الحمدلله وصلى الله وسلم على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فمن نعم الله العظيمة على عباده أن اصطفاهم لمعرفة دينه وشرعه وأن يبصرهم للحق عند الخلاف، فمن أجل النعم عليهم معرفتهم لمراد ربهم عند اختلاف العباد إلى ملل ونحل.
فالاعتصام بحبل الله والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق الخلاص وقارب النجاة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في سنته فقد جاء في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
"سُئل النبي ﷺ: أي الناس خير ؟
فقال ﷺ: « أنا والذين معي ، ثم الذين على الأثَر ، ثم الذين على الأثَر " . وقال عليه الصلاة والسلام :
(وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي) أخرجه الترمذي وغيره.
وهذا الحديث فيه بيان الداء وبيان الدواء، فالتفرق مرض ينخر في عظم الأمة وعلاجه تطبيق الوحيين على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وهذا مايعرف بالدعوة السلفية دعوة أهل السنة والجماعة قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (4/149): «لَا عَيْبَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ السَّلَفِ، وَانْتَسَبَ إلَيْهِ، وَاعْتَزَى إلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا» وصدق رحمه الله فمذهب السلف لايكون إلا حقاً وكيف لايكون كذلك وقد زكاهم الله وأمر باتباعهم في كتابه العزيز، ومذهب السلف هو الإسلام الصحيح ولكن هذا الانتساب لابد أن يكون فِعالاً ومقالاً لا قولاً فقط ومخالفته بالفعل قال الألباني رحمه الله: "من ادعى السلفية ؛ التي هي الكتاب والسنة ؛ فعليه أن يسير مسيرة السلف وإلا : الإسم لا يغني عن حقيقة المسمى !"
فتاوى العلماء الأكابر (97-98).
والناظر في حال الناس اليوم يرى عجباً ممن ينتسب إلى هذه الدعوة المباركة بين غلوٍ وجفاء والحق وسط بين هذين ومما يلزم بيانه على من آتاه الله فهماً وعلماً أن يبين ما علِق بها مما ليس منها وليس المراد حصر كل ماهنالك مما هو خطأ بيّن أو أمر خفي وإنما التنبيه على بعض الأمور بحسب ماتيسر مدعوماً بنقولات من كلام أهل العلم وبالله التوفيق.
🔹مما ظهر وليس من السلفية :
1- الغلو في أهل العلم وفي بعض المشايخ ورفعهم لمكانة لا تنبغي لهم بل ترى من يصف شيخه بالعلامة وترى من يغضب جداً إذا بُيّن له أن شيخه أخطأ بل سمعت بعض المحسوبين على العلم يقول: { كل من يتكلم في شيخ فلان ( ذكر اسمه) فهو سفيه } وآخر يجعل أن من يتكلم في شيخه لا علم عنده ويشنع على كل من يتكلم في شيخه وهذا كله من الغلو الذي حذّر منه الشرع ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ مِنَ الْغُلُوِّ فِي شُيُوخِهِمْ مِنْ جِنْسِ مَا فِي الشِّيعَةِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الْأَئِمَّةِ ."
مـنـهـاج الـسـنـة الــنبـويـة (٤٣٠/٦).
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي:
"فلا تحطّ يا أخي على العلماء مطلقًا ، ولا تبالغ في تقريظهم مطلقًا وأسأل اللَّه أن يتوفاك على التّوحيد"
تـاريـخ الإسـلام (٧٥١/٩) ما أعظم هذا الكلام لمن تأمله ووعاه قلبه.
قال المُعلمي اليماني رحمه الله :
"من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم.." التنكيل (1/118) وصدق رحمه الله فهذا واقع معيش فمن أردت رده عن غلوه رماك ببغض من غلى فيه.
ومما يلتحق بهذا الباب ما نسمعه هنا وهناك أن فلاناً أعلم الناس بالعقيدة أو أنه أعلم من كثير من علماء ذاك البلد وهذه أيضاً مجازفة خطيرة وتقول بلا بينة، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأمَّا تفضيلُ الأشخاصِ بعضِهم على بعضٍ، ففي كثير من المواضع لا يسلمُ صاحبُه عن قولٍ بلا علمٍ، واتِّباعٍ لهواه؛ فللشيطانِ فيه مجالٌ رَحْب"
الرد على الاخنائي.
فهذه بعض الإشارات عسى ولعل أن تجد قلباً واعياً خالياً من الموانع.
2- مما ينبه عليه كذلك هنا ماشاع عند كثير من الناس من الأمر بالسكوت عن خطأ المخطئ وأن لا يتكلم أو أنه لا يخرج من السلفية إلا من أنكر الأصول العظام وهذا إما أنه ناتج عن جهل بحقيقة الأمر والنظر لبعض كلام أهل العلم وترك بعضه أو أنه نتيجة لردة فعل حاصلة عند النظر لمن عنده غلو وماعليه السلف خلاف ذلك كله قال شيخ الإسلام في بيان الدليل على بطلان التحليل ص86 : ((فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه))، فانظر لكلام هذا الإمام فإنه أمر بإنكار تلك المقالة الواحدة المخالفة لماعليه السلف.
قال ابن رجب في فتح الباري (5/166) : ((وسئل الإمام أحمد ، فقيل لهُ : إن عندنا قوما يأمروننا برفع اليدين في الصلاة ، وقوما ينهوننا عنه ؟ فقالَ : لا ينهاك إلا مبتدع ، فعل ذَلِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان ابن عمر يحصب من لا يرفع، فلم يبدع إلا من نهى عن الرفع وجعله مكروها ، فأما المتأول في تركه من غير نهي عنه فلم يبدعه))، فهذا أحمد يبدع في مسألة فقهية واحدة ، من خالف فيها الدليل الواضح ونهى عن السنة.
قال الخطيب البغدادي: ( قال نعيم بن حماد: «من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به ، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع». الفقيه والمتفقه ( برقم 393). واختم بهذا النقل الذي ينبغي تأمله جيداً واستخراج فوائده
قال الذهبي في تاريخ الإسلام : ((وقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه.
فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج.
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب.
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصايغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه إلا خير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي.
ثم قال: أيش خبر ابي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام)).
والله أرجوا أن يفقهنا في دينه وأن يبصرنا فيه إنه ولي ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله بن محمد الحساني
ليلة الاثنين 23/ شعبان / 1437
أما بعد: فمن نعم الله العظيمة على عباده أن اصطفاهم لمعرفة دينه وشرعه وأن يبصرهم للحق عند الخلاف، فمن أجل النعم عليهم معرفتهم لمراد ربهم عند اختلاف العباد إلى ملل ونحل.
فالاعتصام بحبل الله والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق الخلاص وقارب النجاة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في سنته فقد جاء في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
"سُئل النبي ﷺ: أي الناس خير ؟
فقال ﷺ: « أنا والذين معي ، ثم الذين على الأثَر ، ثم الذين على الأثَر " . وقال عليه الصلاة والسلام :
(وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي) أخرجه الترمذي وغيره.
وهذا الحديث فيه بيان الداء وبيان الدواء، فالتفرق مرض ينخر في عظم الأمة وعلاجه تطبيق الوحيين على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وهذا مايعرف بالدعوة السلفية دعوة أهل السنة والجماعة قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (4/149): «لَا عَيْبَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ السَّلَفِ، وَانْتَسَبَ إلَيْهِ، وَاعْتَزَى إلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا» وصدق رحمه الله فمذهب السلف لايكون إلا حقاً وكيف لايكون كذلك وقد زكاهم الله وأمر باتباعهم في كتابه العزيز، ومذهب السلف هو الإسلام الصحيح ولكن هذا الانتساب لابد أن يكون فِعالاً ومقالاً لا قولاً فقط ومخالفته بالفعل قال الألباني رحمه الله: "من ادعى السلفية ؛ التي هي الكتاب والسنة ؛ فعليه أن يسير مسيرة السلف وإلا : الإسم لا يغني عن حقيقة المسمى !"
فتاوى العلماء الأكابر (97-98).
والناظر في حال الناس اليوم يرى عجباً ممن ينتسب إلى هذه الدعوة المباركة بين غلوٍ وجفاء والحق وسط بين هذين ومما يلزم بيانه على من آتاه الله فهماً وعلماً أن يبين ما علِق بها مما ليس منها وليس المراد حصر كل ماهنالك مما هو خطأ بيّن أو أمر خفي وإنما التنبيه على بعض الأمور بحسب ماتيسر مدعوماً بنقولات من كلام أهل العلم وبالله التوفيق.
🔹مما ظهر وليس من السلفية :
1- الغلو في أهل العلم وفي بعض المشايخ ورفعهم لمكانة لا تنبغي لهم بل ترى من يصف شيخه بالعلامة وترى من يغضب جداً إذا بُيّن له أن شيخه أخطأ بل سمعت بعض المحسوبين على العلم يقول: { كل من يتكلم في شيخ فلان ( ذكر اسمه) فهو سفيه } وآخر يجعل أن من يتكلم في شيخه لا علم عنده ويشنع على كل من يتكلم في شيخه وهذا كله من الغلو الذي حذّر منه الشرع ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ مِنَ الْغُلُوِّ فِي شُيُوخِهِمْ مِنْ جِنْسِ مَا فِي الشِّيعَةِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الْأَئِمَّةِ ."
مـنـهـاج الـسـنـة الــنبـويـة (٤٣٠/٦).
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي:
"فلا تحطّ يا أخي على العلماء مطلقًا ، ولا تبالغ في تقريظهم مطلقًا وأسأل اللَّه أن يتوفاك على التّوحيد"
تـاريـخ الإسـلام (٧٥١/٩) ما أعظم هذا الكلام لمن تأمله ووعاه قلبه.
قال المُعلمي اليماني رحمه الله :
"من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم.." التنكيل (1/118) وصدق رحمه الله فهذا واقع معيش فمن أردت رده عن غلوه رماك ببغض من غلى فيه.
ومما يلتحق بهذا الباب ما نسمعه هنا وهناك أن فلاناً أعلم الناس بالعقيدة أو أنه أعلم من كثير من علماء ذاك البلد وهذه أيضاً مجازفة خطيرة وتقول بلا بينة، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأمَّا تفضيلُ الأشخاصِ بعضِهم على بعضٍ، ففي كثير من المواضع لا يسلمُ صاحبُه عن قولٍ بلا علمٍ، واتِّباعٍ لهواه؛ فللشيطانِ فيه مجالٌ رَحْب"
الرد على الاخنائي.
فهذه بعض الإشارات عسى ولعل أن تجد قلباً واعياً خالياً من الموانع.
2- مما ينبه عليه كذلك هنا ماشاع عند كثير من الناس من الأمر بالسكوت عن خطأ المخطئ وأن لا يتكلم أو أنه لا يخرج من السلفية إلا من أنكر الأصول العظام وهذا إما أنه ناتج عن جهل بحقيقة الأمر والنظر لبعض كلام أهل العلم وترك بعضه أو أنه نتيجة لردة فعل حاصلة عند النظر لمن عنده غلو وماعليه السلف خلاف ذلك كله قال شيخ الإسلام في بيان الدليل على بطلان التحليل ص86 : ((فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه))، فانظر لكلام هذا الإمام فإنه أمر بإنكار تلك المقالة الواحدة المخالفة لماعليه السلف.
قال ابن رجب في فتح الباري (5/166) : ((وسئل الإمام أحمد ، فقيل لهُ : إن عندنا قوما يأمروننا برفع اليدين في الصلاة ، وقوما ينهوننا عنه ؟ فقالَ : لا ينهاك إلا مبتدع ، فعل ذَلِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان ابن عمر يحصب من لا يرفع، فلم يبدع إلا من نهى عن الرفع وجعله مكروها ، فأما المتأول في تركه من غير نهي عنه فلم يبدعه))، فهذا أحمد يبدع في مسألة فقهية واحدة ، من خالف فيها الدليل الواضح ونهى عن السنة.
قال الخطيب البغدادي: ( قال نعيم بن حماد: «من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به ، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع». الفقيه والمتفقه ( برقم 393). واختم بهذا النقل الذي ينبغي تأمله جيداً واستخراج فوائده
قال الذهبي في تاريخ الإسلام : ((وقال المروذي في كتاب القصص: عزم حسن بن البزاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلسين الذي وضعه الكرابيسي يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التيمي. فمضيت إليه في سنة أربع وثلاثين فقلت: إن كتابك يريد قوم أن يعرضوه على عبد الله، فأظهر أنك قد ندمت عليه.
فقال: إن أبا عبد الله رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق. قد رضيت أن يعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أن أمحوه، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلموا على مستبشعات من الكتاب، وموضع فيه وضع على الأعمش، وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج.
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح، فوضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للروافض أحاديث في هذا الكتاب.
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسي، فبلغني أنه قال: سمعت حسينا الصايغ يقول: قال الكرابيسي: لأقولن مقالة حتى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضا: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثم قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقض كلامه إلا خير كلامه الأول حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثم قال أحمد: ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم. مات بشر المريسي، وخلفه حسين الكرابيسي.
ثم قال: أيش خبر ابي ثور؟ وافقه على هذا؟ قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إني سألت أبا ثور عمن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضب أبو عبد الله وقال: أيش مبتدع؟! هذا كلام جهم بعينه. ليس يفلح أصحاب الكلام)).
والله أرجوا أن يفقهنا في دينه وأن يبصرنا فيه إنه ولي ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالله بن محمد الحساني
ليلة الاثنين 23/ شعبان / 1437
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق