الجمعة، 20 يوليو 2018

الرد على الدكتور اسماعيل عثمان رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸أما بعد: فهذه كلمات نصح  للدكتور اسماعيل عثمان الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية لعلها تجد منه أذناً صاغية وذلك أنه قد تكرر منه الزيارة لرؤوس المتصوفة وعتاتهم بل وطواغيتهم في مناسبات عدة وأشد هذه الزيارات ذهابه لطابت عند وفاة الجيلي الحفيان وهو أعدى أعداء الدعوة السلفية وهو مشهور بالدجل والسحر ولازالت طابت مغلقة لا يسمح فيها ببناء مسجد لغير المتصوفة ومع ذلك ذهب الدكتور إليهم .
وهذا التقارب الذي يفعل والزيارات المتوالية خلاف دعوة أنصار السنة التي قامت عليها وقد سألت الدكتور اسماعيل عثمان في العام الماضي " كان معي بعض الإخوة في الجامعة الإسلامية في الدراسات العليا " بعد الحج عن هذه الزيارات فلم يكن لديه مسوغاً شرعياً لها لذلك نمى فصيل من غلاة المتصوفة يتهكمون بمثل هذه الزيارات وآخر هؤلاء الخنجر في مقاله الآخير الذي كتبه وحُق لهم أن يتهكموا فإن هذا يخالف للدعوة التي قامت عليها أنصار السنة منذ قديم الزمان وكون كبيرهم يظهر متقرباً بين الفينة والأخرى لرؤوس المتصوفة ودعاة القبورية وسدنة الأضرحة فهذا يدل على غلبة للمتصوفة وتناقض لأنصار السنة.
🔸 وهناك سؤال يطرح نفسه هل يرتضي المنتمون لأنصار السنة أو دعاة التوحيد مثل هذه الزيارات؟  الذي أعلمه أن جماعة من الدعاة لا يرتضون ذلك بل حتى بعض المنتمين لأنصار السنة المركز العام ولكن منعهم من الكلام المجاملة أو المداهنة ونحوها من الأمور.
  🔸 وقد تمنيت أن يتحدث في هذا غيري من الدعاة ليكون كلامهم في ذلك حماية لدين الله وحفظاً لمعالمه أن تبدل يقول البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى :
" إن سكوتَ علماءِ الأرضِ كلِّهم على الباطلِ في الدِّينِ لا يُصيِّرُه حقًّا، وإن تواطُؤَهم جميعًا على منكَرٍ فيه لا يُصيِّرُه معروفًا."  آثار  محمد البشير الإبراهيمي ، (ج٣ ،ص١٥٣).
ومن المقرر في الشرع أن من أخطأ يرد عليه ويبين وجه الخطأ لديه وليس هناك معصوماً لا يرد عليه والإسلام جميع لا يقبل التجزئة،  قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى :
" واعلم كذلك أن الإسلام كل لايقبل التشطير ولا التجزئة،  فالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ومن قفى أثرهم إلى يومنا هذا: *يدعون إلى الإسلام لا إلى بعضه*"  حكم الإنتماء (45)
🔸 وليعلم أن حقيقة دين الإسلام البعد والبغض للمبتدع لا سيما من كان داعياً للبدع فإن هجره يتأكد شرعاً قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 377) :" عَلَى هَذَا فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا" وقال كذلك كما في مجموع الفتاوى (28/ 205) :" والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات وفعل المحرمات كتارك الصلاة والزكاة والتظاهر بالمظالم والفواحش والداعى الى البدع المخالفة للكتاب والسنة واجماع سلف الامة التى ظهر انها بدع
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة ان الدعاة الى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية لأن الداعية اظهر المنكرات فاستحق العقوبة"
*فهذا حكم الإسلام في الداعي إلى البدع فالداعي للشرك والتعلق بالقبور والأضرحة والسحر ونحو ذلك يتأكد هجره والبعد عنه ومنابذته* بل البعد منه هو مقتضى الشهادتين قال الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله تعالى -: عند التعليق على حديث " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله... " "وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله؛ فإنه لم يجعل  التلفظ بها عاصما للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه *حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه. فيا لها من مسألة ما أجلها ويا له من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع*! " ا  فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (١١٢)
فالتوحيد لا يتحقق بغير البراءة من دعاة الشرك والقبور ومن زعم غير ذلك فقد خالف أدلة الشرع قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله: " المرء قد يكره الشرك ويحب التوحيد، ولكن يأتيه الخلل *من جهة عدم البراءة من أهل الشرك*، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعا لهواه داخلا من الشرك في شعب تهدم دينه وما بناه، تاركا من التوحيد أصولا وشعبا، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه مولاه، ولا يحب ولا يبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسواه.  وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله.  فلا تذخر المذاكرة بهذا في كل مجلس وكل مجمع." عيون الرسائل (٢/٧٥٧)
و قال الشيخ محمد بن عبداللطيف رحمه الله:
" من تأمل القرآن، والسنة، وكلام محققي سلف الأمة، علم يقينا أن أكثر الخلق إلا من شاء الله، قد أعرضوا عن واضح المحجة، وسلكوا طريق الباطل ونهجه، وجعلوا مصاحبة عباد القبور، وأهل البدع والفجور، دينا يدينون به، وخلقا حسنا يتخلقون به، ويقولون: فلان له عقل معيشي، يعيش به مع الناس، ومن كانت له غيرة، ولو قلت، فهو عندهم مرفوض ومنبوذ، كالأحلاس؛ فما أعظمها من بلية! وما أصعبها من رزية!
*وأما حقيقة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الهدى والنور، فعزيز والله من يعرفها أو يدريها؛ والعارف لها من الناس اليوم، كالشعرة البيضاء في الجلد الأسود، وكالكبريت الأحمر. أين العنقاء لتطلب؟ وأين السمندل ليجلب؟ لم يبق إلا رسوم قد درست، وأعلام قد عفت، وسفت عليها عواصف الهوى، وطمستها محبة الدنيا، والحظوظ النفسانية* . فمن فتح الله عين بصيرته، ورزقه معرفة للحق وتميزا له، فلينج بنفسه، وليشح بدينه، ويتباعد عمن نكب عن الصراط المستقيم، وآثر عليه موالاة أهل الجحيم، نسأل الله السلامة والعافية. " الدرر السنية (٨/٤٥١)
  🔸 فالأصل المقرر في الشرع هو التفريق بين المؤمن وغيره بالولاء والبراء ومن بدع عصرنا إماتة هذا الأصل وهو الولاء والبراء يقول العلامة عبدالرحمن بن حسن رحمه الله:" المساواة بين أهل الأهواء والزيغ والمعاصي، وجعلهم في رتبة أهل الإيمان، أو فوقهم، خلاف ما أحبه الله، وأمر به عباده; وهو في نفسه فساد، وذلك سبب سخط الله، وحلول عذابه.
*فعليك بقرب من إذا قربتهم قربك الله وأحبك، وإذا نصرتهم نصرك الله وأيدك، واحذر أهل الباطل الذين إذا قربتهم أبعدك الله، وأوجب لك سخطه*، قال تعالى {قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} .
(الدرر السنية ١٤/٩٢).
🔸 والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني
ليلة الجمعة 25/ شعبان / 1439

شبهة وامحمداه!!

الحمد لله وصلى الله وسلم على مصطفاه وعلى آله وصحبه ومن والاه
🔸أما بعد: فقد نشرت المجموعات المسماة بالسادة المكاشفية على الفيس بوك والتليجرام منشوراً لتجويز دعاء غير الله وحالهم كحال غيرهم من الصوفية أنهم جمعوا بين أمرين:
1- قلة الفهم.
2- قلة العلم.
وهذا على ما انضاف إليهما من اتباع الهوى فقد تركوا عشرات الأدلة الصحيحة الصريحة التي تنهي عن دعاء غير الله وأن الدعاء والاستغاثة عبادة لا تصرف لغير الله عمدوا إلى أثر موضوع ومكذوب على الصحابة لتمرير باطلهم.
🔸قالوا في رسالتهم: " الدليل على أن نداء العبد الصالح في غير حضرته ليس شركاً ولا معصية "
وهذا العنوان الموضوع خطأ في ذاته فقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله، والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله قال تعالى: ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين)
وقال تعالى: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت *فإنك إذًا من الظالمين*.)
وقال تعالى: ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم *تدعون من دون الله* قالوا ضلوا عنا *وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين* )
فهذه الآيات واضحة الدلالة على أن دعاء غير الله كفر به سبحانه وعليه فما كتبه هؤلاء الصوفية مخالف لصريح القرآن.
 قال تعالى:( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً )  وقوله  { أَحَداً} نكرة في سياق النهي شملت جميع ما يدعى من دون الله، سواء كان المدعو من دون الله صنماً أو ولياً أو شجرةً أو قبراً أو جنياً، أو غير ذلك، لإن دعاء غير الله هو الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر.
🔸 ثم أورد الصوفي كلاماً لابن كثير في البداية والنهاية ليستدل به على باطله ونص كلامه :
"وحمل خالد بن الوليد (رضي الله عنه) حتى جاوزهم وسار لجبال مسيلمة (الكذاب) وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله ثم رجع ثم وقف بين الصفين ودعا وقال: أنا ابن الوليد أنا ابن عامر وزيد، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: (يا محمداه)
وهذا الذي نقله الصوفي من البداية والنهاية لابن كثير لا يصح ولا يثبت وابن كثير رحمه الله أورده من غير إسناد وقد أوردها مسندة ابن جرير الطبري في تاريخه فقال ابن جرير الطبري في تاريخه (2/513) كتب إلى السرى عن شعيب عن سيف عن الضحاك بن يربوع عن أبيه عن رجل من بنى سحيم قد شهدها مع خالد قال:
 لما اشتد القتال وكانت يومئذ سجالا انما تكون مرة على المسلمين ومرة على الكافرين فقال خالد ايها الناس امتازوا لنعلم بلاء كل حى ولنعلم من اين نؤتى فامتاز اهل القرى والبوادى وامتازت القبائل من اهل البادية وأهل الحاضر فوقف بنو كل أب على رايتهم فقاتلوا جميعا
فقال أهل البوادى يومئذ الان يستحر القتل في الاجزع الاضعف
 فاستحر القتل في اهل القرى وثبت مسيلمة ودارت رحاهم عليه فعرف خالد انها لا تركد الا بقتل مسيلمة ولم تحفل بنو حنيفة بقتل من قتل منهم
ثم برز خالد حتى إذا كان امام الصف دعا إلى البراز وانتمى وقال انا ابن الوليد العود انا ابن عامر وزيد ونادى بشعارهم يومئذ ( وكان شعارهم يومئذ يا محمداه ) فجعل لا يبرز له أحد إلا قتله وهو يرتجز أنا ابن أشياخ وسيفي السخت * أعظم شئ حين يأتيك النفت ولا يبرز له شئ إلا أكله .

*هذه الرواية يحتج بها عباد القبور وموطن حجتهم* ( وكان شعارهم يا محمداه ) ،
هذه الرواية موضوعة لا تصلح للإحتجاج في شيء من أبواب الدين لا في العقيدة ولا في غيرها فإن في سندها *سيف بن عمر التميمي وهو كذاب متهم بالزندقة*.
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/255): (روى مطيّن عن يحيى: فَلْس خير منه. وقال أبوداود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة.
وقال ابن عدي: *عامة حديثه منكر*..) اهـ.
وفي سند الخبر *الضحاك بن يربوع لم يوثقه معتبر وتكلم الأزدي فيه لذا ذكره الذهبي في الميزان*

*والرجل من بني سحيم مجهول*
فهذه ثلاث علل تدل على أن هذا الخبر موضوع ومكذوب لذلك لا يصح الاستدلال به على جواز دعاء غير الله تعالى
🔸ثم قال الصوفي :" *أحبابنا الكرام شعار الصحابة في حروب المرتدين كان* *"يا محمداه"*  *فهذا دليل واضح من فعل الصحابة الكرام انه يجوز الاستغاثة برسول الله بعد وفاته عليه الصلاة والسلام،*
*والاستغاثة ليس معناها العبادة، المسلم لا يعبد إلا الله، ولكن لا بأس لو استغاث بالرجل الصالح كسيدنا النبيّ على معنى انه يطلب من الله النصر ببركته صلى الله عليه وسلم لمكانته عند الله تعالى...*
وهذا الكلام لي معه عدة تعليقات يسيرة :
1- تقدم بيان أن القصة مكذوبة لذلك لا يصح أن يبنى عليها حكماً شرعياً.
2- أما قوله الاستغاثة ليس معناها العبادة فحق أريد به باطل فالاستغاثة ليست هي العبادة بالمطابقة ولكنها من العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى: ﴿إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ﴾ فالاستغاثة وطلب الغوث عبادة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدرفإن الاستغاثة هي طلب الغوث عند حصول شدة -غالباً-
3- والاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه ليست شركاً، وإنما هي من باب إعانة الخلق بعضهم لبعض، وهذا من الأسباب التي ينبغي للمسلم الأخذ بها في حياته إذا أصابته نائبة أو خاف شيئاً، والطفل عندما يبكي يستغيث بأمه من هذا الوجه ومنه قول الله تعالى  :( فاستغاثه الذي من شيعته) .

4- أما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يملكه ولا يقدر عليه فهي شرك مخرج من الملة لأن الاستغاثة دعاء، والدعاء عبادة، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله قال سبحانه ( وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ*وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
5- الصوفية يريدونها جاهلية شركية لذلك حال المشركين الأوائل أفضل منهم في باب الاستغاثة ودعاء غير الله.، يقول البرعي :
إن ناب خطب في البلاد نزيل ** فقل يا ولي الله اسماعيل.
وقال أيضاً  :
استاذك يافقير ** كون عنده ذليل حقير
له اتبع كالصغير ** لا تميل ابداً لغير
كن ثابت عندهو ** لا تضحك عندهو
في كربك أندهو ** بتغيثك جندهو
🔸اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يكف دعاة الشرك عن دعوتهم.
الحساني

http://t.me/Elhassani1

الأربعاء، 18 يوليو 2018

علي الحلبي والمشترك اللفظي

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد:  فقد كتب شيخ علي الحلبي تغريدة في الرد على الأشاعرة في نفيهم صفات الله عز وجل وذكر أن العلاقة بين صفات الله وصفات المخلوق هي الاشتراك اللفظي وقوله هو: " فما الفرق بين ما أثبته ونفيته - أو عطلته =( أولته) - مع وجود *الاشتراك اللفظي* بين صفات الباري - تعالى - اللائقة بجلاله وكماله وبين صفات المخلوقين -  ...)  وماذكره هنا غير صحيح بل القول بأن العلاقة بين صفات الله وصفات المخلوقين هي المشترك اللفظي هو مذهب متأخري الأشاعرة الذين يريد أن يرد عليهم والخطأ لديه في استخدام الألفاظ وعدم فهم المشترك اللفظي لعله،  ويتبين ذلك بأن يقال أن الاشتراك اللفظي معناه اتفاق الكلمة في الرسم مع عدم وجود أي قدر مشترك بين الاسمين كقولك في العين الباصرة ( عين ) وكذلك الجاسوس ( عين ) وقولك في الماء ( عين )
وجعل العلاقة بين اسم الخالق واسم المخلوق اشتراكاً لفظياً في حقيقته تعطيل
وإنما الصواب أن يقال العلاقة التواطؤ ، كقولك نور الشمعة ونور الشمس فبينهما قدر مشترك وليس النور كالنور
والتعبير *بالقدر المشترك والقدر الفارق المميز* أولى وأوضح ومعناه  أن هناك قدرا مشتركا في أن المخلوق يسمع ويرى وأن الرب يسمع ويرى.
وهناك قدرا فارقا مميزا يميز بين الصفتين فالمخلوق سمعه وبصره يليق به وهو محدود
والرب جل وعلى له سمع وبصر يليق بعظمته سبحانه .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :

(وأيضا فيقال: إنه ما من موجودين إلا بينهما قدر مشترك وقدر مميز فإنهما لا بد أن يشتركا في أنهما موجودان ثابتان حاصلان وأن كلا منهما له حقيقة : هي ذاته ونفسه وماهيته حتى لو كان الموجودان مختلفين اختلافا ظاهرا كالسواد والبياض فلا بد أن يشتركا في مسمى الوجود والحقيقة ونحو ذلك بل وفيما هو أخص من ذلك مثل كون كل منهما لونا وعرضا وقائما بغيره ونحو ذلك وهما مع هذا مختلفان؛ وإذا كان بين كل موجودين جامع وفارق فمعلوم أن الله تعالى ليس كمثله شيء : لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فلا يجوز أن يثبت له شيء من خصائص المخلوقين ولا يمثل بها، ولا أن يثبت لشيء من الموجودات مثل شيء من صفاته ولا مشابهة في شيء من خصائصه سبحانه عما يقول الظالمون علوا كبيرا ).
درء تعارض العقل و النقل (5-83/84)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمه الله كذلك :

" وَشِبْهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَكُونُ لِمُشَابَهَتِهِ لَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي التَّمَاثُلَ الَّذِي يُوجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ، وَإِذَا قِيلَ هَذَا حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، وَهَذَا حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، فَتَشَابَهَا فِي مُسَمَّى الْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ - لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسَمَّى مُمَاثِلًا لِهَذَا الْمُسَمَّى فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ.

، بَلْ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، الَّذِي تَشَابَهَا فِيهِ، وَهُوَ مَعْنًى كُلِّيٌّ لَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَلَا يُوجَدُ كُلِّيًّا عَامًّا مُشْتَرَكًا إِلَّا فِي عِلْمِ الْعَالِمِ.

وَالثَّانِي: مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا، كَمَا يَخْتَصُّ الرَّبُّ بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا يَخْتَصُّ بِهِ (ذَاكَ، كَمَا يَخْتَصُّ بِهِ) الْعَبْدُ مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمَقْدِرَةِ، فَمَا اخْتَصَّ بِهِ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ الْعَبْدُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّقَائِصِ الَّتِي تَجُوزُ عَلَى صِفَاتِ الْعَبْدِ، وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ الْعَبْدُ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ الرَّبُّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْمَعْنَى الْكُلِّيِّ الثَّابِتِ فِي ذِهْنِ الْإِنْسَانِ فَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ خَصَائِصَ الْخَالِقِ وَلَا خَصَائِصَ الْمَخْلُوقِ، فَالِاشْتِرَاكُ فِيهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ."
الجواب الصحيح (3/ 442 ومابعدها)

وقد نص شيخ الإسلام على أن القول بأن العلاقة بين أسماء الخالق وصفاته وأسماء المخلوق وصفاته علاقة اشتراك لفظي هو قول متأخري الأشاعرة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وقد بسطنا الكلام على *هذه المسألة في غير هذا الموضع وبينا غلط من جعل اللفظ مشتركا اشتراكاً لفظيا*ً.

وهذا الذي نبه عليه الإمام أحمد من أن مسمى الشيء والوجود ونحو ذلك معنى عام كلي تشترك فيه الأشياء كلها والموجودات كلها هو المعلوم بصريح العقل الذي عليه عامة العقلاء.

ومن نازع فيه فلا بد أن يقول به أيضاً فيتناقض كلامه في ذلك *كما تناقض فيه كلام الشهر ستاني والرازي والآمدي وغيرهم إذ يجعلونه تارة عاماً مقسوماً مشتركاً اشتراكاً لفظيا ومعنوياً بين الأشياء الموجودات ويجعلونه تارة مشتركاً اشتراكاً لفظيا*ً فقط كلفظ المشتري المشترك بين المبتاع والكوكب ولفظ سهيل المشترك بين الكوكب وبين الرجل المسمى بسهيل ولفظ الثريا المشترك بين الكوكب وبين المرأة المسماة ثريا.

كما قيل:

أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يمان"
درء تعارض العقل والنقل (١٧٩/٥)

قال شيخ الإسلام في الرد على المنطقيين موضحاً مسألة التواطؤ (ص155) :" ولهذا كان الحذاق يختارون أن الأسماء المقولة عليه وعلى غيره مقولة بطريق التشكيك الذي هو نوع من التواطؤ العام ليست بطريق الاشتراك اللفظي ولا بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتماثل أفراده بل بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتفاضل أفراده كما يطلق لفظ البياض والسواد على الشديد كبياض الثلج وعلى ما دونه كبياض العاج فكذلك لفظ الوجود يطلق على الواجب والممكن وهو في الواجب أكمل وأفضل من فضل هذا البياض على هذا البياض "
🔸 ومما يحتاج إلى نظر ورد في المقال المذكور قوله تعليقاً على كلام نعيم بن حماد " من شبه بخلقه فقد كفر.... الخ " قال معلقاً ( فقد كفر)  المقصود به الفعل لا الفاعل - إلا بضوابط وشروط فتنبه وهذا كذلك عدم فهم لكلام نعيم بل كلامه رحمه الله فيه تكفير الفاعل والفعل ولو قال كلامه تكفير بالعموم لسلم لأن كلامه يفهم منه أن الفاعل لا يكفر، والمراد التنبيه على المسألة الأولى.
🔸 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
عبدالله الحساني.
ليلة الاثنين 7 شعبان 1439

الإنشغال بغير المهم!!

الحمدلله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد تركت الفيس بوك قبل مدة وبالأمس أراني أحد الإخوان منشوراً في الفيس لأحد مرتادي الفيس ومشاهيره يتحدث فيه عن أن ( مزمل فقيري صافح علي الحلبي)  ثم رأيت بعض المنشورات التي تكذب هذا الأمر من جماعة مزمل فقيري، وبعض آخر يتحدث في الطرف الآخر عن وقوع هذا الأمر
وحروباً ونقاشات،
وطعوناً ومجادلات،
وأزماناً تهدر في مثل هذه الحالات،  وجر لأمور أخرى من أخواتها وبابها واحد يساق لها الشباب المسكين وهذه الحادثة التي رأيت هي جزء من الجو العام الذي تعيشه المجموعات اليوم فإنك لا تكاد تجد منشغل بالعلم والعمل والدعوة على الطريق السديد الذي سار عليه أهل العلم الكبار والنقص في باب العلم والدعوة ظاهر للعيان فهذه المجموعات على اختلافها تتجادل وإن شئت قل تتقاتل وكم من أبواب العلم العظيمة التي كانت من أوضح الواضحات قديماً قد جهلت لدى شبابهم بل شيبهم فإنك تجد التقصير في بابي *العقيدة والفقه*  ظاهراً للعيان وسل إن شئت من شئت من شباب هذه المجموعات والمقدمين لديهم  عن الله الذي خلقوا لأجل عبادته ومعرفته سلهم عن إحصاء اسماء الله بحيث يورد لك الواحد كل اسماء الله بمعانيها التي تحتملها،؟ بل سلهم عن بعضها ودعك من جميعها.!؟ 
بل سلهم عن شبهات الأشاعرة في العلو الذي هو من أظهر الأمور؟  أورِد عليهم شبهات الأشاعرة في الحكم على حديث الجارية بالاضطراب متناً وسنداً هل يستطيعون ردها؟
بل أورد عليهم شبهات الأشاعرة في نفي صفات الله الخبرية وما يوردونه على كل صفة لله تعالى فهل يستطيعون ردها؟
بل أورد عليهم شبهات الصوفية في باب دعاء غير الله والتوسل وما يوردونه من شبهات كحديث يا عباد الله أمسكوا وأثر خدرت رجل ابن عمر وحديث الأعرابي ونحوها من شبهاتهم فهل تجد رداً حاضراً لديهم؟
بل أورد عليهم شبهات الصوفية في باب الربوبية وما يوردونه من شبهات في هذا الباب فهل تجد رداً حاضراً لديهم؟ 
أما باب العلم من حيث التأصيل والتحصيل فالأمر أشد وأنكى والأفضل أن يترك الأمر مستوراً وأن يترك الثوب على غرة، ويقر الطير علي وكناتها فالتقصير ظاهر والجهل بادي ومن له قلب سيتحسر على ما نعيشه من إعراض عن العلم حفظاً وفهماً بل وتدريساً فإن هذه الفتن قد أخذت الناس إليها وصرفت القلوب عن العلم النافع مما يبشر بزيادة الجهل والنزاع والصراع وما يراه الناظر من الحيلولة بين الناس وبين العلم نذير شؤم فالعارف بالله وأمره ينبغي أن يزداد كل يومٍ معرفة بالله لا معرفة بالنزاع والصراع والقيل والقال.  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" إنَّ العَابِدَ للَّهِ والعَارِفَ باللَّهِ في كُلِّ يَومٍ بَل في كُلِّ سَاعَةٍ بَل في كُلِّ لَحظَةٍ =

*يَزدَادُ عِلمًا باللَّهِ ، وبَصِيرَةً في دِينِهِ وعُبُودِيَّتِهِ* ،

بِحَيثُ يَجِدُ ذَلِكَ في طَعَامِهِ وشَرَابِهِ ونَومِهِ ويَقَظَتِهِ وقَولِهِ وفِعلِهِ ، *ويَرَى تَقصِيرَهُ في حُضُورِ قَلبِهِ في المَقَامَاتِ العَالِيَةِ* وإعطَائِهَا حَقَّهَا فَهُوَ يَحتَاجُ إلى =

الإستِغفَارِ آنَاءَ اللَّيلِ وأطرَافَ النَّهَارِ ؛

بَل هُوَ مُضطَرٌّ إلَيهِ دَائِمًا في الأقوَالِ والأحوَالِ ، في الغوَائِبِ والمَشَاهِدِ ؛

لِمَا فِيهِ مِن المَصَالِحِ وجَلبِ الخَيرَاتِ وَدَفعِ المَضَرَّاتِ ،
وطَلَبِ الزِّيَادَةِ في القُوَّةِ في الأعمَالِ القَلبِيَّةِ والبَدَنِيَّةِ اليَقِينِيَّةِ الإيمَانِيَّةِ ».
 مَجمُوع الفتَاوى  (١١ / ٦٩٦).
ويتبين هنا أهمية هداية الله وتثبيته، قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" إنَّ العَبدَ لا يَستَغنِي عَن تَثبِيتِ اللَّهِ لَهُ طُرفَةَ عَينٍ ،

فَإِن لَم يُثَبِتهُ وإِلَّا زَالَت سَمَاءُ إيمَانِهِ وأرضِهِ عَن مَكَانِهِمَا ،

وقَد قَالَ تَعَالَى لأكرَمِ خَلقِهِ عَلَيهِ عَبدِهِ ورَسُولِهِ - ﷺ - : { ولَولا أن ثَبَتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً }.

وَقَالَ تَعالَى لأكرَمِ خَلقِهِ - ﷺ - : { إِذ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الذِينَ آمَنُوا }.

وفِي الصَحِيحَينِ مِن حَدِيثِ البَجَلِي قَالَ : " وهُوَ يَسألُهُم ويُثَبِتُهُم ".

وقَالَ تَعالَى لِرَسُولِهِ - ﷺ - : { وكُلاً نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ }.

*فَالخَلقُ كُلهُم قِسمَانِ = مُوفَقٌ بِالتَثبِيتِ ، ومَخذُولٌ بِتَركِ التَثبِيت*ِ "
أعلامُ المُوقَعِين ( ١ / ١٦٣).
وكذلك يتبين أهمية الاعتصام بالسنة وهدي السلف من حيث عدم الجدال في الدين وكثرة القيل والقيل ومن حيث أن اختزال الشرع الذي نراه في هذه المجموعات لا علاقة له بالسنة ولا علاقة له بمنهج السلف قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « وعَامَّةُ هَذِهِ الضَّلالاتِ إنَّمَا تَـطَرق مَن لَم يَعتَصِم بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ ، كَمَا كَانَ الزُّهرِيُّ يَقُولُ :

كَانَ عُلَمَاؤنَا يَقُولُونَ : " الإعتِصَامُ بِالسُّنَّةِ هُوَ النَّجَاةُ ".

وقَالَ مَالِكٌ : " السُّنَّةُ سَفِينَةُ نُوحٍ مَن رَكِبَهَا نَجَا ومَن تَخَلَّفَ عَنهَا غَرِقَ ".
 وذَلِكَ أنَّ السُّنَّةَ ، والشَّرِيعَةَ ، وَالمِنهَاجَ هُوَ الصرَاطُ المُستَقِيمُ الذِي يُـوَصِّـلُ العِبَادَ إلَى اللَّهِ ،
وَالرَّسُولُ هُوَ الدَّلِيلُ الهَادِي فِي هَذَا الصِرَاطِ ».
مَجمُوعُ الفتَاوى  (٤ / ٥٧)

ومن فتح الله بصيرته ونور قلبه علم تمام العلم أن اقتطاع الناس عن المعارف الإيمانية وانشغالهم بما لا يعنيهم إنما هو من الخذلان

‏قال معروف الكرخي رحمه الله:
‏" كلامُ العبدِ فيما لا يُعنِيه ،
خِذلانٌ من اللهِ له " . طبقات الحنابلة ( ٢/ ٤٨١ )
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
« أشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ الحَسرَةِ والبَلاءِ أن يُفتَحَ للعَبدِ طَرِيقُ النَّجَاةِ والفَلاحِ ،
حتَى إذَا ظَنَّ أنَّـهُ نَاجٍ ورَأى مَنازِلَ السُعدَاءِ ؛
*اقتُطِعَ عَنهُم ، وضُرِبَت عَلَيهِ الشَّقوَة ، نَعوذُ باللَّهِ مِنْ غَضَبهِ وعِقَـابِه* ».
 بدَائِــعُ التَفسِير ( ٣ / ١٢٩)
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى:
" ‏لا يَصلُحُ الرجلُ حتى يترُكَ ما لا يعنيه ، ويشتغلَ بما يعنيه ، فإذا كان كذلك ؛ يُوشـكُ أن يفتـحَ ﷲ قلبَـه ".
ترتيب المدارك ( ١ / ٢٠٩)
فعيب عليك ياطالب العلم ويا أيها المسلم أن ترضى بالدون،  ومالا يعود عليك بالنفع دعك أن تنشغل بما يضرك،  قال ابن القيم رحمه الله تعالى « وَصدَقَ القَائِلُ :
وَلم أرَّ فِي عُيُوبِّ النَّاسِ عَيبًا ... كَنقصِ القَادرِينَ عَلى التَّمَامِ

*فَثَبتَ أنَّه لَا شَيء أقَبَحُ بالإنسَانِ مِن أن يَكُون غَافِلاً عَن الفَضَائِل الدِّينِيَّةِ ، والعُلومِ النَافِعَةِ ، والأعَمالِ الصَّالِحَةِ* ؛
فَمن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ من =
*الهَمَجِ الرِعَاع الَّذِين يُكَدِرُون المَاءِ ، ويُغَلُونَ الأسعَارِ ، إن عَاشَ عَاشَ غَير حَمِيدٍ ، وإن مَاتَ مَاتَ غَير فَقِيد*ٍ ، فَقدَهُم رَاحَةً للبلادِ والعِبَادِ ، ولا تَبكِي عَلَيهِمُ السَّمَاء ، وَلَا تَستَوحِشُ لَهُم الغَبرَاءَ ».
 مُفتَاحُ دَارِ السعَادَةِ (١ / ١١٠)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى كذلك: "مَن أرَاد اللَّهُ بِه خَيرًا =

فَتحَ لَهُ بَابَ الذُّلِ والإنكِسَارِ ،
ودَوَامِ اللَّجَأ إلى اللَّهِ تعَالى ،
والإفتِقَارِ إلَيهِ ،
ورُؤية عيُوب نَفسهِ ، وجَهلهَا ، وظُلمَها ، وعُدوَانِها ،
ومُشَاهدَة فَضِّلِ رَبهِ ،
وإحسَانِه ، ورَحمَتِه ، و جُودِه ، وبِرِّه ، وغِنَاه ، وحَمدِّه ".
 الوَابِّلُ الصَيِّب ( صـ ١٠)

وَاختَـر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعـلُو بِـهِ

أَو مُت كَرِيمًا تَحتَ ظِلِّ القَسطَلِ

فَالمَـوتُ لا يُنجِيـكَ مِن آفَاتِـهِ

حِصـنٌ وَلَـو شَيَّدتَـهُ بِالجَنـدَلِ

مَوتُ الفَتى فِي عِـزَّةٍ خَيرٌ لَـهُ

مِن أَن يَبِيتَ أَسِيرَ طَرفٍ أَكحَلِ

🔸أما التقصير في باب الدعوة إلى الله فبين وظاهر وهاهي أطراف الخرطوم الشمالية وريفه الجنوبي فيه مناطق لم يزرها من يدعو إلى الله سواء كان سنياً أو بدعياً فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
🔸 وماذكرته أعلاه هو من باب التمثيل وإلا فإن انشغال الناس بمالا ينفع كثير ونصيحتي هنا للعقلاء ممن اختزل دينه كله في عدة أمور وإلا فكثافة الطبع وغشاوة القلوب التي خيمت على الناس تدل على أن القوم يرتضون مايعيشونه الآن.

الحساني

هل المناظرات طريقة السلف؟

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فمن المقرر في كتب العلم أن الأصل تعليم العلم وتبيينه للناس بذكر الأدلة من الكتب والسنة بلا جدال ولا نقاش ولا مناظرة وكذلك من المقرر أن المجادلة بالتي هي أحسن تكون لطالب الحق ومريد النجاة أما المجادلة على وجه المغالبة والمناظرة فلم يكن ذلك من هدي السلف ومن طريقة العلماء السالفين،  قال صالح في مسائله لأبيه [734 ] :
كتب رجل إِلَى أبي يسْأَله عَن مناظرة أهل الْكَلَام وَالْجُلُوس مَعَهم ؟
فأملى عَليّ جَوَابه :
أحسن الله عاقبتك وَدفع عَنْك كل مَكْرُوه ومحذور
*الَّذِي كُنَّا نسْمع وأدركنا عَلَيْهِ من أدركنا من أهل الْعلم أَنهم كَانُوا يكْرهُونَ الْكَلَام والخوض مَعَ أهل الزيغ* ، وَإِنَّمَا الْأَمر فِي التَّسْلِيم والانتهاء إِلَى مَا فِي كتاب الله جلّ وَعز لَا يعد ذَلِك
وَلم يزل النَّاس يكْرهُونَ كل مُحدث من وضع كتاب
أَو جُلُوس مَعَ مُبْتَدع ليورد عَلَيْهِ بعض مَا يلبس عَلَيْهِ فِي دينه
فالسلامة إِن شَاءَ الله فِي ترك مجالستهم والخوض مَعَهم فِي بدعتهم وضلالتهم
فليتق الله رجل وليصر إِلَى مَا يعود عَلَيْهِ نَفعه غَدا
من عمل صَالح يقدمهُ لنَفسِهِ
وَلَا يكون مِمَّن يحدث أمرا فَإِذا هُوَ خرج مِنْهُ أَرَادَ الْحجَّة لَهُ فَيحمل نَفسه على المحك فِيهِ وَطلب الْحجَّة لما خرج مِنْهُ بِحَق أَو بَاطِل ليزين بِهِ بدعته وَمَا أحدث
وَأَشد ذَلِك أَن يكون قد وَضعه فِي كتاب فَأُخذ عَنهُ فَهُوَ يُرِيد يزين ذَلِك بِالْحَقِّ وَالْبَاطِل وَإِن وضح لَهُ الْحق فِي غَيره
نسْأَل الله التَّوْفِيق لنا وَلَك وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين
وَالسَّلَام عَلَيْك. "
وقال الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: "*فإياكم أن تزلكم المرجئة عن أمر دينكم، وليكن ذلك في لين وترك المجادلة لهم حتى تبلغوا ما تريدون من ذلك*.

حدثنا أزهر عن ابن عون، قال: قال محمد: «كانوا يرون ما دام على الأثر، فهو على الطريق».

*واعلم أن ترك الخصومة والجدال هو طريق من مضى، ولم يكونوا أصحاب خصومة ولا جدال؛ ولكنهم كانوا أصحاب تسليم وعمل*.
نسأل الله التوفيق لنا ولكم في جميع أمورنا لما يحب ويرضى، وأن يسلمنا وإياكم من كل سوء برحمته، والسلام عليكم. "
الجامع في عقائد ورسائل أهل السنة والأثر (ص ٤٠٨)
🔸 ومن أراد نصرة دين الله فليأت ذلك من بابه وليسلك مسلك العلماء في ذلك وليتذكر أن دين الله محفوظ فما على الدعاة إلا أن يبحثوا عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليسلكوها، قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"والخالق الذي هيأ لعباده ما يحفظون به مصالح دنياهم هو الذي شرع لهم دين الإسلام وتكفل بحفظه إلى الأبد وعنايته بحفظ الدين أشد وأكد لأنه هو المقصود بالذات من هذه النشأة الدنيا قال الله عز وجل: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} ."
التنكيل (234).
🔸 لذلك ما نراه هنا وهناك من مناظرات مع أهل البدع،  وما نراه من تمكينهم أن يبثوا شبهاتهم بين عامة المسلمين ليس من السلفية في شيء وإن كان ظاهرها نصرة والغالب خلافه فإن من طريقة أهل السنة والجماعة أنهم لا ينظرون للنتائج فحسب وإنما ينظرون لها وللطريق الموصل إليها،  وقد يستدل مستدل بما وقع من مناظرات وما قاله بعض العلماء الثقات ولكن هذه لا يقاس عليها بل أن كثيراً من المناظرين غير متمكنين من مذهب أهل السنة والجماعة حتى يناظروا عنه وقد رأينا كيف يحيد المناظر من أهل السنة عن كثير من الشبه ويتركها لغيرها مما يدل على عدم تمكنه من ردها.
🔸 وقد ذكر أهل العلم أن ما وقع للسلف من مناظرات لا يخرج عن اجتماع عدة أمور فيه:
الأول : أن يكون ذلك في حالة اضطرار كالمناظرة عند السلطان كما حصل للإمام أحمد
الثاني : أن يكون المناظر من أهل السنة عالماً أو متمكناً من مادته فإن المناظرة بمنزلة المبارزة التي تكون قبل التحام الجيشين لنتجيتها أثر نفسي على الجيش فلا يخرج إليها إلا القوي الصنديد
الثالث : أن يكون المناظر من أهل البدع ممن يرجى رجوعه كما نبه على هذا المعنى ابن سيرين
الرابع : أن يكون المناظر من أهل السنة سالماً من حظوظ النفس
الخامس : أن يكون المرجع عند المناظرة إلى الكتاب والسنة ، ولهذا كان الشافعي يكره محاورة أهل الكلام بل يكره التصنيف في الرد عليهم ، مع أنه كان يناظر أهل الرأي الذين هم مع بعدهم عن الأثر يقرون بالاحتجاج بالسنة في الجملة على منهج لهم غريب في ذلك أظهر الشافعي تناقضه وضعفه في كتابه الرسالة
السادس : لم يكن من ديدن السلف المناظرة في مسائل الاعتقاد والثوابت السنية ، ومن كان ديدنه المناظرات في العقيدة أو غيرها لا يسلم من حظوظ في الغالب وقل أن تجد رجلاً مثل الشافعي يقول ( ما ناظرت أحداً وتمنيت أن يخطيء ) بل اليوم يتمنى له العطب ليظهر الانتصار عليه
فإن كان الأمر على غير ما ذكرت فحال المناظرة كما وصف البربهاري،قال رحمه الله في شرح السنة [10] والكلام والخصومة والجدال والمراء محدث يقدح الشك في القلب، وإن أصاب صاحبه الحق والسنة.
وقال أبو نعيم في الحلية [ 4/222 ]: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [المائدة: 14] قَالَ: أَغْرَى بَيْنَهُمْ فِي الْخُصُومَاتِ وَالْجِدَالِ فِي الدِّينِ .
وقال ابن سعد في الطبقات [ 9181 ] : قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : مَا خَاصَمْتُ رَجُلاَّ قَطُّ .
🔸 هذه إشارة تكفي مريد الهدى والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
ليلة الخميس 20-6-1439

حديث الصورة

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذا بحث مختصر يتعلق بحديث الصورة تدعو إليه الحاجة وهو مختصر جداً والكلام فيه في عدة نقاط :
🔸أولاً: ذكر الحديث المراد الحديث عنه وذكر الصحيح من رواياته :
روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن".
وروى مسلم كذلك (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورته..... "
 وروى ابن أبي عاصم (516) أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" قال الشيخ الألباني : إسناده صحيح
أما حديث: " خلق الله آدم على صورة الرحمن " فقد ضعفه أهل العلم وأعلوه بعدة علل.
🔸 ثانياً: معنى هذا الحديث :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات ، التي قد يسمى المخلوق بها ، على وجه التقييد ، وإذا أطلقت على الله اختصت به ، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ، ومثل خلقه بيديه ، واستواءه على العرش ، ونحو ذلك "
نقض التأسيس (3/396).
 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كذلك :
"وَقَوْلُهُ: " «خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» " لَمْ يُرِدْ بِهِ تَشْبِيهَ الرَّبِّ وَتَمْثِيلَهُ بِالْمَخْلُوقِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَحْقِيقَ الْوَجْهِ وَإِثْبَاتَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ صِفَةً وَمَحَلًّا" الفتاوى الكبرى (1/539)
وكذلك سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه ، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته . فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث ؟
فأجاب رحمه الله :
" الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" وفي لفظ آخر : " على صورة الرحمن " وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل .

*والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا ، متكلما إذا شاء ، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء ، وله وجه جل وعلا* .

وليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل *الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم* ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص / 4 ، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه "
مجموع فتاوى الشيخ (4/ 226).
🔸 ثالثاً: هل هذا الحديث يقتضي التشبيه؟
لا علاقة لهذا الحديث بما يتوهمونه من التشبيه فمعنى الحديث أن لله وجهاً وسمعاً وبصراً ، وقد خلق الآدمي له وجه وسمع وبصر ، وليس الوجه كالوجه ولا السمع كالسمع ولا البصر كالبصر غير أن هذه هيئة مكرمة ومما يزيد الأمر وضوحاً ما أخرجه البخاري في صحيحه 3327 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ " وأخرجه مسلم كذلك.  فمراده صلى الله عليه وسلم أن أول زمرة هم على صورة البشر ، ولكنهم في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه ، وما أشبه ذلك على صورة القمر ، فصورتهم فيها شبه بالقمر.
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى :
"وأنا أعجب كثير من بعض من ينتسب إلى العلم، ويظن أن الحديث فيه تمثيل أو فيه تشبيه، وهذا لأجل فساد اللغة؛ فإن (على) في اللغة ليست بمعنى (مثل) بالاتفاق؛ (على) ليست بمعنى المثلية، خلق آدم على صورته، على صورة الرحمن، ليس معناه مثل صورة الرحمن، نقول هذا أخلاقه على أخلاق فلان، هذا عمله على عمل فلان؛ يعني أنه يتصف بصفات عمله؛ يشترك معه؛ لكن إذا أتيت إلى الكيفية إلى مقدار العمل لا يقتضي المماثلة في ذلك، قد يقتضي المشابهة (على) قد تقتضي التشابه والتشابه في أصل المعنى لا ننفيه، إنما ننفي التشابه في تمام المعنى يعني في كماله أو في الكيفية."
[شرحه للحموية]
إذن أصل ضلال من ضل في هذا الباب أنه يشبه أولاً ثم بعد ذلك يعطل والأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"  وهذا أصلُ ضلالِ الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم على مذهبهم، فإنهم يُظهرون للناس التنزيهَ، وحقيقةُ كلامهِم التعطيل، فيقولون: نحن لا نُجسِّم، بل نقول: إن الله ليس بجسم، ومرادُهم بذلك نفيُ حقيقة أسمائه وصفاتِه، فيقولون: ليس لله علمٌ ولا حياةٌ ولا قدرةٌ ولا كلام ولا سمعٌ ولا بصرٌ، ولا يُرى في الآخرة، ولا عُرِجَ بالنبي إليه، ولا يَنزِل منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا يتجلى لشيء، ولا يقرب إلى شيء، ولا يقرب منه شيء. ويقولون: إنه لم يتكلم بالقراَن، بل القرآن مخلوق، أو هو كلام جبريل، وأمثال ذلك من مقالات المعطّلة الفرعونية الجهمية."
جامع المسائل(3/ 207).
لذلك قال ابن قتيبة رحمه الله :
"  الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد"
تأويل مختلف الحديث ص( 221)
🔸رابعاً: هل هناك خلاف في عود الضمير؟
الوارد عن السلف والذي لا خلاف بينهم هو أن الضمير يعود إلى الله وأول من قال بعود الضمير إلى آدم أبو ثور رحمه وقد اشتد نكير السلف عليه ثم تبعه بعد ذلك ابن خزيمة رحمه الله تعالى وكذلك خطّأه أهل السنة وقد نقل إجماع أهل السنة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في أكثر من موضع من كتبه منها :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" *لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى* ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة "
 نقض التأسيس (3/202)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك "
بيان تلبيس الجهمية 6/ 373)

قال ابن بطة العكبري في الإبانة:
حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الشيلماني نَا عبد الله بن الْعَبَّاس الطَّيَالِسِيّ نَا إِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَ قلت لِأَحْمَد لَا تقبحوا الْوُجُوه فَإِن الله خلق آدم على صورته أَلَيْسَ تَقول بِهَذِهِ الْأَحَادِيث قَالَ أَحْمد صَحِيح

قَالَ ابْن رَاهَوَيْه صَحِيح وَلَا يَدعه إِلَّا مُبْتَدع أَو ضَعِيف الرَّأْي

وقال: حَدثنَا أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن رَجَاء نَا أَبُو نصر عصمَة بن أبي عصمَة قَالَ نَا أَبُو طَالب قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول من قَالَ إِن الله تَعَالَى خلق آدم على صُورَة آدم فَهُوَ جهمي وَأي صُورَة كَانَت لآدَم قبل أَن يخلقه.
والأمر كما قال الإمام أحمد ( وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه الله ) فأنت حين تقول ( صنعت هذا الكرسي على مثال الكرسي الفلاني ) فلا بد أن يكون هذا الكرسي الثاني موجوداً عند صنعك للأول حتى تصنع على مثاله وآدم لا وجود له قبل خلقه وهذا بديهي وكذلك القول بعود الضمير على آدم لا يعتبر كلاماً مفيداً فجعل الحديث : " إن الله خلق آدم على صورة آدم " لا معنى له
ومن قال بعود الضمير إلى آدم فإنه لا يتابع على قوله ويعتذر له إن كان إماماً في السنة يُعرف عنه تحري السنة واتباعها لذلك لا يصح أن يحتج أي محتج من أن ابن خزيمة إمام الأئمة رحمه الله ضعف هذا اللفظ, فهذه زلة منه لا يتابع عليها ؛ قال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتابه الذي سماه الفصول في الأصول فيما نقله عنه ابن تيمية رحمه الله:" *فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن خزيمة تأويل الحديث خلق الله آدم على صورته فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل ولم يتابعه عليه من قبله من أهل الحديث* لما روينا عن أحمد رحمه الله تعالى ولم يتابعه أيضاً من بعده حتى رأيت في كتاب الفقهاء للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهم مسألة تفرد بها فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث خلق الله آدم على صورته على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك افتُرى عليه فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقيله ولا يُلتفت إليه بل نوافق ونتابع ما اتفق الجمهور عليه"
بيان تلبيس الجهمية (6/400)
🔸 هذا تعليق يسير ومن أراد أن يتوسع فليرجع لجواب الاعتراضات المصرية على الفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فإنه ذكر في آخره فصلاً على هذا الحديث والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
ليلة الثلاثاء 18 - 6- 1439

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

رد على مقال كيف تكون وهابياً للقبوري الخنجر

🔴  #كيف_تكون_صوفياً؟  🔴

🔸كون الشخص يصبح صوفياً من أسهل ما يمكن ولذلك طريق واحد وهو أن يلغي عقله فإن ترك عقله فهو الصوفي وإن أعمل عقله وفكر قليلاً ترك الصوفية والتصوف.
فالتصوف والعقل ضدان لا يلتقيان ولا يجتمعان إلا إذا اجتمع الماء والنار.
🔸 أن تجعل آيات القرآن لا تصلح لهذا الوقت وأنت غير مخاطب بها فأنت صوفيٌ جلد.
وبجعلك للقرآن غير صالح تدعو شيوخك وتستغيث بهم دون الله وتترك بذلك محكم الآيات التي جعلت الدعاء عبادة يتقرب بها إلى الله وجعلها لغيره شرك.
🔸 أن تعتقد أن كل حق الله هو حق لشيوخك كعلم الغيب والتصرف في الكون وقول للشيء كن فيكون وأمثالها فأنت صوفيٌ.
🔸 أن تجعل دينك هو رفع الصوت والرقيص ولبس المرقع والوسخ من الثياب فأنت صوفيٌ.
🔸 أن تتذلل للشيخ،  ولا تعترض على كلامه وإن كان كفرا،  وتكون عنده كالميت بين يدي الغاسل فأنت صوفيٌ.
وحالك مع الشيخ كما قال البرعي :
استاذك يافقير  كون عندو ذليل حقير.
له اتبع كالصغير  لا تميل ابداً لغير.
كن ثابت عنده  لا تضحك عندهو.
في كربك اندهو بتغيثك جندهو.
🔸 أن تعادي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتستهزيء بها وتكون حرباً عليها فأنت صوفيٌ جلد.
🔸 أن يتواصى كباركم ودعاتكم على الصبر على التصوف وعدم تركه وإن ظهر فساده فأنت صوفيٌ جلد وحالك كحال اسلافك " وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا الأ اختلاق "
🔸 أن تصدق كذب شيوخك مما لا يدخل عقل أحد تحت مسمى الكرامة فأنت صوفيٌ جلد
فقد جاء في كتابه ((قبس من نور)) ص 56 ما نصه: ((قمت بتعليم أحد المريدين في الطريقة الأوراد والإرشاد وبعثت به إلى بلدةٍ ما يرشد، وكان في هذه البلدة أبناء الطريقة الْخَتْمِيَّةِ، فلم يعجب ذلك السيد علي الميرغني فقبض روحه، فجاءني أحد الأخوان وقال لي: أدركنا يا عم الشيخ! فإن الرجل قبض روح أخينا؟، فثرت ثورة شديدة وطرت أنا وعبده سبيكة بروحينا فوجدته ميتًا ومُكَفَّنًا ينتظر الدفن، ووجدت السيد علي واقفًا ومُمْسِكًا بروح المرشد، فقلتُ له: لماذا قبضت روح المرشد؟، فقال: أنا حُرٌّ، وهذا الْمُلْكُ مُلْكِي أفعل فيه ما أشاء، فقلت له: لَسْتَ حُرًّا، وأنا شريكٌ لك في الْمُلْكِ، قال: لَسْتَ شَرِيكًا لي، قلتُ: أيفعل كل واحد منا ما يريد فعله؟، قال: نعم، قلت له: أَتَعِي ما تقوله جيدًا؟!، قال: نعم أَعِيهِ جيدًا، فناديت سيدي إبراهيم، ورفعت يدي لأضربه وأسلب ما عنده من ولاية، وفي هذه اللحظة حضر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتجفنا ارتجافًا شديدًا وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أعاد الروح للمريد فأخذ يسير هنا وهناك، ثم حدثت مشكلة وهي أن الروح ترتبط بالرزق وكان السيد علي قد شطب رزقه قبل قبض روحه!، وهو الآن فقير يعيش على أرزاق غيره، وكثيرًا ما يأتي إِلَيَّ فأَقُول له: اصْبِرْ، الرجل قد شطب رزقك!!)).
🔸 أن تعظم القباب والأضرحة أكثر من تعظيم بيوت الله وتعتقد أن زيارة قبور الأولياء أولى من زيارة بيت الله الحرام فأنت صوفيٌ جلد.
فهذا عبد الرحيم البرعي يعتقد أنَّ زيارة قبر الشيخ هي الحج الأكبر :
في قصيدة : شيخ المسيد ، ديوان رياض الجنة و نور الدّجِنَة ص 312
يقول في قصيدة شيخ المسيد ص 94 من ديوان الشائب يقول البرعي :

زُورْتُــــــه حَــــجَّـــــــة * و رُؤيــــــاه عِـــيْــــــــــد
البِــــحِـــــــــبُـــــــــــهُ * لا شــــــك سَــــــعيـــد
فــــــــــي الدُّنيـــــــــا * ويـــــــــــوم الـــــوعيــد

في القصيدة السابقة يمدح البرعي شيخه أحمد الطيب البشير ويزعم أنَّ زيارة قبره تعدل حجة وهذا الكلام ذكره شيوخ السمانية في مؤلفاتهم .

فقد جاء في أزاهير الرياض تأليف شيخ السمانية عبد المحمود نور الدائم ص 67 :
جاء في الكتاب أنَّ زيارة قبر الشيخ أحمد الطيب هي الحج الأكبر .

ويقولون : لو فاتك الحجاز زور أب حراز

وفي كتاب يستنبئونك تأليف شيخ السمانية حسن الفاتح قريب الله ص 163 :
" يقول حسن الفاتح قريب الله : شُوهدت الكعبة المشرفة تطوف بجماعة من الأولياء في أوقات في أمكنة غير مكانها ، مع العلم بأنها لم تفارق مكانها في تلك الأوقات ."
🔸 أن تعتقد أن المدعو الخنجر ممن يؤخذ منه دين ويؤخذ عنه علم مع ظهور جهله وتخبطه فأنت صوفيٌ جلد.

عبدالله الحساني