَّا الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ - الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ تِلَاوَةُ الْعِبَادِ لَهُ - وَهِيَ " مَسْأَلَةُ اللَّفْظِيَّةِ " فَقَدْ أَنْكَرَ بِدْعَةَ " اللَّفْظِيَّةِ " الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتَهُ وَاللَّفْظَ بِهِ مَخْلُوقٌ أَئِمَّةُ زَمَانِهِمْ جَعَلُوهُمْ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَبَيَّنُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ: يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ تَكْفِيرُهُمْ. وَكَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْهُ أَوْ عِبَارَةٌ عَنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ وَالصُّدُورِ إلَّا كَمَا أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا مَحْفُوظٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي الْوَلِيدِ الْجَارُودِيَّ وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَيَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الدورقي وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْعَدَنِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي وَمُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطوسي وَعَدَدٍ كَثِيرٍ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا اللَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُدَاتِهِ"
    وهذا كلام حسن لشيخ الإسلام وفيه التصريح أن السلف كفروا اللفظية فلا خصوصية لأحمد
   وقال حرب الكرماني في عقيدته التي ذكر فيها الإجماع السلفي :" والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أكفر من الأول وأخبث قولًا، ومن زعم إن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي خبيث مبتدع.
ومن لم يكفرها ولا القوم ولا الجهمية كلهم فهو مثلهم"
     للفائدة لا يصح نسبة الإمام البخاري لهذه المسألة ولم يصح أنه قال لفظي مخلوق بل المنقول عنه خلافه رحمه الله
     قال الخطيب في تاريخه (2/340) : أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن غالب، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن خشنام، وسمعته يقول: سئل محمد بن إسماعيل، بنيسابور عن اللفظ، فقال: حَدَّثَنِي عبيد الله بن سعيد، يعني أبا قدامة، عن يحيى بن سعيد، قَالَ: أعمال العباد كلها مخلوقة.
فمرقوا عليه، قَالَ: فقالوا له بعد ذلك، ترجع عن هذا القول حتى يعودوا إليك؟
قَالَ: لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى من حجتي.
وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته.
فهذا الخبر صريح في أن البخاري لم يقل (لفظي بالقرآن مخلوق) اللفظ الموهم الذي ذمه أحمد
 وإنما قال (أفعال العباد مخلوقة)، مع تصريحه مراراً وتكراراً بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما في كتابه خلق أفعال العباد ، وسبب قول البخاري هذا أن رأى أن بعضهم لما رأى أحمد ذم من يقول (لفظي بالقرآن مخلوق) ، قالوا (لفظي بالقرآن غير مخلوق) ، فأوهموا أن أفعال العباد غير مخلوقة.
   ولهذا حقق شيخ الإسلام أن نسبة قول اللفظية للبخاري فرية فقال كما في مجموع الفتاوى ( 12/ 364): "وَكَذَلِكَ أَيْضًا افْتَرَى بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الْبُخَارِيِّ الْإِمَامِ صَاحِبِ "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَجَعَلُوهُ مِنْ "اللَّفْظِيَّةِ" حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ : مِثْلِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي.
وَأَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَكَانَ فِي الْقَضِيَّةِ أَهْوَاءٌ وَظُنُونٌ حَتَّى صَنَّفَ " كِتَابَ خَلْقِ الْأَفْعَالِ "

وَذَكَرَ فِيهِ مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي قدامة عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ : مَا زِلْت أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ : أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ .
وَذَكَرَ فِيهِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ كِتَابِهِ "الصَّحِيحِ " مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَيُنَادِي بِصَوْتِ .
وَسَاقَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَالْآثَارِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ وَبَيَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّوْتِ الَّذِي يُنَادِي اللَّهُ بِهِ وَبَيْنَ الصَّوْتِ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ الْعِبَادِ
وَأَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ لَيْسَ هُوَ الصَّوْتَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْقَارِئِ وَبَيَّنَ دَلَائِلَ ذَلِكَ وَأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتَهُمْ مَخْلُوقَةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى بِفِعْلِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ".
🔸 قولك أن من باطل البربهاري  أنه يقول ( أن لفظة التوحيد خاصة بالمعتزلة ) فإليك قوله وإليك معناه حتى تعلم أين هو الباطل.
قال رحمه الله
[١٣٢] وإن سمعت الرجل يقول: [فلان] مشبه، فاعلم أنه رافضي.
وإذا سمعت الرجل يقول: تكلم بالتوحيد، واشرح لي التوحيد، فاعلم أنه خارجي معتزلي..
 فهناك فرق بين عبارتك وعبارته واضح جداً ويعلم بأدنى تأمل ومعنى كلامه رحمه الله. أنه يتكلم عن أهل زمانه من المعتزلة ممن يقول لا يتكلم في شيء من العلم والشرع إلا التوحيد وهم يقصدون بالتوحيد نفي الصفات كما يعلم ذلك لذلك لم يفهم من شرح هذا الكتاب من العلماء أنه يقول لفظ التوحيد خاص بالمعتزلة وإنما مقصوده الذي يذكره الشراح هو ما تقدم ذكره فبدل أن ترميه بأنه نطق بالباطل وأن العلماء سكتوا مع كثرة من شرح كتابه سألت بعض العلماء مع إحسانك الظن به وبهم بدل هذا الإزراء والتشنيع.
🔸ومسألة الصوم في السفر التي ذكرها البربهاري فقد قال رحمه الله :
 36- والصوم في السفر؛ من شاء صام ومن شاء أفطر.
ولا شك أن السنة في السفر هي من شاء أفطر ومن شاء صام فمن نفى هذا بعد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه من أهل البدع وقد وقع الخطأ في هذا الباب من الخوارج وقس على ذلك باقي المسائل الفقهية المذكورة فوجه التبديع فيها أن يرد ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
🔸وفيما ذكر كفاية وقد ختم الرسالة بقوله أن العلماء ساكتون عن هذه الأخطاء المنهجية والذي كان ينبغي عليك أن تكف لسانك عن مثل هذه الكلمة أتظن أن الله يجعلهم ورثة للنبي صلى الله عليه وسلم ويجعل لهم هذا الذكر ثم يسكتون عن بيان الحق ويبينه أمثالك.
ثم نطقت بكلمة اسوأ من سابقتها فطلبت تنقية كتب التراث ( وأظنك تقصد كتب السلف ) من هذه الإشكالات وجعلتها سبباً للغلو في التجريح كما يفهم من كلمتك السوقية ( مجرحاتية ) إن كان الإشكالات من جنس ما ذكرته سابقاً فواضح جداً جداً أن الإشكال هو جهلك بكتب السلف وجرأتك مع هذا الجهل وإن كان غير ما ذكرته فأخرجه لينظر فيه.
🔸وأخيراً اتق الله عز وجل في نفسك واعلم أنك موقوف بين يديه فاسلك جادة أهل العلم والزم طريقة العلماء الراسخين لعلك تنجو.
اللهم إن كان ناشر هذا الكلام يريد حقاً فأظهره له وإن كان يريد غير ذلك فاكف المسلمين شره.
والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سحر يوم السبت 19/6/1438
عبدالله الحساني