الجمعة، 25 أغسطس 2017

جناية غلاة التعديل على المنهج السلفي

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد ظهر في المدة الماضية من يكثر من التعديل ويُعدل من حقه الذم والحط والهجر وتناقل الناس ذلك حتى صار الأمر ظاهرةً ظاهرة وأظن أن الأمر مدبراً لدى بعض من يفعل ذلك لمحاربة الغلو في التبديع زعموا، والغلو لا يحارب بالتمييع والتضييع لقواعد العلم  وما يخاف منه في التبديع يخشى مثله في الثناء والتعديل قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
" وكل ما يخشى في الذم والجرح يخشى مثله في الثناء والتعديل " التنكيل (244).
وقال السخاوي رحمه الله: ".. فالجرح والتعديل خطر لأنك إن عدلت بغير تثبت ، كنت كالمثبت حكماً ليس بثابت، فيخشى عليك أن تدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب، وإن جرحت بغير تحرز ،  أقدمت على الطعن في مسلم برئ من ذلك، ووسمته بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً" فتح المغيث (3/349).
🔸 ومثل هؤلاء الذين يطلقون هذه الأحكام كل يوم بلا حاجة قد أخبر بهم  النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم ممن يظهر في بعد قرون الفضل فقد قال البخاري رحمه الله تعالى: 2651 حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَاأَبُو جَمْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ  زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ  عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  " خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ". قَالَ عِمْرَانُ : لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَايُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ ". فهؤلاء يخرجون هذه الشهادات والتزكيات ولم يسألهم أحد بأن يخرجوها وليتها كانت مطابقة للحال.
🔸وهذه شهادة سيسألهم الله عز وجل عنها فليعدوا للسؤال جواباً فإن التزكية والتعديل والجرح نوع من الشهادة، وقد قال تعالى: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾.
🔸وفي هذه التزكيات وتلك التعديلات ذكروا أناساً ضلالهم واضح وخطأهم بين لا يخفى على ذي عينين فذاك الذي لا يدعو للتوحيد ويسكت عن دعاة الشرك ويخرج مع دعاة الباطل ويزكي أهل البدع يكتب فيه مقالاً في الثناء عليه،  قال ابن سعد في الطبقات 9229- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَفَى بِهِ عَمًى أَنْ يَعْمَى الرَّجُلُ عَنْ أَمْرِ الْحَجَّاجِ. وكذلك كفى به عمى أن يعمى عليكم من يحتفي بالمتصوفة والخوارج ويجعلهم إخوانه وأن الفرق بينه وبينهم يسير.
🔸ولو كان غلاة التعديل صادقين لنصحوا لهؤلاء المنحرفين وذكروا ضلالهم حتى لا تزداد أوزارهم وتكثر آثامهم ولكن الأمر مدخول والمصالح لها دورها في الكلام والصمت.   قال العقيلي في الضعفاء 1124- حَدثنا مُحمد بن إِسماعيل، قال: حَدثنا الحَسن بن عَلي، قال: حَدثنا أَبو صالح الفَراءُ، قال: حَكَيت ليُوسُف بن أَسباط عن وكيع شَيئًا مِن أَمر الفِتَن، فقال: ذاك يُشبِه أُستاذَه, يَعني: الحَسن بن حَي، قالَت: قُلت ليُوسُف: أَما تَخاف أَن تَكُون هَذه غيبَةٌ؟ فقال: لم يا أَحمَقُ؟ أَنا خَير لهَؤُلاء مِن أُمَّهاتِهِم وآبائِهِم، أَنا أَنهى الناس أَن يَعمَلُوا بِما أَحدَثُوا فَتَتبَعَهُم أَوزارُهُم، ومَن أَطراهُم كان أَضَر عَليهم.
فهذا أثر عظيم عن وكيع بن الجراح لعل هؤلاء الذين يعدلون بهذا التساهل  ينتفعون بهذا الفقه السلفي ويبينوا خطأ من أخطأ ممن يعدلونهم بدل هذا المنهج الدخيل.
🔸 والحق أن بعض هؤلاء حقه الهجر والمقت والبغض لدفاعه عن أهل الانحراف فإنه مثلهم قال الإمام إبن بطة العكبري: ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه [أي: من البدع]، وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه، ونصره، وذب عنه، وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة.
 الإبانة ( ص 282 ).
🔸 والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
الثلاثاء 21-11-1438

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق