الثلاثاء، 28 فبراير 2017

الرد على الدكتور الخنجر في استحبابه الصلاة في مسجدٍ فيه قبر1



الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أمابعد: فقد رأيت مقالاً للدكتور الخنجر يتحدث فيه عن مسألة الصلاة في مسجدٍ فيه قبر فزعم أن الصلاة فيه صحيحة بل مستحبة عند العلماء وهذا القول منه يدل على أحد أمرين :
1- إما جهله بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم.
2- أو إرادته التلبيس على المسلمين.
🔸ومهما يكن من أمر فسأقوم ببيان خطأ الدكتور في هذه المسألة وشذوذ قوله وبعده عن الصواب ولم يأتي في مقاله هذا بشيء يستند عليه ويكون حجة له فيما ذهب إليه فعامة ماذكره إما دليل صحيح قد حرف فهمه أو دليل ضعيف أو موضوع لا يصح.
🔸وقد قسمت الرد عليه على أكثر من مقال , هذا مقال ومضمونه بيان عدم صحة الصلاة في مسجدٍ فيه قبر ونقل الأدلة على ذلك وكلام أهل العلم،  ومقال لمناقشة ما أورده من شبهات وما ذكره من جهالات والله الموفق وهو المستعان.
🔸 ذكر الأدلة على حرمة البناء على القبور وعدم اتخاذها مساجد وأنها من فعل اليهود والنصارى:

1-  عَنْ أَبي هُرَيْرَة َ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «قاتلَ الله ُ اليَهُوْدَ، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد » البخاري ومسلم
2-  عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُعَنْهَا قالتْ: (لمّا نزِلَ برَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طفِقَ يَطرَحُ خَمِيْصَة ً لهُ عَلى وَجْههِ، فإذا اغتمَّ بهَا كشفهَا عَنْ وَجْههِ فقالَ وَهُوَ كذَلِك َ: «لعْنَة ُ اللهِ عَلى الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا صَنعُوْا، لوْلا ذلِك َ أُبرِزَ قبْرُهُ، غيْرَ أَنهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخذَ مَسْجِدًا).  البخاري ومسلم
3-  عَنْ جُنْدُبِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رَضِيَ الله ُعَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بخمْس ٍ وَهُوَ يقوْلُ: «إني أَبرَأُ إلى اللهِ أَنْ يَكوْنَ لِي مِنْكمْ خَلِيْلٌ، فإنَّ الله َ تَعَالىَ قدِ اتخذَني خَلِيْلا ً، كمَا اتخذَ إبْرَاهِيْمَ خَلِيْلا ً، وَلوْ كنتُ مُتخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيْلا ً، لاتخذْتُ أَبا بَكرٍ خَلِيْلا ً. أَلا وَإنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ كانوْا يتخذُوْنَ قبوْرَ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِدَ، أَلا فلا تتخِذُوْا الْقبُوْرَ مَسَاجِدَ، إني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
4-  عَن ِ ابْن ِعُمَرَ قالَ: قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اِجْعَلوْا مِنْ صَلاتِكمْ فِي بُيوْتِكمْ، وَلا تتَّخِذُوْهَا قبوْرًا» البخاري ومسلم . وفي هذا الحديث دلالة واضحة أن القبور لا يصلى فيها فقد أمر عليه الصلاة والسلام أن يصلى في البيت ولا يجعل كالقبر.
5- َعَنْ عَبْدِ اللهِ بْن ِمَسْعُوْدٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقوْلُ: «إنّ مِنْ شِرَارِ الناس ِ، مَنْ تدْرِكهُمُ السّاعَة ُ وَهُمْ أَحْياءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ القبوْرَ مَسَاجِد» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي «المسْنَدِ» ، وَأَبوْ حَاتِمٍ ابْنُ حِبّانَ فِي «صَحِيْحِه» . فشرار الخلق عند الله تعالى من يتخذون القبور على المساجد وهذا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم والدكتور يقول أن الصلاة مستحبة فما أبعد قوله عن الصواب.
6- وَعَنْ أَبي سَعِيْدٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «الأَرْضُ كلهَا مَسْجِدٌ، إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّام»  رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ وغيره بسند جيد.
7- عَنْ أَبي عُبيْدَة َ عَامِرِ بْن ِ الجرّاحِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: (كانَ آخِرَ مَا تَكلمَ بهِ نبيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَخْرِجُوْا يَهُوْدَ الحِجَازِ مِنْ جَزِيْرَةِ العَرَبِ، وَاعْلمُوْا أَنَّ شِرَارَ النّاس ِ الذِيْنَ يَتَّخِذُوْنَ الْقبوْرَ مَسَاجِد) رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» ، وَرَوَاهُ الدّارِمِي
ُّ 8- عَنْ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ عَن ِالنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ لا تَجْعَلْ قبْرِي وَثنَا، لعنَ الله ُ قوْمًا اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد».وَرَ رواه أحمد في المسند .
🔸 فهذه الأحاديث وغيرها مما هو في معناها تدل دلالة واضحة أن البناء على القبور واتخاذها مساجداً والصلاة فيها أمر منهي عنه بل صاحبه ملعون متشبه باليهود والنصارى.
🔸 ذكر كلام أهل العلم ممن نص على حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر  أو نص على حرمة البناء على القبور
1-قال الشافعي في الأم (2/631) :" أُحِبُّ أَنْ لاَ يُزَادَ فِي الْقَبْرِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ بَأْسٌ إذًا إذَا زِيدَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ ارْتَفَعَ جِدًّا , وَإِنَّمَا أُحِبُّ أَنْ يُشَخِّصَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شِبْرًا أَوْ نَحْوَهُ وَأُحِبُّ أَنْ لاَ يُبْنَى , وَلاَ يُجَصَّصَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ الزِّينَةَ وَالْخُيَلاَءَ , وَلَيْسَ الْمَوْتُ مَوْضِعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَلَمْ أَرَ قُبُورَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مُجَصَّصَةً ( قَالَ الرَّاوِي ) : عَنْ طَاوُسٍ : { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُبْنَى الْقُبُورُ أَوْ تُجَصَّصَ }

قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رَأَيْت مِنْ الْوُلاَةِ مَنْ يَهْدِمَ بِمَكَّةَ مَا يُبْنَى فِيهَا فَلَمْ أَرَ الْفُقَهَاءَ يَعِيبُونَ ذَلِكَ َ" فانظر إلى نقله فعل الولاة بهدم القبور وعدم إنكار أهل العلم عليهم واستحبابه عدم البناء على القبر قبل ذلك يتضح لك جلياً بعد ماذهب إليه الدكتور.
2- قال النووي في روضة الطالبين (2/136) :" الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ فِي الْقَبْرِ عَلَى تُرَابِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَلَا يُرْفَعُ إِلَّا قَدْرَ شِبْرٍ لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ. قَالَ فِي (التَّتِمَّةِ) : إِلَّا إِذَا مَاتَ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ، فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ، بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ إِذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ. وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ. وَلَوْ بُنِيَ عَلَيْهِ، هُدِمَ "  وتأمل كذلك أيها الموفق قوله وإذا بني عليه هدم!!
3- قالَ  ابْنُ حَجَرٍ فِي «الفتْحِ» فِي شَرْحِ حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ مَرْفوْعًا: «اِجْعَلوْا فِي بُيوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ، وَلا تتخِذُوْهَا قبوْرًا» [خ (٤٣٢)]: (وَقدْ نقلَ ابنُ المنذِرِ عَنْ أَكثرِ أَهْل ِالعِلمِ: أَنهُمُ اسْتَدَلوْا بهَذَا الحدِيْثِ عَلى أَنَّ المقبَرَة َ، ليْسَتْ بمَوْضِعٍ لِلصَّلاةِ، وَكذَا قالَ البَغوِيُّ فِي «شَرْحِ السُّنَّةِ» وَالخطابيّ)
4- قالَ الحافِظ ُ العِرَاقِيُّ رَحِمَهُ الله ُ: (وَالظاهِرُ أَنهُ لا فرْقَ : فلوْ بَنى مَسْجِدًا يَقصِدُ أَنْ يُدْفنَ في بَعْضِهِ: دَخَلَ في اللعْنَةِ، بَلْ يَحْرُمُ الدَّفنُ في المسْجِد. وَإنْ شَرَط َ أَنْ يُدْفنَ فِيْهِ: لمْ يَصِحَّ الشَّرْط ُ، لِمُخالفتِهِ وَقفهُ مَسْجِدًا) اه نقلهُ عَنْهُ المنَاوِيُّ في «فيْض ِ القدِيْر» (٥/ ٢٧٤).
5- وَقالَ ابنُ المنْذِرِ في الأوسط (٥/ ٤١٧ - ٤١٨): (وَفي حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنهُ قالَ: «اِجْعَلوْا في بُيوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ، وَلا تتخِذُوْهَا قبوْرًا»: أَبيَنُ البيان ِ عَلى أَنَّ الصَّلاة َ في المقبَرَةِ غيْرُ جَائِزَة) اه.
6- قالَ شَيْخُ الإسْلامِ رَحِمَهُ الله ُ في مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٨٨): (بَلْ أَئِمَّة ُ الدِّين ِ مُتَّفقوْنَ عَلى النَّهْيِّ عَنْ ذلِك َ، وَأَنهُ ليْسَ لأَحَدٍ أَنْ يقصِدَ الصَّلاة َ عِنْدَ قبْرِ أَحَدٍ، لا نبيٍّ وَلا غيْرِ نبيّ. وَكلُّ مَنْ قالَ: «إنَّ قصْدَ الصَّلاةِ عِنْدَ قبْرِ أَحَدٍ، أَوْ عِنْدَ مَسْجِدٍ بُنِيَ عَلى قبْرٍ أَوْ مَشْهَدٍ أَوْ غيْرِ ذلِك َ: أَمْرٌ مَشْرُوْعٌ»، بحيْثُ يَسْتَحِبُّ ذلِك َ، وَيَكوْنُ أَفضَلَ مِنَ الصَّلاةِ فِي المسْجِدِ الذِي لا قبَرَ فِيْهِ: فقدْ مَرَقَ مِنَ الدِّين ِ، وَخَالفَ إجْمَاعَ المسْلِمِيْنَ، وَالوَاجِبُ أَنْ يُسْتتَابَ قائِلُ هَذَا وَمُعْتَقِدُهُ، فإنْ تابَ وَإلا َّ قتِل).
7-  وقد صرح السيوطي  الصوفي بوجوب هدم المساجد المبنية على القبور فقال بعد كلام له طويل  في كتابه اتباع السنة (113):" وفي الباب أحاديث كثيرة وآثار، فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين" والسيوطي من ائمة الصوفية وقد نقل الإجماع على وجوب هدم المساجد التي تحتوي على قبور فكيف بالصلاة فيها؟
8- قال ابن حجر الهيتمي الصوفي في "الزواجر": ومن أعظم أسباب الشرك؛ الصلاة عند القبور، واتخاذها مسجداً، ويجب إزالة كل منكر عليها، ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور، إذ هي أضر من مسجد الضرار، لأنها أُسِّسَتْ على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه نهى عن ذلك وأمر بهدم القبور، ويجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر، ولا يصح وقفه أو نذره"
🔸 ليت الدكتور وقف على كلام أهل العلم وبحث عن الصواب في المسألة قبل أن يفتي بما قال فالله سيسأله عن قوله هذا فهو موقوف بين يديه وأكتفي بما ذكر وسيكون في المقالة الثانية مناقشة لما ذكره من شبهات والله الموفق لا رب سواه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبدالله بن محمد الحساني. 
ليلة الجمعة 4/2/1438

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق