الأربعاء، 1 مارس 2017

مختارات من كتاب الاستقامة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله 3

1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"اذ عليه ان يريد كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه له ويحبه له ويستعين الله على هذه الارادة والعمل بها فإنه لا حول ولا قوة الا به كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك).
واصل صلاح القلب صلاح ارادته ونيته فإن لم يصلح ذلك لم يصلح القلب والقلب هو المضغة التي اذا صلحت صلح لها سائر الجسد واذا فسدت فسد لها سائر الجسد."
الاستقامة (2/34)

2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وفي الجملة فهذا الباب تكذيب بما وعده الله عباده الصالحين ونسبة الله الى ما نزه نفسه عنه من ظلم العباد بإضاعة اعمالهم الصالحة بغير ذنب لهم ولا عدوان وتمثيل لله بالسيد البخيل الظالم ونحوه واقامة لعذر النفس ونسبة لها الى اقامة الواجب ففيه من الكبر والدعوى ما فيه
والحق الذي لا ريب فيه ان ذلك جميعه لا يكون الا لتفريط العبد وعدوانه بأن لا يكون العمل الذي عمله صالحا او يكون له من السيئات ما يؤخر العبد وإنما العبد ظالم جاهل يعتقد انه قد اتى بما يستوجب كمال التقريب ولعل الذي اتى به انما يستوجب به اللعنة والغضب بمنزلة من معه نقد مغشوش جاء ليشتري متاعا رفيعا فلم يبيعوه فظن انهم ظلموه وهو الظالم وهو في ذلك شبيه بأحد ابني ادم {اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر قال لأقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين} سورة المائدة ٢٧"

الاستقامة (2/55)

3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وغالب من يتعرض للمحن والابتلاء ليرتفع بها ينخفص بها لعدم ثباته في المحن بخلاف من ابتلاه الحق ابتداء كما قال تعالى {ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} سورة آل عمران ١٤٣
"
الاستقامة (2/56)

4-  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واعظم الذنوب ان تجعل لله ندا وهو خلقك وتجعل معه الها اخر والشرك منه جليل ومنه دقيق فالمقتصدون قاموا بواجب التوحيد والسابقون المقربون قاموا بمستحبه مع واجبه ولا شيء احب الى الله من التوحيد ولا شيء ابغض اليه من الشرك ولهذا كان الشرك غير مغفور بل هو اعظم الظلم"
الاستقامة (2/57)

5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فالله تعالى يبتلى عبده المؤمن ليطهره من الذنوب والمعايب ومن رحمته بعبده المخلص ان يصرف عنه ما يغار عليه منه كما قال تعالى {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} سورة يوسف ٢٤ وكما قال {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} سورة النحل ٩٩ فاذا صرف عنه ما يغار عليه منه كان ذلك من رحمته به واصطفائه اياه وان كان في ذلك مشقة عليه فهو تارة يمنعه مما يكرهه له وتارة ليطهره منه بالابتلاء فاذا كان يغار من ذلك فاذا فعل العبد ما يغار عليه فقد يعاقبه على ذلك بقدر ذنبه"
الاستقامة (2/58).

6-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فإنه من لزم ما يرضى الله من امتثال اوامره واجتناب نواهيه لا سيما اذ قام بواجبها ومستحبها يرضي الله عنه كما انه من لزم محبوبات الله احبه الله كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري :( من عادي لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب الي عبدي بمثل اداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فإذا احببته)  الحديث
وذلك ان الرضا نوعان :
احدهما : الرضا بفعل ما امر به وترك ما نهى عنه ويتناول ما اباحه الله من غير تعد الى المحظور كما قال تعالى {والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين} سورة التوبة وقال تعالى {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} سورة التوبة  فهذا الرضا واجب، وكذلك ذم من تركه بقوله {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} سورة التوبة
والنوع الثاني:  الرضا بالمصائب كالفقر والمرض والذل فهذا الرضا مستحب في احد قولي العلماء وليس بواجب وقد قيل انه واجب والصحيح ان الواجب هو الصبر كما قال الحسن البصري رحمه الله الرضا عزيز ولكن الصبرمعول المؤمن "
الاستقامة (2/ 72-73)

7- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"والغلط مع حسن القصد وسلامته وصلاح الرجل وفضله ودينه وزهده وورعه وكراماته كثير جدا فليس من شرط ولي الله ان يكون معصوما من الخطأ والغلط بل ولا من الذنوب"
الاستقامة (1/93)

8- لا حول ولا قوة إلا بالله ؛
قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" ان هذه الكلمة هي كلمة استعانة لا كلمة استرجاع وكثير من الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع ويقولها جزعا لا صبرا"
الاستقامة (2/82)

9- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
قول بعض القدرية بأن الرضا بقضاء الله مأمور به فلو كانت المعاصي بقضاء الله لكنا مأمورين بالرضا بها فالرضا بما نهى الله عنه لا يجوز فأجابهم اهل السنة عن ذلك بثلاثة اجوبة :
أحدها: وهو جواب جماهير الائمة ان هذا العموم ليس بصحيح فلسنا مأمورين ان نرضى بكل ما قضى وقدر ولم يجيء في الكتاب والسنة امر بذلك ولكن علينا ان نرضى بما امرنا بالرضا به كطاعة الله ورسوله
 الثاني: انهم قالوا انا نرضى بالقضاء الذي هو صفة الله او فعله ولا نرضى بالمقضى الذي هو مفعوله وفي هذا الجواب ضعف قد بيناه في غير هذا الموضع
الثالث : انهم قالوا ان هذه المعاصي لها وجهان وجه الى العبد من حيث هي فعله وصنعه وكسبه ووجه الى الرب من حيث انه خلقها وقضاها وقدرها فنرضى من الوجه الذي يضاف به الى الله ولا نرضى من الوجه الذي يضاف به الى العبد اذ كونها شرا وقبيحة ومحرمة وسببا للعذاب والذم  ونحو ذلك انما هو من جهة كونها مضافة الى العبد وهذا مقام فيه من كشف الحقائق والاسرار ما قد ذكرنا منه ما ذكرنا في غير هذا الموضع ولا يحتمله هذا المكان فإن هذا متعلق بمسائل الصفات والقدر وهو من اعظم مطالب الدين واشرف علوم الاولين والاخرين وادقها على عقول اكثر العالمين
 "
الاستقامة (2/ 125-126) بتصرف

10- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وولاية الله موافقته بأن تحب ما يحب وتبغض ما يبغض وتكره ما يكره وتسخط ما يسخط وتوالي من يوالي وتعادي من يعادي "
الاستقامة (2/128).

11- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"دعاء العبد لربه ومسألته اياه ثلاثة انواع:
نوع امر به العبد اما امر ايجاب واما امر استحباب مثل قوله {اهدنا الصراط المستقيم} سورة الفاتحة ٦ ومثل دعائه في اخر الصلاة كالدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به اصحابه فقال :( اذا قعد احدكم في التشهد فليستعذ بالله من اربع من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال.)  فهذا دعاء امر به النبي  صلى الله عليه وسلم الصحابة ان يدعوا به في اخر صلاتهم وقد اتفقت الامة على انه مشروع يحبه الله ورسوله ويرضاه وتنازعوا في وجوبه فأوجبه طاووس وطائفة وهو قول في مذهب احمد والأكثرون قالوا هو مستحب. والادعيه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها او يعلم اصحابه ان يدعوا بها لا تخرج عن ان تكون واجبة او مستحبه وكل واحد من الواجب والمستحب فالله يحبه ويرضاه ومن فعله رضي الله عنه وارضاه فهل يكون من الرضا ترك ما يحبه ويرضاه.
ومن الدعاء ما ينهى عنه كالاعتداء في الدعاء مثل ان يسأل الرجل ما لا يصلح له مما هو من خصائص الانبياء وليس هو بنبي وربما هو من خصائص الرب سبحانه وتعالى مثل ان يسأل لنفسه الوسيلة التي لا تصلح الا لعبد من عباده او يسأل الله ان يجعله افضل من اولياء الله حتى يكون افضل من ابي بكر وعمر او يسأل الله ان يجعله بكل شيء عليم او على كل شيء قدير او يرفع عنه كل حجاب يمنعه من مطالعة الغيوب وامثال ذلك او مثل من يدعوه ظانا انه محتاج الى عباده وانهم يبلغون ضره ونفعه فيطلب منه ذلك الفعل ويذكر انه اذا لم يفعله حصل له ضير من الخلق فهذا ونحوه جهل بالله واعتداء في الدعاء وان وقع في نحو ذلك طائفة من الشيوخ ومثل ان يقول اللهم اغفر لي ان شئت فيظن ان الله قد يفعل الشيء مختارا وقد يعقله مكرها كالملوك فيقول اغفر لي ان شئت وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال :( لا يقل احدكم اللهم اغفر لي ان شئت اللهم ارحمني ان شئت ولكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له).  ومثل ان يقصد السجع في الدعاء ويتشهق ويتشدق وامثال ذلك فهذه الادعية ونحوها منهى عنها.
ومن الدعاء ما هو مباح كطلب الفضول التي لا معصية فيه."
الاستقامة (2/ 129-132)

12- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وقد علم بالاضطرار من دين الاسلام ان طلب الجنة من الله والاستعاذة به من النار هو من اعظم الادعية المشروعة لكل احد من المرسلين والنبيين وجميع الصديقين والشهداء والصالحين وان ذلك لا يخرج عن كونه واجبا او مستحبا وطريق اولياء الله التي يسلكونها لا تخرج عن فعل واجبات ومستحبات اذ ما سوى ذلك محرم او مكروه او مباح لا منفعة فيه في الدين"
الاستقامة (2/133).

13- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه :
"ومن السكر ما يكون بحب الصور اما النساء واما الصبيان فإنه اذا استحكم الحب وحصل للمحب اتصال فقد يسكر كما قال بعضهم :
سكران سكر هوى وسكر مدامة ** فمتى إفاقة من به سكران
ووقت الجماع ينقص تمييز اكثر الناس ايضا وهو مبدأ سكر ومن السكر ايضا ما يكون بحب الرياسة والمال او شفاء الغيظ فإنه اذا قوى ذلك اوجب سكرا وانما كانت هذه الاشياء قد توجب سكرا لأن السكر شبيه ما يوجب اللذة القاهرة التي تغمر العقل وسبب اللذة ادراك المحبوب فإذا كانت المحبة قوية وادراك المحب قويا والعقل والتمييز ضعيفا كان ذلك سببا للسكر لكن ضعف العقل تارة يكون من ضعف نفس الانسان المحب وتارة يكون من قوة السبب الوارد ولهذا يحصل من السكر للمبتدئين في ادراك الرياسة والمال والعشق والخمر ما لا يحصل لمن اعتاد ذلك وتمكن فيه"
الاستقامة (2/ 145-146).

14- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"والله سبحانه انما خلق الخلق لدار القرار وهي الجنة والنار فأما الدار الدنيا فمنقطعة ولذاتها لا تصفوا ولا تدوم ابدا بخلاف الاخرة فإن لذاتها ونعيمها صاف من الكدر دائم غير منقطع ليس فيها حزن ولا نصب ولا لغوب واهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يبصقون ولا يمتخطون بل فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين  وهم فيها خالدون فشهوة النفوس ولذة العيون هو النعيم الخالص والخلود هو الدوام والبقاء {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} سورة السجدة ١٧ فإن الله اعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعهم عليه
وهذا المعنى هو الذي قاله العبد الصالح حيث قال: " يا قوم اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد ياقوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وان الاخرة هي دار القرار" سورة غافر( ٣٨ ٣٩) فأخبر ان الدنيا متاع نتمتع بها الى غيرها وان الاخرة هي المستقر
واذا عر ف ان لذات الدنيا ونعيمها انما هي متاع ووسيلة الى لذات الاخرة وكذلك خلقت فكل لذة اعانت على لذات الاخرة فهو مما امر الله به ورسوله ويثاب على تحصيل اللذة بما يئوب اليه منها من لذات الآخرة التي اعانت هذه عليها ولهذا كان المؤمن يثاب على ما يقصد به وجه الله من اكله وشربه ولباسه ونكاحه وشفاء غيظه بقهر عدوه في الجهاد في سبيل الله ولذة علمه وايمانه وعبادته وغير ذلك ولذات جسده ونفسه وروحه من اللذات الحسية والوهمية والعقلية وكل لذة اعقبت الما في الدار الاخرة او منعت لذة الاخرة فهي محرمة مثل لذات الكفار والفساق بعلوهم في الارض وفسادهم مثل اللذة التي تحصل بالكفر والنفاق كلذة الذين اتخذوا من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله ولذة عقائدهم الفاسدة وعباداتهم المحرمة ولذة غلبهم للمؤمنين الصالحين وقتل النفوس بغير حقها والزنا والسرقة وشرب الخمر ولهذا اخبر الله ان لذاتهم املاء ليزدادوا اثما وانها مكر واستدراج مثل اكل الطعام الطيب الذي فيها سم وهذا المعنى قد قررته ايضا في قاعدة السكر
واما اللذة التي لا تعقب لذة في دار القرار ولا الما ولا تمنع لذة دار القرار فهذه لذة باطلة اذ لا منفعة فيها ولا مضرة وزمانها يسير ليس لتمتع النفس بها قدر وهي لا بد ان تشغل عما هو خير منها في الاخرة وان لم تشغل عن اصل اللذة في الاخرة "

الاستقامة (2/ 150-152)

15- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ومحبة النفوس للباطل نقص لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال ولا يمكن ذلك فيهم فإذا فعلوا ما به يدخلون الجنة لم يحرم عليهم ما لا يمنعهم من دخولها وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :(  كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء الا اربعة ) هذا مع العلم بأن الجنة يدخلها كثير من النساء والرجال اكثر من الذين كملوا من الطائفتين"
الاستقامة (2/157).

16-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ومن الكلام ما يسمى علما وهو جهل مثل كثير من علوم الفلاسفة واهل الكلام والاحاديث الموضوعة والتقليد الفاسد واحكام النجوم ولهذا روى ان من العلم جهلا ومن القول عيا ومن البيان سحرا"
الاستقامة (2/160)

17- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واما الكفار فزوال عقل الكافر خير له وللمسلمين اما له فلأنه لا يصده عن ذكر الله وعن الصلاة بل يصده عن الكفر والفسق واما للمسلمين فلأن السكر يوقع بينهم العداوة والبغضاء فيكون ذلك خيرا للمؤمنين وليس هذا اباحة للخمر والسكر ولكنه دفع لشر الشرين بأدناهما ولهذا كنت امر اصحابنا ان لا يمنعوا الخمر عن اعداء المسلمين من التتار والكرج ونحوهم واقول اذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة بل عن الكفر والفساد في الارض ثم انه يوقع بينهم العداوة والبغضاء وذلك مصلحة للمسلمين فصحوهم شر من سكرهم فلا خير في اعانتهم على الصحو بل قد يستحب او يجب دفع شر هؤلاء بما يمكن من سكر وغيره"
الاستقامة (2/166)

18- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واما الماشون على طريقة الخلفاء الراشدين فليسوا اكثر الأمة ولكن على هؤلاء الماشين على طريقة الخلفاء ان يعاملوا الناس بما امر الله به ورسوله من العدل بينهم واعطاء كل ذي حق حقه واقامة الحدود بحسب الامكان اذ الواجب هو الامر بالمعروف وفعله والنهي عن المنكر وتركه بحسب الامكان فإذا عجز اتباع الخلفاء الراشدين عن ذلك قدموا خير الخيرين حصولا وشر الشرين دفعا والحمد لله رب العالمين"
الاستقامة (2/168)

19-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وابلغ من ذلك تعبد طوائف من المتزهدة والمتعبدة بمعاشرة الاحداث المردان والنساء الاجانب والنظر اليهم والخلوة بهم والمحبة والهوى فيهم وبما قد يكون وقد لا يكون وراء ذلك من الفاحشة الكبرى
وهذا ابتدأه المشركون من الصابئة وغير الصابئة الذين هم اولياء الشياطين الذين هم مشركون كما ذكر ابن سينا في إشاراته وزعم انه مما يعين على السلوك والتأله العشق العفيف واستماع الاصوات الملحنة كما ذكر ايضا الشرك بعبادة الصور ويذكر هو وطائفته عبادة الكواكب"
الاستقامة (2/177).

20-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وقد شرع الله سبحانه في شريعة اهل التوراة وشريعة اهل القرآن رجم الزاني المحصن بالحجارة كما رجم الله اهل الفاحشة واما اهل الفاحشة واللوطية فيرجمان سواء كانا بكرين او ثيبين عند جمهور العلماء كما رجم الله قوم لوط وليس في الذنوب ما يعاقب اهله بالرجم الا اهل هذه الفاحشة"
الاستقامة (2/187)

21- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فإن الفقيه كل الفقيه لا يؤيس الناس من رحمة الله ولا يجرئهم على معاصي الله "
الاستقامة (2/190).

22- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فمن تاب من هذه الاعتقادات الفاسدة وهو استحلال شيء من المحرمات او التدين بشيء منها قبل الله توبته واما من استحل ذلك او تدين به وان لم يفعله فالذي يفعل ذلك وهو معتقد للتحريم خير منه فإن هذا مؤمن مذنب واما الاستحلال لها والتدين بها فهو كفر"
الاستقامة (2/194).

23- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فان رسالة الله اما اخبار واما انشاء
فالاخبار عن نفسه عز وجل وعن خلقه مثل التوحيد والقصص الذي يندرج فيه الوعد والوعيد والانشاء الامر والنهي والاباحة
وهذا كما ذكر في الحديث ان قل هو الله احد سورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن لتضمنها الثلث الذي هو التوحيد لأن القرآن توحيد وامر وقصص "
الاستقامة (2/199)

24- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واما المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله فأعظمه الشرك بالله وهو ان يدعو مع الله الها اخر كالشمس والقمر والكواكب او كملك من الملائكة او نبي من الانبياء او رجل من الصالحين او احد من الجن او تماثيل هؤلاء او قبورهم او غير ذلك مما يدعى من دون الله تعالى او يستغاث به او يسجد له فكل هذا واشباهه من الشرك الذي حرمه الله على لسان جميع رسله"
الاستقامة (2/211).

25- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" والرفق سبييل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر  ولهذا قيل ليكن امرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر.
واذا كان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من اعظم الواجبات او المستحبات فالواجبات والمستحبات لا بد ان تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة اذ بهذا بعثت الرسل وانزلت الكتب والله لا يحب الفساد بل كل ما امر الله به فهو صلاح وقد اثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين امنوا وعملوا الصالحات وذم الفساد والمفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الامر والنهي اعظم من مصلحته لم يكن مما امر الله به وان كان قد ترك واجب وفعل محرم إذ لمؤمن عليه ان يتقى الله في عباد الله وليس عليه هداهم وهذا من معنى قوله تعالى:{ ياايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم } سورة المائدة ١٠٥
والاهتداء انما يتم بأداء الواجب فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضال وذلك يكون تارة بالقلب وتارة باللسان وتارة باليد "
الاستقامة (2/212).

26-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وهنا يغلط فريقان من الناس
فريق يترك ما يجب من الامر والنهي تأويلا لهذه الاية كما قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته ايها الناس انكم تقرأون هذه الاية عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم سورة المائدة ١٠٥ وانكم تضعونها في غير موضعها واني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه او شك ان يعمهم الله بعقاب منه.
والفريق الثاني من يريد ان يأمر وينهي اما بلسانه واما بيده مطلقا من غير فقه ولا حكم ولا صبر ولا نظر في ما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في حديث ابي ثعلبه الخشني سألت عنها اي الاية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل ائتمروا بالعروف وتناهوا عن المنكر حتى اذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودينا مؤثرة واعجاب كل ذي رأى برأيه ورأيت امرأ لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك امر العوام فإن من ورائك ايام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله فيأتي بالأمر والنهي معتقدا انه مطيع في  ذلك لله ورسوله وهو معتد في حدوده كما نصب كثير من اهل البدع والاهواء نفسه للأمر والنهي كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم من غلط فيما اتاه من الامر والنهي والجهاد وغير ذلك فكان فساده اعظم من صلاحه
ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الائمة ونهى عن قتالهم ما اقاموا الصلاة "
الاستقامة (2/214-215).

27- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واصل هذا ان تكون محبة الانسان للمعروف وبغضه للمنكر وارادته لهذا وكراهته لهذا موافقا لحب الله وبغضه وارادته وكراهته الشرعيتين وان يكون فعله للمحبوب ودفعه للمكروه بحسب قوته وقدرته فإن الله لا يكلف نفسا الا وسعها وقد قال :{ فاتقوا الله ما استطعتم} سورة التغابن ١٦ "
الاستقامة (2/220)

28- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وارادته وكراهته بحسب محبته نفسه وبغضها لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله وهذا من نوع الهوى فإن اتبعه الانسان فقد اتبع هواه ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله سورة القصص ٥٠ فإن اصل الهوى هو محبة النفس ويتبع ذلك بغضها والهوى نفسه وهو الحب والبغض الذي في النفس لا يلام العبد عليه فإن ذلك لا يملكه وانما يلام على اتباعه كما قال تعالى :(يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )سورة ص ٢٦ وقال تعالى {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} سورة القصص ٥٠"
الاستقامة (2/222)

29- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين الى العلماء والعباد يجعل من اهل الاهواء كما كان السلف يسمونهم اهل الاهواء وذلك ان كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه والعلم بالدين لا يكون الا بهدي الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم
ولهذا قال الله تعالى في موضع {وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم} سورة الانعام ١١٩ وقال في موضع اخر {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} سورة القصص ٥٠
     فالواجب على العبد ان ينظر في نفس حبه وبغضه ومقدار حبه وبغضه هل هو موافق لأمر الله ورسوله وهو هدى الله الذي انزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بحيث يكون مأمورا بذلك الحب والبغض لا يكون متقدما فيه بين يدي الله ورسوله فإنه قد قال تعالى {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} سورة الحجرات ١.  ومن احب او ابغض قبل ان يأمره الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدي الله ورسوله.
ومجرد الحب والبغض هو هوى لكن المحرم منه اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله ولهذا قال الله لنبيه داود {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد} سورة ص ٢١ فأخبر ان من اتبع هواه اضله ذلك عن سبيل الله وهو هداه الذي بعث به رسوله وهو السبيل اليه "
الاستقامة (2/ 225-226)

30-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فلا بد من هذه الثلاثة العلم والرفق والصبر العلم قبل الأمر والنهي والرفق معه والصبر بعده وان كان كل من الثلاثة لا بد ان يكون مستصحبا في هذه الاحوال"
الاستقامة (2/233)

31-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ومن المعلوم بما ارانا الله من اياته في الافاق وفي انفسنا وبما شهد به في كتابه ان المعاصي سبب المصائب فسيئات المصائب والجزاء هي من سيئات الاعمال وان الطاعة سبب النعمة فإحسان العبد العمل سبب لاحسان الله قال تعالى {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} سورة الشورى ٣٠"
الاستقامة (2/233)

32- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"واذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يندب الرجل أو الطائفة ويسكت أخرون عن الامر والنهي فيكون ذلك من ذنوبهم وينكر عليهم اخرون انكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر وهذا من اعظم الفتن والشرور قديما وحديثا اذ الانسان ظلوم جهول والظلم والجهل انواع فيكون ظلم الاول وجهله من نوع وظلم كل من الثاني والثالث وجهلهما من نوع اخر واخر
ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك ورأى ان ما وقع بين امراء الأمة وعلمائها ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا اصلها.
يدخل في ذلك اسباب الضلال والغي التي هي الاهواء الدينية والشهوانية وهي البدع في الدين والفجور في الدنيا  "
الاستقامة (2/240)

33-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ولهذا قيل ان الله يقيم الدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وان كانت مسلمة ويقال الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والاسلام
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس ذنب اسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم فالباغي يصرع في الدنيا وان كان مغفورا له مرحوما في الاخرة
وذلك ان العدل نظام كل شيء فإذا اقيم امر الدنيا بالعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الأخرة من خلاق
 "
 الاستقامة (2/247).

34- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" واذا عظمت المحنة كان ذلك للمؤمن الصالح سببا لعلو الدرجة وعظيم الاجر كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم اي الناس اشد بلاء قال :"  الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وان كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على وجه الارض وليس عليه خطيئة"  وحينئذ فيحتاج من الصبر الى ما لا يحتاج اليه غيره وذلك هو سبب الامامة في الدين كما قال تعالى {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} سورة السجدة ٢٤
فلا بد من الصبر على فعل الحسن المأمور وترك السيء المحظور ويدخل في ذلك الصبر على الاذى وعلى ما يقال والصبر على ما يصيبه من المكاره والصبر عن البطر عند النعم وغير ذلك من انواع الصبر.
ولا يمكن العبد ان يصبر ان لم يكن له ما يطمئن له ويتنعم به ويغتذى به وهو اليقين"
الاستقامة (2/ 260-261)

35-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"ولا بد من الثلاثة الصلاة والزكاة والصبر لا تقوم مصلحة المؤمنين الا بذلك في صلاح نفوسهم واصلاح غيرهم لا سيما كلما قويت الفتنة والمحنة فإن الحاجة الى ذلك تكون اشد فالحاجة الى السماحة والصبر عامة لجميع بنى آدم لا تقوم مصلحة دينهم ولا ديناهم الا بهما ولهذا فإن جميعهم يتمادحون بالشجاعة والكرم حتى ان ذلك عامة ما يمدح به الشعراء ممدوحيهم في شعرهم وكذلك يتذامون بالبخل والجبن
والقضايا التي يتفق عليها عقلاء بني آدم لا تكون الا حقا كاتفاقهم على مدح الصدق والعدل وذم الكذب والظلم".
الاستقامة (2/263)

36- ال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"والشجاعة ليست هي قوة البدن فقد يكون الرجل قوي البدن ضعيف القلب وانما هي قوة القلب وثباته فأن القتال مداره على قوة البدن وصنعته للقتال وعلى قوة القلب وخبرته به والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة دون التهور الذي لا يفكر صاحبه ولا يميز بين المحمود والمذموم ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد"
الاستقامة (2/271)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق