الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فلا يخفى على أحد فضل طلب العلم وعظيم مكانته وشرف طالبه وأنه من أجل القربات التي يُتَقرَّب بها إلى الله، كذلك لا يخفى على سالك في طريق العلم ما يعانيه كثير من طلاب العلم من التخبط في الطلب وعدم وضوح الطريق لدى كثير منهم وقلة الصبر لديهم على طلبه لذلك دوماً تكثر السؤالات من طلاب العلم عن كيفية الطلب وبماذا نبدأ وماذا نقدم وبم تنصحني إلى آخر ماهو معلوم، لذلك تجد التحقيق في العلم عند قلة من الطلاب النابهين ممن أخذ بالحزم ووفق لنيل الطريق القويم عن شعيب بن حرب قال :( كنا نطلب الحديث أربعة آلاف فما أنجب منا إلا أربعة) أخرجه الخطيب في الجامع.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه أن طالب العلم عليه بالبدء أولاً بتفقد نيته والإخلاص في طلبه للعلم وليصحب النية الحسنة في جميع طلبه وليراعي قلبه دوماً وهذا لا يخفى على أحد ولكن أهله قلة لذا وجب التنبيه، قال المعلمي رحمه الله: "فالعاقل لا يوجّه همّته إلا إلى رضا الله عز وجل، وإذا حصل على ذلك لا يهمّه غيره. " العبادة (ص521).
عن اسرائيل رحمه الله قال :( من طلب العلم لله تعالى شرف وسعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يطلبه لله خسر الدنيا والآخرة) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أمر الصبر على طلب العلم فإنه لا يكاد تجد من يصبر على درس من أوله إلى آخره والناظر في أول أيام الدورات أو الكتاب يجد عجباً فالصبر الصبر ياطالب العلم الثبات الثبات يا مريد الخير، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: "باحتمال المشقات، وصلوا إلى تلك الكرامات." الفوائد والأخبار لابن حمكان (147).
فمن رام علماً بلا صبر رام محالاً ومن طلبه بلا تحمّل لشدة مايلقاه فيه طريقه فقد أبعد جداً ، قال ابن القيّم رحمـهُ اللهُ تعالـى :"تَجرّع الصبر فإن قتلك قتلك شهيداً وإن أحياك أحياك عزيزاً" مدارج السالكين (١٥٩/٢).
وكما قيل قديماً في أمثال العرب: "إياك والسآمة في طلب الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها ."
الأمثال لأبي عبيد( ص ٢٠٧)
فلابد لمبتغي العلم من تجرع الصبر وحث النفس عليه وتجديد العزم دوماً بأن يصبر على الطلب فإن منازل السادة لا تبلغ بالنوم على الوسادة، عن الجنيد، قال : «ما طلب أحد شيئا بجد وصدق إلا ناله فإن لم ينله كله نال بعضه»
قال الخطيب: فينبغي للطالب أن يخلص في الطلب نيته ويجدد للصبر عليه عزيمته فإذا فعل ذلك كان جديرا أن ينال منه بغيته"
الجامع (2/179).
فمن يطلب العلم لأيام ثم ينقطع أو ينتظر أن يطلب العلم حتى يجد له وقتاً لن يحصل شيئاً فالعلم يحتاج للمداومة والملازمة، قال عبد الله بن المعتز: «إن لم تدرك الحاجة بالرفق والدوام فبأي شيء تدرك»
الجامع للخطيب (2/179).
ومن بديع الشعر مما له ارتباط بأمر الصبر ما أنشده أبو يعلى الموصلي:
اصبر على مضض الإدلاج بالسحر ... وبالرواح على الحاجات والبكر
لا تعجزن ولا يضجرك مطلبها ... فالنجح يتلف بين العجز والضجر
إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يطالبه ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر"
الجامع للخطيب (2/180).
ومما يعين على الصبر أن تتذكر أنه ليس عليك لنيل الأجر أن تكون عالماً أو صاحب علم وإنما ثباتك على طريق الطلب به تنال الأجر والثواب.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن العلم لا يؤخذ من المبتدعة ولا يؤخذ إلا ممن كان على جادة أهل السنة والجماعة أما المبتدع فحقه الهجر والبعد عنه فإياك والأشعري وابتعد عن الصوفي وفر من الخارجي فإن رؤيتهم الداء العضال وهذا من المسلمات والأمور التي ذكرت فيها الإجماعات وتناقلها أهل السنة في المختصر من كتبهم والمطولات ولولا وجود بعض الإخوان ممن يسأل عن ذلك أو يدرس عن بعض المبتدعة ما كان هناك حاجة لذكر ذلك
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
«من أعلن بدعته وجب هجره... فمن أظهر بدعته يهجر ولايوالى ولايسلم عليه ولايستحق أن يكون معلما ولاغيره؛ فلا يؤمن جانبه»
المجموع(٤٨/٢٨). وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 385) : "وَهَذَا مَذْهَبُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَنَّ مَنْ كَانَ دَاعِيَةً إلَى بِدْعَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ عَنْ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُجْتَهِدًا وَأَقَلُّ عُقُوبَتِهِ أَنْ يُهْجَرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَرْتَبَةٌ فِي الدِّينِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ الْعِلْمُ وَلَا يُسْتَقْضَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ". وقد عمدت لذكر كلام الشيخين أعلاه دون غيرهما مع كثرة النقل في هذا الأمر عن السلف والخلف لما لهما من التحرير لمذهب السلف والمكانة في قلوب الخلف.
وقد سئل الشيخ العثيمين رحمه الله عن تلقي القرآن على أهل البدع فمنع من ذلك وكذلك سئل عن أخذ علم النحو والبلاغة عنهم فمنع منه والآن ينصح بأخذ الفقه منهم والأسانيد عنهم وهذا كله ليس من النصح في شيء.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن طالب العلم يقدم أولاً كتاب الله حفظاً وفهماً ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم حفظاً وفهماً ودرساً ولا بأس من قراءة مختصر في علم النحو ليصلح به لسانه وعامة علوم اللغة ومختصر في فن المصطلح والأصول لتعينه على فهم الوحيين أما أن يشغل طلاب العلم صغاراً وكباراً بقراءة هذه العلوم المساعدة إلى آخر مطولاتها والمرور عليها كلها ثم الانتقال للقرآن والحديث فلا يكون ذلك ولا ينصح به البتة بل هو قاطع من القواطع، قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :(ثم الذي يتلو القرآن من العلوم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه فيجب على الناس طلبها إذ كانت اس الشريعة وقاعدتها) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : «عجبت لمن ترك الأصول وطلب الفصول»
قال الخطيب البغدادي: وأحقها بالتقديم كتاب الجامع والمسند الصحيحان لمحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري" الجامع (2/185) و قال الخطيب البغدادي رحمه الله:
"ويبتدئ بسماع الأمهات من كتب أهل الأثر والأصول الجامعة للسنن
" الجامع (2/184) فهذا هو المنهج المستحب والطريق المسلوك فإياك إياك أن تحيد عنه طرفة عين.
وينبغي أن ينبه كذلك على مسألة التمذهب والمذهبية وأبين ما أعتقده هنا وهو أن قراءة كتب المذاهب تكون بعد السنن ولا يطيل المسلم في قراءة كتب المذاهب وكذلك لا يكثر منها لأن كل شيء موجود في كتب الحديث والآثار والإجماعات وتأمل لهذا الأثر ففيه شفاء لما حاك في صدرك قال المزي في تهذيب الكمال (1/413) :" وَقَال الحاكم أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ الْحَافِظ: أَخْبَرَنَا قاسم السياري بمرو، حَدَّثَنَا عيسى بْن مُحَمَّد بْن عيسى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مصعب بْن بشر، قال: سمعت أَحْمَد بْن يحيى بْن عَبد اللَّهِ الكشميهني وكان حجاجا معروفا بالفضل والعقل، يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن عُمَر الوكيعي أَبَا جَعْفَر يَقُول: وليت المظالم بمرو اثنتي عشرة سنة، فلم يرد علي حكم إلا وأنا أحفظ فيه حديثا، فلم أحتج إِلَى الرأي، ولا إِلَى أهله".
لكن ينبغي أن يفهم الحديث حق فهمه وأن يدرس حق درسه لينال الناظر فيه بغيته، عن علي بن خشرم، قال: "سمعت وكيعا غير مرة يقول: يا فتيان تفهموا فقه الحديث، فإنكم إن تفهمتم فقه الحديث لم يقهركم أهل الرأي." الفقيه والمتفقه ( 2/161).
🔸 ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن طالب العلم ينبغي عليه أولاً أن ينظر لكتب الأدب والزهد فيأخذ منها بحظ وافر فنعم المعين هي ويخص كتب أدب الطلب بمزيد عناية لا سيما الجامع للخطيب وما كانت مسندة منها.
🔸وأختم بتذكير نفسي وغيري بأن العلم أمره شديد فكما أنه لابد من آدابه فلابد كذلك أن يتخلى عن ذميم الخصال مما يكون وبالاً على طالب العلم ، قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ( وليتق المفاخرة والمباهاة به وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة، واتخاذ الأتباع، وعقد المجالس، فإن الآفة الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه. ) الجامع.
والله الموفق لا رب سواه.
عبدالله بن محمد الحساني
ليلة الأربعاء 11/ محرم /1438
🔸 أما بعد: فلا يخفى على أحد فضل طلب العلم وعظيم مكانته وشرف طالبه وأنه من أجل القربات التي يُتَقرَّب بها إلى الله، كذلك لا يخفى على سالك في طريق العلم ما يعانيه كثير من طلاب العلم من التخبط في الطلب وعدم وضوح الطريق لدى كثير منهم وقلة الصبر لديهم على طلبه لذلك دوماً تكثر السؤالات من طلاب العلم عن كيفية الطلب وبماذا نبدأ وماذا نقدم وبم تنصحني إلى آخر ماهو معلوم، لذلك تجد التحقيق في العلم عند قلة من الطلاب النابهين ممن أخذ بالحزم ووفق لنيل الطريق القويم عن شعيب بن حرب قال :( كنا نطلب الحديث أربعة آلاف فما أنجب منا إلا أربعة) أخرجه الخطيب في الجامع.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه أن طالب العلم عليه بالبدء أولاً بتفقد نيته والإخلاص في طلبه للعلم وليصحب النية الحسنة في جميع طلبه وليراعي قلبه دوماً وهذا لا يخفى على أحد ولكن أهله قلة لذا وجب التنبيه، قال المعلمي رحمه الله: "فالعاقل لا يوجّه همّته إلا إلى رضا الله عز وجل، وإذا حصل على ذلك لا يهمّه غيره. " العبادة (ص521).
عن اسرائيل رحمه الله قال :( من طلب العلم لله تعالى شرف وسعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يطلبه لله خسر الدنيا والآخرة) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أمر الصبر على طلب العلم فإنه لا يكاد تجد من يصبر على درس من أوله إلى آخره والناظر في أول أيام الدورات أو الكتاب يجد عجباً فالصبر الصبر ياطالب العلم الثبات الثبات يا مريد الخير، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: "باحتمال المشقات، وصلوا إلى تلك الكرامات." الفوائد والأخبار لابن حمكان (147).
فمن رام علماً بلا صبر رام محالاً ومن طلبه بلا تحمّل لشدة مايلقاه فيه طريقه فقد أبعد جداً ، قال ابن القيّم رحمـهُ اللهُ تعالـى :"تَجرّع الصبر فإن قتلك قتلك شهيداً وإن أحياك أحياك عزيزاً" مدارج السالكين (١٥٩/٢).
وكما قيل قديماً في أمثال العرب: "إياك والسآمة في طلب الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها ."
الأمثال لأبي عبيد( ص ٢٠٧)
فلابد لمبتغي العلم من تجرع الصبر وحث النفس عليه وتجديد العزم دوماً بأن يصبر على الطلب فإن منازل السادة لا تبلغ بالنوم على الوسادة، عن الجنيد، قال : «ما طلب أحد شيئا بجد وصدق إلا ناله فإن لم ينله كله نال بعضه»
قال الخطيب: فينبغي للطالب أن يخلص في الطلب نيته ويجدد للصبر عليه عزيمته فإذا فعل ذلك كان جديرا أن ينال منه بغيته"
الجامع (2/179).
فمن يطلب العلم لأيام ثم ينقطع أو ينتظر أن يطلب العلم حتى يجد له وقتاً لن يحصل شيئاً فالعلم يحتاج للمداومة والملازمة، قال عبد الله بن المعتز: «إن لم تدرك الحاجة بالرفق والدوام فبأي شيء تدرك»
الجامع للخطيب (2/179).
ومن بديع الشعر مما له ارتباط بأمر الصبر ما أنشده أبو يعلى الموصلي:
اصبر على مضض الإدلاج بالسحر ... وبالرواح على الحاجات والبكر
لا تعجزن ولا يضجرك مطلبها ... فالنجح يتلف بين العجز والضجر
إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يطالبه ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر"
الجامع للخطيب (2/180).
ومما يعين على الصبر أن تتذكر أنه ليس عليك لنيل الأجر أن تكون عالماً أو صاحب علم وإنما ثباتك على طريق الطلب به تنال الأجر والثواب.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن العلم لا يؤخذ من المبتدعة ولا يؤخذ إلا ممن كان على جادة أهل السنة والجماعة أما المبتدع فحقه الهجر والبعد عنه فإياك والأشعري وابتعد عن الصوفي وفر من الخارجي فإن رؤيتهم الداء العضال وهذا من المسلمات والأمور التي ذكرت فيها الإجماعات وتناقلها أهل السنة في المختصر من كتبهم والمطولات ولولا وجود بعض الإخوان ممن يسأل عن ذلك أو يدرس عن بعض المبتدعة ما كان هناك حاجة لذكر ذلك
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
«من أعلن بدعته وجب هجره... فمن أظهر بدعته يهجر ولايوالى ولايسلم عليه ولايستحق أن يكون معلما ولاغيره؛ فلا يؤمن جانبه»
المجموع(٤٨/٢٨). وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 385) : "وَهَذَا مَذْهَبُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَنَّ مَنْ كَانَ دَاعِيَةً إلَى بِدْعَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ عَنْ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُجْتَهِدًا وَأَقَلُّ عُقُوبَتِهِ أَنْ يُهْجَرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَرْتَبَةٌ فِي الدِّينِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ الْعِلْمُ وَلَا يُسْتَقْضَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ". وقد عمدت لذكر كلام الشيخين أعلاه دون غيرهما مع كثرة النقل في هذا الأمر عن السلف والخلف لما لهما من التحرير لمذهب السلف والمكانة في قلوب الخلف.
وقد سئل الشيخ العثيمين رحمه الله عن تلقي القرآن على أهل البدع فمنع من ذلك وكذلك سئل عن أخذ علم النحو والبلاغة عنهم فمنع منه والآن ينصح بأخذ الفقه منهم والأسانيد عنهم وهذا كله ليس من النصح في شيء.
🔸ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن طالب العلم يقدم أولاً كتاب الله حفظاً وفهماً ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم حفظاً وفهماً ودرساً ولا بأس من قراءة مختصر في علم النحو ليصلح به لسانه وعامة علوم اللغة ومختصر في فن المصطلح والأصول لتعينه على فهم الوحيين أما أن يشغل طلاب العلم صغاراً وكباراً بقراءة هذه العلوم المساعدة إلى آخر مطولاتها والمرور عليها كلها ثم الانتقال للقرآن والحديث فلا يكون ذلك ولا ينصح به البتة بل هو قاطع من القواطع، قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :(ثم الذي يتلو القرآن من العلوم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه فيجب على الناس طلبها إذ كانت اس الشريعة وقاعدتها) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : «عجبت لمن ترك الأصول وطلب الفصول»
قال الخطيب البغدادي: وأحقها بالتقديم كتاب الجامع والمسند الصحيحان لمحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري" الجامع (2/185) و قال الخطيب البغدادي رحمه الله:
"ويبتدئ بسماع الأمهات من كتب أهل الأثر والأصول الجامعة للسنن
" الجامع (2/184) فهذا هو المنهج المستحب والطريق المسلوك فإياك إياك أن تحيد عنه طرفة عين.
وينبغي أن ينبه كذلك على مسألة التمذهب والمذهبية وأبين ما أعتقده هنا وهو أن قراءة كتب المذاهب تكون بعد السنن ولا يطيل المسلم في قراءة كتب المذاهب وكذلك لا يكثر منها لأن كل شيء موجود في كتب الحديث والآثار والإجماعات وتأمل لهذا الأثر ففيه شفاء لما حاك في صدرك قال المزي في تهذيب الكمال (1/413) :" وَقَال الحاكم أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ الْحَافِظ: أَخْبَرَنَا قاسم السياري بمرو، حَدَّثَنَا عيسى بْن مُحَمَّد بْن عيسى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مصعب بْن بشر، قال: سمعت أَحْمَد بْن يحيى بْن عَبد اللَّهِ الكشميهني وكان حجاجا معروفا بالفضل والعقل، يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن عُمَر الوكيعي أَبَا جَعْفَر يَقُول: وليت المظالم بمرو اثنتي عشرة سنة، فلم يرد علي حكم إلا وأنا أحفظ فيه حديثا، فلم أحتج إِلَى الرأي، ولا إِلَى أهله".
لكن ينبغي أن يفهم الحديث حق فهمه وأن يدرس حق درسه لينال الناظر فيه بغيته، عن علي بن خشرم، قال: "سمعت وكيعا غير مرة يقول: يا فتيان تفهموا فقه الحديث، فإنكم إن تفهمتم فقه الحديث لم يقهركم أهل الرأي." الفقيه والمتفقه ( 2/161).
🔸 ومما ينبغي أن ينبه عليه كذلك أن طالب العلم ينبغي عليه أولاً أن ينظر لكتب الأدب والزهد فيأخذ منها بحظ وافر فنعم المعين هي ويخص كتب أدب الطلب بمزيد عناية لا سيما الجامع للخطيب وما كانت مسندة منها.
🔸وأختم بتذكير نفسي وغيري بأن العلم أمره شديد فكما أنه لابد من آدابه فلابد كذلك أن يتخلى عن ذميم الخصال مما يكون وبالاً على طالب العلم ، قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ( وليتق المفاخرة والمباهاة به وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة، واتخاذ الأتباع، وعقد المجالس، فإن الآفة الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه. ) الجامع.
والله الموفق لا رب سواه.
عبدالله بن محمد الحساني
ليلة الأربعاء 11/ محرم /1438
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق