الجمعة، 20 يوليو 2018

الرد على الدكتور اسماعيل عثمان رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸أما بعد: فهذه كلمات نصح  للدكتور اسماعيل عثمان الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية لعلها تجد منه أذناً صاغية وذلك أنه قد تكرر منه الزيارة لرؤوس المتصوفة وعتاتهم بل وطواغيتهم في مناسبات عدة وأشد هذه الزيارات ذهابه لطابت عند وفاة الجيلي الحفيان وهو أعدى أعداء الدعوة السلفية وهو مشهور بالدجل والسحر ولازالت طابت مغلقة لا يسمح فيها ببناء مسجد لغير المتصوفة ومع ذلك ذهب الدكتور إليهم .
وهذا التقارب الذي يفعل والزيارات المتوالية خلاف دعوة أنصار السنة التي قامت عليها وقد سألت الدكتور اسماعيل عثمان في العام الماضي " كان معي بعض الإخوة في الجامعة الإسلامية في الدراسات العليا " بعد الحج عن هذه الزيارات فلم يكن لديه مسوغاً شرعياً لها لذلك نمى فصيل من غلاة المتصوفة يتهكمون بمثل هذه الزيارات وآخر هؤلاء الخنجر في مقاله الآخير الذي كتبه وحُق لهم أن يتهكموا فإن هذا يخالف للدعوة التي قامت عليها أنصار السنة منذ قديم الزمان وكون كبيرهم يظهر متقرباً بين الفينة والأخرى لرؤوس المتصوفة ودعاة القبورية وسدنة الأضرحة فهذا يدل على غلبة للمتصوفة وتناقض لأنصار السنة.
🔸 وهناك سؤال يطرح نفسه هل يرتضي المنتمون لأنصار السنة أو دعاة التوحيد مثل هذه الزيارات؟  الذي أعلمه أن جماعة من الدعاة لا يرتضون ذلك بل حتى بعض المنتمين لأنصار السنة المركز العام ولكن منعهم من الكلام المجاملة أو المداهنة ونحوها من الأمور.
  🔸 وقد تمنيت أن يتحدث في هذا غيري من الدعاة ليكون كلامهم في ذلك حماية لدين الله وحفظاً لمعالمه أن تبدل يقول البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى :
" إن سكوتَ علماءِ الأرضِ كلِّهم على الباطلِ في الدِّينِ لا يُصيِّرُه حقًّا، وإن تواطُؤَهم جميعًا على منكَرٍ فيه لا يُصيِّرُه معروفًا."  آثار  محمد البشير الإبراهيمي ، (ج٣ ،ص١٥٣).
ومن المقرر في الشرع أن من أخطأ يرد عليه ويبين وجه الخطأ لديه وليس هناك معصوماً لا يرد عليه والإسلام جميع لا يقبل التجزئة،  قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى :
" واعلم كذلك أن الإسلام كل لايقبل التشطير ولا التجزئة،  فالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ومن قفى أثرهم إلى يومنا هذا: *يدعون إلى الإسلام لا إلى بعضه*"  حكم الإنتماء (45)
🔸 وليعلم أن حقيقة دين الإسلام البعد والبغض للمبتدع لا سيما من كان داعياً للبدع فإن هجره يتأكد شرعاً قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 377) :" عَلَى هَذَا فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا" وقال كذلك كما في مجموع الفتاوى (28/ 205) :" والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات وفعل المحرمات كتارك الصلاة والزكاة والتظاهر بالمظالم والفواحش والداعى الى البدع المخالفة للكتاب والسنة واجماع سلف الامة التى ظهر انها بدع
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة ان الدعاة الى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية لأن الداعية اظهر المنكرات فاستحق العقوبة"
*فهذا حكم الإسلام في الداعي إلى البدع فالداعي للشرك والتعلق بالقبور والأضرحة والسحر ونحو ذلك يتأكد هجره والبعد عنه ومنابذته* بل البعد منه هو مقتضى الشهادتين قال الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله تعالى -: عند التعليق على حديث " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله... " "وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله؛ فإنه لم يجعل  التلفظ بها عاصما للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه *حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو تردد لم يحرم ماله ودمه. فيا لها من مسألة ما أجلها ويا له من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع*! " ا  فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (١١٢)
فالتوحيد لا يتحقق بغير البراءة من دعاة الشرك والقبور ومن زعم غير ذلك فقد خالف أدلة الشرع قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله: " المرء قد يكره الشرك ويحب التوحيد، ولكن يأتيه الخلل *من جهة عدم البراءة من أهل الشرك*، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعا لهواه داخلا من الشرك في شعب تهدم دينه وما بناه، تاركا من التوحيد أصولا وشعبا، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه مولاه، ولا يحب ولا يبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسواه.  وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله.  فلا تذخر المذاكرة بهذا في كل مجلس وكل مجمع." عيون الرسائل (٢/٧٥٧)
و قال الشيخ محمد بن عبداللطيف رحمه الله:
" من تأمل القرآن، والسنة، وكلام محققي سلف الأمة، علم يقينا أن أكثر الخلق إلا من شاء الله، قد أعرضوا عن واضح المحجة، وسلكوا طريق الباطل ونهجه، وجعلوا مصاحبة عباد القبور، وأهل البدع والفجور، دينا يدينون به، وخلقا حسنا يتخلقون به، ويقولون: فلان له عقل معيشي، يعيش به مع الناس، ومن كانت له غيرة، ولو قلت، فهو عندهم مرفوض ومنبوذ، كالأحلاس؛ فما أعظمها من بلية! وما أصعبها من رزية!
*وأما حقيقة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الهدى والنور، فعزيز والله من يعرفها أو يدريها؛ والعارف لها من الناس اليوم، كالشعرة البيضاء في الجلد الأسود، وكالكبريت الأحمر. أين العنقاء لتطلب؟ وأين السمندل ليجلب؟ لم يبق إلا رسوم قد درست، وأعلام قد عفت، وسفت عليها عواصف الهوى، وطمستها محبة الدنيا، والحظوظ النفسانية* . فمن فتح الله عين بصيرته، ورزقه معرفة للحق وتميزا له، فلينج بنفسه، وليشح بدينه، ويتباعد عمن نكب عن الصراط المستقيم، وآثر عليه موالاة أهل الجحيم، نسأل الله السلامة والعافية. " الدرر السنية (٨/٤٥١)
  🔸 فالأصل المقرر في الشرع هو التفريق بين المؤمن وغيره بالولاء والبراء ومن بدع عصرنا إماتة هذا الأصل وهو الولاء والبراء يقول العلامة عبدالرحمن بن حسن رحمه الله:" المساواة بين أهل الأهواء والزيغ والمعاصي، وجعلهم في رتبة أهل الإيمان، أو فوقهم، خلاف ما أحبه الله، وأمر به عباده; وهو في نفسه فساد، وذلك سبب سخط الله، وحلول عذابه.
*فعليك بقرب من إذا قربتهم قربك الله وأحبك، وإذا نصرتهم نصرك الله وأيدك، واحذر أهل الباطل الذين إذا قربتهم أبعدك الله، وأوجب لك سخطه*، قال تعالى {قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} .
(الدرر السنية ١٤/٩٢).
🔸 والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني
ليلة الجمعة 25/ شعبان / 1439

شبهة وامحمداه!!

الحمد لله وصلى الله وسلم على مصطفاه وعلى آله وصحبه ومن والاه
🔸أما بعد: فقد نشرت المجموعات المسماة بالسادة المكاشفية على الفيس بوك والتليجرام منشوراً لتجويز دعاء غير الله وحالهم كحال غيرهم من الصوفية أنهم جمعوا بين أمرين:
1- قلة الفهم.
2- قلة العلم.
وهذا على ما انضاف إليهما من اتباع الهوى فقد تركوا عشرات الأدلة الصحيحة الصريحة التي تنهي عن دعاء غير الله وأن الدعاء والاستغاثة عبادة لا تصرف لغير الله عمدوا إلى أثر موضوع ومكذوب على الصحابة لتمرير باطلهم.
🔸قالوا في رسالتهم: " الدليل على أن نداء العبد الصالح في غير حضرته ليس شركاً ولا معصية "
وهذا العنوان الموضوع خطأ في ذاته فقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله، والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله قال تعالى: ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين)
وقال تعالى: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت *فإنك إذًا من الظالمين*.)
وقال تعالى: ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم *تدعون من دون الله* قالوا ضلوا عنا *وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين* )
فهذه الآيات واضحة الدلالة على أن دعاء غير الله كفر به سبحانه وعليه فما كتبه هؤلاء الصوفية مخالف لصريح القرآن.
 قال تعالى:( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً )  وقوله  { أَحَداً} نكرة في سياق النهي شملت جميع ما يدعى من دون الله، سواء كان المدعو من دون الله صنماً أو ولياً أو شجرةً أو قبراً أو جنياً، أو غير ذلك، لإن دعاء غير الله هو الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر.
🔸 ثم أورد الصوفي كلاماً لابن كثير في البداية والنهاية ليستدل به على باطله ونص كلامه :
"وحمل خالد بن الوليد (رضي الله عنه) حتى جاوزهم وسار لجبال مسيلمة (الكذاب) وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله ثم رجع ثم وقف بين الصفين ودعا وقال: أنا ابن الوليد أنا ابن عامر وزيد، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: (يا محمداه)
وهذا الذي نقله الصوفي من البداية والنهاية لابن كثير لا يصح ولا يثبت وابن كثير رحمه الله أورده من غير إسناد وقد أوردها مسندة ابن جرير الطبري في تاريخه فقال ابن جرير الطبري في تاريخه (2/513) كتب إلى السرى عن شعيب عن سيف عن الضحاك بن يربوع عن أبيه عن رجل من بنى سحيم قد شهدها مع خالد قال:
 لما اشتد القتال وكانت يومئذ سجالا انما تكون مرة على المسلمين ومرة على الكافرين فقال خالد ايها الناس امتازوا لنعلم بلاء كل حى ولنعلم من اين نؤتى فامتاز اهل القرى والبوادى وامتازت القبائل من اهل البادية وأهل الحاضر فوقف بنو كل أب على رايتهم فقاتلوا جميعا
فقال أهل البوادى يومئذ الان يستحر القتل في الاجزع الاضعف
 فاستحر القتل في اهل القرى وثبت مسيلمة ودارت رحاهم عليه فعرف خالد انها لا تركد الا بقتل مسيلمة ولم تحفل بنو حنيفة بقتل من قتل منهم
ثم برز خالد حتى إذا كان امام الصف دعا إلى البراز وانتمى وقال انا ابن الوليد العود انا ابن عامر وزيد ونادى بشعارهم يومئذ ( وكان شعارهم يومئذ يا محمداه ) فجعل لا يبرز له أحد إلا قتله وهو يرتجز أنا ابن أشياخ وسيفي السخت * أعظم شئ حين يأتيك النفت ولا يبرز له شئ إلا أكله .

*هذه الرواية يحتج بها عباد القبور وموطن حجتهم* ( وكان شعارهم يا محمداه ) ،
هذه الرواية موضوعة لا تصلح للإحتجاج في شيء من أبواب الدين لا في العقيدة ولا في غيرها فإن في سندها *سيف بن عمر التميمي وهو كذاب متهم بالزندقة*.
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/255): (روى مطيّن عن يحيى: فَلْس خير منه. وقال أبوداود: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك.
وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة.
وقال ابن عدي: *عامة حديثه منكر*..) اهـ.
وفي سند الخبر *الضحاك بن يربوع لم يوثقه معتبر وتكلم الأزدي فيه لذا ذكره الذهبي في الميزان*

*والرجل من بني سحيم مجهول*
فهذه ثلاث علل تدل على أن هذا الخبر موضوع ومكذوب لذلك لا يصح الاستدلال به على جواز دعاء غير الله تعالى
🔸ثم قال الصوفي :" *أحبابنا الكرام شعار الصحابة في حروب المرتدين كان* *"يا محمداه"*  *فهذا دليل واضح من فعل الصحابة الكرام انه يجوز الاستغاثة برسول الله بعد وفاته عليه الصلاة والسلام،*
*والاستغاثة ليس معناها العبادة، المسلم لا يعبد إلا الله، ولكن لا بأس لو استغاث بالرجل الصالح كسيدنا النبيّ على معنى انه يطلب من الله النصر ببركته صلى الله عليه وسلم لمكانته عند الله تعالى...*
وهذا الكلام لي معه عدة تعليقات يسيرة :
1- تقدم بيان أن القصة مكذوبة لذلك لا يصح أن يبنى عليها حكماً شرعياً.
2- أما قوله الاستغاثة ليس معناها العبادة فحق أريد به باطل فالاستغاثة ليست هي العبادة بالمطابقة ولكنها من العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى: ﴿إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ﴾ فالاستغاثة وطلب الغوث عبادة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدرفإن الاستغاثة هي طلب الغوث عند حصول شدة -غالباً-
3- والاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه ليست شركاً، وإنما هي من باب إعانة الخلق بعضهم لبعض، وهذا من الأسباب التي ينبغي للمسلم الأخذ بها في حياته إذا أصابته نائبة أو خاف شيئاً، والطفل عندما يبكي يستغيث بأمه من هذا الوجه ومنه قول الله تعالى  :( فاستغاثه الذي من شيعته) .

4- أما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يملكه ولا يقدر عليه فهي شرك مخرج من الملة لأن الاستغاثة دعاء، والدعاء عبادة، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله قال سبحانه ( وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ*وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
5- الصوفية يريدونها جاهلية شركية لذلك حال المشركين الأوائل أفضل منهم في باب الاستغاثة ودعاء غير الله.، يقول البرعي :
إن ناب خطب في البلاد نزيل ** فقل يا ولي الله اسماعيل.
وقال أيضاً  :
استاذك يافقير ** كون عنده ذليل حقير
له اتبع كالصغير ** لا تميل ابداً لغير
كن ثابت عندهو ** لا تضحك عندهو
في كربك أندهو ** بتغيثك جندهو
🔸اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يكف دعاة الشرك عن دعوتهم.
الحساني

http://t.me/Elhassani1

الأربعاء، 18 يوليو 2018

علي الحلبي والمشترك اللفظي

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد:  فقد كتب شيخ علي الحلبي تغريدة في الرد على الأشاعرة في نفيهم صفات الله عز وجل وذكر أن العلاقة بين صفات الله وصفات المخلوق هي الاشتراك اللفظي وقوله هو: " فما الفرق بين ما أثبته ونفيته - أو عطلته =( أولته) - مع وجود *الاشتراك اللفظي* بين صفات الباري - تعالى - اللائقة بجلاله وكماله وبين صفات المخلوقين -  ...)  وماذكره هنا غير صحيح بل القول بأن العلاقة بين صفات الله وصفات المخلوقين هي المشترك اللفظي هو مذهب متأخري الأشاعرة الذين يريد أن يرد عليهم والخطأ لديه في استخدام الألفاظ وعدم فهم المشترك اللفظي لعله،  ويتبين ذلك بأن يقال أن الاشتراك اللفظي معناه اتفاق الكلمة في الرسم مع عدم وجود أي قدر مشترك بين الاسمين كقولك في العين الباصرة ( عين ) وكذلك الجاسوس ( عين ) وقولك في الماء ( عين )
وجعل العلاقة بين اسم الخالق واسم المخلوق اشتراكاً لفظياً في حقيقته تعطيل
وإنما الصواب أن يقال العلاقة التواطؤ ، كقولك نور الشمعة ونور الشمس فبينهما قدر مشترك وليس النور كالنور
والتعبير *بالقدر المشترك والقدر الفارق المميز* أولى وأوضح ومعناه  أن هناك قدرا مشتركا في أن المخلوق يسمع ويرى وأن الرب يسمع ويرى.
وهناك قدرا فارقا مميزا يميز بين الصفتين فالمخلوق سمعه وبصره يليق به وهو محدود
والرب جل وعلى له سمع وبصر يليق بعظمته سبحانه .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :

(وأيضا فيقال: إنه ما من موجودين إلا بينهما قدر مشترك وقدر مميز فإنهما لا بد أن يشتركا في أنهما موجودان ثابتان حاصلان وأن كلا منهما له حقيقة : هي ذاته ونفسه وماهيته حتى لو كان الموجودان مختلفين اختلافا ظاهرا كالسواد والبياض فلا بد أن يشتركا في مسمى الوجود والحقيقة ونحو ذلك بل وفيما هو أخص من ذلك مثل كون كل منهما لونا وعرضا وقائما بغيره ونحو ذلك وهما مع هذا مختلفان؛ وإذا كان بين كل موجودين جامع وفارق فمعلوم أن الله تعالى ليس كمثله شيء : لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فلا يجوز أن يثبت له شيء من خصائص المخلوقين ولا يمثل بها، ولا أن يثبت لشيء من الموجودات مثل شيء من صفاته ولا مشابهة في شيء من خصائصه سبحانه عما يقول الظالمون علوا كبيرا ).
درء تعارض العقل و النقل (5-83/84)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمه الله كذلك :

" وَشِبْهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَكُونُ لِمُشَابَهَتِهِ لَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي التَّمَاثُلَ الَّذِي يُوجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ، وَإِذَا قِيلَ هَذَا حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، وَهَذَا حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، فَتَشَابَهَا فِي مُسَمَّى الْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ - لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسَمَّى مُمَاثِلًا لِهَذَا الْمُسَمَّى فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ.

، بَلْ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، الَّذِي تَشَابَهَا فِيهِ، وَهُوَ مَعْنًى كُلِّيٌّ لَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَلَا يُوجَدُ كُلِّيًّا عَامًّا مُشْتَرَكًا إِلَّا فِي عِلْمِ الْعَالِمِ.

وَالثَّانِي: مَا يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا، كَمَا يَخْتَصُّ الرَّبُّ بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا يَخْتَصُّ بِهِ (ذَاكَ، كَمَا يَخْتَصُّ بِهِ) الْعَبْدُ مِنَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمَقْدِرَةِ، فَمَا اخْتَصَّ بِهِ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ الْعَبْدُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّقَائِصِ الَّتِي تَجُوزُ عَلَى صِفَاتِ الْعَبْدِ، وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ الْعَبْدُ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ الرَّبُّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْمَعْنَى الْكُلِّيِّ الثَّابِتِ فِي ذِهْنِ الْإِنْسَانِ فَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ خَصَائِصَ الْخَالِقِ وَلَا خَصَائِصَ الْمَخْلُوقِ، فَالِاشْتِرَاكُ فِيهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ."
الجواب الصحيح (3/ 442 ومابعدها)

وقد نص شيخ الإسلام على أن القول بأن العلاقة بين أسماء الخالق وصفاته وأسماء المخلوق وصفاته علاقة اشتراك لفظي هو قول متأخري الأشاعرة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وقد بسطنا الكلام على *هذه المسألة في غير هذا الموضع وبينا غلط من جعل اللفظ مشتركا اشتراكاً لفظيا*ً.

وهذا الذي نبه عليه الإمام أحمد من أن مسمى الشيء والوجود ونحو ذلك معنى عام كلي تشترك فيه الأشياء كلها والموجودات كلها هو المعلوم بصريح العقل الذي عليه عامة العقلاء.

ومن نازع فيه فلا بد أن يقول به أيضاً فيتناقض كلامه في ذلك *كما تناقض فيه كلام الشهر ستاني والرازي والآمدي وغيرهم إذ يجعلونه تارة عاماً مقسوماً مشتركاً اشتراكاً لفظيا ومعنوياً بين الأشياء الموجودات ويجعلونه تارة مشتركاً اشتراكاً لفظيا*ً فقط كلفظ المشتري المشترك بين المبتاع والكوكب ولفظ سهيل المشترك بين الكوكب وبين الرجل المسمى بسهيل ولفظ الثريا المشترك بين الكوكب وبين المرأة المسماة ثريا.

كما قيل:

أيها المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يمان"
درء تعارض العقل والنقل (١٧٩/٥)

قال شيخ الإسلام في الرد على المنطقيين موضحاً مسألة التواطؤ (ص155) :" ولهذا كان الحذاق يختارون أن الأسماء المقولة عليه وعلى غيره مقولة بطريق التشكيك الذي هو نوع من التواطؤ العام ليست بطريق الاشتراك اللفظي ولا بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتماثل أفراده بل بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتفاضل أفراده كما يطلق لفظ البياض والسواد على الشديد كبياض الثلج وعلى ما دونه كبياض العاج فكذلك لفظ الوجود يطلق على الواجب والممكن وهو في الواجب أكمل وأفضل من فضل هذا البياض على هذا البياض "
🔸 ومما يحتاج إلى نظر ورد في المقال المذكور قوله تعليقاً على كلام نعيم بن حماد " من شبه بخلقه فقد كفر.... الخ " قال معلقاً ( فقد كفر)  المقصود به الفعل لا الفاعل - إلا بضوابط وشروط فتنبه وهذا كذلك عدم فهم لكلام نعيم بل كلامه رحمه الله فيه تكفير الفاعل والفعل ولو قال كلامه تكفير بالعموم لسلم لأن كلامه يفهم منه أن الفاعل لا يكفر، والمراد التنبيه على المسألة الأولى.
🔸 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
عبدالله الحساني.
ليلة الاثنين 7 شعبان 1439

الإنشغال بغير المهم!!

الحمدلله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد تركت الفيس بوك قبل مدة وبالأمس أراني أحد الإخوان منشوراً في الفيس لأحد مرتادي الفيس ومشاهيره يتحدث فيه عن أن ( مزمل فقيري صافح علي الحلبي)  ثم رأيت بعض المنشورات التي تكذب هذا الأمر من جماعة مزمل فقيري، وبعض آخر يتحدث في الطرف الآخر عن وقوع هذا الأمر
وحروباً ونقاشات،
وطعوناً ومجادلات،
وأزماناً تهدر في مثل هذه الحالات،  وجر لأمور أخرى من أخواتها وبابها واحد يساق لها الشباب المسكين وهذه الحادثة التي رأيت هي جزء من الجو العام الذي تعيشه المجموعات اليوم فإنك لا تكاد تجد منشغل بالعلم والعمل والدعوة على الطريق السديد الذي سار عليه أهل العلم الكبار والنقص في باب العلم والدعوة ظاهر للعيان فهذه المجموعات على اختلافها تتجادل وإن شئت قل تتقاتل وكم من أبواب العلم العظيمة التي كانت من أوضح الواضحات قديماً قد جهلت لدى شبابهم بل شيبهم فإنك تجد التقصير في بابي *العقيدة والفقه*  ظاهراً للعيان وسل إن شئت من شئت من شباب هذه المجموعات والمقدمين لديهم  عن الله الذي خلقوا لأجل عبادته ومعرفته سلهم عن إحصاء اسماء الله بحيث يورد لك الواحد كل اسماء الله بمعانيها التي تحتملها،؟ بل سلهم عن بعضها ودعك من جميعها.!؟ 
بل سلهم عن شبهات الأشاعرة في العلو الذي هو من أظهر الأمور؟  أورِد عليهم شبهات الأشاعرة في الحكم على حديث الجارية بالاضطراب متناً وسنداً هل يستطيعون ردها؟
بل أورد عليهم شبهات الأشاعرة في نفي صفات الله الخبرية وما يوردونه على كل صفة لله تعالى فهل يستطيعون ردها؟
بل أورد عليهم شبهات الصوفية في باب دعاء غير الله والتوسل وما يوردونه من شبهات كحديث يا عباد الله أمسكوا وأثر خدرت رجل ابن عمر وحديث الأعرابي ونحوها من شبهاتهم فهل تجد رداً حاضراً لديهم؟
بل أورد عليهم شبهات الصوفية في باب الربوبية وما يوردونه من شبهات في هذا الباب فهل تجد رداً حاضراً لديهم؟ 
أما باب العلم من حيث التأصيل والتحصيل فالأمر أشد وأنكى والأفضل أن يترك الأمر مستوراً وأن يترك الثوب على غرة، ويقر الطير علي وكناتها فالتقصير ظاهر والجهل بادي ومن له قلب سيتحسر على ما نعيشه من إعراض عن العلم حفظاً وفهماً بل وتدريساً فإن هذه الفتن قد أخذت الناس إليها وصرفت القلوب عن العلم النافع مما يبشر بزيادة الجهل والنزاع والصراع وما يراه الناظر من الحيلولة بين الناس وبين العلم نذير شؤم فالعارف بالله وأمره ينبغي أن يزداد كل يومٍ معرفة بالله لا معرفة بالنزاع والصراع والقيل والقال.  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" إنَّ العَابِدَ للَّهِ والعَارِفَ باللَّهِ في كُلِّ يَومٍ بَل في كُلِّ سَاعَةٍ بَل في كُلِّ لَحظَةٍ =

*يَزدَادُ عِلمًا باللَّهِ ، وبَصِيرَةً في دِينِهِ وعُبُودِيَّتِهِ* ،

بِحَيثُ يَجِدُ ذَلِكَ في طَعَامِهِ وشَرَابِهِ ونَومِهِ ويَقَظَتِهِ وقَولِهِ وفِعلِهِ ، *ويَرَى تَقصِيرَهُ في حُضُورِ قَلبِهِ في المَقَامَاتِ العَالِيَةِ* وإعطَائِهَا حَقَّهَا فَهُوَ يَحتَاجُ إلى =

الإستِغفَارِ آنَاءَ اللَّيلِ وأطرَافَ النَّهَارِ ؛

بَل هُوَ مُضطَرٌّ إلَيهِ دَائِمًا في الأقوَالِ والأحوَالِ ، في الغوَائِبِ والمَشَاهِدِ ؛

لِمَا فِيهِ مِن المَصَالِحِ وجَلبِ الخَيرَاتِ وَدَفعِ المَضَرَّاتِ ،
وطَلَبِ الزِّيَادَةِ في القُوَّةِ في الأعمَالِ القَلبِيَّةِ والبَدَنِيَّةِ اليَقِينِيَّةِ الإيمَانِيَّةِ ».
 مَجمُوع الفتَاوى  (١١ / ٦٩٦).
ويتبين هنا أهمية هداية الله وتثبيته، قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" إنَّ العَبدَ لا يَستَغنِي عَن تَثبِيتِ اللَّهِ لَهُ طُرفَةَ عَينٍ ،

فَإِن لَم يُثَبِتهُ وإِلَّا زَالَت سَمَاءُ إيمَانِهِ وأرضِهِ عَن مَكَانِهِمَا ،

وقَد قَالَ تَعَالَى لأكرَمِ خَلقِهِ عَلَيهِ عَبدِهِ ورَسُولِهِ - ﷺ - : { ولَولا أن ثَبَتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً }.

وَقَالَ تَعالَى لأكرَمِ خَلقِهِ - ﷺ - : { إِذ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الذِينَ آمَنُوا }.

وفِي الصَحِيحَينِ مِن حَدِيثِ البَجَلِي قَالَ : " وهُوَ يَسألُهُم ويُثَبِتُهُم ".

وقَالَ تَعالَى لِرَسُولِهِ - ﷺ - : { وكُلاً نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ }.

*فَالخَلقُ كُلهُم قِسمَانِ = مُوفَقٌ بِالتَثبِيتِ ، ومَخذُولٌ بِتَركِ التَثبِيت*ِ "
أعلامُ المُوقَعِين ( ١ / ١٦٣).
وكذلك يتبين أهمية الاعتصام بالسنة وهدي السلف من حيث عدم الجدال في الدين وكثرة القيل والقيل ومن حيث أن اختزال الشرع الذي نراه في هذه المجموعات لا علاقة له بالسنة ولا علاقة له بمنهج السلف قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « وعَامَّةُ هَذِهِ الضَّلالاتِ إنَّمَا تَـطَرق مَن لَم يَعتَصِم بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ ، كَمَا كَانَ الزُّهرِيُّ يَقُولُ :

كَانَ عُلَمَاؤنَا يَقُولُونَ : " الإعتِصَامُ بِالسُّنَّةِ هُوَ النَّجَاةُ ".

وقَالَ مَالِكٌ : " السُّنَّةُ سَفِينَةُ نُوحٍ مَن رَكِبَهَا نَجَا ومَن تَخَلَّفَ عَنهَا غَرِقَ ".
 وذَلِكَ أنَّ السُّنَّةَ ، والشَّرِيعَةَ ، وَالمِنهَاجَ هُوَ الصرَاطُ المُستَقِيمُ الذِي يُـوَصِّـلُ العِبَادَ إلَى اللَّهِ ،
وَالرَّسُولُ هُوَ الدَّلِيلُ الهَادِي فِي هَذَا الصِرَاطِ ».
مَجمُوعُ الفتَاوى  (٤ / ٥٧)

ومن فتح الله بصيرته ونور قلبه علم تمام العلم أن اقتطاع الناس عن المعارف الإيمانية وانشغالهم بما لا يعنيهم إنما هو من الخذلان

‏قال معروف الكرخي رحمه الله:
‏" كلامُ العبدِ فيما لا يُعنِيه ،
خِذلانٌ من اللهِ له " . طبقات الحنابلة ( ٢/ ٤٨١ )
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
« أشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ الحَسرَةِ والبَلاءِ أن يُفتَحَ للعَبدِ طَرِيقُ النَّجَاةِ والفَلاحِ ،
حتَى إذَا ظَنَّ أنَّـهُ نَاجٍ ورَأى مَنازِلَ السُعدَاءِ ؛
*اقتُطِعَ عَنهُم ، وضُرِبَت عَلَيهِ الشَّقوَة ، نَعوذُ باللَّهِ مِنْ غَضَبهِ وعِقَـابِه* ».
 بدَائِــعُ التَفسِير ( ٣ / ١٢٩)
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى:
" ‏لا يَصلُحُ الرجلُ حتى يترُكَ ما لا يعنيه ، ويشتغلَ بما يعنيه ، فإذا كان كذلك ؛ يُوشـكُ أن يفتـحَ ﷲ قلبَـه ".
ترتيب المدارك ( ١ / ٢٠٩)
فعيب عليك ياطالب العلم ويا أيها المسلم أن ترضى بالدون،  ومالا يعود عليك بالنفع دعك أن تنشغل بما يضرك،  قال ابن القيم رحمه الله تعالى « وَصدَقَ القَائِلُ :
وَلم أرَّ فِي عُيُوبِّ النَّاسِ عَيبًا ... كَنقصِ القَادرِينَ عَلى التَّمَامِ

*فَثَبتَ أنَّه لَا شَيء أقَبَحُ بالإنسَانِ مِن أن يَكُون غَافِلاً عَن الفَضَائِل الدِّينِيَّةِ ، والعُلومِ النَافِعَةِ ، والأعَمالِ الصَّالِحَةِ* ؛
فَمن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ من =
*الهَمَجِ الرِعَاع الَّذِين يُكَدِرُون المَاءِ ، ويُغَلُونَ الأسعَارِ ، إن عَاشَ عَاشَ غَير حَمِيدٍ ، وإن مَاتَ مَاتَ غَير فَقِيد*ٍ ، فَقدَهُم رَاحَةً للبلادِ والعِبَادِ ، ولا تَبكِي عَلَيهِمُ السَّمَاء ، وَلَا تَستَوحِشُ لَهُم الغَبرَاءَ ».
 مُفتَاحُ دَارِ السعَادَةِ (١ / ١١٠)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى كذلك: "مَن أرَاد اللَّهُ بِه خَيرًا =

فَتحَ لَهُ بَابَ الذُّلِ والإنكِسَارِ ،
ودَوَامِ اللَّجَأ إلى اللَّهِ تعَالى ،
والإفتِقَارِ إلَيهِ ،
ورُؤية عيُوب نَفسهِ ، وجَهلهَا ، وظُلمَها ، وعُدوَانِها ،
ومُشَاهدَة فَضِّلِ رَبهِ ،
وإحسَانِه ، ورَحمَتِه ، و جُودِه ، وبِرِّه ، وغِنَاه ، وحَمدِّه ".
 الوَابِّلُ الصَيِّب ( صـ ١٠)

وَاختَـر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعـلُو بِـهِ

أَو مُت كَرِيمًا تَحتَ ظِلِّ القَسطَلِ

فَالمَـوتُ لا يُنجِيـكَ مِن آفَاتِـهِ

حِصـنٌ وَلَـو شَيَّدتَـهُ بِالجَنـدَلِ

مَوتُ الفَتى فِي عِـزَّةٍ خَيرٌ لَـهُ

مِن أَن يَبِيتَ أَسِيرَ طَرفٍ أَكحَلِ

🔸أما التقصير في باب الدعوة إلى الله فبين وظاهر وهاهي أطراف الخرطوم الشمالية وريفه الجنوبي فيه مناطق لم يزرها من يدعو إلى الله سواء كان سنياً أو بدعياً فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
🔸 وماذكرته أعلاه هو من باب التمثيل وإلا فإن انشغال الناس بمالا ينفع كثير ونصيحتي هنا للعقلاء ممن اختزل دينه كله في عدة أمور وإلا فكثافة الطبع وغشاوة القلوب التي خيمت على الناس تدل على أن القوم يرتضون مايعيشونه الآن.

الحساني

هل المناظرات طريقة السلف؟

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فمن المقرر في كتب العلم أن الأصل تعليم العلم وتبيينه للناس بذكر الأدلة من الكتب والسنة بلا جدال ولا نقاش ولا مناظرة وكذلك من المقرر أن المجادلة بالتي هي أحسن تكون لطالب الحق ومريد النجاة أما المجادلة على وجه المغالبة والمناظرة فلم يكن ذلك من هدي السلف ومن طريقة العلماء السالفين،  قال صالح في مسائله لأبيه [734 ] :
كتب رجل إِلَى أبي يسْأَله عَن مناظرة أهل الْكَلَام وَالْجُلُوس مَعَهم ؟
فأملى عَليّ جَوَابه :
أحسن الله عاقبتك وَدفع عَنْك كل مَكْرُوه ومحذور
*الَّذِي كُنَّا نسْمع وأدركنا عَلَيْهِ من أدركنا من أهل الْعلم أَنهم كَانُوا يكْرهُونَ الْكَلَام والخوض مَعَ أهل الزيغ* ، وَإِنَّمَا الْأَمر فِي التَّسْلِيم والانتهاء إِلَى مَا فِي كتاب الله جلّ وَعز لَا يعد ذَلِك
وَلم يزل النَّاس يكْرهُونَ كل مُحدث من وضع كتاب
أَو جُلُوس مَعَ مُبْتَدع ليورد عَلَيْهِ بعض مَا يلبس عَلَيْهِ فِي دينه
فالسلامة إِن شَاءَ الله فِي ترك مجالستهم والخوض مَعَهم فِي بدعتهم وضلالتهم
فليتق الله رجل وليصر إِلَى مَا يعود عَلَيْهِ نَفعه غَدا
من عمل صَالح يقدمهُ لنَفسِهِ
وَلَا يكون مِمَّن يحدث أمرا فَإِذا هُوَ خرج مِنْهُ أَرَادَ الْحجَّة لَهُ فَيحمل نَفسه على المحك فِيهِ وَطلب الْحجَّة لما خرج مِنْهُ بِحَق أَو بَاطِل ليزين بِهِ بدعته وَمَا أحدث
وَأَشد ذَلِك أَن يكون قد وَضعه فِي كتاب فَأُخذ عَنهُ فَهُوَ يُرِيد يزين ذَلِك بِالْحَقِّ وَالْبَاطِل وَإِن وضح لَهُ الْحق فِي غَيره
نسْأَل الله التَّوْفِيق لنا وَلَك وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين
وَالسَّلَام عَلَيْك. "
وقال الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله: "*فإياكم أن تزلكم المرجئة عن أمر دينكم، وليكن ذلك في لين وترك المجادلة لهم حتى تبلغوا ما تريدون من ذلك*.

حدثنا أزهر عن ابن عون، قال: قال محمد: «كانوا يرون ما دام على الأثر، فهو على الطريق».

*واعلم أن ترك الخصومة والجدال هو طريق من مضى، ولم يكونوا أصحاب خصومة ولا جدال؛ ولكنهم كانوا أصحاب تسليم وعمل*.
نسأل الله التوفيق لنا ولكم في جميع أمورنا لما يحب ويرضى، وأن يسلمنا وإياكم من كل سوء برحمته، والسلام عليكم. "
الجامع في عقائد ورسائل أهل السنة والأثر (ص ٤٠٨)
🔸 ومن أراد نصرة دين الله فليأت ذلك من بابه وليسلك مسلك العلماء في ذلك وليتذكر أن دين الله محفوظ فما على الدعاة إلا أن يبحثوا عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليسلكوها، قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"والخالق الذي هيأ لعباده ما يحفظون به مصالح دنياهم هو الذي شرع لهم دين الإسلام وتكفل بحفظه إلى الأبد وعنايته بحفظ الدين أشد وأكد لأنه هو المقصود بالذات من هذه النشأة الدنيا قال الله عز وجل: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} ."
التنكيل (234).
🔸 لذلك ما نراه هنا وهناك من مناظرات مع أهل البدع،  وما نراه من تمكينهم أن يبثوا شبهاتهم بين عامة المسلمين ليس من السلفية في شيء وإن كان ظاهرها نصرة والغالب خلافه فإن من طريقة أهل السنة والجماعة أنهم لا ينظرون للنتائج فحسب وإنما ينظرون لها وللطريق الموصل إليها،  وقد يستدل مستدل بما وقع من مناظرات وما قاله بعض العلماء الثقات ولكن هذه لا يقاس عليها بل أن كثيراً من المناظرين غير متمكنين من مذهب أهل السنة والجماعة حتى يناظروا عنه وقد رأينا كيف يحيد المناظر من أهل السنة عن كثير من الشبه ويتركها لغيرها مما يدل على عدم تمكنه من ردها.
🔸 وقد ذكر أهل العلم أن ما وقع للسلف من مناظرات لا يخرج عن اجتماع عدة أمور فيه:
الأول : أن يكون ذلك في حالة اضطرار كالمناظرة عند السلطان كما حصل للإمام أحمد
الثاني : أن يكون المناظر من أهل السنة عالماً أو متمكناً من مادته فإن المناظرة بمنزلة المبارزة التي تكون قبل التحام الجيشين لنتجيتها أثر نفسي على الجيش فلا يخرج إليها إلا القوي الصنديد
الثالث : أن يكون المناظر من أهل البدع ممن يرجى رجوعه كما نبه على هذا المعنى ابن سيرين
الرابع : أن يكون المناظر من أهل السنة سالماً من حظوظ النفس
الخامس : أن يكون المرجع عند المناظرة إلى الكتاب والسنة ، ولهذا كان الشافعي يكره محاورة أهل الكلام بل يكره التصنيف في الرد عليهم ، مع أنه كان يناظر أهل الرأي الذين هم مع بعدهم عن الأثر يقرون بالاحتجاج بالسنة في الجملة على منهج لهم غريب في ذلك أظهر الشافعي تناقضه وضعفه في كتابه الرسالة
السادس : لم يكن من ديدن السلف المناظرة في مسائل الاعتقاد والثوابت السنية ، ومن كان ديدنه المناظرات في العقيدة أو غيرها لا يسلم من حظوظ في الغالب وقل أن تجد رجلاً مثل الشافعي يقول ( ما ناظرت أحداً وتمنيت أن يخطيء ) بل اليوم يتمنى له العطب ليظهر الانتصار عليه
فإن كان الأمر على غير ما ذكرت فحال المناظرة كما وصف البربهاري،قال رحمه الله في شرح السنة [10] والكلام والخصومة والجدال والمراء محدث يقدح الشك في القلب، وإن أصاب صاحبه الحق والسنة.
وقال أبو نعيم في الحلية [ 4/222 ]: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [المائدة: 14] قَالَ: أَغْرَى بَيْنَهُمْ فِي الْخُصُومَاتِ وَالْجِدَالِ فِي الدِّينِ .
وقال ابن سعد في الطبقات [ 9181 ] : قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : مَا خَاصَمْتُ رَجُلاَّ قَطُّ .
🔸 هذه إشارة تكفي مريد الهدى والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
ليلة الخميس 20-6-1439

حديث الصورة

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذا بحث مختصر يتعلق بحديث الصورة تدعو إليه الحاجة وهو مختصر جداً والكلام فيه في عدة نقاط :
🔸أولاً: ذكر الحديث المراد الحديث عنه وذكر الصحيح من رواياته :
روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن".
وروى مسلم كذلك (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورته..... "
 وروى ابن أبي عاصم (516) أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" قال الشيخ الألباني : إسناده صحيح
أما حديث: " خلق الله آدم على صورة الرحمن " فقد ضعفه أهل العلم وأعلوه بعدة علل.
🔸 ثانياً: معنى هذا الحديث :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات ، التي قد يسمى المخلوق بها ، على وجه التقييد ، وإذا أطلقت على الله اختصت به ، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ، ومثل خلقه بيديه ، واستواءه على العرش ، ونحو ذلك "
نقض التأسيس (3/396).
 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كذلك :
"وَقَوْلُهُ: " «خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» " لَمْ يُرِدْ بِهِ تَشْبِيهَ الرَّبِّ وَتَمْثِيلَهُ بِالْمَخْلُوقِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَحْقِيقَ الْوَجْهِ وَإِثْبَاتَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ صِفَةً وَمَحَلًّا" الفتاوى الكبرى (1/539)
وكذلك سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه ، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته . فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث ؟
فأجاب رحمه الله :
" الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" وفي لفظ آخر : " على صورة الرحمن " وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل .

*والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا ، متكلما إذا شاء ، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء ، وله وجه جل وعلا* .

وليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل *الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم* ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص / 4 ، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه "
مجموع فتاوى الشيخ (4/ 226).
🔸 ثالثاً: هل هذا الحديث يقتضي التشبيه؟
لا علاقة لهذا الحديث بما يتوهمونه من التشبيه فمعنى الحديث أن لله وجهاً وسمعاً وبصراً ، وقد خلق الآدمي له وجه وسمع وبصر ، وليس الوجه كالوجه ولا السمع كالسمع ولا البصر كالبصر غير أن هذه هيئة مكرمة ومما يزيد الأمر وضوحاً ما أخرجه البخاري في صحيحه 3327 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ " وأخرجه مسلم كذلك.  فمراده صلى الله عليه وسلم أن أول زمرة هم على صورة البشر ، ولكنهم في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه ، وما أشبه ذلك على صورة القمر ، فصورتهم فيها شبه بالقمر.
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى :
"وأنا أعجب كثير من بعض من ينتسب إلى العلم، ويظن أن الحديث فيه تمثيل أو فيه تشبيه، وهذا لأجل فساد اللغة؛ فإن (على) في اللغة ليست بمعنى (مثل) بالاتفاق؛ (على) ليست بمعنى المثلية، خلق آدم على صورته، على صورة الرحمن، ليس معناه مثل صورة الرحمن، نقول هذا أخلاقه على أخلاق فلان، هذا عمله على عمل فلان؛ يعني أنه يتصف بصفات عمله؛ يشترك معه؛ لكن إذا أتيت إلى الكيفية إلى مقدار العمل لا يقتضي المماثلة في ذلك، قد يقتضي المشابهة (على) قد تقتضي التشابه والتشابه في أصل المعنى لا ننفيه، إنما ننفي التشابه في تمام المعنى يعني في كماله أو في الكيفية."
[شرحه للحموية]
إذن أصل ضلال من ضل في هذا الباب أنه يشبه أولاً ثم بعد ذلك يعطل والأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"  وهذا أصلُ ضلالِ الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم على مذهبهم، فإنهم يُظهرون للناس التنزيهَ، وحقيقةُ كلامهِم التعطيل، فيقولون: نحن لا نُجسِّم، بل نقول: إن الله ليس بجسم، ومرادُهم بذلك نفيُ حقيقة أسمائه وصفاتِه، فيقولون: ليس لله علمٌ ولا حياةٌ ولا قدرةٌ ولا كلام ولا سمعٌ ولا بصرٌ، ولا يُرى في الآخرة، ولا عُرِجَ بالنبي إليه، ولا يَنزِل منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا يتجلى لشيء، ولا يقرب إلى شيء، ولا يقرب منه شيء. ويقولون: إنه لم يتكلم بالقراَن، بل القرآن مخلوق، أو هو كلام جبريل، وأمثال ذلك من مقالات المعطّلة الفرعونية الجهمية."
جامع المسائل(3/ 207).
لذلك قال ابن قتيبة رحمه الله :
"  الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد"
تأويل مختلف الحديث ص( 221)
🔸رابعاً: هل هناك خلاف في عود الضمير؟
الوارد عن السلف والذي لا خلاف بينهم هو أن الضمير يعود إلى الله وأول من قال بعود الضمير إلى آدم أبو ثور رحمه وقد اشتد نكير السلف عليه ثم تبعه بعد ذلك ابن خزيمة رحمه الله تعالى وكذلك خطّأه أهل السنة وقد نقل إجماع أهل السنة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في أكثر من موضع من كتبه منها :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" *لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى* ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة "
 نقض التأسيس (3/202)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك "
بيان تلبيس الجهمية 6/ 373)

قال ابن بطة العكبري في الإبانة:
حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الشيلماني نَا عبد الله بن الْعَبَّاس الطَّيَالِسِيّ نَا إِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَ قلت لِأَحْمَد لَا تقبحوا الْوُجُوه فَإِن الله خلق آدم على صورته أَلَيْسَ تَقول بِهَذِهِ الْأَحَادِيث قَالَ أَحْمد صَحِيح

قَالَ ابْن رَاهَوَيْه صَحِيح وَلَا يَدعه إِلَّا مُبْتَدع أَو ضَعِيف الرَّأْي

وقال: حَدثنَا أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن رَجَاء نَا أَبُو نصر عصمَة بن أبي عصمَة قَالَ نَا أَبُو طَالب قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول من قَالَ إِن الله تَعَالَى خلق آدم على صُورَة آدم فَهُوَ جهمي وَأي صُورَة كَانَت لآدَم قبل أَن يخلقه.
والأمر كما قال الإمام أحمد ( وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه الله ) فأنت حين تقول ( صنعت هذا الكرسي على مثال الكرسي الفلاني ) فلا بد أن يكون هذا الكرسي الثاني موجوداً عند صنعك للأول حتى تصنع على مثاله وآدم لا وجود له قبل خلقه وهذا بديهي وكذلك القول بعود الضمير على آدم لا يعتبر كلاماً مفيداً فجعل الحديث : " إن الله خلق آدم على صورة آدم " لا معنى له
ومن قال بعود الضمير إلى آدم فإنه لا يتابع على قوله ويعتذر له إن كان إماماً في السنة يُعرف عنه تحري السنة واتباعها لذلك لا يصح أن يحتج أي محتج من أن ابن خزيمة إمام الأئمة رحمه الله ضعف هذا اللفظ, فهذه زلة منه لا يتابع عليها ؛ قال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتابه الذي سماه الفصول في الأصول فيما نقله عنه ابن تيمية رحمه الله:" *فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن خزيمة تأويل الحديث خلق الله آدم على صورته فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل ولم يتابعه عليه من قبله من أهل الحديث* لما روينا عن أحمد رحمه الله تعالى ولم يتابعه أيضاً من بعده حتى رأيت في كتاب الفقهاء للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهم مسألة تفرد بها فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث خلق الله آدم على صورته على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك افتُرى عليه فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقيله ولا يُلتفت إليه بل نوافق ونتابع ما اتفق الجمهور عليه"
بيان تلبيس الجهمية (6/400)
🔸 هذا تعليق يسير ومن أراد أن يتوسع فليرجع لجواب الاعتراضات المصرية على الفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فإنه ذكر في آخره فصلاً على هذا الحديث والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
ليلة الثلاثاء 18 - 6- 1439

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

رد على مقال كيف تكون وهابياً للقبوري الخنجر

🔴  #كيف_تكون_صوفياً؟  🔴

🔸كون الشخص يصبح صوفياً من أسهل ما يمكن ولذلك طريق واحد وهو أن يلغي عقله فإن ترك عقله فهو الصوفي وإن أعمل عقله وفكر قليلاً ترك الصوفية والتصوف.
فالتصوف والعقل ضدان لا يلتقيان ولا يجتمعان إلا إذا اجتمع الماء والنار.
🔸 أن تجعل آيات القرآن لا تصلح لهذا الوقت وأنت غير مخاطب بها فأنت صوفيٌ جلد.
وبجعلك للقرآن غير صالح تدعو شيوخك وتستغيث بهم دون الله وتترك بذلك محكم الآيات التي جعلت الدعاء عبادة يتقرب بها إلى الله وجعلها لغيره شرك.
🔸 أن تعتقد أن كل حق الله هو حق لشيوخك كعلم الغيب والتصرف في الكون وقول للشيء كن فيكون وأمثالها فأنت صوفيٌ.
🔸 أن تجعل دينك هو رفع الصوت والرقيص ولبس المرقع والوسخ من الثياب فأنت صوفيٌ.
🔸 أن تتذلل للشيخ،  ولا تعترض على كلامه وإن كان كفرا،  وتكون عنده كالميت بين يدي الغاسل فأنت صوفيٌ.
وحالك مع الشيخ كما قال البرعي :
استاذك يافقير  كون عندو ذليل حقير.
له اتبع كالصغير  لا تميل ابداً لغير.
كن ثابت عنده  لا تضحك عندهو.
في كربك اندهو بتغيثك جندهو.
🔸 أن تعادي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتستهزيء بها وتكون حرباً عليها فأنت صوفيٌ جلد.
🔸 أن يتواصى كباركم ودعاتكم على الصبر على التصوف وعدم تركه وإن ظهر فساده فأنت صوفيٌ جلد وحالك كحال اسلافك " وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا الأ اختلاق "
🔸 أن تصدق كذب شيوخك مما لا يدخل عقل أحد تحت مسمى الكرامة فأنت صوفيٌ جلد
فقد جاء في كتابه ((قبس من نور)) ص 56 ما نصه: ((قمت بتعليم أحد المريدين في الطريقة الأوراد والإرشاد وبعثت به إلى بلدةٍ ما يرشد، وكان في هذه البلدة أبناء الطريقة الْخَتْمِيَّةِ، فلم يعجب ذلك السيد علي الميرغني فقبض روحه، فجاءني أحد الأخوان وقال لي: أدركنا يا عم الشيخ! فإن الرجل قبض روح أخينا؟، فثرت ثورة شديدة وطرت أنا وعبده سبيكة بروحينا فوجدته ميتًا ومُكَفَّنًا ينتظر الدفن، ووجدت السيد علي واقفًا ومُمْسِكًا بروح المرشد، فقلتُ له: لماذا قبضت روح المرشد؟، فقال: أنا حُرٌّ، وهذا الْمُلْكُ مُلْكِي أفعل فيه ما أشاء، فقلت له: لَسْتَ حُرًّا، وأنا شريكٌ لك في الْمُلْكِ، قال: لَسْتَ شَرِيكًا لي، قلتُ: أيفعل كل واحد منا ما يريد فعله؟، قال: نعم، قلت له: أَتَعِي ما تقوله جيدًا؟!، قال: نعم أَعِيهِ جيدًا، فناديت سيدي إبراهيم، ورفعت يدي لأضربه وأسلب ما عنده من ولاية، وفي هذه اللحظة حضر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتجفنا ارتجافًا شديدًا وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أعاد الروح للمريد فأخذ يسير هنا وهناك، ثم حدثت مشكلة وهي أن الروح ترتبط بالرزق وكان السيد علي قد شطب رزقه قبل قبض روحه!، وهو الآن فقير يعيش على أرزاق غيره، وكثيرًا ما يأتي إِلَيَّ فأَقُول له: اصْبِرْ، الرجل قد شطب رزقك!!)).
🔸 أن تعظم القباب والأضرحة أكثر من تعظيم بيوت الله وتعتقد أن زيارة قبور الأولياء أولى من زيارة بيت الله الحرام فأنت صوفيٌ جلد.
فهذا عبد الرحيم البرعي يعتقد أنَّ زيارة قبر الشيخ هي الحج الأكبر :
في قصيدة : شيخ المسيد ، ديوان رياض الجنة و نور الدّجِنَة ص 312
يقول في قصيدة شيخ المسيد ص 94 من ديوان الشائب يقول البرعي :

زُورْتُــــــه حَــــجَّـــــــة * و رُؤيــــــاه عِـــيْــــــــــد
البِــــحِـــــــــبُـــــــــــهُ * لا شــــــك سَــــــعيـــد
فــــــــــي الدُّنيـــــــــا * ويـــــــــــوم الـــــوعيــد

في القصيدة السابقة يمدح البرعي شيخه أحمد الطيب البشير ويزعم أنَّ زيارة قبره تعدل حجة وهذا الكلام ذكره شيوخ السمانية في مؤلفاتهم .

فقد جاء في أزاهير الرياض تأليف شيخ السمانية عبد المحمود نور الدائم ص 67 :
جاء في الكتاب أنَّ زيارة قبر الشيخ أحمد الطيب هي الحج الأكبر .

ويقولون : لو فاتك الحجاز زور أب حراز

وفي كتاب يستنبئونك تأليف شيخ السمانية حسن الفاتح قريب الله ص 163 :
" يقول حسن الفاتح قريب الله : شُوهدت الكعبة المشرفة تطوف بجماعة من الأولياء في أوقات في أمكنة غير مكانها ، مع العلم بأنها لم تفارق مكانها في تلك الأوقات ."
🔸 أن تعتقد أن المدعو الخنجر ممن يؤخذ منه دين ويؤخذ عنه علم مع ظهور جهله وتخبطه فأنت صوفيٌ جلد.

عبدالله الحساني

غلاء الأسعار

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فما يمر به الناس هذه الأيام من غلاء في السلع بين وظاهر ولا يخفى على أحد وكلنا يرجو الله تعالى أن يخفف هذا الغلاء وأن يعين على معرفة أسبابه وذهابه.
🔸 وفي هذه المدلهمات التي تمر بالأمة والغلاء الذي تعيشه يخرج أصحاب البدع لتحريك الأمة للخروج على حكامها وكذلك يخرجون للطعن على أهل السنة بكل صفاقة وسوء أدب.
🔸 ولم يكن الواحد يتخيل أن يرى ما يراه الآن من دعاة السرورية من السخرية بمن يدعو الناس للصبر على جور الحكام، وكذلك يسخرون ممن يأمر الناس بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى ويسخرون ممن جعل الغلاء الحاصل له أسباب منها انتشار الشرك وعامة الذنوب.
🔸 وكنا نظن كذلك أن هذه الأفعال الصبيانية قد تكون من غلمان الخوارج ومن رضع من ثديهم من جهلة المسلمين ولكن يبدو أن الدكتور السروري كذلك يلغي أدلة الشرع والواقع ويصير مثل سفهاء القوم.
🔸أقول هذا بعد كتابة الدكتور علاء الدين عثمان في صفحته في الفيس بوك كلاماً فيه سخرية ممن يأمر الناس بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى،  وكأن هذا الدكتور لم يقرأ القرآن يوماً ولم ينظر في السنة ساعة.
🔸وكأن الدكتور لم يقرأ قوله تعالى: ﴿أَوَلَمّا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيها قُلتُم أَنّى هذا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [آل عمران: ١٦٥]،  وقوله تعالى:﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ﴾
[الأعراف: ٩٦]، وقوله تعالى :﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾
[الروم: ٤١] وهذه الآيات واضحة الدلالة في أن الذنوب سبب للبلاء وأن التوبة سبب لرفع البلاء ونزول الرخاء ولكن القوم صم عمي بكم عنها وعن فهمها.
🔸وأما المذكور في السنة فأكثر من أن يحصر في أن الذنوب سبب للبلاء وأن التوبة سبب لرفعه ومن ذلك الغلاء الحاصل،  فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كُنْتُ عَاشِرَ عَشْرَةِ رَهْطٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسُ خِصَالٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى أَعْلَنُوا بِهَا إِلَّا ابْتُلُوا بِالطَّوَاعِينِ وَالْأَوْجَاعِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا *ابْتُلُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ*، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ فَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَا خَفَرَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَعْمَلْ أَئِمَّتُهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» فالسنين وشدة المئونة وجور السلطان سببها ذنب ارتكبه بعض المسلمين وهذا كلام الصادق المصدوق هل نتركه لتنظير منظر أو فلسفة متفلسف لا والله!!
🔸وكذلك في المسند بسند جيد عن ميمونة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا فأوشك أن يعمهم الله بعذاب. "  ففشو أولاد الزنا سبب للعذاب العام الذي ينزل بالأمة ومن ذلك الغلاء الحاصل واليوم قد انتشرت هذه الرذيلة جداً في الأمة حتى أن أبناء الزنى لهم ديار تأويهم هذا غير من يموت وغير من لا يعرف أنه ابن سفاح وإن كان فشو الزنا مؤذن بالعذاب فكيف بانتشار الشرك في الأمة؟  كيف بانتشار دعاء غير الله؟  كيف بانتشار السحر والدجل؟  كيف بانتشار ترك الصلاة؟  كيف بانتشار الإلحاد والردة عن دين الله؟  أفلا يعقل القوم!!
🔸وكذلك أخرج الأمام أحمد في الزهد بسند صحيح عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُصُ فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا، فَبَكَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ جَالِسًا وَحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ، *مَا أَهْوَنُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَضَاعُوا أَمْرَه*ُ، بَيْنَمَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمُلْكُ، تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى. فإضاعة أمر الله تعالى سبب للهوان على الله عز وجل كما قاله هذا الصحابي الفقيه رضي الله عنه،  وهذا جزء يسير من ادلة متكاثرة فيها تقرير هذا الأصل العظيم لذلك فدعاة أهل السنة والجماعة يرون أن التوبة إلى الله  من أسباب ذهاب الغلاء وأن انتشار المعاصي سبب للغلاء وهذا أصل أصيل لا محيد عنه أبداً.
🔸 وكذلك مما يعتقد أهل السنة والجماعة أن نصح الحكام يكون سراً بين الناصح وبين الحاكم والأصل في ذلك ما أخرجه أحمد في المسند وابن أبي عاصم في السنة وصححه الألباني رحمه الله
عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال : قال رسول الله: من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدى الذي عليه.
🔸 فهذه نصوص شرعية لن يتركها أهل السنة والجماعة لتشغيب مشغب والله الموفق والمرجو أن يذهب عنا الغلاء والفتن والمحن وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني

مكاشفي القوم

#مكاشفي_القوم

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه.
🔸 أما بعد: فقد استمعت لقصيدةحتى مكاشفي القوم:  شعر وألحان محمد نور الخزامي وآداء أحمد حميدان.  وهي قصيدة شديدة الطرب استعمل فيها السلم الخماسي ومن يستمع لها سينطرب لا محالة وقد كتبوا أبيات القصيدة  يستطيع المستمع فهم بعض الكلمات وكذلك أفدت من ذلك خفض الصوت والنظر في المكتوب ( لحرمة الموسيقى )
يقول فيها.
لكل بلية كلام بالفاكس  خطوط هوائية لمكاشفي القوم
فكّا فككية وربا وربية سلكاً ملكية ياشكنيبة عموم
نوراً نوْرية  هككم سككم** حكماً لمشية من غير مفهومي
 🔸وصدق فليس هناك شيء مفهوم في هذه القصيدة وهناك شيء ملاحظ عند الصوفية أنهم يغربون في كثير من قصائدهم فلا يهتدي السامع لمعنى يفيده ولو تتبع المتتبع لذلك لما وصل لحصر لهذا النوع من القصائد ومن ذلك قول عبدالرحيم البرعي :

في أسس أسا مربي القوم بي طه تأسى ورجال مي مي

في الأذن همسا رموز ولغوز بي يده لمسا حروف سقى سي

في ليلا مسى بسر السر هب وطمسا جلب ناس كي

في الحضرة جلسا يفيد ويزيد  تحقيق ما طلسا الزال الغي

بالسر ما بلسا سفاين القوم ** هو عنده ألسا الذكر الحي
إلى آخر قصيدته هذه.
🔸 وهذه الطريقة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطابه فقد كان يُفهم من سمعه صلى الله عليه وسلم،  عن أنس  رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -  " أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه " البخاري (94)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان كلامه فصلا يبينه ،  لا يسرد الكلام كسردكم هذا ، يحفظه كل من سمعه " النسائي في الكبرى (10245).
🔸 فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفهم اصحابه وكان يبين كلام حتى أن من يسمعه يعقل عنه فهذا مقصد شرعي بخلاف الصوفية هنا فلا يستطيع أن يفهم كلامهم أحد ولعل هذا من مقاصد القوم فهم مخالفون للنبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء.
🔸 والقوم قد غيبوا عقولهم وعقول أتباعهم لذلك لا يستبعد أنهم يغربون في أشعارهم للإغراب على الأتباع حتى يمتلكوا عقولهم ويجعلونهم يسيرون كالانعام لا يفهمون شيئاً.
🔸 ولعل ما ذكره ود ضيف الله في ترجمة خليل الرومي يكون سبباً يهتدي به من أراد معرفة القوم فقد قال عنه: " أتاه رجلاً فقال له شردت لي خادمة فردها لي فطلب منه الشيخ أن يُحضر له جردل مريسة وبصلتين وديكاً مخصياً فلما أتاه بالمطلوب شرب الشيخ المريسة ثم أمر الرجل أن يرفع الشجرة ويقول يا بخيتة ثلاث مرات فلما فعل جاءته الخادمة من أتبرة ( عطبرة ) تحمل فوق رأسها قربة ماء فأخبرها الرجل أن هذه سنار وليست أتبرة .

ومن كراماته أن رجلاً سرق معزة الشيخ التي يحلبها ويشرب لبنها وذهب بها إلى بيت الخمر فذبحها وأكلها هو و أصحابه فجعلت المعزة تصيح في بطونهم "
طبقات ود ضيف الله (83-84)
🔸 اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لهداية من ضل من عبادك.

عبدالله الحساني

جماعة واحدة لا جماعات

*جماعة واحدة لا جماعات*
الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه.
🔸 أما بعد: فقد أنعم الله على عباده أن أكمل لهم دينهم وأرتضاه لهم ومقتضى هذا الإكمال والرضا أن هذا الدين صالح لكل وقت ومكان يوجد فيه مسلمون وكذلك كل ما يقرب إلى الله والدار الآخرة فهو موجود في الشرع إما نصاً او استنباطاً قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ومالم يكن من الواجبات ولا من المستحبات، ولم يأمر اللهُ به ورسولُه لا أمرَ إيجاب ولا استحباب، ولا فَضَّلَه اللهُ ورسولُه بالترغيبِ فيه، فليس من الأعمال الصالحة، وليس من العبادات التي يتقَرَّبُ بها إلى الله"جامع المسائل (1/98)،  وكذلك ينبغي أن تفهم نصوص الشرع على حسب فهم المتقدمين لها وعملهم قال الشاطبي رحمه الله تعالى :
" يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به؛ فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل ". الموافقات (289/3)،  وفي عموم أبواب الشرع ينبغي أن يكون النظر لحقائق الأمور بعيداً عن بهارجها وبعيداً عن العواطف غير المنضبطة بالشرع وإلا دخلت البدع يقول الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
"تُسرع البدع والأهواء إلى قلوبٍ فيها لينٌ وليس عندها تحصينٌ بالعلم النافع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدةً، وألْينُ قلوباً) وهذا ظاهره المدح لهم، وفيه ما يُشير إلى أنه تُسْرِع فيهم الأهواء؛ لأجل رقة تلك الأفئدة، فالفؤاد الرقيق أو العاطفي أو المتحمس أو الكثير الوجل والخوف قد يأتيه أهل الأهواء فيجرفونه، وأما العلم فإنه يورث خشية العلماء، وليست خشية العبادة الجهلة."
الطريق إلى النبوغ العلمي (305)،  وكذلك ينبغي أن يكون الهم والمقصود عند النزاع والاختلاف هو معرفة حكم الله ومراده، قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "
ﻓ‍‍ﻴ‍‍ﻨ‍‍ﺒ‍‍ﻐ‍‍ﻲ‍ ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻤ‍‍ﺆ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﻳ‍‍ﺠ‍‍ﻌ‍‍ﻞ‍ ‍ﻫ‍‍ﻤ‍‍ﻪ‍ ‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﻘ‍‍ﺼ‍‍ﺪ‍ﻩ‍ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﺮ‍ﻓ‍‍ﺔ ‍ﺃ‍ﻣ‍‍ﺮ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍ ‍ﻭ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻟ‍‍ﻪ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﻣ‍‍ﺴ‍‍ﺎ‍ﺋ‍‍ﻞ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺨ‍‍ﻠ‍‍ﺎ‍ﻑ‍, ‍ﻭ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻌ‍‍ﻤ‍‍ﻞ‍ ‍ﺑ‍‍ﺬ‍ﻟ‍‍ﻚ‍, ‍ﻭ‍ﻳ‍‍ﺤ‍‍ﺘ‍‍ﺮ‍ﻡ‍ ‍ﺃ‍ﻫ‍‍ﻞ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻌ‍‍ﻠ‍‍ﻢ‍, ‍ﻭ‍ﻳ‍‍ﻮ‍ﻗ‍‍ﺮ‍ﻫ‍‍ﻢ‍, ‍ﻭ‍ﻟ‍‍ﻮ ‍ﺃ‍ﺧ‍‍ﻄ‍‍ﺆ‍ﻭ‍ﺍ, ‍ﻟ‍‍ﻜ‍‍ﻦ‍ ‍ﻟ‍‍ﺎ ‍ﻳ‍‍ﺘ‍‍ﺨ‍‍ﺬ‍ﻫ‍‍ﻢ‍ ‍ﺃ‍ﺭ‍ﺑ‍‍ﺎ‍ﺑ‍‍ﺎ ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺩ‍ﻭ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍; ‍ﻫ‍‍ﺬ‍ﺍ ‍ﻃ‍‍ﺮ‍ﻳ‍‍ﻖ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻨ‍‍ﻌ‍‍ﻢ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍. ‍ﻭ‍ﺃ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﺍ‍ﻃ‍‍ﺮ‍ﺍ‍ﺡ‍ ‍ﻛ‍‍ﻠ‍‍ﺎ‍ﻣ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍ ‍ﻭ‍ﻋ‍‍ﺪ‍ﻡ‍ ‍ﺗ‍‍ﻮ‍ﻗ‍‍ﻴ‍‍ﺮ‍ﻫ‍‍ﻢ‍ ‍ﻓ‍‍ﻬ‍‍ﻮ ‍ﻃ‍‍ﺮ‍ﻳ‍‍ﻖ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻐ‍‍ﻀ‍‍ﻮ‍ﺏ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍. ‍ﻭ‍ﺃ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﺍ‍ﺗ‍‍ﺨ‍‍ﺎ‍ﺫ‍ﻫ‍‍ﻢ‍ ‍ﺃ‍ﺭ‍ﺑ‍‍ﺎ‍ﺑ‍‍ﺎ ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺩ‍ﻭ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍: ‍ﺇ‍ﺫ‍ﺍ ‍ﻗ‍‍ﻴ‍‍ﻞ‍: ‍ﻗ‍‍ﺎ‍ﻝ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍, ‍ﻗ‍‍ﺎ‍ﻝ‍ ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻟ‍‍ﻪ‍. ‍ﻗ‍‍ﻴ‍‍ﻞ‍: ‍ﻫ‍‍ﻢ‍ ‍ﺃ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻢ‍ ‍ﻣ‍‍ﻨ‍‍ﺎ ‍ﻓ‍‍ﻬ‍‍ﺬ‍ﺍ ‍ﻫ‍‍ﻮ ‍ﻃ‍‍ﺮ‍ﻳ‍‍ﻖ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻀ‍‍ﺎ‍ﻟ‍‍ﻴ‍‍ﻦ‍.
‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺃ‍ﻫ‍‍ﻢ‍ ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻰ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻌ‍‍ﺒ‍‍ﺪ, ‍ﻭ‍ﺃ‍ﻧ‍‍ﻔ‍‍ﻊ‍ ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﻟ‍‍ﻪ‍: ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﺮ‍ﻓ‍‍ﺔ ‍ﻗ‍‍ﻮ‍ﺍ‍ﻋ‍‍ﺪ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺪ‍ﻳ‍‍ﻦ‍ ‍ﻋ‍‍ﻨ‍‍ﺪ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺘ‍‍ﻔ‍‍ﺼ‍‍ﻴ‍‍ﻞ‍; ‍ﻓ‍‍ﺈ‍ﻥ‍ ‍ﺃ‍ﻛ‍‍ﺜ‍‍ﺮ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﺎ‍ﺱ‍ ‍ﻳ‍‍ﻔ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻘ‍‍ﻮ‍ﺍ‍ﻋ‍‍ﺪ, ‍ﻭ‍ﻳ‍‍ﻘ‍‍ﺮ ‍ﺑ‍‍ﻬ‍‍ﺎ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻰ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺈ‍ﺟ‍‍ﻤ‍‍ﺎ‍ﻝ‍, ‍ﻭ‍ﻳ‍‍ﺪ‍ﻋ‍‍ﻬ‍‍ﺎ ‍ﻋ‍‍ﻨ‍‍ﺪ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺘ‍‍ﻔ‍‍ﺼ‍‍ﻴ‍‍ﻞ‍. ‍ﻭ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍ ‍ﺃ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻢ‍." مجموعة الرسائل و المسائل النجدية (1/12) وهذه الأمور ينبه عليها لكثرة المموهين الملبسين الذين يكتمون الحق وهم يعلمون قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا وقع الاستفصال والاستفسار ، انكشفت الأسرار ، وتبين الليل من النهار، وتميز أهل الإيمان واليقين من أهل النفاق المدلسين، الذين لبسوا الحق بالباطل، وكتموا الحق وهم يعلمون" . التسعينية (1-217).
وبعد ما تقدم ذكره فمن المهم جداً لأهل الإسلام أن يجتمعوا وأن يكون بينهم من يدعوهم للاجتماع قال الشيخ العلامة صالح آل الشيخ- حفظه الله -: " لهذا الواجب على كل مخلص أن يسعى إلى أن يجمع الناس على كلمة سواء، *فيها تحكيم الكتاب والسنة، واتباع طريقة السلف وإلغاء الأسماء، وعدم إحداث التعصبات التي قد تثير الناس وتفرق عن الاجتماع*،وكل ناصح لابد أن يسعى في ذلك "  شرح فضل الإسلام ص(264) وهذا الاجتماع من صفات أهل السنة والجماعة يقول العلامة  ابن باز  -رحمه الله - :
ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال:
«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة- يعني:
كلها في النار إلا واحدة، وهم أتباع موسى عليه السلام- وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة-
والمعنى: أن كلها في النار إلا واحدة، وهم التابعون لعيسى عليه السلام-
قال: وستفترق هذه الأمة- يعني: أمة محمد ﷺ- على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»
قيل: يا رسول الله؟
من هي الفرقة الناجية؟ قال: "الجماعة"، وفي لفظ: «ما أنا عليه وأصحابي».
*هذه هي الفرقة الناجية، الذين اجتمعوا على الحق الذي جاء به الرسول ﷺ واستقاموا عليه، وساروا على نهج الرسول ﷺ ونهج أصحابه*،
وهم أهل السنة والجماعة،
وهم أهل الحديث الشريف السلفيون الذين تابعوا السلف الصالح، وساروا على نهجهم في العمل،  وقال البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى :
" ‏أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نجم بالشر ناجمها، وهجم ليفتك بالخير والعلم هاجمها."
آثار البشير الإبراهيمي، (ج٣ ص٢٦٥.)
وقال رحمه الله تعالى :
" الأحزاب كالميزاب، جَمَع الماء كدرًا، وفرَّقه هدرًا، فلا الزلالَ جَمَع، ولا الأرض نَفَع. "
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (3/ 265). 
يقول البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى كذلك موصياً الشباب :
العلمَ العلمَ أيّها الشباب، لا يُلهيكم عنه سمسار أحزاب، ينفخ في ميزاب، ولا داعية انتخاب، في المجامع صخّاب، ولا يلفتنكم عنه معللٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب، يأتم بغراب، ولا يفتنّنكم عنه مُنزوٍ في خنقه، ولا مُلتوٍ في زنقةٍ، ولا جالس في ساباط، على بساط، يحاكي فيكم سنة الله في الأسباط، فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلاب وساحر كذّاب. إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصعتم إلى هؤلاء العواة، خسرتم أنفسكم، وخسركم وطنكم، وستندمون يوم يجني الزارعون ما حصدوا، ولات حين ندم. «عيون البصائر»: (350-351). فتأمل هذا أيها المسلم ودعك من بنيات الطريق فإن العمر قصير والله الموفق لا رب سواه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبدالله الحساني
ليلة الخميس 3 شعبان 1439

كتب المنفلوطي

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فالناظر في كتب  المنفلوطي  لاسيما النظرات يجد فيه أخلاقاً فاضلة وآداباً سامية وحِكَما رفيعة ولا ينفك يكتب وروح الاعتزاز بالإسلام والعروبة والأخلاق الفاضلة تصاحبه وما يكتبه رحمه الله يلامس قلب الناظر فيه كأنه يكتب صادقاً مخلصاً ولعل هذا النص يلخص مذهبه في الكتابة ويوحي بسبب وجود هذا الأثر في كتابته إذ يقول: "  *فاني لا أحسن أن أكتب كلمة يفضي بها إليّ غيري أو أعبر عن معنى لا يقوم بنفسي ، أو أبكي على من لا يحزنني فراقه* . أو أندب من لا يفجعني موته ، أو أستنكر ما أستحسن ، أو أستحسن ما أستنكر ، كما لا أستطيع أن أمر بمشهد من تلك المشاهد التي تهيج في نفسي حزناً شديداً ، أو طرباً كثيراً ، فأملك نفسي عن محاولة الإفضاء بما تركه عندي من خير أو شر ..."  النظرات  (١ / ٣٢) وقد ختم المجلد الأول من النظرات بكلام نفيس عن الدعوة والدعاة أردت إيراده وإلحاقه بمثيله،  وقبل نقل كلامه عن الدعوة أنقل نموذجاً من إنكاره للقباب والأضرحة والشركيات المنتشرة في مصر في وقته وهذه الشركيات لم ينفرد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى بإنكارها بل هناك قلة من الكتاب والأدباء أنكروها لمنافاتها للفطرة السليمة قال رحمه الله تعالى: " كل ما نراه اليوم بين المسلمين من الخلط في عقيدة القضاء والقدر وعقيدة التوكل *وتشييد الأضرحة وتجصيص القبور وتزيينها والترامي على أعتابها والاهتمام بصور العبادات وأشكالها دون حكمها وأسرارها, وإسناد النفع والضرر إلى رؤساء الدين وأمثال ذلك أثر من آثار المسيحية الأولى وليس من الإسلام في شيء.*" النظرات (٢٢٤/١).
🔸 قال رحمه الله تعالى: ليس من الرأي أن يشير المعلم على المتعلم أن يجعل هذا المجتمع الإنساني ميزانا يزن به أعماله، أو مرآة يرى فيها حسناته وسيئاته، فالمجتمع الإنساني مصاب بالسقم في فهمه، والاضطراب في تصوره، فلا عبرة بحكمه، ولا ثقة بوزنه وتقديره." النظرات (٢٠٤/١) وهذه وصية نافعة وكلمة جامعة للمعلم أن يجعل طالب العلم مقياسه في أموره ثابتاً وهو ما جاء به الشرع وأن لا يكون في أمره فعلاً وتركاً ملتفتاً للناس إذ أن الفساد قد عم المجتمع إلا قليلاً.
🔸 قال رحمه الله تعالى محذراً من الكذب ومبيناً شره وشر أهله : " كذب اللسان من فضول كذب القلب، *فلا تأمن الكاذب على ود، ولا تثق منه بعهد، واهرب من وجهه الهرب كله، وأخوف ما أخاف عليك من خلطائك وسجرائك الرجل الكاذب*  " النظرات (١٩٢/١) وهذه الوصية بالهرب من الكاذب ينبغي أن تكون على ذُكْر من السالك فوجود الكذابين بين طلاب العلم والدعاة مؤذن بكل شر بل أن كثيراً من الفتن الحادثة سببها هذا الصنف من الناس لذلك اتبع قوله أعلاه بهذا القول: " *ليس الكذب شيئا يستهان به فهو أس الشرور ورذيلة الرذائل فكأنه أصل والرذائل فروع له، بل هو الرذائل نفسها وإنما يأتي في أشكال مختلفة ويتمثل في صور متنوعة* "  النظرات (١٩٣/١) والناس قد استهانوا بأمر الكذب اليوم حتى أنك تجد الرجل يكذب ويتحرى الكذب ولازال الناس يتعاملون معه ولعمر الله إن هذا هو السوء بعينه وهذه الاستهانة قديمة منذ وقته رحمه الله تعالى يقول: " قد هان على الناس أمر الكذب حتى إنك لتجد الرجل الصادق فتعرض على الناس أمره وتظرفهم بحديثه كأنك تعرض عجائب المخلوقات، وتتحدث بخوارق العادات."  النظرات (١٩٣/١)
وقد ذم المنفلوطي هذه الدنايا التي يعيشها الناس ويبحثون لها عن المبررات فقال: " أيها القوم، إنكم تقولون بألسنتكم ما ليس في قلوبكم، إنكم عجزتم عن العمل، وأخلدتم إلى الكسل، *وأردتم أن تقيموا لأنفسكم عذرا يدفع عنكم هاتين الوصمتين فسميتم ما أنتم فيه توكلا, وما هو إلا العجز الفاضح، والإسفاف الدنيء*  " النظرات (١٣٥/١).
🔸 وقد تحدث رحمه الله عن الدعاة ومن ذلك تقسيمه لهم لأربعة أقسام فقال : " رأيت الدعاة في هذه الأمة أربعة، رجل يعرف الحق ويكتمه عجزاً وجبناً، فهو ساكت طول حياته لا ينطق بخير ولا شر، ورجل يعرف الحق وينطق به، ولكنه يجهل طريق الحكمة والسياسة في دعوته فيهجم على النفوس بما يزعجها وينفرها، وكان خيرا له لو صنع ما يصنعه الطبيب الماهر الذي يضع الدواء المر في "برشامة" ليسهل تناوله وازدراده، ورجل لا يعرف حقا ولا باطلا، فهو يخبط في دعوته خبط الناقة العشواء في مسيرها, فيدعو إلى الخير والشر والحق والباطل والضار والنافع في موقف واحد،
فكأنه جواد امرئ القيس الذي يقول فيه:
*مكر مفر مقبل مدبر معا*
ورجل يعرف الحق ويدعو الأمة إلى الباطل دعوة المجد المجتهد، وهو أخبث الأربعة وأكثرهم غائلة؛ لأنه صاحب هوى يرى أنه لا يبلغ غايته منه إلا إذا أهلك الأمة في سبيله، فهو عدوها في ثياب صديقها؛ لأنه يوردها موارد التلف والهلاك باسم الهداية والإرشاد، فليت شعري من أي واحد من هؤلاء الأربعة تستفيد الأمة رشدها وهداها. "  النظرات (٣٤٨/١)
وقد صدق رحمه الله فهذا حال من استقرأ الأمر ونظر بعين البصيرة وفاته ذكر من وفقهم الله الذين جمعوا بين العلم والعمل والدعوة على بصيرة بلا تنفير من الحق ولاكتم له.
🔸 ثم قال مبيناً فساد بعض الدعاة وحاجتهم للدعوة بدل أن يكونوا دعاة :" ما أعظم شقاء هذه الأمة وأشد بلاءها، فقد أصبح دعاتها في حاجة إلى دعاة ينيرون لهم طريق الدعوة, ويعلمونهم كيف يكون الصبر والاحتمال في سبيلها، فليت شعري متى يتعلمون، ثم متى يرشدون."
النظرات (٣٤٩/١)
🔸ثم حث رحمه الله تعالى الدعاة على تحمل المسؤولية وأن يكونوا على قدر ما يحملونه فقال: " الجهلاء مرضى والعلماء أطباء، ولا يجمل بالطبيب أن يحجم عن العمل الجراحي فرارا من إزعاج المريض أو خوفا من صياحه وعويله أو اتقاء لسبه وشتمه، فإنه سيكون غدا أصدق أصدقائه وأحب الناس إليه.
وبعد فقليل أن يكون الداعي في الأمة الجاهلة حبيبا إليها إلا إذا كان خائنا في دعوته سالكا سبيل الرياء والدهان في دعوته". 
 النظرات (٣٤٧/١) وقد أشار رحمه الله في كلامه هنا إلى المداهنين من الدعاة الذين يتحدثون بما يطلبه المستمعون ويريدون إرضاء الجميع على اختلاف مشاربهم وعلى اختلاف بدعهم.
🔸 واختم بكلامه مثبتاً للدعاة ومبيناً لهم فضل الثبات والصبر قائلاً: " لا يستطيع الباطل أن يصرع الحق في ميدان؛ لأن الحق وجود والباطل عدم، وإنما يصرعه جهل العلماء بقوته، ويأسهم من غلبته، وإغفالهم النداء به، والدعاء إليه. " النظرات(٣٤٧/١) وقال: " لا يستطيع الباطل أن يصرع الحق في ميدان؛ لأن الحق وجود والباطل عدم، وإنما يصرعه جهل العلماء بقوته، ويأسهم من غلبته، وإغفالهم النداء به، والدعاء إليه."  النظرات (٣٤٧/١) وقال: " ما من قائم يقوم في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية داعيا إلى ترك ضلالة من الضلالات إلا وقد آذن نفسه بحرب لا تخمد نارها ولا يخبو أوارها حتى تهلك تلك الضلالة أو يهلك دونها.

ليس موقف الجندي في معترك الحرب بأحرج من موقف المرشد في معترك الدعوة، وليس سلب الأجسام أرواحها بأقرب منالا من سلب النفوس غرائزها وميولها. " النظرات (٣٤٥/١).
🔸 هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله الحساني.
عصر الجمعة 11 شعبان 1439

شدة الخلاف بين أهل السنة والأشاعرة

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذا جمع يسير لبيان شدة الخلاف بين أهل السنة والأشاعرة وأن خلاف أهل السنة معهم ليس هيِّنا بل أن العلماء اشتد نكيرهم عليهم حتى وصل الأمر لإطلاق الكفر عليهم فبدع الأشاعرة عظيمة والنزاع معهم شديد وهم مخالفون لبعض المعلوم من الدين بالضرورة بل أن شيخ مشايخنا الشيخ محمد آمان الجامي رحمه الله تعالى كان يقول لا ينبغي أن يخلو درس من التحذير من الأشاعرة أو كلمة نحوها وهم في حقيقة أمرهم موافقون للجهمية الأولى وكلامهم هو كلام شيوخ الجهمية قال شيخ الإسلام في الفتوى الحموية الكبرى ص245 :" وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب «التأويلات» وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه «تأسيس التقديس» ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبي علي الجبّائي، وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني، وأبي الحسين البصري، وأبي الوفاء بن عقيل، وأبي حامد الغزالي وغيرهم، هي بعينها التأويلات التي ذكرها بشر المريسي التي ذكرها في كتابه، وإن كان قد يوجد في كلام بعض هؤلاء رد التأويل"
🔸بل أن الأئمة كانوا يجعلون الانتساب للأشعرية سبة عظيمة،
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ناقلاً عن الكرجي (4/177) :" قال وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه من تكفيرهم الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية"
‏قال الكرجي(ت532):
"من قال أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له:هذا من الأضداد، لا بل من الارتداد؛إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد"
القطوف ص17
🔸 وقد كان السلف رحمهم الله يكفرون ببعض مسائل الأشاعرة مما يدل أن بدعتهم عظيمة
قال الحاكم في معرفة علوم الحديث 161 - سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : « من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته ، فهو كافر بربه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه ، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ، والمعاهدون بنتن ريح جيفته  ، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين ، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم » والأشاعرة لا يقرون بذلك وأضعافه من صفات الله ينفونها،  قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/396) :" أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ تَمِيْمٍ اللَّبْلِيُّ ببَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْحٍ بِهَرَاةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ إِمْلاَءً، قَالَ:
مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ - تَعَالَى - يَعْجَبُ، وَيَضْحَكُ ، وَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ: (مَنْ يَسْأَلُنِي، فَأُعْطِيَهُ ) ، فَهُوَ زِنْدِيْقٌ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقه، وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِيْنَ" وماذكره أبو العباس السراج هو جزء من قول الأشاعرة،
قال اللالكائي في السنة :" سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، *ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة* "
جاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام (3/ 173) :" فقال الشيخ كمال الدين لصدر الدين ابن الوكيل قد قلت فى ذلك المجلس للشيخ تقى الدين أنه من قال إن حرفا من القرآن مخلوق فهو كافر فأعاده مرارا فغضب هنا الشيخ كمال الدين غضبا شديدا ورفع صوته وقال *هذا يكفر اصحابنا المتكلمين الأشعرية الذين يقولون ان حروف القرآن مخلوقة مثل امام الحرمين وغيره وما نصبر على تكفير أصحابنا* "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة ص164 :" مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق فإن الله يغفر له خطأه وإن حصل منه نوع تقصير فهو ذنب لا يجب ان يبلغ الكفر وإن كان يطلق القول بأن هذا الكلام كفر كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية مثل القول بخلق القرآن أو إنكار الرؤية أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور فإن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفر تاركها ".
🔸إذن المراد بيان أن بعض أقوالهم كفر ولكن الأمر كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن تكفير المعين لا يصح حتى قيام الحجة عليه.
🔸وليس الخلاف مع الأشاعرة في باب الصفات فحسب بل الخلاف معهم في عدة أبواب من أبواب الشرع العظام منها قولهم في الإيمان ومنها قولهم في القرآن ومنها تفسيرهم لكلمة التوحيد وغير ذلك من المسائل العظام قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 582) : "وبهذا وغيره يتبين فساد قول جهم والصالحي ومن إتبعهما فى الإيمان كالأشعرى فى أشهر قوليه وأكثر أصحابه وطائفة من متأخرى أصحاب أبى حنيفة كالماتريدى ونحوه حيث جعلوه مجرد تصديق فى القلب يتساوى فيه العباد".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان كذلك :" وإذا تدبرت حججهم وجدت دعاوى لا يقوم عليها دليل والقاضى أبو بكر الباقلاني نصر قول جهم في مسألة الإيمان متابعة لأبي الحسن الأشعرى وكذلك أكثر أصحابه فأما أبو العباس القلانسى وأبو على الثقفي، وأبو عبدالله بن مجاهد شيخ القاضى أبي بكر وصاحب أبي الحسن فإنهم نصروا مذهب السلف وابن كلاب نفسه والحسين بن الفضل البجلي ونحوهما كانوا يقولون : هو التصديق والقول جميعا موافقة لمن قاله من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان، ومن اتبعه مثل أبي حنيفة وغيره. "
🔸فالتهوين من بدعة الأشاعرة والخلاف معهم لا ينشأ إلا من الجهل بما عليه أهل السنة والجماعة فإن الأشاعرة مخالفون  للسلف في مسائل كثيرة وأفرادها عظيمة جداً قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45) :" ولا يقدر أحد ان ينقل عن أحد من سلف الامة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية أن الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على أنه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من أهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم
وإذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الأمة وأئمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت الصفات من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين مثل الكرامية والكلابية والأشعرية الذين هم الأشعري وأئمة اصحابه ولكن الذين يوافقونه على ذلك هم المعتزلة والمتفلسفة المنكرون للصفات وطائفة من الأشعرية وهم في المتأخرين منهم اكثر منهم في المتقدمين وكذلك من اتبع هؤلاء من الفقهاء والصوفية وطائفة من أهل الحديث "
قال العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ كما في مجموعة الرسائل والمسائل ( 1/221) وهو يتكلم عن الأشعرية :"  وقد حكى ابن القيم -رحمه الله- عن خمسمائة إمام من أئمة الإسلام، ومفاتيه العظام أنهم كفّروا من أنكر الاستواء، وزعم أنه بمعنى الاستيلاء، ومن جملتهم إمامك الشافعي -رحمه الله-، وجملة من أشياخه كمالك وعبد الرحمن بن مهدي والسفيانين، ومن أصحابه أبو يعقوب البويطي والمزني، وبعدهم إمام الأئمة ابن خزيمة الشافعي، وابن سريج، وخلق كثير. وقولنا: إمامك الشافعي مجاراة للنسبة، ومجرد الدعوى، وإلا فنحن نعلم أنكم بمعزل عن طريقته في الأصول، وكثير من الفروع، كما هو معروف عند أهل العلم والمعرفة"
🔸فهذه إشارة يسيرة ينبغي أن يعلمها طالب العلم والمعرفة والله الهادي والموفق.
عبدالله الحساني.
ليلة الأربعاء 19-6-1439

ذم الإكثار من العلم هو الجهل!

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد رأيت كتابة لأحدهم يذم الإكثار من العلم والدروس بحجج واهية وكلام ظاهره الرحمة وباطنه العذاب،   ومثل هذا إن أحسن الناس فيه الظن رموه بالجهل وحاله يصح أن يوصف بما قال القائل:
أتانا أن سهلاً ذم جهلاً  علوماً ليس يعرفهُن سهل
علوماً لو دراها ما قلاها  ولكن الرضا بالجهل سهل
وكذلك يوصف بما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله :"  وَالْجَاهِلُ الظَّالِمُ لَا يَرَى الْإِحْسَانَ إلَّا إسَاءَةً ، وَلَا الْهُدَى إلَّا الضَّلَالَةَ .

فَقُلْ لِلْعُيُونِ الرُّمْدِ لِلشَّمْسِ أَعْيُنٌ ... سِوَاكِ تَرَاهَا فِي مَغِيبٍ وَمَطْلَعِ
وَسَامِحْ نُفُوسًا بِالْقُشُورِ قَدْ ارْتَضَتْ ... وَلَيْسَ لَهَا لِلُّبِّ مِنْ مُتَطَلَّعِ " إعلام الموقعين ( ٢٦/٤ )
🔸وإلا فمثله حريٌ أن يظن به أنه يريد أن يظل الشباب في جهل حتى يسهل عليه قيادتهم ووجودهم معه.
  وهؤلاء الذين يزهدون من الإكثار من العلم أو يقفون في طريق طلاب العلم  أضر على المسلمين من غيرهم،  قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " نواب إبليس في الأرض : هم الذين يُثبطون الناس عن طلب العلم ، والتفقه في الدين ،
فهؤلاء أضرُّ عليهم من شياطين الجن ؛ فإنهم يَحُولون بين القلوب ، وبين هدى الله وطريقه " مفتاح دار السعادة (١/١٦٠).
🔸 وهذا الوقت ينبغي أن يوصى فيه الناس بالعلم ويحث الطلاب بالإكثار منه وعدم الانشغال عنه بشيء آخر لقلة طلابه ولكثرة نفور الناس عن الطلب وقلة العلماء. 
وما بَقيَتْ من اللَّذَّات إلا... محادثةُ الرِّجال ذوي العُقولِ
وقد كَانوا إذا ذُكِرُوا قليلاً... فقد صارُوا أقلَّ مِن القَليلِ
 والحال كما قال المعلمي اليماني رحمه الله تعالى :
"المصيبة حق المصيبة إعراض الناس عن هذا العلم العظيم  *ولم يبق إلا أفراد يلمون بشيء من ظاهره* ." الأنوار الكاشفة (٩١).
لكن حال هذا المزهد في الإكثار من العلم كما وصف الإمام ابن القيم بعضهم فقال : "فهذا سؤال له شأن ينبغي الاعتناء به ولا يهمل أمره ، وقلَّ من يُدرك سرّه إلا من رزقه الله فهما خاصا وعناية ، وليس هذا من شأن أبناء الزمان الذين غاية فاضلهم نقلا أن يحكي قيلا وقالا ! وغاية فاضلهم بحثا أن يبدي احتمالا ويبرز إشكالا ! وأما تحقيق العلم كما ينبغي :
فللحروب أناسٌ قائمون بها ... وللدواوين كتّاب وحسّاب
• - وقد كان الأولى بنا الإمساك وكفّ عنان القلم وأن نجري معهم في ميدانهم ونخاطبهم بما يألفونه ، وأن لا نجلوا عرائس المعاني على ضرير ، ولا نزُف خَوْدَها * إلى عنّين ، ولكن هذه سلعة وبضاعة لها طُلاب ، وعروس لها خطاب ، فستصير إلى أهلها وتهدي إلى بعلها..
 ولا تستطل الخطابة فإنها نفثة مصدور !!  بدائع الفوائد ( ٦٤١/٢ )
* الخَود: الفتاة الحسنة، والجارية الناعمة
🔸وأكثر الناس اهتماماً بالعلم هم السلفيون لذلك لا يتخيل من منتسب إليهم وهو يزهد في العلم فإنهم يجعلونه أصلاً من أصول دعوتهم ،  قال الشيخ عبدالسلام البرجس رحمه الله في محاضرة له بعنوان أصول الدعوة السلفية: " الاهتمام والعناية بطلب العلم الشرعي والتفقه في الدين :
في حين أن كثيراً من الجماعات الإسلامية اليوم متفلتة عن العلم الشرعي،  وفي حين أن كثيراً من أتباع تلك الجماعات متفلتون عن العلم الشرعي فإن الدعوة السلفية تولي طلب العلم الشرعي أهمية كبيرة،  إذ هو الركيزة والأساس المتين الذي تقوم عليه الحياة.
فبناء الفرد وبناء المجتمع لا يقومان ولا يصلحان إلا بالعلم الشرعي لذا فإن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالعلم قبل القول والعمل فقال عز وجل: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين.. "
  ونحن إنما جعلنا العلم بداية الأصول،  لأن السبل كثيرة وكلها سبل متاهات إلا سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: " وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله "
ولا سبيل إلى سلوك طريق السنة إلا بالعلم الذي يكشف الحقائق،  وينير الطريق... "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما العِلْمُ بالكتاب والحكمة فهو فرضٌ على الكفاية، لا يجب على كل أحدٍ بعينه أن يكون عالماً بالكتاب: لفظه ومعناه، عالماً بالحكمة جميعها، بل المؤمنون كلهم مخاطَبون بذلك، وهو واجبٌ عليهم، كما هم مخاطَبون بالجهاد، بل وجوب ذلك *أسبَقُ وأَوْكَدُ من وجوب الجهاد! فإنه أصل الجهاد، ولولاه لم يَعرفوا عَلامَ يقاتِلون! ولهذا كان قيام الرسول والمؤمنين بذلك قبل قيامهم بالجهاد، فالجهاد سنام الدين، وفَرْعُهُ وتَمَامُهُ، وهذا أصله وأساسُهُ وعَمودُهُ ورأسُهُ!"*  "مجموع الفتاوى" (٢٢٧/١٥)
لذلك فأهل السنة لا يعدلون بالعلم شيئاً،  عن الحسن بن الهيثم البزاز، قال: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله " إني أطلب الحديث وإن أمي تمنعني من ذلك تريد مني أن أشتغل في التجارة فقال لي: دارها وأرضها ولا تدع الطلب "
الجامع للخطيب (2/228)
 🔸 فيا طالب العلم ويا مريد النجاة عليك بالعلم والصبر عليه ولا يشغلك عنه شاغل ولا يقطعك عنه قاطع ومن أمرك بغير الازدياد منه ففر منه فرارك من الأسد قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى: " العلمَ العلمَ أيّها الشباب، لا يُلهيكم عنه سمسار أحزاب، ينفخ في ميزاب، ولا داعية انتخاب، في المجامع صخّاب، ولا يلفتنكم عنه معللٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب، يأتم بغراب، ولا يفتنّنكم عنه مُنزوٍ في خنقه، ولا مُلتوٍ في زنقةٍ، ولا جالس في ساباط، على بساط، يحاكي فيكم سنة الله في الأسباط، فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلاب وساحر كذّاب. إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصعتم إلى هؤلاء العواة، خسرتم أنفسكم، وخسركم وطنكم، وستندمون يوم يجني الزارعون ما حصدوا، ولات حين ندم. " عيون البصائر  (350-351).
🔸 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والله الموفق لا رب سواه.
عبدالله الحساني

الرد على القبوري الخنجر

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فقد كتب صلاح الدين الخنجر مقالاً اسماه (الذل والهوان لبني وهبان) والخنجر مصاب بمس من جنون اسمه الوهابية مخلوط بجهل وسَفَه ومن كان حاله مثله لا يصلح معه الجدال الذي فيصله الحجة بالحجة والدليل بالدليل فهو لا يرفع بالأدلة رأساً وليس من طالبي الحق ومريدي الشرع وإنما أمثاله في الأمة يحتاجون لعراجين النخل يدق بها رأسهم حتى يذهب مابهم من مس.
🔸 وليس في مقاله هذا وعامة ما يكتبه غير الجهل والمهاترات والسب والطعن واللمز مع استخدام اللغة السوقية والعامية القبيحة وفوق هذا كله فهو داعية شركٍ فيها مريد من الناس أن يرجعوا للتعلق بالقبور بعد أن تركوها وأن يكونوا متصوفة بعد أن نبذوها.
🔸 ولكَم تمنيت أن يكون الخنجر غير هذه الصورة القذرة ولكنه رضي لنفسه بالذل والهوان ولا يصلح معه وأمثاله من السِفلة غير مخاطبتهم بلغتهم ومجاراتهم في طريقتهم وليس الخنجر مبتدع هذه الطريقة وانما هو وارث لأسلافه كابن حجر الهيتمي والنبهاني وعثمان بن منصور وأضرابهم وقد قال أحد أئمتنا وهو  الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله كلاماً ينطبق على الخنجر قاله في رده على *عثمان بن منصور*:
فهذا الرجل *مولع بمسبة أهل العلم، وعيبهم وتجهيلهم؛* ومن عادة أهل البدع *إذا أفلسوا من الحجة، وضاقت عليهم السبل، تروحوا إلى عيب أهل السنة وذمهم، ومدح أنفسهم*؛ والواجب أن يتكلم الإنسان بعلم وعدل، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط} الآية  .
وهذا الرجل يحمل خشبته منذ سنين، ولا يجد من يصلبه، وأهل السنة والحديث في كل مكان وزمان، هم محنة أهل الأرض، يمتاز أهل السنة والجماعة بمحبتهم، والثناء عليهم، ويعرف أهل البدع والاختلاف، بعيبهم وشنايتهم.
(الدرر السنية ٤/١٠٢)
🔸 والخنجر في مقاله أراد أن يصل لعدة أمور :
1- أن يجعل الدعوة السلفية هي المملكة العربية السعودية.
2- أن المملكة الآن محاربة للدعوة السلفية عن طريق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
3- أن الدعوة السلفية الآن منبوذة في العالم ساقطة فيه.
أما جعله للدعوة السلفية أنها المملكة العربية السعودية فهذا يدل على جهله ومكره وخبثه فالدعوة السلفية كانت قبل قيام الدولة السعودية وقبل غيرها فلا ترتبط هذه الدعوة بدولة أو غيرها فهي قديمة بقدم الإسلام فإن حقيقة الدعوة السلفية *العمل بالكتاب والسنة على فهم الصحابة ومن بعدهم من الأئمة المرضيين* فهي قبل أي دولة أو مِصر والخنجر يعلم ذلك ولكنه يتعامى عن ذلك عامداً ولا ينكر أحد نصر الدولة السعودية للدعوة السلفية وقيامها بشرع الله ونبذها للشرك والبدع والخرافة منذ وقت الملك المؤسس إلى هذا اليوم وحصول هنَّات وبعض المنكرات لا يعني كفرانهم بالدعوة السلفية وماذكره الخنجر من وجود هذه المنكرات يعتبر نقص في هذه الدولة المباركة ونرجو الله أن يمن ويوفق ويعين على تركها ولكن أصول الإسلام العظام لا زالت قائمة وظاهرة،  فهذه الدولة منذ قيامها وإلى يومنا تحارب الشرك والبدع والخرافة قال الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب والإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود رحمها الله في بيان المنهاج الذي قامت عليه هذه الدولة :

أما ما نحن عليه من الدين؟ فعلى دين الإسلام، الذي قال الله فيه: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} .

وأما ما دعونا الناس إليه؟ *فندعوهم إلى التوحيد، الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} ، وقوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا}.*

وأما ما نهينا الناس عنه؟ *فنهيناهم عن الشرك، الذي قال الله فيه: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار} . وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التغليظ، وإلا فهو منزه، هو وإخوانه عن الشرك: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} ، وغير ذلك من الآيات* " .الدرر السنية (١/٩٥) فهذه هي الدعوة السلفية والدولة السعودية دعوة للتوحيد ونبذ للشرك من أول قيامها إلى يومنا هذا ولله الحمد فلا تجد هناك قبراً يزار ولا شيخاً يدعى ويستغاث به ولا تجد طرق صوفية فليس هناك في العلن طرق صوفية وإن كان لديهم نشاط ففي الخفاء ولله الحمد كالمجرم المتستر بجريمته بل في الحرمين ليس هناك شيخاً واحداً من مشايخ الصوفية بل المشايخ الذين يدرسون هناك هم السلفيون والكتب التي تدرس هي الكتب السلفية بل لا يظهر الملك السعودي في كثير من الأحيان إلا ومعه أحد مشايخ الدعوة السلفية الكبار بل حتى الأمير الذي تتبجح أنه يحارب الدعوة السلفية في آخر سفر له خارج المملكة كان صاحبه فيه الشيخ العلامة صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أحد أحفاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب  وأحد علماء الدعوة السلفية ولما رجع بعد أيام يسيرة زار العلامة صالح الفوزان حفظه الله ورعاه لذلك إما أنك ممسوس أو أنك تتعاطى شيء يذهب بعقلك أيها الخنجر ولا يبعد الثانية فمقالك لا يخلو من الاستشهاد بأغاني حسين شندي ونحوه من الفنانين.
🔸 أما باقي كلامه في المقال فساقط وكذب والخنجر يعلم ذلك والدعوة السلفية ولله الحمد تسير سيراً حثيثاً لا يخفى على الخنجر ولن تقف هذه الدعوة من التمدد حتى قيام الساعة فهي منصورة بنصر الله ومؤيدة بتوفيق الله والحقيقة أن الصوفية هي التي تحتضر ولا أدل على ذلك من تناقص أعداد الناس في احتفالاتهم البدعية وأذكارهم الشركية.
🔸 وعلى كل حال فلسنا في السعودية ولا يسرنا ماذكرته من معاصي وهذه المعاصي ليست هي الخلاف والنزاع بيننا فخلافنا معك هل العبادة هي حق الله وحده كما يعتقد المسلمون أم أنها  ليست له وحده كما يعتقد الصوفية ويدعون إليه في مديحهم الذي يمدحونه؟  وهل المتصرف في الكون هو الله وحده كما يعتقد المسلمون أم أنه ليس وحده المتصرف في الكون كما يعتقد الصوفية؟ وأنت ممن يعتقد أن شيوخكم يتصرفون في المطر مع الله نعوذ بك اللهم من الخذلان!!
خلافنا معكم في هذا نريد ربط الناس بالله ويريدون ربطهم بشيوخكم يقول عبدالرحيم البرعي:

*دعني أصاحب سادتي وأماشي دوما على رغم الحسود الواشي*

*وأزورهم في كل حين طالبا بركاتهم وأنا لديهم خاشي*

*ما مسني سوء وجئت رحابهم إلا وعني ذاهب متلاشي*

*هم عدتي عند الشدائد كلها هم موئلي في كل خطب فاشي*

*أرجو بهم نصرا وإكراما غدا واليوم تيسيرا لأمر معاشي*

*لذ بالرجال العارفين بربهم كالجيلي والبدوي والدقلاشي*

*والمقتفين على هدى من ربهم آثارهم كالتوم والكباشي*
فدعوتكم وثنية لا اتفاق بيننا وبينكم حتى تتركوا الشرك بالله وما ذكرته من وجود تيار يريد التقارب معكم فهؤلاء ليسوا منا ولسنا منهم فأصل أصول الدعوة السلفية تولي أهل الإيمان والتبرؤ من أهل الشرك والكفران.
🔸 وقبل الختام هاك هذه الأبيات التي سطرها الاستاذ أيوب صديق في وصف الخنجر وصاحب له آخر من قصيدة له طويلة :
أُخيَّا رضاعِ الشتمِ لا ثمَ مهرباً 
بأن تشعرا عجزاً فبالشتم تجأرا
ولن تقبلا رأياً وإن جاء ناصعاً 
من الحق مثل البدر في الليل أزهرا
ولن تقبلا قولاً وإن كان مُنزلاً 
إذا لم يكُ البرعيُّ للقول مصدرا
لِواذاً بركين الكِبر نصراً لباطلٍ
وذو الكِبر ما أشقاه حظاً وأعسرا
فقد كان ذا البرعيُّ حَلاجَ عصرنا 
فلجَّ غلـواً فاسـتزاد وأكـثرا
كِلا أمرَ دينكما له كي تلاقيا
بأُخراكما منه الأسى والتحسرا
فذكرهما بالموتِ يا صاحِ واعظاً
إذا كان ذو الأهواء يُشفى تذكـُّرا
أظل لهذا الصنفِ دوماً محارباً 
لعليَ الـقى اللهَ ذنبي مُكـفِـرا

و صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبدالله الحساني.
ليلة الثلاثاء 22 شعبان 1439

هل مرعي الكرمي على السلفية المحضة؟

*هل كان مرعي الكرمي على السلفية المحضة*؟
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
🔸 أما بعد: فهذه بعض النقولات اليسيرة من كتاب أقوال الثقات لمرعي الكرمي الحنبلي تبين أنه لم يكن على السلفية المحضة بل كان مفوضاً ومخلطاً لعقيدة السلف بعقيدة الأشاعرة وشأنه شأن بعض متأخري الحنابلة الذين انتشر لديهم مثل هذا،  وهذا مشتهر منتشر بين أهل العلم أن مرعي بن يوسف الكرمي والسفاريني وغيرهم رحمهم الله ليسوا ممن يحكون القول الصحيح للسلف ، وإنما لديهم خلط وهو الأخذ بطريقة متأخري الأشعرية الذين يجمعون بين التفويض والتأويل، يقول الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية :" ولهذا شيخ الإسلام انتبه لقوة هذا المعنى في الرد في المبتدعة الصفاتية والجهمية وغيرهم، فقرَّرَهُ في كتابه التدمرية كما تعلمون.

إذاً فتفويض المعنى، المعنى أصلاً متفاوت فإذا فوضنا المعنى معناه أننا لا نعلم أي قدر من المعنى، وهذا لاشك أنه نفي وجهالة بجميع دلالات النصوص على الأمور الغيبية، وهذا باطل؛ لأنَّ القرآن حجة، وجعله الله دالاً على ما يجب له  وما يتّصف به ربنا  من نعوت الجلال والجمال والكمال.

التفويض يحتاج إلى مزيد بسط؛ لكن يمكن أن ترجعوا إليه في مظانه، *وكثير من العلماء فهم وظنْ أنَّ مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف هو التفويض، حتى إنهم ينقلون كلام شيخ الإسلام ويحملونه على التفويض مثل السَفَّارِيني ومثل مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات* ، وجماعة من المتأخرين ينقلون كلام شيخ الإسلام وفهموا أنَّ مذهب الإمام أحمد ومذهب شيخ الإسلام ومذهب السلف الذي هو أسلم أنه التفويض، وهذا ليس بصحيح "
📍 وسأذكر عشرة نقول من كتاب أقوال الثقات تبين ذلك اكتفاء بهذا العدد لمن أرادَ الإنصاف:
1- قال مرعي في كتابه أقوال الثقات في (ص 120) :" ومن المتشابه الإستواء في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقوله( ثم استوى على العرش )وهو مذكور في سبع آيات من القرآن

*فأما السلف فإنهم لم يتكلموا في ذلك بشيء جريا على عادتهم في المتشابه من عدم الخوض فيه مع تفويض علمه إلى الله تعالى والإيمان به* "


2- قال أيضاً في ( ص 65): "وجمهور أهل السنة - منهم السلف وأهل الحديث - على الإيمان بها *وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها* " 

3-  قال في (ص 61) : " إن مذهب السلف هو عدم الخوض في مثل هذا ، والسكوت عنه ، *وتفويض علمه إلى الله تعالى* "
4- قال في (ص 65)  : "  وفي ص 200 ينقل عن البيهقي قوله : "  .. التفويض أسلم " ، ثم يُتبعه بقوله : " قلتُ : وبمذهب السلف أقول ، وأدين الله تعالى به ، وأسأله سبحانه الموت عليه "

5- قال في (ص 118) بعد أن ذكر الخلاف في معنى الكرسي:
" واعلم أن هذه الأحاديث ونحوها تروى كما جاءت *ويفوض معناها إلى الله*..... "

6- قال في صفحة (149): " ومن *المتشابه اليد* في قوله تعالى " يد الله فوق أيديهم " " لما خلقت بيديَّ " " بل يداه مبسوطتان " " مما عملت أيدينا " " قل إن الفضل بيد الله " *وتأويله أن المراد باليد القدرة*. "

7- وقال في صفحة 173 :" *ومن المتشابه الساق*  في قوله تعالى " يوم يكشف عن ساق "

8- وهنا يُجيز التأويل ! فينقل عن ابن الهمام الحنفي كما في (ص 132) قوله عن صفة الاستواء : "  *أما كون الاستواء بمعنى الاستيلاء على العرش مع نفي التشبيه فأمر جائز* ... – إلى أن قال – إذا خيف على العامة عدم فهم الاستواء إلا بالاتصال ونحوه من لوازم الجسمية ، فلا بأس بصرف فهمهم إلى الاستيلاء "  !!

9- قال في  ( ص181) بعد ذكره لمعاني بعض الصفات " ولا ريب أن السلف قد تصوروا في نفوسهم مثل هذه الأجوبة فرأوها متناقضة متهافتة فسكتوا عنها ولم يتفوهوا بها لعلمهم بفسادها *وفوضوا العلم فيها إلى الله تعالى*،  مع أنهم أكثر  علماً منا بيقين "

10- قال في (ص 197) : " فمذهب السلف في هذا وأمثاله: *السكوت عن الخوض في معناه،  وتفويض علمه إلى الله تعالى*، كما مرت الإشارة إليه في أول الكتاب ".

🔸 فهذه نقولات يسيرة وأمثالها في كتابه كثير فأقل أحوال الكتاب أن يترك ولا ينظر فيه والناظر في كتابه رحمه الله يجد أنه  يخلط بين مذهب السلف في الصفات تفويض الكيفية ، ومذهب المفوضة  تفويض المعنى ، وهو مذهب كثير من الأشاعرة.
🔸 وثناء الشيخ مرعي على شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف وكذلك انتسابه لمذهب أحمد ليس حجة في تبرئته مما كتبه من خلط ومثله السفاريني وابن الزاغوني ونحوهم.
🔸 كتبت هذا بعد نشر الشيخ علي الحلبي مرة أخرى أن مرعي الكرمي عقيدته نقية سلفية وهذا خطأ عظيم على العقيدة السلفية وتصفح الكتاب يبين خلاف ذلك وقد أكثر في رده من الشتم لمن رد عليه في ذلك ومثل هذا لا يحل القضية ولا يخدم العلم في شيء بل الشتم يحسنه كل أحد.
🔸 وقد رأيتُ كذلك من المتعصبين للشيخ سباً في بعض المجموعات واتهامي بأني تكفيري ولا أطلب منهم غير الإنصاف الذي يطالبون به الناس صباح مساء فإن كان كلامي خطأ فليردوا هذا الخطأ رداً علمياً بذكر نقولات من كتاب مرعي الكرمي تبين خلاف المكتوب أعلاه وإن كان صواباً فالبر بالشيخ أن ينصح ليرجع لا رمي المخالف باتهامات باطلة وتهم من نسج الخيال، قال البخاري رحمه الله: 2443 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، سَمِع َأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ". فهذا بيننا والله الموفق لارب سواء.
عبدالله الحساني.
الثلاثاء 27 رمضان 1439

المتسرعون في الطلاق.

الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
🔸أما بعد: فمن المواثيق العظيمة في الإسلام ميثاق الزواج بين الرجل والمرأة {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ *وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا* } [النساء : 21] وهذا الميثاق الغليظ قد تساهل فيه كثير من الناس وتلاعبوا به فليس لهم مسؤولية تجاه أزواجهم وأشد ما هنالك ما يفعله كثير من المتدينين أو المنتسبين للعلم والدعوة من كثرة الطلاق والتسرع فيه وكأن شيئًا لم يكن بل أشد من ذلك ما يفعله بعضهم من الزواج بنية الطلاق استناداً لبعض فتاوى أهل العلم لا تنطبق عليهم ولو سألوا من أفتى بجوازه لأفتاهم بأن فعلهم إلى المتعة أقرب بل لو ذكر الطلاق مع العقد لكان متعة بلا خلاف.
🔸 وما يفعله هؤلاء الذين يتزوجون ويطلقون ثم يتزوجون مرة أخرى ويطلقون اساءة لأنفسهم وإساءة لمجتمعهم بل كانوا سبباً في تشويه صورة المتدينين عند عامة الناس فلا عدل ولا وفاء ولا إحسان هذا كله قد ابتعدوا عنه وكانوا عنه في منأى فالله عز وجل قد جعل الرابط بين الرجل والمرأة في الزواج رابطاً عظيما وهؤلاء يتساهلون فيه فَكلما مل أحدهم بحث عن الجديد،  قال المنفلوطي رحمه الله:  " إن الضجر والسآمة من الشيء المتكرر المتردد طبيعة من طبائع النوع الإنساني فهو لا يصبر على ثوب واحد أو طعام واحد أو عشير واحد، وقد علم الله سبحانه وتعالى ذلك منه, وعلم أن نظام الأسرة لا يتم إلا إذا بني على رجل وامرأة تدوم عشرتهما، ويطول ائتلافهما، فوضع قاعدة الزواج الثابت ليهدم بها قاعدة الحب المضطرب، وأمر الزوجين أن يعتبرا هذا الرباط رباطا مقدسا حتى يحول بينهما وبين رجوعهما إلى طبيعتهما, وذهابهما في أمر الزوجية مذهبهما في المطاعم والمشارب من حيث الميل لكل جديد، والشغف بكل غريب،  هذا هو سر الزواج وهذه حكمته " النظرات،( ٢١١/١).
🔸وهم كذلك قد جردوا الزواج من حكمه العظيمة فهو آية من آيات الله قد عبث بها هؤلاء العابثون،  قال العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله :
" أيها المسلمون: *إن عقدة الزواج عقدة مؤكدة، يحافظ عليها الأحرار، ويتلاعب بها الفجّار،* وإن العصمة امتياز لرجالكم، ما لم تطغوا فيه وتظلموا، فإذا طغيتم فيه وجُرتم عن القصد، كما هي حالتكم اليوم، انتزعه منكم القضاء الإسلامي العادل لو كان. فإذا لم يكن عاقبكم الله بعذاب الخزي.
*ما هذه الفوضى وهذا الاضطراب إلا عقوبة من الله لكم، وغيرة منه على أحكامه أن تتولوها بالهوى المطاع، والجهل القالب للأوضاع* ."
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، (٢٩٩/٣) وقال العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى أيضاً :
" إن من يأخذ فقه الطلاق من آية: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، ومما بعدها من الآيات الآمرة بالوقوف عند حدود الله، الناهية عن تعديها، أو من آية: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}؛ أو من آية الحكمين ووعد الله بالتوفيق عند الإصلاح، وبالإغناء من واسع فضله عند التفرّق؛ أو من آية تخيير النبي أزواجه بين حالين: أحدهما التمتيع والسراح الجميل، مَن أخذَ فقه الطلاق من هذا المنبع العذب يعلم أيّ حكم مبثوثة تحت كل كلمة وكل جملة، ومن تفقه هذا الفقه ونشره في الناس يبعد جدًّا أن يتلاعب بتلك العقدة الإلهية التي عقدها الله بين الزوجين، فيضعها في موضعها المعروف بين المسلمين الآن."
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي،( ٢٩٨/٣).
🔸 ثم إن هؤلاء المتسرعون في الطلاق لا ينظرون لمفاسده العظيمة على الأولاد وعلى الزوجة وما يسببه الطلاق لهم من آلام
قال ابن تيمية في القواعد النورانية :" فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ تَكُونُ فِي صُحْبَةِ زَوْجِهَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ مَتَاعُهُ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الْمُؤْمِنَةُ، إِنْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا أَعْجَبَتْكَ، وَإِنْ أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ» "، وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ لَمَّا سَأَلَهُ الْمُهَاجِرُونَ: " «أَيُّ الْمَالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ؟ فَقَالَ: أَفْضَلُهُ: لِسَانٌ ذَاكِرٌ وَقَلْبٌ شَاكِرٌ وَامْرَأَةٌ صَالِحَةٌ تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى إِيمَانِهِ» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ. وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ مَا امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] [الرُّومِ: 21] ، فَيَكُونُ أَلَمُ الْفِرَاقِ أَشَدَّ عَلَيْهِمَا مِنَ الْمَوْتِ أَحْيَانًا، وَأَشَدَّ مِنْ ذَهَابِ الْمَالِ، وَأَشَدَّ مِنْ فِرَاقِ الْأَوْطَانِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَ بِقَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُبٌّ وَعَلَاقَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَطْفَالٌ يَضِيعُونَ بِالْفِرَاقِ وَيَفْسُدُ حَالُهُمْ، ثُمَّ يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْقَطِيعَةِ بَيْنَ أَقَارِبِهِمَا، وَوُقُوعِ الشَّرِّ لَمَّا زَالَتْ نِعْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا فِي قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] [الْفُرْقَانِ: 54] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِنَ الْحَرَجِ الدَّاخِلِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] [الْحَجِّ: 78] ، وَمِنَ الْعُسْرِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] [الْبَقَرَةِ: 185]".
قال العلامة البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى :
" أيها المسلمون: إنه لا أشقى من ابن المطلقة، وإن أباه يُشقيه أولًا، ويشقى به أخيرًا، فإذا ربيَ في حضن أمّه المطلقة شقي ببعده عن أبيه، وشقي أبوه بما تغرسه أمّه في نفسه من بغض له وحقد عليه.
إن الأمة لا تنعم بأطفالها صغارًا، ولا تنتفع بهم كبارًا، إلا إذا نشأوا متقلبين في أحضان الآباء والأمهات، متلقّين لدروس العطف والحنان من قلبين متعاطفين، لا من قلب واحد.
ليت شعري أيدري المتساهلون في الطلاق ماذا جنوا على أنفسهم وعلى أبنائهم وعلى أمتهم؟"
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي ( ٣٠٠/٣).
🔸 أعيذك أيها الإنسان بالله ورحمته، والعهد وذمامه، أن تجعل لهذا الخاطر السيئ خاطر الطلاق أو الفراق سبيلا إلى نفسك، فإنها لم تسئ إليك فتسئ إليها، ولم تنقض عهدك فتنقض عهدها،.
إن عجزا من الرجل وضعفا أن يغضب فيمد يده بالعقوبة إلى غير من أذنب إليه، ويعتدي على من لم يعتد عليه.
إن لم يكن احتفاظك بزوجك وإبقاؤك عليها عدلا يسألك الله عنه، فليكن إحسانا تحاسبك الإنسانية عليه.
 النظرات،(٧٤/٢).
" أيها الإنسان: إن لم تكن عادلا ولا وفيا ولا محسنا, فارحم نفسك من هذا الخيال الذي لا بد أن سيساورك ويفت في عضدك ويزعجك من مرقدك، فإن لم تكن هذا ولا ذاك فغيرك أخاطب؛ لأني لا أحسن إلا مخاطبة الإنسان."
النظرات(٧٥/٢).
🔸 وآخيرا فليحذر الآباء من تزويج بناتهم لهؤلاء العابثين واسأل الله أن يبعد شرهم عن المسلمين.
عبدالله الحساني.
ليلة الثلاثاء 18-10-1439