الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذا مقال آخر في بيان خطأ الدكتور الخنجر الصوفي في استحبابه الصلاة في مسجد فيه قبر وكنت قد رددت على بعض الشبهات التي ذكرها وهذا رد على شبهات آخرى والله الموفق .
4- أما ماذكره الخنجر عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيدل على عدة جهالات علمية وأنه مقلد فقط لغيره من أهل الشبه وليس له تحقيق في العلم وبيان ذلك أن يقال :
١-أن مسجده صلى الله عليه وسلم لم يبن على القبر بل بني المسجد أولاً في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٢- أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وكان خارج المسجد للخبر المروي أن الأنبياء يدفنون حيث ماتوا ولإجماع الصحابة على دفنه في بيته ولخشيتهم من الافتتان بالقبر إذا أبرز قبره.
٣- أن إدخال القبر المسجد كان في زمن الوليد بن عبدالملك وكان غير محمود السيرة وقد أنكر ادخال القبر في المسجد سعيد بن المسيب.
٤- أنّ قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ليس من المسجد حتى بعد إدخاله فيه؛ لأنّ القبر جُعل في حجرة مستقلّة عن المسجد، وقد جُعلت هذه الحجرة محوطة بثلاثة جدران، على شكل مثلث، في زاوية منحرفة عن القبلة ، حتى لا يُستقبل القبر إذا صُلي إلى جهته.
٥- أن المسجد النبوي لا يقاس عليه غيره من المساجد التي فيها قبور لوجود فضائل ثابتة له وهذه الفضائل لا توجد لغيره.
٦- أن عامة أهل العلم على منع البناء على القبور ومنع إدخالها في المسجد ومنع اتخاذها مسجداً ولم يستدل واحداً منهم بقبر النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود أن الدكتور مالكي مقلد فمن أين له بالاجتهاد في هذه المسألة ومخالفة أهل العلم قبله بل المعهود من أهل العلم والدين التشجيع على هدم البناء على القبور وعدم إنكار هذا الهدم،، ِقال الشافعي في الأم (2/631) :" أُحِبُّ أَنْ لاَ يُزَادَ فِي الْقَبْرِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ بَأْسٌ إذًا إذَا زِيدَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ ارْتَفَعَ جِدًّا , وَإِنَّمَا أُحِبُّ أَنْ يُشَخِّصَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شِبْرًا أَوْ نَحْوَهُ وَأُحِبُّ أَنْ لاَ يُبْنَى , وَلاَ يُجَصَّصَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ الزِّينَةَ وَالْخُيَلاَءَ , وَلَيْسَ الْمَوْتُ مَوْضِعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَلَمْ أَرَ قُبُورَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مُجَصَّصَةً ( قَالَ الرَّاوِي ) : عَنْ طَاوُسٍ : { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -ه نَهَى أَنْ تُبْنَى الْقُبُورُ أَوْ تُجَصَّصَ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رَأَيْت مِنْ الْوُلاَةِ مَنْ يَهْدِمَ بِمَكَّةَ مَا يُبْنَى فِيهَا فَلَمْ أَرَ الْفُقَهَاءَ يَعِيبُونَ ذَلِكَِ
فهذا هو صنيع أهل العلم بل هذا هو مذهب المالكية لمن يدري وبإذن الله سيكون في آخر مقال ذكر طائفة من أقوالهم في ذلك قال القرطبي في تفسيره (10 / 38) بعد أن ذكر الحديث الخامس: " قال علماؤنا: وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد ".
🔸ثم أن الخنجر غلط غلطاً فاحشاً وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوجود قبره في مسجده فقال : ( بين بيتي و قبري روضة من رياض الجنة) وهذا خطأ شنيع يدل على أن الدكتور ليس له اطلاع على كتب السنة ولا معرفة له بالصحيح والضعيف والمكذوب فإن ﺣﺪﻳﺚ ( ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﻗﺒﺮﻱ ﻭﻣﻨﺒﺮﻱ ﺭَﻭْﺿَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭِﻳَﺎﺽِ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ) ﻻ ﻳﺼﺢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ وقد روي ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ، ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺎﻝَ :
” ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺑَﻴْﺘِﻲ ﻭَﻣِﻨْﺒَﺮِﻱ ﺭَﻭْﺿَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭِﻳَﺎﺽِ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ، ﻭَﻣِﻨْﺒَﺮِﻱ ﻋَﻠَﻰ ﺣَﻮْﺿِﻲ ”
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ “ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ :”
“ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻃﺮﻗﻪ ﺑﻠﻔﻆ ( ﺍﻟﻘﺒﺮ ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ( ﺑﻴﺘﻲ ) "
قال ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ( ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ) ﺹ :58
“ ﻭﻫﻮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﻗﺒﺮ ﺑﻌﺪ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﺎﺯﻋﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺩﻓﻨﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻜﺎﻥ ﻧﺼﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ – ﺑﺄﺑﻲ ﻫﻮ ﻭﺃﻣﻲ – ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ”
فالصحيح في ذلك ماورد في الصحيح وما بينه الحفاظ رحمة الله عليهم وهو الموجود في النسخ الخطية أما ما أورده الخنجر فإما أنه من تصرف النساخ أو ورد في غير كتب السنة.
5- استدل الدكتور بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جابر رضي الله عنه «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أَيسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المصَلوْنَ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ» اخرجه مسلم
على صحة ما يفعل عند القبور وأن فعلهم هذا ليس ممنوعاً واستدلاله بالحديث استدلال في غير موضعه وعدم فهم لمراد الله ومراد النبي صلى الله عليه وسلم وقد بين أهل العلم خطأ مثل هذا الاستدلال فكان مما قالوا :
١- أَنَّ يَأْسَ المخْلوْق ِ- أَيا كانَ، وَلوْ كانَ صَالِحًا فضْلا ً عَنْ غيرِهِ -: لا يدُلُّ عَلى انتِفاءِ مَا يئِسَ مِنْهُ، بَلْ رُبمَا كانَ مَا يئِسَ مِنْهُ أَقرَبَ إليْهِ مِنْ شِرَاكِ نعْلِهِ، قالَ سُبْحَانهُ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
فيَأْسُ الرُّسُل ِ لمْ يَكنْ صَحِيْحًا في حَقِيْقةِ الأَمْرِ مِنَ الميْؤُوْس ِ مِنْهُ، بَلْ كانَ قرْبُ الميْؤُوْس ِ مِنْهُ شَدِيْدًا، لكِنْ لِخفاءِ ذلِك َ عَنْهُمْ ظنُّوْا مَا ظنُّوْا.
وَهَذَا مِنْ قصُوْرِ البشرِ، وَعَدَمِ عِلمِهمْ باِلغيْبِ إلا َّ مَا أَظهَرَهُمُ الله ُ عَليْهِ: رَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (٤/ ١١ - ١٢) وَأَبوْ دَاوُوْدَ الطيالِسِيُّ في «مُسْنَدِهِ» (ص١٤٧) (١٠٩٢) وَابْنُ مَاجَهْ في «سُننِهِ» (١٨١) كلهُمْ عن أبي رَزِيْن ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَحِك َ رَبنا مِنْ قنوْطِ عِبَادِهِ، وَقرْبِ غِيَرِه».
وَالقنوْط ُ: اليأْسُ. والغِيَرُ: سُقيا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ باِلأَمْطار.
فلمّا كانَ العِبَادُ لا يرَوْنَ فرَجًا قرِيْبًا، وَيئسُوْا مِنْ فرَجهمْ وَقنِطوْا، وَكانَ فرَجُهُمْ في الحقِيْقةِ قرِيبا: كانَ ذلِك َ سببا لِضَحِكِ الرَّحْمَن ِ جَلَّ وَعَلا. فيَأْسُ الشَّيْطان ِ لا يدُلُّ عَلى انتِفاءِ مَا يَئِسَ مِنْهُ، لأَنَّ ذلِك َ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوْبِ الغيْبِ، وَقدْ خَفِيَ عَنْهُ كمَا تقدَّم. وَإنمَا يدُلُّ عَلى انتِشَارِ الخيرِ في ذلِك َ الزَّمَان ِ، حَتَّى ظنَّ الشَّيْطانُ - لِكثْرَةِ مَا يرَاهُ مِنَ الخيرِ وَانتِشَارِ الحقِّ وَالهدَى، وَظهُوْرِ أَهْلِهِ-: أَنْ لا يُضِلَّ أَحَدًا مِنَ المؤْمِنِينَ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ، وَلا يُعْبَدُ فِيْهَا شَيءٌ غيرَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ.
٢-أَنَّ تأْوِيْلَ القبوْرِيِّيْنَ ذلِك َ، مُخالِفٌ لِمَا ثبتَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَوْدَةِ الشِّرْكِ إلىَ جَزِيْرَةِ العَرَبِ في أَمَاكِنَ مِنْهَا، وَحُدُوْثِهِ في أَحْيَاءٍ مِنْهُمْ، وَمِنْ ذلِك َ:
* قوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تقوْمُ السّاعَة ُ حَتَّى تلحَقَ قبائِلُ مِنْ أُمَّتِي باِلمشْرِكِيْنَ، وَحَتَّى يَعْبُدُوْا الأَوْثانَ، وَإنهُ سَيَكوْنُ في أُمَّتِي ثلاثوْنَ كذّابوْنَ، كلهُمْ يَزْعُمُ أَنهُ نبيٌّ، وَأَنا خَاتمُ النَّبيِّيْنَ لا نبيَّ بَعْدِي». وهو حديث صحيح على شرط مسلم رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح.
* وَمِنْ ذلِك َ أَيْضًا: قوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تقوْمُ السّاعَة ُ حَتَّى تضْطرِبَ أَلياتُ نِسَاءِ دَوْس ٍ عَلى ذِي الخلصَة».
وَذو الخلصَةِ: طاغِيَة ُ دَوْس ٍ التِي كانوْا يَعْبُدُوْنَ في الجاهِليَّة. رَوَاهُ َالبُخارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
🔸فهذان خبران يدلان على أن الشرك واقع في جزيرة العرب وأن بعضهم سيعبد غير الله والمخبر بهما هو الذي أخبر بذاك الحديث ولا تعارض بين الجميع لكن الدكتور فهم على هواه هو لا على ما جاء به الشرع .
٣-ارْتِدَادُ كثِيْرٍ مِنْ قبائِل ِ الجزِيْرَةِ بَعْدَ وَفاةِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِتَالُ أبي بَكرٍ الصِّدِّيق ِ مَعَ الصَّحَابةِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمْ جَمِيْعًا لهمْ: دَلِيْلٌ عَلى بُطلان ِ قول القبوريين في هذا الحديث وأمثاله.
٤-خُرُوْجُ الزَّنادِقةِ في خِلافةِ الخلِيْفةِ الرّاشِدِ عَلِيِّ بْن ِ أبي طالِبٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ، المدَّعِيْنَ أُلوْهِيَّتَهُ، وَقتْلهُ لهمْ بحَرْقِهمْ باِلنّارِ وهؤلاء قالوا بألوهية علي رضي الله عنه فكفرهم رضي الله عنه فكيف يقال أن الشرك لن يرجع.
٥-إخْبَارُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخرُوْجِ الدَّجّال ِ، وَأَنهُ يَدَّعِي الإلهِيَّة َ، وَأَنهُ يَطأُ الأَرْضَ كلهَا، حَتَّى لا يَسْلمَ مِنْ فِتنتِهِ أَحَدٌ إلا َّ مَا شاءَ الله ُ، إلا َّ أَهْلُ المدِينتيْن ِ المقدَّسَتيْن ِ مَكة َ وَالمدِيْنَةِ، فإنهُ يُمْنَعُ مِنْ دُخُوْلهِمَا، وَتَحُوْلُ الملائِكة ُ دُوْنهُ، فيقِفُ عَلى مَشَارِفِهمَا، فتَرْجُفُ المدِينة ُ بأَهْلِهَا، فيخْرُجُ خَبَثهَا إليْهِ، فيؤْمِنُوْنَ بهِ رَبا، وَيَكفرُوْنَ باِللهِ، عِيَاذاً باِلله. وَهَذَا يُخالِفُ تَأْوِيْلَ القبوْرِيينَ.
🔸ثم نقل الدكتور كلاماً للبيضاوي وفيه: ( أن. من اتخذ مسجداً بجوار رجل صالح أو صلى في مقبرته فلا حرج عليه ومجرد اتخاذ مسجد بجوار صالح غير ممنوع) انتهى كلامه وهذا الكلام خطأ بين وبطلانه واضح جداً يكفي معارضته لما شذ صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وما تتابع عليه العلماء والحجة ليست في كلام أحد من الناس غير النبي صلى الله عليه وسلم ويبدو أن الدكتور أعياه أن يجد من كلام أهل العلم ما يصحح له مذهبه من علماء الإسلام إلا هذا النقل وسأورد نقلاً للحافظ السيوطي الصوفي يبين فيه حكم المسألة إذ قال في كتابه اتباع السنة ص113 :" فأما بناء المساجد عليها، وإشعال القناديل والشموع أو السُّرج عندها، فقد لعن فاعله، كما جاء عن النبي (، قال: " لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". حديث حسن، وقد تقدم. وصرح عامة علماء الطوائف بالنهي عن ذلك متابعة للأحاديث الواردة في النهي عن ذلك. ولا ريب في القطع بتحريمه لما بينت في صحيح مسلم عن جندب ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله (قبل أن يموت بخمس يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. إني أنهاكم عن ذلك ".
وفي الصحيحين عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزل رسول الله (طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: " لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا.
وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (، قال: " قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".
وقالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله (في مرضه الذي مات فيه: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، متفق عليه.
وروى الإمام أحمد عن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي (قال: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد ".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " لعن رسول الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". رواه الإمام أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي."
ثم صرح السيوطي بوجوب هدم المساجد المبنية على القبور فقال بعد كلامه السابق مع نقله الإجماع على ذلك :" وفي الباب أحاديث كثيرة وآثار، فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين"
والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله بن محمد الحساني.
فجر الثلاثاء 8/2/1438
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق