الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد :فمن نعم الله العظيمة على عباده المؤمنين أن يدخلهم جنته ونعيم الجنة متفاوت فيها وأعظمه أن يتنعم المؤمن بالنظر إلى وجه الله عز وجل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله فيقول ( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك) النسائي عن عمار، فجمع بين أعظم نعيم في الدنيا وأعظم نعيم في الآخرة.
والمسلمون يعتقدون أن الله يرى يوم القيامة وفي الجنة وأنه لا يرى في الدنيا إلا في المنام إلا من شذ من غلاة المتصوفة، وهذه جملة من الأدلة على هذا المعتقد :
أولاً :رؤية المؤمنين ربهم
قال تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) القيامة/22-23
وقال: ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) ق/35
فالمزيد هنا هو:" النظر إلى وجه الله عز وجل . " كما فسره بذلك علي و أنس بن مالك رضي الله عنهما
وقال سبحانه : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) يونس/26
فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه ( 266 ) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )
وذكر سبحانه أن أهل النار يحجبون عن رؤيته ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) المطففين/15. فدل ذلك على أن أهل الجنة ينعمون برؤيته كما أفاده الإمام الشافعي رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا . قال : " فإنكم ترونه كذلك ...الحديث ". البخاري ومسلم
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: "كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " . البخاري ومسلم
"والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ."
عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".
البخاري ومسلم.
والأحاديث في الباب بلغت مبلغ التواتر وقد رويت عن أكثر من عشرين صحابياً.
ثانياً: أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة يقظة
﴿وَلَمّا جاءَ موسى لِميقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِني أَنظُر إِلَيكَ قالَ لَن تَراني وَلكِنِ انظُر إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ استَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ﴾
[الأعراف: ١٤٣] فموسى عليه الصلاة والسلام لمّا أنعم الله عليه بكلامه طلب نعيماً آخر وهو رؤيته سبحانه فأخبره الرب عز وجل أن رؤيته لا تكون في الدنيا وأنه لن يراه.
و صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنكم لن تروا ربكم عز و جل حتى تموتوا) صح عن أبي أمامة وعبادة بن الصامت وابن عمر وغيرهم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "من قال من الناس: إن الأولياء أو غيرهم يرى الله بعينه في الدنيا فهو مبتدع ضال، مخالف للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، لا سيما إذا ادعوا أنهم أفضل من موسى، فإن هؤلاء يستتابون، فإن تابوا و إلا قتلوا"
مجموع الفتاوى (7/104). وهذه مقالة غلاة المتصوفة والصوفية ليس لهم الكلام في هذه الأمور إذ أنها متوقفة على النقل المحض وهم أبعد الناس عن النقل.
ثالثا:ً من معتقد أهل السنة أن الرب سبحانه يرى في الدنيا في المنام
والأصل في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت ربي لا أدري فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما بين المشرق والمغرب قال يا محمد فقلت لبيك رب وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الدرجات والكفارات وفي نقل الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكروهات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ومن يحافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
قال الترمذي :هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه قال وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي هذا الحديث عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله وقال إني نعست فاستثقلت نوما فرأيت ربي في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى قال الترمذي : حسن غريب قال الشيخ الألباني : صحيح.
ثم سار الأئمة على جواز وقوعها ورويت آثار في ذلك،
قال البغوي في الجعديات: حدثنا يوسف بن موسى ، نا جرير ، عن رقبة قال :
رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام ، فقال : وعزتي لأكرمن مثواه . يعني سليمان التيمي .
قال الدارمي في الرد على المريسي (2/ 738) :" وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة"
روى أبو نعيم في الحلية (10/113) : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ شُرَيْحَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لِي: يَا شُرَيْحُ، سَلْ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ: رُحْمَاكَ يُسْرٌ يُسْرٌ "
بوب الإمام الدارمي في سننه في كتاب الرؤيا: باب في رؤية الرب -تبارك وتعالى- في النوم، ثم ذكر حديث عبد الرحمن بن عائش عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) وأورد أثر ابن سيرين: "من رأى ربه في المنام دخل الجنة" وهذا يدل على أنه فهم من الحديث عدم الخصوصية بالنبي بدليل إيراده لأثر ابن سيرين.
قال القاضي عياض رحمه الله :
""ولم يختلف العلماء في جواز صحة رؤية الله في المنام"
إكمال المعلم (7/220).
وقال الإمام الذهبي: "فأما رؤية المنام: فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة"
سير أعلام النبلاء (3/146).
ولا أعلم أحداً ممن يعتد به في المعتقد من المتقدمين نفى وقوعها وقد حكى الشيخ ابن باز رحمه الله الإجماع على ذلك وأختم بهذا النقل لشيخ الإسلام رحمه الله قال في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من طبعة مجمع الملك فهد:
"وإذا كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ ، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ : إذا رأى العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله . وما زال الصالحون يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك".
والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله بن محمد الحساني
الاثنين30 محرم 1438
أما بعد :فمن نعم الله العظيمة على عباده المؤمنين أن يدخلهم جنته ونعيم الجنة متفاوت فيها وأعظمه أن يتنعم المؤمن بالنظر إلى وجه الله عز وجل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله فيقول ( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك) النسائي عن عمار، فجمع بين أعظم نعيم في الدنيا وأعظم نعيم في الآخرة.
والمسلمون يعتقدون أن الله يرى يوم القيامة وفي الجنة وأنه لا يرى في الدنيا إلا في المنام إلا من شذ من غلاة المتصوفة، وهذه جملة من الأدلة على هذا المعتقد :
أولاً :رؤية المؤمنين ربهم
قال تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة ) القيامة/22-23
وقال: ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) ق/35
فالمزيد هنا هو:" النظر إلى وجه الله عز وجل . " كما فسره بذلك علي و أنس بن مالك رضي الله عنهما
وقال سبحانه : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) يونس/26
فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه ( 266 ) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )
وذكر سبحانه أن أهل النار يحجبون عن رؤيته ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) المطففين/15. فدل ذلك على أن أهل الجنة ينعمون برؤيته كما أفاده الإمام الشافعي رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا . قال : " فإنكم ترونه كذلك ...الحديث ". البخاري ومسلم
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: "كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " . البخاري ومسلم
"والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ."
عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".
البخاري ومسلم.
والأحاديث في الباب بلغت مبلغ التواتر وقد رويت عن أكثر من عشرين صحابياً.
ثانياً: أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة يقظة
﴿وَلَمّا جاءَ موسى لِميقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِني أَنظُر إِلَيكَ قالَ لَن تَراني وَلكِنِ انظُر إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ استَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ وَأَنا أَوَّلُ المُؤمِنينَ﴾
[الأعراف: ١٤٣] فموسى عليه الصلاة والسلام لمّا أنعم الله عليه بكلامه طلب نعيماً آخر وهو رؤيته سبحانه فأخبره الرب عز وجل أن رؤيته لا تكون في الدنيا وأنه لن يراه.
و صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنكم لن تروا ربكم عز و جل حتى تموتوا) صح عن أبي أمامة وعبادة بن الصامت وابن عمر وغيرهم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "من قال من الناس: إن الأولياء أو غيرهم يرى الله بعينه في الدنيا فهو مبتدع ضال، مخالف للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة، لا سيما إذا ادعوا أنهم أفضل من موسى، فإن هؤلاء يستتابون، فإن تابوا و إلا قتلوا"
مجموع الفتاوى (7/104). وهذه مقالة غلاة المتصوفة والصوفية ليس لهم الكلام في هذه الأمور إذ أنها متوقفة على النقل المحض وهم أبعد الناس عن النقل.
ثالثا:ً من معتقد أهل السنة أن الرب سبحانه يرى في الدنيا في المنام
والأصل في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت ربي لا أدري فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما بين المشرق والمغرب قال يا محمد فقلت لبيك رب وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الدرجات والكفارات وفي نقل الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكروهات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ومن يحافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
قال الترمذي :هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه قال وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي هذا الحديث عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله وقال إني نعست فاستثقلت نوما فرأيت ربي في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى قال الترمذي : حسن غريب قال الشيخ الألباني : صحيح.
ثم سار الأئمة على جواز وقوعها ورويت آثار في ذلك،
قال البغوي في الجعديات: حدثنا يوسف بن موسى ، نا جرير ، عن رقبة قال :
رأيت رب العزة جل ثناؤه في المنام ، فقال : وعزتي لأكرمن مثواه . يعني سليمان التيمي .
قال الدارمي في الرد على المريسي (2/ 738) :" وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة"
روى أبو نعيم في الحلية (10/113) : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ شُرَيْحَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لِي: يَا شُرَيْحُ، سَلْ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ: رُحْمَاكَ يُسْرٌ يُسْرٌ "
بوب الإمام الدارمي في سننه في كتاب الرؤيا: باب في رؤية الرب -تبارك وتعالى- في النوم، ثم ذكر حديث عبد الرحمن بن عائش عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) وأورد أثر ابن سيرين: "من رأى ربه في المنام دخل الجنة" وهذا يدل على أنه فهم من الحديث عدم الخصوصية بالنبي بدليل إيراده لأثر ابن سيرين.
قال القاضي عياض رحمه الله :
""ولم يختلف العلماء في جواز صحة رؤية الله في المنام"
إكمال المعلم (7/220).
وقال الإمام الذهبي: "فأما رؤية المنام: فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة"
سير أعلام النبلاء (3/146).
ولا أعلم أحداً ممن يعتد به في المعتقد من المتقدمين نفى وقوعها وقد حكى الشيخ ابن باز رحمه الله الإجماع على ذلك وأختم بهذا النقل لشيخ الإسلام رحمه الله قال في بيان تلبيس الجهمية (1/326) من طبعة مجمع الملك فهد:
"وإذا كان كذلك ، فالإنسان يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حقٌ في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله نفسه مثل ما رأى في المنام ، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاُ ، ولكن لا بد أن يكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه ، فإن كان إيمانه وإعتقاده حقاً ، أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك ، وإلا كان بالعكس . قال بعض المشايخ : إذا رأى العبد ربه في صورة ، كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله . وما زال الصالحون يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلاً ينكر ذلك".
والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله بن محمد الحساني
الاثنين30 محرم 1438
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق