الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه.
اما بعد فقد رأيت رسالة صغيرة مبدوءة بجدال بين ابي عبدالله الاثري وابي عبدالله المذهبي وهما شخصيتان وهميتان من شخص مجهول مذكور في اخرها ولم اكن لاعيرها اهتماماً لولا اني رأيتها قد انتشرت ووردت الي من اكثر من شخص فاستعنت الله تعالى في كتابة تعليق حول موضوعها لما تحمله من بعض التحامل فيظن من لا دراية له ان من يطلب الاثر ويروم الدليل شخص لامعرفة له.
وهذا الشخص لما قلت بضاعته من علوم الكتاب والسنة وآثار الماضين ظن انه يمكن ان يؤصل لمنهجه بمثل هذا النوع من الحجاج ولن يكون الرد على منشوره على طريقته التي احدث وان كانت ميسورة.
مدخل :
قال الشاطبي رحمه الله: ( ان تحكيم الرجال من غير التفات الى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال وان الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لاغيره) الاعتصام.
من المعلوم بديهة ان الكتب والمذاهب وماتبعها من امور لم يكن موجودا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين ولا صحابته المهديين ولم تشع الا بعد القرون المفضلة التي اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على اهلها. قال ابوطالب المكي في قوت القلوب : " إن الكتب والمجموعات محدثة والقول بمقالات الناس، والفتيا بمذهب الواحد من الناس، واتخاذ قوله والحكاية له في كل شئ والتفقه على مذهبه، لم يكن الناس قديماً على ذلك في القرنين الأول والثاني. "
"ثم انتشرت المذاهب وأنتجت بدعة التعصب وليدها المشؤوم وولد التعصب أبناء مشؤومين كان ابرزهم مخالفة النصوص الصحيحة وتقديم الرأي عليها ونشر الخلاف والفتن بين المسلمين والجمود على التقليد والانشغال بالافتراضات الخيالية وغيرها"
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى " ان الذي عنده اهليه لفهم كتب المذاهب وعباراتهم سيما من كان منها للمتأخرين فإنها تشبه الألغاز احياناً يستطيع أن يفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهما بدون ريب أبين وأوضح من كل ما سواهما من الكلام خصوصاً اذا استعان على ذلك بكتب اهل العلم من التفسير وشروح الحديث.... "
فمن فضل الله تعالى على عباده ان يسر لهم فهم الكتاب والسنة لمن اراد والعلم بالكتاب والسنة من اشرف العلوم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فإن معرفة مراد الرسول ومراد الصحابة هو أصل العلم، وينبوع الهدى . " مجموع الفتاوى ( 5 / 413). فالمنشغل بالحديث والآثار منشغل بافضل العلوم واجلها واعظمها قدرا فكيف يذم من جعل طريقه الاكتفاء بذلك فيالله العجب.
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله:
"وليعلموا أن طلاب سنن رسول الله صلى الله عليه وسلـــم حيث كانت, والعاملين بها والمتفقهين في القرآن, الذين لايقلدون أحداً هم على منهاج الصحابة والتابعين والأعصار المحمودة , وأنهــــم أهل الحق في كــل عصر, والأكثرون عند الله تعالى بلا شك وإن قل عددهم. " الإحكام
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله:
"اللهم إنك تعلم أنا لا نحكم أحداً إلا كلامك وكلام نبيك…ولو أسخطنا بذلك جميع من في الأرض، وصرنا دونهم حزباً، وعليهم حرباً! " الإحكام(1/99)
قال بشر بن السري السقطي رحمه الله تعالى:
(نظرت في العلم فإذا هو الحديث والرأي فوجدت في الحديث ذكر النبيين والمرسلين وذكر الموت وذكر ربوبيةالرب وجلاله وعظمته وذكر الجنة والنار وذكر الحلال والحرام والحث على صلة الأرحام وجماع الخير ونظرت في الرأي فإذا فيه المكر والخديعة والتشاح واستقصاء الحق والمماكسة في الدين واستعمال الحيل والبعث على قطيعة الأرحام والتجرؤ علی الحرام)
شرف أصحاب الحديث للخطيب
وايضاً تجد في كلام الائمة الذم على من ينظر في غير الحديث والاثر
عن محمد بن يسر قال : "سألت أبا عبد الله عن النظر في الرأي ؟ فقال : عليك بالسنة . فقلت له : يا أبا عبد الله ، صاحب حديث ينظر في الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفه ؟ فقال : عليك بالسنة ."
طبقات الحنابلة (1/ 327).
"سأل رجل أحمد بن حنبل: أكتب كتب الرأي؟
قال: لا تفعل، عليك بالآثار والحديث.
فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها؟
فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء، إنما أُمرنا أن نأخذ العلم من فوق."
طبقات الحنابلة (٣٩٢/٢.)
•• هل الرأي علم عند المتقدمين من علمائنا؟
قال ابن جريج: "كان عطاء إذا حدَّث بشيء قلتُ: علمٌ أو رأي؟ فإن كان أثرًا قال: علم، وإن كان رأيًا قال: رأي."
طبقات ابن سعد.
ثم ان الانشغال بالكتب المذهبية قد اورث بلايا وانتج رزايا كان الأولى بمن ينكر على المتفقه بالآثار انكارها والعمل على محاربتها بدل ان ينفقوا اوقاتهم ويسلطوا طاقاتهم في الانتقاص من المنشغلين بالحديث والآثار فمن ذلك ماجاء عن الكرخي الحنفي انه قال: " كل اية او حديث خالف مذهبنا فهو منسوخ او مؤول)
ومنها ماذكره ابن القيم بقوله :" بل قد صرح بعض غلاتهم -المتمذهبة-في بعض كتبه الأصولية أنه لايجوز تقليد أبي بكر وعمر ويجب تقليد الشافعي! فيا لله العجب!" الإعلام(523/3)
ويقصد الجويني كما في البرهان (2/744).
ومن هذه البلايا نعوذ بالله من الهوى:
ما قاله الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين (3/10):
"إن من خرج عن المذاهب الأربعة فهو ضال مضل ولو وافق الصحابة والحديث الصحيح والآية وربما أداه ذلك إلى الكفر. ." فيالله العجب!! نعوذ بالله مما قاله !! ما اشنع ماقاله وسطره فاي شئ يستحق المحاربة؟؟!!
قال السفكردي :
"لاينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شافعي ولكن يتزوج من الشافعية تنزيلاً لهم منزلة أهل الكتاب"
البحر الرائق (٤٦/٢ )
والامر يطول وانما القصد الاشارات وهي كافية لصاحب الإنصاف واختم بالإجابة على سؤال يلح في هذا الموضع كيف يطلب العلم؟ والإجابة عليه من كلام الائمة الكبار واكتفي بنقلين فقط:
قال حافظ المغرب العلامة ابن عبد البر رحمه الله تعالى .
قال رحمه الله: "فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء ـ فجعله عونـًا له على اجتهاده، ومفتاحـًا لطرائق النظر، وتفسيرًا لجمل السنن المحتملة للمعاني ـ، ولم يقلد أحدًا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يُرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبُّرِها، واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل؛ كما لم يبرئوا أنفسهم منه؛ فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهدي صحابته رضي الله عنهم.
ومن أعَفَّ نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره؛ فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا، وتقحم في الفتوى بلا علم؛ فهو أشد عمى، وأضل سبيلًا ". [ جامع بيان العلم وفضله: 2/ 172.].
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺑﻪ, ﻓﺈﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﻤﻬﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ, ﻭﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ, ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ.ﻭﻋﻦ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ, ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﻴﺤﻬﺎ ﻭﺳﻘﻴﻤﻬﺎ, ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﻔﻬﻤﻬﺎ, ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ. ﺛﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ, ﻭﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﻡ, ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺋﻖ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ, ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻣﻦ ﻭﺍﻓﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ.ﻭﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﺍ ﺷﻐﻞ ﺷﺎﻏﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺎﻏﻞ ﺑﻤﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ, ﻭﻻ ﻳﻘﻊ, ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﻟﺘﺠﺎﺩﻝ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ." جامع العلوم والحكم (1\249)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عبدالله بن محمد الحساني عفا الله عنه
ليلة الاربعاء 23 ربيع الثاني 1437
اما بعد فقد رأيت رسالة صغيرة مبدوءة بجدال بين ابي عبدالله الاثري وابي عبدالله المذهبي وهما شخصيتان وهميتان من شخص مجهول مذكور في اخرها ولم اكن لاعيرها اهتماماً لولا اني رأيتها قد انتشرت ووردت الي من اكثر من شخص فاستعنت الله تعالى في كتابة تعليق حول موضوعها لما تحمله من بعض التحامل فيظن من لا دراية له ان من يطلب الاثر ويروم الدليل شخص لامعرفة له.
وهذا الشخص لما قلت بضاعته من علوم الكتاب والسنة وآثار الماضين ظن انه يمكن ان يؤصل لمنهجه بمثل هذا النوع من الحجاج ولن يكون الرد على منشوره على طريقته التي احدث وان كانت ميسورة.
مدخل :
قال الشاطبي رحمه الله: ( ان تحكيم الرجال من غير التفات الى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال وان الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لاغيره) الاعتصام.
من المعلوم بديهة ان الكتب والمذاهب وماتبعها من امور لم يكن موجودا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين ولا صحابته المهديين ولم تشع الا بعد القرون المفضلة التي اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على اهلها. قال ابوطالب المكي في قوت القلوب : " إن الكتب والمجموعات محدثة والقول بمقالات الناس، والفتيا بمذهب الواحد من الناس، واتخاذ قوله والحكاية له في كل شئ والتفقه على مذهبه، لم يكن الناس قديماً على ذلك في القرنين الأول والثاني. "
"ثم انتشرت المذاهب وأنتجت بدعة التعصب وليدها المشؤوم وولد التعصب أبناء مشؤومين كان ابرزهم مخالفة النصوص الصحيحة وتقديم الرأي عليها ونشر الخلاف والفتن بين المسلمين والجمود على التقليد والانشغال بالافتراضات الخيالية وغيرها"
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى " ان الذي عنده اهليه لفهم كتب المذاهب وعباراتهم سيما من كان منها للمتأخرين فإنها تشبه الألغاز احياناً يستطيع أن يفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنهما بدون ريب أبين وأوضح من كل ما سواهما من الكلام خصوصاً اذا استعان على ذلك بكتب اهل العلم من التفسير وشروح الحديث.... "
فمن فضل الله تعالى على عباده ان يسر لهم فهم الكتاب والسنة لمن اراد والعلم بالكتاب والسنة من اشرف العلوم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فإن معرفة مراد الرسول ومراد الصحابة هو أصل العلم، وينبوع الهدى . " مجموع الفتاوى ( 5 / 413). فالمنشغل بالحديث والآثار منشغل بافضل العلوم واجلها واعظمها قدرا فكيف يذم من جعل طريقه الاكتفاء بذلك فيالله العجب.
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله:
"وليعلموا أن طلاب سنن رسول الله صلى الله عليه وسلـــم حيث كانت, والعاملين بها والمتفقهين في القرآن, الذين لايقلدون أحداً هم على منهاج الصحابة والتابعين والأعصار المحمودة , وأنهــــم أهل الحق في كــل عصر, والأكثرون عند الله تعالى بلا شك وإن قل عددهم. " الإحكام
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله:
"اللهم إنك تعلم أنا لا نحكم أحداً إلا كلامك وكلام نبيك…ولو أسخطنا بذلك جميع من في الأرض، وصرنا دونهم حزباً، وعليهم حرباً! " الإحكام(1/99)
قال بشر بن السري السقطي رحمه الله تعالى:
(نظرت في العلم فإذا هو الحديث والرأي فوجدت في الحديث ذكر النبيين والمرسلين وذكر الموت وذكر ربوبيةالرب وجلاله وعظمته وذكر الجنة والنار وذكر الحلال والحرام والحث على صلة الأرحام وجماع الخير ونظرت في الرأي فإذا فيه المكر والخديعة والتشاح واستقصاء الحق والمماكسة في الدين واستعمال الحيل والبعث على قطيعة الأرحام والتجرؤ علی الحرام)
شرف أصحاب الحديث للخطيب
وايضاً تجد في كلام الائمة الذم على من ينظر في غير الحديث والاثر
عن محمد بن يسر قال : "سألت أبا عبد الله عن النظر في الرأي ؟ فقال : عليك بالسنة . فقلت له : يا أبا عبد الله ، صاحب حديث ينظر في الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفه ؟ فقال : عليك بالسنة ."
طبقات الحنابلة (1/ 327).
"سأل رجل أحمد بن حنبل: أكتب كتب الرأي؟
قال: لا تفعل، عليك بالآثار والحديث.
فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها؟
فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء، إنما أُمرنا أن نأخذ العلم من فوق."
طبقات الحنابلة (٣٩٢/٢.)
•• هل الرأي علم عند المتقدمين من علمائنا؟
قال ابن جريج: "كان عطاء إذا حدَّث بشيء قلتُ: علمٌ أو رأي؟ فإن كان أثرًا قال: علم، وإن كان رأيًا قال: رأي."
طبقات ابن سعد.
ثم ان الانشغال بالكتب المذهبية قد اورث بلايا وانتج رزايا كان الأولى بمن ينكر على المتفقه بالآثار انكارها والعمل على محاربتها بدل ان ينفقوا اوقاتهم ويسلطوا طاقاتهم في الانتقاص من المنشغلين بالحديث والآثار فمن ذلك ماجاء عن الكرخي الحنفي انه قال: " كل اية او حديث خالف مذهبنا فهو منسوخ او مؤول)
ومنها ماذكره ابن القيم بقوله :" بل قد صرح بعض غلاتهم -المتمذهبة-في بعض كتبه الأصولية أنه لايجوز تقليد أبي بكر وعمر ويجب تقليد الشافعي! فيا لله العجب!" الإعلام(523/3)
ويقصد الجويني كما في البرهان (2/744).
ومن هذه البلايا نعوذ بالله من الهوى:
ما قاله الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين (3/10):
"إن من خرج عن المذاهب الأربعة فهو ضال مضل ولو وافق الصحابة والحديث الصحيح والآية وربما أداه ذلك إلى الكفر. ." فيالله العجب!! نعوذ بالله مما قاله !! ما اشنع ماقاله وسطره فاي شئ يستحق المحاربة؟؟!!
قال السفكردي :
"لاينبغي للحنفي أن يزوج بنته من رجل شافعي ولكن يتزوج من الشافعية تنزيلاً لهم منزلة أهل الكتاب"
البحر الرائق (٤٦/٢ )
والامر يطول وانما القصد الاشارات وهي كافية لصاحب الإنصاف واختم بالإجابة على سؤال يلح في هذا الموضع كيف يطلب العلم؟ والإجابة عليه من كلام الائمة الكبار واكتفي بنقلين فقط:
قال حافظ المغرب العلامة ابن عبد البر رحمه الله تعالى .
قال رحمه الله: "فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء ـ فجعله عونـًا له على اجتهاده، ومفتاحـًا لطرائق النظر، وتفسيرًا لجمل السنن المحتملة للمعاني ـ، ولم يقلد أحدًا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يُرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبُّرِها، واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل؛ كما لم يبرئوا أنفسهم منه؛ فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهدي صحابته رضي الله عنهم.
ومن أعَفَّ نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره؛ فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضًا، وتقحم في الفتوى بلا علم؛ فهو أشد عمى، وأضل سبيلًا ". [ جامع بيان العلم وفضله: 2/ 172.].
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺑﻪ, ﻓﺈﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﻫﻤﻬﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ, ﻭﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ, ﻭﻛﻼﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ.ﻭﻋﻦ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ, ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﻴﺤﻬﺎ ﻭﺳﻘﻴﻤﻬﺎ, ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﻔﻬﻤﻬﺎ, ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ. ﺛﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ, ﻭﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﻡ, ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺋﻖ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ, ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻣﻦ ﻭﺍﻓﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ.ﻭﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﺍ ﺷﻐﻞ ﺷﺎﻏﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﺎﻏﻞ ﺑﻤﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ, ﻭﻻ ﻳﻘﻊ, ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻮﺭﺙ ﺍﻟﺘﺠﺎﺩﻝ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ." جامع العلوم والحكم (1\249)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عبدالله بن محمد الحساني عفا الله عنه
ليلة الاربعاء 23 ربيع الثاني 1437
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق