الجمعة، 25 أغسطس 2017

الرد على كلام الجفري حول المناهج الدراسية في السودان

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد استمعت لكلمة علي الجفري التي يتحدث فيها عن المناهج الدراسية وطلب من مساعد رئيس الجمهورية النظر في هذه المقررات قائلاً: " حتى لا يأتي يوم نعاني فيه من الإرهاب " لأن السودان بلد " في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك " ذاكراً هذا البيت لعبدالواحد بن عاشر ثم اتبع ذلك قائلاً " والأبناء يتعلمون " بأن التصوف شرك وأن الأولياء شرك وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبالغ في تمجيده " ثم ذكر أنه يطالب مساعد الرئيس " أن يصحح هذا الأمر وأن يبحث عن الذين هم وراء هذا التغيير في المقررات حفاظاً على وحدة المجتمع". وهنا وقفات مع كلامه :
1- هذا المقطع يبين الحالة التي يعيشها المتصوفة وكمية الرعب التي يعيشونها بسبب إقبال الناس على الإسلام الصحيح الذي جاء به النبي الأمين صلى الله عليه وسلم،  وتركهم للشرك والبدع والمنكرات التي كان ينشرها الصوفية بين أفراد المجتمع وهذا من فضل الله على أهل هذه البلاد والله متم نوره ولو كره الجفري ولو كره الصوفية قال الإمام أحمد في المسند 16957-  حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : حَدَّثَنَاصَفْوَانُ قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ  قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ  وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّين بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ ". فهذه سنة كونية أن الدين الصحيح إذا ظهر تم أمره ولا يستطيع أن يعارضه أحد ومن عارضه قصمه الله.
2- إن كان ماقاله الجفري صحيح لأنه قد يكون كاذباً أن المقررات الدراسية فيها أن التصوف شرك وأن الأولياء شرك وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبالغ في تمجيده فهذه علامة خير تدل على أن القائمين على أمر وضع هذه المناهج قد عرفوا الحق وأرادوا نشره بين الطلاب ولعل الصحيح أن يقال :"  التصوف خليط بين البدعة والشرك وصرف العبادات للأولياء دون الله شرك والمبالغة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم منهي عنها لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك "
3- ذكره لبيت ابن عاشر الذي ذكره في كتابه المرشد المعين أن السودانيين أشعريون في العقيدة مالكيون في الفقه جنيديون في طريقتهم خطأ بين يكذبه الواقع ومع هذا فهو مخالف للشرع فالواقع فيه أن الأغلبية من السودانيين لا يعرفون عقيدة الأشاعرة فلو سألت سودانياً عن الصفات السبع لدى الأشاعرة وعن الصفات السلبية وعن الجوهر والعرض وعن جوهرة التوحيد أو عن الإرشاد أو عن ابن فورك والباقلاني أو غير ذلك من الأسئلة لأجاب بلا أدري.  فالقول بأنهم أشاعرة من أبطل الباطل فالناس ولله الحمد على فطرتهم هذه هي الغالبية العظمى إلا قليلاً ممن انتكست فطرهم وبدلوا عقائدهم بعقيدة الأشاعرة الجهمية الباطلة.  ثم أنه يقال لماذا لا تكون العقيدة والسلوك والفقه هذه الثلاث على طريقة الإمام مالك رحمه الله؟  ألا يرتضون عقيدته وسلوكه كما ارتضوا أخذ الفقه عنه؟  ولكنه الهوى والضلالة.
4- ذكر الجفري خوفه أن ينتج هذا الكلام الموجود في الكتب الإرهاب والتطرف وهذه شنشنة نعرفها من أخزم وكلمات ترمى بجهل وطريقة تبين انقطاع القوم عن العلم وخلوهم من الحجج ولكن من هو الإرهابي؟  فالجفري يريدها صوفية أشعرية مالكية وهنا نماذج من إرهاب الأشاعرة ومتعصبي المالكية والمتصوفة،  قال ابن حجر في الدرر الكامنة :" وَعقد مجْلِس فِي ثَالِث عشر مِنْهُ بعد صَلَاة الْجُمُعَة فَادّعى على ابْن تَيْمِية عِنْد الْمَالِكِي فَقَالَ هَذَا عدوي وَلم يجب عَن الدَّعْوَى فكرر عَلَيْهِ فأصر فَحكم الْمَالِكِي بحبسه فأقيم من الْمجْلس وَحبس فِي برج ثمَّ بلغ الْمَالِكِي أَن النَّاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ يجب التَّضْيِيق عَلَيْهِ أَن لم يقتل وَإِلَّا فقد ثَبت كفره فنقلوه لَيْلَة عيد الْفطر إِلَى الْجب وَعَاد القَاضِي الشَّافِعِي إِلَى ولَايَته وَنُودِيَ بِدِمَشْق من اعْتقد عقيدة ابْن تَيْمِية حل دَمه وَمَاله خُصُوصا الْحَنَابِلَة فَنُوديَ بذلك وقرىء المرسوم وَقرأَهَا ابْن الشهَاب مَحْمُود فِي الْجَامِع ثمَّ جمعُوا الْحَنَابِلَة من الصالحية وَغَيرهَا واشهدوا على أنفسهم أَنهم على مُعْتَقد الإِمَام الشَّافِعِي وَذكر ولد الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الظَّاهِرِيّ فِي كتاب كتبه لبَعض معارفه بِدِمَشْق أَن جَمِيع من بِمصْر من الْقُضَاة والشيوخ والفقراء وَالْعُلَمَاء والعوام يحطون على ابْن تَيْمِية إِلَّا الْحَنَفِيّ فَإِنَّهُ يتعصب لَهُ وَإِلَّا الشَّافِعِي فَإِنَّهُ سَاكِت عَنهُ وَكَانَ من أعظم القائمين عَلَيْهِ الشَّيْخ نصر المنبجي لِأَنَّهُ كَانَ بلغ ابْن تَيْمِية أَنه يتعصب لِابْنِ الْعَرَبِيّ فَكتب إِلَيْهِ كتابا يعاتبه على ذَلِك فَمَا أعجبه لكَونه بَالغ فِي الْحَط على ابْن الْعَرَبِيّ وتكفيره فَصَارَ هُوَ يحط على ابْن تَيْمِية ويغري بِهِ بيبرس الجاشنكير وَكَانَ بيبرس يفرط فِي محبَّة نصر ويعظمه" فانظر لهذا الإرهاب؟  وانظر لهذا الظلم لدى القوم؟  والجفري يريدها أن ترجع هكذا. قال المقريزي في الخطط: " فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوريّ، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعريّ، وحملوا في أيام دولتهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهديّ المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلّا الله خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ، فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب، وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلّا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السلام بن تيمية الحرّانيّ، فتصدّى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية" فانظر للأشاعرة واستباحتهم لدماء من خالفهم فمن الإرهابي أيها الجفري؟
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء :" قَالَ اليَسع بنُ حَزْم: سمَّى ابْنُ تُوْمرت المرَابطين بِالمُجَسِّمِين، وَمَا كَانَ أَهْلُ المَغْرِب يَدينُوْنَ إِلاَّ بِتَنْزِيه الله -تَعَالَى- عَمَّا لاَ يَجِبُ وَصفُهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ، مَعَ تركِ خوضهِم عَمَّا تَقَصْر العُقُوْلُ عَنْ فَهمه.

إِلَى أَنْ قَالَ: فَكفَّرهُم ابْنُ تُوْمرت لِجهلهِم العَرض والجوهر، وأن من لم يعرف ذلك، لن يَعرفِ المَخْلُوْقَ مِنَ الخَالِق، وَبأَنَّ مَنْ لَمْ يهاجر إِلَيْهِ، وَيُقَاتِل مَعَهُ، فَإِنَّهُ حَلاَلُ الدَّم وَالحرِيْم، وَذَكَرَ أَن غضبَهُ للهِ وَقيَامَه حسبَةٌ.

قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: قَبْره بِالجَبَل مُعَظَّم، مَاتَ كَهْلاً، وَكَانَ أَسْمَرَ ربعَةً، عَظِيْمَ الهَامَة، حديدَ النَّظَر مَهِيْباً، وَآثَارُه تغنِي عَنْ أَخْبَاره، قَدَمٌ فِي الثَّرَى، وَهَامَةٌ فِي الثُّرِيَّا، وَنَفْسٌ تَرَى إِرَاقَةَ مَاءِ الحَيَاة دُوْنَ إِرَاقَةِ مَاءِ المُحَيَّا، أَغفلَ المرَابطون رَبطه وَحلَّه، حَتَّى دبَّ دبِيْبَ الفَلَقِ فِي الغَسَقِ، وَكَانَ قُوتُه مِنْ غزل أُخْته رَغِيْفاً بزَيْت، أَوْ قَلِيْل سمن، لَمْ يَنْتقِلْ عَنْ ذَلِكَ حِيْنَ كَثُرَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، رَأَى أَصْحَابَهُ يَوْماً، وَقَدْ مَالت نُفُوْسُهُم إِلَى كَثْرَة مَا غنِمُوْهُ، فَأَمر بِإِحرَاق جَمِيْعه، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا، فَهَذَا لَهُ عِنْدِي، وَمَنْ كَانَ يَبغِي الآخِرَةَ، فَجزَاؤُه عِنْد الله، وَكَانَ يَتَمَثَّل كَثِيْراً:

تَجَرَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّك إِنَّمَا ... خَرَجْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُجَرَّدُ

وَلَمْ يَفتتح شَيْئاً مِنَ المَدَائِن، وَإِنَّمَا قرر القوَاعد، وَمهَّد، وَبغته المَوْت، وَافتَتَح بَعْدَهُ البِلاَدَ عبدُ المُؤْمِن.

وَقَدْ بَلَغَنِي -فِيمَا يُقَالَ: أَنَّ ابْنَ تُوْمرت أَخفَى رِجَالاً فِي قُبُوْر دَوَارِسَ، وَجَاءَ فِي جَمَاعَةٍ لِيُرِيَهُم آيَة، يَعْنِي فَصَاحَ: أَيُّهَا الموتَى أَجيبُوا، فَأَجَابوهُ: أَنْتَ المَهْدِيّ المَعْصُوْمُ، وَأَنْت وَأَنْت، ثُمَّ إِنَّهُ خَاف مِنِ انتشَارِ الحِيلَةِ، فَخسف فَوْقهُم القبور فماتوا.

وَبِكُلِّ حَالٍ، فَالرَّجُل مِنْ فُحُوْل العَالَمِ، رَام أمرًا، فتم له، وربط البربر بالعصمة، وَأَقْدَمَ عَلَى الدِّمَاء إِقدَامَ الخَوَارِج، وَوجد مَا قَدَّمَ"
فهذا الأشعري كفر مخالفيه الذين يجهلون الجوهر والعرض ويثبتون الصفات واستحل دماءهم وأقدم على الدماء إقدام الخوارج فأين الإرهاب؟  أهو في توحيد الله والأمر بإفراد الله بالعبادة؟
هذا آخر هذا التعليق اليسير والله ناصر دينه وهو الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
صباح الأحد 21-11-1438

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق