الثلاثاء، 28 فبراير 2017

رد شبهات دكتور الخنجر في استحبابه الصلاة في مسجد فيه قبر 2

الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
🔸 أمابعد بعد فهذا هو الرد على الشبهات التي ذكرها الدكتور الخنجر في مقاله وكان مرادي أن يكون هذا المقال فيه مناقشة لجميع ما ذكره في مقاله ولكن آثرت تقسيم الرد إلى أكثر من مقال لسببين اثنين :
1- لكثرة الشبهات المذكورة.
2- ولأن إطالة المقال قد تكون سبباً لعدم النظر فيه.
🔸والناظر في الشبه التي ذكرها وضعفها يتبين له ما ذكرته في المقال الأول أن ما يذكره إما صحيح فهمه على غير وجهه أو ضعيف وموضوع.
وهذا أوان الشروع في المقصود والله الموفق لا رب سواه :
 🔸زعمه بإلزام من يحرم الصلاة في مسجد فيه قبر أن يحرمها في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى لان بها قبور فقال أن في المسجد الحرام اسماعيل وأمه هاجر ونوح وصالح وهود وشعيب. وذكر دليلاً على هذا الزعم وهو ما أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة: ( مابين الركن إلى المقام إلى زمزم قبر تسعة وتسعين نبياً....) الحديث واستدل كذلك بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ( قبر في مسجد الخيف سبعون نبياً)  ثم استدل بدفن النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده وذكر حديث :(بين بيتي  وقبري روضة من رياض الجنة)... إلى آخر ماقال :
1- أما كون إسماعيل عليه السلام دفن هو وأمه في الحجر فبيانه أن يقال :

أن هذا الخبر روي في ﺳﻴﺮﺓ ﺍﺑﻦ ﻫﺸﺎم ‏( /1 111 ‏) ": ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﺳﺤﺎﻕ : ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺍﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺛﻢ ﻣﺎﺕ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺩﻓﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ ﻫﺎﺟﺮ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ "
ﻭﺫﻛﺮ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ‏( ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ ‏) ‏( /1 52 ‏) ، ﻭﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ‏( ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ‏) ‏( /1 20 ‏) ﻭﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ﻓﻲ ‏( ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ‏) ‏( /2 44 ‏) .
ﻭﻓﻲ ‏( ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻣﻜﺔ ‏) ﻟﻸﺯﺭﻗﻲ ‏( /1 81 ‏) ": ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﺮﻫﻢ ﻭﺑﻨﻲ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺃﻥ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﺩﻓﻦ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺩﻓﻨﺖ ﺣﻴﻦ ﻣﺎﺗﺖ ."
ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻯ ‏( ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ‏) ﻭ ‏( ﺯﻋﻤﻮﺍ ‏) ؛ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻻ ﻳﺜﺒﺖُ ﺑﻬﺎ ﺷﻲﺀٌ .
ﻭﻟيس هناك ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺗﺜﺒﺖُ ﺫﻟﻚ .
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ‏) ‏( /1 52 ‏) ﻭﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﻢ ‏) ‏( /1 306 ‏) ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﻬﻢ ﺑﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻗﺎﻝ ": ﺃﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ ﻳﺒﻨﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻫﻮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺑﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺑﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﺒﻨﺎﻩ ﻣﻌﻪ ﻭﺗﻮﻓﻲ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﺑﻴﻪ ﻓﺪﻓﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ ﻫﺎﺟﺮ ."
ﻭﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ :
1 - ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ : ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ‏) : " ﻣﻨﻜﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ."
2 - ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﺪﻱ : ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ‏) ": ﻣﺘﺮﻭﻙ ﻣﻊ ﺳﻌﺔ ﻋﻠﻤﻪ ."
 ﻓﺎﻷﺛﺮ ﺿﻌﻴﻒٌ ﺟِﺪًﺍ .
ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﺳﻌﺪ ‏( /1 52 ‏) ـــ ﻭﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﻢ ‏) ‏( /1 306 ‏) ـــ ﻋﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻓﺮﻭﺓ ﻗﺎﻝ ": ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻮﺿﻊ ﻗﺒﺮ ﻧﺒﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺇﻻ ﺛﻼﺛﺔ : ﻗﺒﺮ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﻭﺍﻟﺒﻴﺖ ، ﻭﻗﺒﺮ ﻫﻮﺩ ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻞ ﺗﺤﺖ ﺟﺒﻞ ﻣﻦ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺠﺮﺓ ﺗﻨﺪﻯ ﻭﻣﻮﺿﻌﻪ ﺃﺷﺪ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﺮﺍ ، ﻭﻗﺒﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ."
وهذا  ﺁﻓﺘﻪ ﻗﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡِ ﻧﻔﺴُﻪ : ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻓﺮﻭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ‏( 144 ﻫـ ‏) .
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ : ﻗﺎﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻓﺮﻭﺓ ﻣﺎ ﺃﺟﺮﺃﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻻ ﺗﺴﻨﺪ ﺍﺣﺎﺩﻳﺜﻚ ﺗﺤﺪﺙ ﺑﺄﺣﺎﺩﻳﺚ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺧﻄﻢ ﻭﻻ ﺃﺯﻣﺔ ؟ !
ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ : ﻛﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺮﻭﻱ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﻨﻜﺮﺓ ﻻ ﻳﺤﺘﺠﻮﻥ ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ .
ﺑﻞ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ : ﻻ ﺗﺤﻞ ﻋﻨﺪﻱ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻋﻨﻪ . ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ‏( ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ‏) ": ﻣﺘﺮﻭﻙ ."
ﺛُﻢّ ﺇﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎﺝُ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻞِ ﺍﻟﻤﻌﺼﻮﻡِ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﻄِﻖُ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻭﺣﻲٌ ﻳﻮﺣﻰ ﺑﺄﻥّ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺩُﻓِﻦَ ﻓﻲ ﺍﻟﺤِﺠﺮِ ، ﻭﺃﻧّﻰ ﻟﻬﻢ ﺫﻟﻚ ، ﻓﺈﻥّ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻭﺃﺟﻴﺎﻝٌ ﻭﺃﺟﻴﺎﻝٌ ﺑﻞ ﺃﻟﻮﻑٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦَ ؛ ﻓﻤﻦ ﺃﻳﻦ ﻳُﺠﺰَﻡُ ﺑﻤﻜﺎﻥِ ﻗﺒﺮِﻩِ ﺃﻭ ﻣﺤﻞِّ ﺩﻓﻨِﻪِ ؟ !!
ﻭﻟﻤّﺎ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة فيه البتة وكذلك ماذكرهم من الأنبياء

2- أما حديث مابين الركن إلى المقام...  فبيانه أن يقال أن حديثه المراد هو ما قاله الأزرقي في أخبار مكة حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي خَيْثَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَابِطٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ضَمْرَةَ السَّلُولِيَّ، يَقُولُ: «مَا بَيْنَ الرُّكْنِ إِلَى الْمَقَامِ إِلَى زَمْزَمَ إِلَى الْحِجْرِ قَبْرُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا، جَاءُوا حُجَّاجًا فَقُبِرُوا هُنَالِكَ، فَتِلْكَ قُبُورُهُمْ غَوْرُ الْكَعْبَةِ» فهذه الرواية التي أرادها الخنجر والأزرقي لا توجد له ترجمة وتوثيق من أهل العلم وشيخه مهدي لا يعرف وهو ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت له لذلك قال  ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ " ﺗﺤﺬﻳﺮ ﺍﻟﺴﺎﺟﺪ " ﺹ ‏( 69 ‏) :
" ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﺃﻥ ﺍﺳﻤﺎﻋﻴﻞ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺩﻓﻨﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ ﻛﺎﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻨﺔ ، ﻭﻣﺴﻨﺪ ﺃﺣﻤﺪ ، ﻭﻣﻌﺎﺟﻢ ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺿﻌﻴﻔًﺎ ﺑﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋًﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ .
ﻭﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﻣﻌﻀﻼﺕ ﺑﺄﺳﺎﻧﻴﺪ ﻭﺍﻫﻴﺎﺕ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎﺕ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ﺍﻷﺯﺭﻗﻲ ﻓﻲ " ﺃﺧﺒﺎﺭ ﻣﻜﺔ " ‏( ﺹ 39 ﻭ 219 ﻭ 220 ‏) ﻓﻼ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ، ﻭﺇﻥ ﺳﺎﻗﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ﻣﺴﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﺕ .
ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻲ " ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ " ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ " ﺍﻟﻜﻨﻰ " ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﺑﻠﻔﻆ : ﺇﻥ ﻗﺒﺮ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ " .
 وقد أحسن العلامة المباركفوري إذ قال - ﺗﺤﻔﺔ ﺍﻷﺣﻮﺫﻱ ‏( /2 227 ‏) - ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻗﺒﺮ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ - :
‏[ ﻣَﺎ ﺃَﺑْﺮَﺩَ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟﺘَّﺤْﺮِﻳﺮَ ﻭَﺍﻟِﺎﺳْﺘِﺪْﻟَﺎﻝَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﺍﻟﺘَّﻘْﺮِﻳﺮِ ﻟِﺄَﻥَّ ﻛَﻮْﻥَ ﻗَﺒْﺮِ ﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﺴَّﻠَﺎﻡُ ﻭَﻏَﻴْﺮِﻩِ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺄَﻧْﺒِﻴَﺎﺀِ ﺳَﻮَﺍﺀٌ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﺳَﺒْﻌِﻴﻦَ ﺃَﻭْ ﺃَﻗَﻞَّ ﺃَﻭْ ﺃَﻛْﺜَﺮَ :
ﻟَﻴْﺲَ ﻣِﻦْ ﻓِﻌْﻞِ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄُﻣَّﺔِ ﺍﻟْﻤُﺤَﻤَّﺪِﻳَّﺔِ
ﻭَ ﻟَﺎ ﻫُﻮَ ﻭَﻫُﻢْ ﺩُﻓِﻨُﻮﺍ ﻟِﻬَﺬَﺍ ﺍﻟْﻐَﺮَﺽِ ﻫُﻨَﺎﻙَ
ﻭَ ﻟَﺎ ﻧَﺒَّﻪَ ﻋَﻠَﻰ ﺫَﻟِﻚَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺁﻟِﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ
ﻭَ ﻟَﺎ ﻋَﻠَﺎﻣَﺎﺕِ ﻟِﻘُﺒُﻮﺭِﻫِﻢْ ﻣُﻨْﺬُ ﻋَﻬْﺪِ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ
ﻭَ ﻟَﺎ ﺗَﺤَﺮَّﻯ ﻧَﺒِﻴُّﻨَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓُ ﻭَﺍﻟﺴَّﻠَﺎﻡُ ﻗَﺒْﺮًﺍ ﻣِﻦْ ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟْﻘُﺒُﻮﺭِ ﻋَﻠَﻰ ﻗَﺼْﺪِ ﺍﻟْﻤُﺠَﺎﻭَﺭَﺓِ ﺑِﻬَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄَﺭْﻭَﺍﺡِ ﺍﻟْﻤُﺒَﺎﺭَﻛَﺔِ
ﻭَ ﻟَﺎ ﺃَﻣَﺮَ ﺑِﻪِ ﺃَﺣَﺪًﺍ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻠَﺒَّﺲَ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﺃَﺣَﺪٌ ﻣِﻦْ ﺳَﻠَﻒِ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄُﻣَّﺔِ ﻭَﺃَﺋِﻤَّﺘِﻬَﺎ
ﺑَﻞِ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃَﺭْﺷَﺪَﻧَﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻭَﺣَﺜَّﻨَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺃَﻥْ ﻟَﺎ ﻧَﺘَّﺨِﺬَ ﻗُﺒُﻮﺭَ ﺍﻟْﺄَﻧْﺒِﻴَﺎﺀِ ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَ ﻛَﻤَﺎ ﺍﺗَّﺨَﺬَﺕِ ﺍﻟْﻴَﻬُﻮﺩُ ﻭَﺍﻟﻨَّﺼَﺎﺭَﻯ ﻭَﻗَﺪْ ﻟَﻌَﻨَﻬُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟِﺎﺗِّﺨَﺎﺫِ
ﻓَﺎﻟْﺤَﺪِﻳﺚُ ﺑُﺮْﻫَﺎﻥٌ ﻗَﺎﻃِﻊٌ ﻟِﻤَﻮَﺍﺩِّ ﺍﻟﻨِّﺰَﺍﻉِ ﻭَﺣُﺠَّﺔٌ ﻧَﻴِّﺮَﺓٌ ﻋَﻠَﻰ ﻛَﻮْﻥِ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄَﻓْﻌَﺎﻝِ ﺟَﺎﻟِﺒَﺔً ﻟِﻠَّﻌْﻦِ ﻭَﺍﻟﻠَّﻌْﻦُ ﺃَﻣَﺎﺭَﺓُ ﺍﻟْﻜَﺒِﻴﺮَﺓِ ﺍﻟْﻤُﺤَﺮَّﻣَﺔِ ﺃَﺷَﺪَّ ﺍﻟﺘَّﺤْﺮِﻳﻢِ
ﻓَﻤَﻦِ ﺍﺗَّﺨَﺬَ ﻣَﺴْﺠِﺪًﺍ ﺑِﺠِﻮَﺍﺭِ ﻧَﺒِﻲٍّ ﺃَﻭْ ﺻَﺎﻟِﺢٍ ﺭَﺟَﺎﺀَ ﺑَﺮَﻛَﺘِﻪِ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻌِﺒَﺎﺩَﺓِ ﻭَﻣُﺠَﺎﻭَﺭَﺓِ ﺭُﻭﺡِ ﺫَﻟِﻚَ ﺍﻟْﻤَﻴِّﺖِ ﻓَﻘَﺪْ ﺷَﻤِﻠَﻪُ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚُ ﺷُﻤُﻮﻟًﺎ ﻭَﺍﺿِﺤًﺎ ﻛَﺸَﻤْﺲِ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﻣَﻦْ ﺗَﻮَﺟَّﻪَ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻭَﺍﺳْﺘَﻤَﺪَّ ﻣِﻨْﻪُ ﻓَﻠَﺎ ﺷَﻚَّ ﺃَﻧَّﻪُ ﺃَﺷْﺮَﻙَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺧَﺎﻟَﻒَ ﺃَﻣْﺮَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺁﻟِﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻓِﻲ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚِ ﻭَﻣَﺎ ﻭَﺭَﺩَ ﻓِﻲ ﻣَﻌْﻨَﺎﻩُ
ﻭَﻟَﻢْ ﻳُﺸْﺮَﻉِ ﺍﻟﺰِّﻳَﺎﺭَﺓُ ﻓِﻲ ﻣِﻠَّﺔِ ﺍﻟْﺈِﺳْﻠَﺎﻡِ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻠْﻌِﺒْﺮَﺓِ ﻭَﺍﻟﺰُّﻫْﺪِ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺍﻟﺪُّﻋَﺎﺀِ ﺑِﺎﻟْﻤَﻐْﻔِﺮَﺓِ ﻟِﻠْﻤَﻮْﺗَﻰ
ﻭَﺃَﻣَّﺎ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺄَﻏْﺮَﺍﺽُ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺫَﻛَﺮَﻫَﺎ ﺑَﻌْﺾُ ﻣَﻦْ ﻳُﻌْﺰَﻯ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﻔِﻘْﻪِ ﻭَﺍﻟﺮَّﺃْﻱِ ﻭَﺍﻟْﻘِﻴَﺎﺱِ ﻓَﺈِﻧَّﻬَﺎ ﻟَﻴْﺴَﺖْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺃَﺛَﺎﺭَﺓٌ ﻣِﻦْ ﻋِﻠْﻢٍ ﻭَﻟَﻢْ ﻳَﻘُﻞْ ﺑِﻬَﺎ ﻓِﻴﻤَﺎ ﻋَﻠِﻤْﺖُ ﺃَﺣَﺪٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻠَﻒِ ﺑَﻞِ ﺍﻟﺴَّﻠَﻒُ ﺃَﻛْﺜَﺮُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺇِﻧْﻜَﺎﺭًﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣِﺜْﻞِ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺒِﺪَﻉِ ﺍﻟﺸِّﺮْﻛِﻴَّﺔِ ﺍﻧْﺘَﻬَﻰ ‏]  فما أشد هذا البيان وما أوضح هذه الكلمات لمبتغي الهدى وطالب الحق المريد له.

و ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻓﻲ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﺍﻟﺴﺎﺟﺪ ‏( ﺹ : 69 ‏) :
‏[ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻏﻴﺮ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻭﻻ ﺑﺎﺭﺯﺓ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﺿﺮﺭ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﻳﺼﺢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﺭ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭﺗﻴﻦ ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ " ﻣﺮﻗﺎﺓ ﺍﻟﻤﻔﺎﺗﻴﺢ " ‏( 1 / 456 ‏) ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﻜﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ :
ﻭﺫﻛﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﻗﺒﺮ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﺏ ﻭﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻄﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺯﻣﺰﻡ ﻗﺒﺮ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻧﺒﻴﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺭﻱ : ‏[ ﻭﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﻗﺒﺮ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻨﺪﺭﺳﺔ ﻓﻼ ﻳﺼﻠﺢ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ‏]
ﻭﻫﺬﺍ ﺟﻮﺍﺏ ﻋﺎﻟﻢ ﻧﺤﺮﻳﺮ ﻭﻓﻘﻴﻪ ﺧﺮﻳﺖ ﻭﻓﻴﻪ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﺁﻧﻔﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻓﻼ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺗﻨﺰﻩ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ }: ﺃﻟﻢ ﻧﺠﻌﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻔﺎﺗﺎ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻭﺃﻣﻮﺍﺗﺎ { . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ : ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻷﻣﻮﺍﺗﻜﻢ ﻭﻇﻬﺮﻫﺎ ﻷﺣﻴﺎﺋﻜﻢ ‏]

3- أما ما يتعلق بمسجد الخيف فبيانه  أن هذا الحديث  رواه الفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة» (٤/ ٢٦٦) (٢٥٩٤) قالَ: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثنَا أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ ُ عَنْ إبْرَاهِيْمِ بْن ِ طهْمَانَ عَنْ مَنْصُوْرِ بْن ِ المعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَن ِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «في مَسْجِدِ الخيْفِ قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا».
وكذلك الطبَرَانِيُّ في «مُعْجَمِهِ الكبيْرِ» (١٢/ ٤١٤) (١٣٥٢٥) قالَ: حَدَّثنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثنَا عِيْسَى بْنُ شاذانَ حَدَّثنَا أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ به.
وَهُوَ حَدِيْثٌ لمْ يُصَحِّحْهُ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، بَلْ وَلمْ يَسْتَدِلَّ بهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ المعْتبرِيْنَ المتقدِّمِيْنَ عَلى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِل ِ الصَّلاةِ في المقابرِ، لاطرَاحِهِ وَظهُوْرِ نكارَتِهِ. ويظهر ذلك من وجوه ذكرها أهل العلم :
أَحَدُهَا: أَنهُ مُخالِفٌ لِلأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ بَلْ وَالمتوَاتِرَةِ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لعْنِهِ لِليهُوْدِ وَالنَّصَارَى، المتخِذِيْنَ قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ، بَلْ لعْنهُ المتخِذِيْنَ القبوْرَ مَسَاجِدَ مُطلقا.
بَلْ مُخالِفٌ لأَحَادِيْثَ صَحِيْحَةٍ كثِيْرَةٍ أُخْرَى، فِيْهَا تَحْرِيْمُ الصَّلاةِ إلىَ القبوْرِ، وَتَحْرِيْمُ وَطئِهَا وَالمشْيُ عَليْهَا، وَإيْقادُ السُّرُجِ فِيْهَا. فكيْفَ يتخِذُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الخيْفِ مَسْجِدًا؟! وَيُصَلي فِيْهِ؟! وَيَدَعُ المسْلِمِيْنَ يُصَلوْنَ فِيْهِ؟! ثمَّ يحْذَرُ عَليْهمْ مِنَ اتخاذِ قبْرِهِ مَسْجِدًا وَعِيْدًا، وَلا يَحْذَرُ عَليْهمُ اتخاذَ قبْرِ سَبْعِيْنَ نبيًّا مَسْجِدًا وَعِيْدًا؟! {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
فلا شَك َّ أَنَّ حَدِيْثَ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا هَذَا: حَدِيْثٌ بَاطِلٌ مُنْكر.
الثانِي: أَنهُ مُخالِفٌ لِلإجْمَاعِ، وَقدْ ذكر الإجماع السيوطي فقال  بعد كلام له طويل  في كتابه اتباع السنة (113):" وفي الباب أحاديث كثيرة وآثار، فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين " وقد تقدم في المقال الأول وذكره ابن تيمية رحمه الله وغيرهم.
الثالث :أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ لوْ كانَ صَحِيْحًا: لحَرُمَ وَطئُ قبوْرِهِمْ، وَالجلوْسُ عَليْهَا، وَالصَّلاة ُ فِيْهَا وَإليْهَا، وَلوَجَبَ عَلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَانُ ذلِك َ لأُمَّتِهِ، فلمَّا لمْ يَكنْ ذلِك َ: ظهَرَ بُطلانهُ، وَخُلوُّ المسْجِدِ مِنَ القبوْر.
الرابع ُ: أَنهُ مُخالِفٌ لِلرِّوَايَاتِ الصَّحِيْحَةِ في بابهِ، التي فِيْهَا: أَنَّ مَسْجِدَ الخيْفِ صَلى فِيْهِ سَبْعُوْنَ نبيًّا، وَقدْ رَوَاهُ جَمَاعَة ٌ مِنَ الأَئِمَّةِ مَوْقوْفا وَمَرْفوْعًا، لا قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا! فصَوَابهُ «صَلى» لا «قبْر».
فالرِّوَاية ُ المرْفوْعَة ُ: رَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ عَنْ عَطاءِ بْن ِ السّائِبِ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ جُبيْرٍ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا، مِنْهُمْ مُوْسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كأَني أَنظرُ إليْهِ وَعَليْهِ عَبَاءَتان ِ قِطرَانِيَّتَان ِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلى بَعِيْرٍ مِنْ إبْل ِ شَنُوْءَةٍ، مَخْطوْمٍ بخِطامٍ مِنْ لِيْفٍ لهُ ضَفِيْرَتان».
وأَخْرَجَها :
- الفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة» (٤/ ٢٦٦) (٢٥٩٣) قالَ: حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ المنذِرِ الكوْفيُّ، وَعَبْدَة ُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ قالا: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ به.
- وَالطبَرَانِيُّ في مُعْجَمَيْهِ: «الكبيْرِ» (١١/ ٤٥٢ - ٤٥٣) (١٢٢٨٣) وَ «الأَوْسَطِ» (٦/ ١٩٣ - ١٩٤) (٥٤٠٣) قالَ: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدِ بْن ِ أَبي خَيْثمَة َحَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ الطوْسِيُّ حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ به.
ثمَّ قالَ الطبَرَانِيُّ بَعْدَهُ في «الأَوْسَطِ» (٦/ ١٩٤):
(لمْ يَرْوِ هَذَا الحدِيْثَ عَنْ عَطاءِ بْن ِ السّائِبِ إلا َّ مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل. تفرَّدَ بهِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ الطوْسِيّ).
وَهَذَا إسْنَادٌ رِجَالهُ حُفاظ ٌ ثِقاتٌ، احْتَجَّ بهمْ أَصْحَابُ الصَّحِيْح.
وَتفرُّدُ مُحَمَّدِ بْن ِ فضَيْل ٍ بهِ عَنْ عَطاءٍ - الذِي ذكرَهُ الطبَرَانِيُّ - لا يَضُرُّهُ، فإنَّ مُحَمَّدًا ثِقة ٌ حُجَّة ٌ، احْتَجَّ بهِ الشَّيْخان.
أَمّا زَعْمُ الطبَرَانِيِّ رَحِمَهُ الله ُ: تفرُّدَ عَبْدِ اللهِ بْن ِ هَاشِمٍ الطوْسِيِّ بهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِ فضَيْل ٍ: فغيْرُ مُسَلمٍ وَلا صَحِيْحٍ، بَلْ قدْ شَارَكهُ في رِوَايتِهِ لهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِفضَيْل ٍ: رَاوِيان ِ ثِقتان ِ، هُمَا عَلِيُّ بْنُ المنذِرِ، وَعَبْدَة ُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، كمَا تقدَّم.
أَمّا الرِّوَاية ُ الموْقوْفة ُ: فجَاءَتْ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ أَيْضًا مِنْ طرِيْقيْن ِ، وَعَنْ أَبي هُرَيرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا.
فإحْدَى طرِيقيْ ابْن ِ عَبّاس ٍ: رَوَاهَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَة َ عَنْ أَشْعَثِ بْن ِ سَوّارٍ عَنْ عِكرِمَة َ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ: «صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا، كلهُمْ مُخَطمِيْنَ باِلليْف» قالَ مَرْوَانُ: (يَعْنِي رَوَاحِلهُمْ).
أَخْرَجَهُ مِنْ هَذِهِ الطرِيْق ِ:
- الفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة َ» (٤/ ٢٦٩) (٢٦٠٣) قالَ: حَدَّثنَا ابْنُ أَبي عُمَرَ حَدَّثنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِية َ به.
- وَالأَزْرَقِيُّ في «أَخْبَارِ مَكة» (٢/ ١٧٤) أَيْضًا قالَ: حَدَّثنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبي عُمَرَ العَدَنِيُّ قالا: حَدَّثنَا مَرْوَانُ به.
وَهَذَا إسْنَادٌ رِجَالهُ رِجَالُ الصَّحِيْح
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عبدالله بن محمد الحساني. 
ليلة الأحد 6-2-1438

هناك تعليق واحد: